الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الخطابات الرسمية والمجتمعات السريالية

زكرياء الفاضل

2010 / 9 / 27
اليسار , التحرر , والقوى الانسانية في العالم


الخطابات الرسمية والمجتمعات السريالية

يقول المثل الروسي: "إنّ الرقعة(أو الورقة) تتحمل كل شيء" أي أنها مساحة مفتوحة لأي كان يكتب عليها ما يحلو له من دون رقيب أو محاسب وكذلك المنابر الدولية. فالمتتبع للأنشطة الدولية التي يطلّ علينا منها أصحاب الجلالة والفخامة بخطاباتهم الرنانة والفارغة من كل واقعية وانعكاسات صادقة لحقيقة الأمور داخل المجتمعات، بخاصة تلك التي تعيش في الشطر الجنوبي لكوكبنا ،والمستمع لكلمات قادة هذه الشعوب المستضعفة يبيت في حيرة من أمره إذ يهيمن عليه الشك فيما يراه ويعيشه يوميا تحت تأثير ما يصرح به أولي الأمر من على هذه المنابر، وكأنه في حلم سريالي. فحسب هذه الخطابات الرسمية الحد الأدنى للعيش متوفر للجميع إلاّ في تلك الدول الواقعة هناك في بقعة ما في جنوب ما. أما هنا في هذا الجنوب فالأمن والاستقرار حاضران والصحة والتغذية الكاملة متوفران وضمير المسئولين متيقّظ والفقر منعدم بحيث الطريق مسدودة أمام التطرف الفكري والأخلاقي. فهنا عندهم الدولة تسهر على توفير فرص الشغل للعاطلين بشكل يجعل البطالة غائبة من قاموس المواطنين، وإن وجدت فهناك في تلك الدول الجنوبية الواقعة في ذاك الجنوب الجنوبي. إنّ مجتمعات جنوبهم تتفوق على مثيلتها في ذاك الجنوب بشكل جلي في مجال المساواة بين المرأة والرجل، حيث أنّ المرأة لا تحتاج لولي أمرها ولا تستغل جنسيا من طرف الرجل ولا يفرض عليها المجتمع الذكوري لباسا معينا ولا يمنعها من ارتداء الألوان التي تشتهيها. فالمرأة في هذا الجنوب حاضرة في السياسة ولو بنسبة حددها لها الرجل بينما في جنوبهم.. كما أنّ التعليم في جنوب أصحاب الجلالة والفخامة عامّ ويحوي كل الأطفال البالغين سنّ التمدرس، وإن وجد أطفال يجهلون معنى المدرسة.. فهناك في جنوبهم الجنوبي الواقع في.. أمّا هنا في هذا الجنوب فالتعليم ليس معمم فحسب بل وإجباري لغاية الثانوي. والمدارس مجهزة بآخر التقنيات وموجودة في كل الأماكن المأهولة بالسكان حضرية كانت أم قروية والتلميذ لا يحتاج إلى قطع مسافات طويلة مشيا على الأقدام لأنّ دول هذا الجنوب توفر له النقل. أما مدرسي هذا الجنوب فالدولة توفّر لهم السكن اللائق والصحي مع راتب يحسدهم عليه مدرسوا جنوبهم وتسهر على عدد التلاميذ في كل فصل حتى لا يصل لعدد الأربعين أو يفوق. كما لا يجب غفل دمقراطية مجتمعات هذا الجنوب إذ حرية التعبير فيه لا تقل عن زميلتها في الشمال، فهي لا تعرف ثالوثا قدسيا يخرس صوتها ويقيد قلمها فذاك شأن دمقراطية ذاك الجنوب الجنوبي الموجود في.. أما هنا وفي هذا الجنوب فالدمقراطية تمارس بالمفهوم الكلاسيكي حيث الشعب يقرر شئونه بنفسه عبر ممثليه في الهيآت النيابية ذات صلاحية تشريعية حقيقية. لذلك لا يجب الخلط بين هذا الجنوب وذاك الجنوب عديم الدمقراطية والمقيّد بالمقدسات والطابوهات.فمستقبل شباب هذا الجنوب، مثلا، زاهر وأفقه مشرق لهذا لا غرابة أنّ شبانه وشاباته لا يتعاطون المخدرات ولا تعرف طريق الانحراف والخطيئة سبيلا إليهم، ولايفكرون في الهجرة بشكليها الشرعي ونقيضه، أما الجريمة فمفهوم منعدم لديهم. فضحايا تجار البشر من ذاك الجنوب الجنوبي والمهاجرون الشرعيون وغير الشرعيين من ذاك الجنوب الجنوبي الواقع في..
هذا هو جنوب الخطابات الرسمية من على المنابر الدولية أو حتى الوطنية. إنّه رائعة من روائع فنّ المدرسة السريالية. ولا ندري أ يدل على عبقرية وخيال واسع أم على جهل وانعكاف في الأبراج العاجية؟ فمتى سيتيقظ الضمير الإنساني لأصحاب الجلالة والفخامة في اليقظة لا على الرقعة؟ ومتى سيرفض أصحاب الجلالة والفخامة هذا الواقع المر على أرض الواقع لا من على المنابر الدولية؟ وعموما متى سيلتفتون إلى قضايا شعوبهم حقيقة لا على أرضية رقعة هزيلة يخطط عليها مدادهم كل ما يوحي به تصورهم السريالي؟








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. لماذا استبعدت روسيا ولم تستبعد إسرائيل من مسابقة الأغنية -يو


.. تعليق دعم بايدن لإسرائيل: أب يقرص أذن ابنه أم مرشح يريد الحف




.. أبل تعتذر عن إعلانها -سحق- لجهاز iPad Pro ??الجديد


.. مراسلنا: غارة إسرائيلية على بلدة كفركلا جنوبي لبنان | #الظهي




.. نتنياهو: دمرنا 20 من 24 كتيبة لحماس حتى الآن