الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الصحوة ضد -خطف الأبرياء-: ما الفرق بين الفرنسيين والنيباليين؟

باتر محمد علي وردم

2004 / 9 / 6
اخر الاخبار, المقالات والبيانات


رائعة جدا هذه الموجه من الرفض والإدانة التي أطلقتها قوى ومؤسسات وتنظيمات عريبة وإسلامية ومثقفين وإعلاميين ضد جريمة خطف الصحفيين الفرنسيين في العراق من قبل عصابة تسمى نفسها "الجيش الإسلامي"، والتي كانت قد خطفت وأعدمت صحفيا ايطاليا قبل ذلك بأيام.
نحن سعيدون بهذه الإدانات الواضحة الصادرة عن مؤسسات سياسية ودينية إسلامية في العراق، وفرنسا وكل العالم العربي. وحتى جبهة العمل الإسلامي في الأردن اصدرت وللمرة الأولى بيانا واضحا ضد حادثة الخطف وناشدت الخاطفين إطلاق سراح الرهينتين، كما أن الأبطال الفلسطينيين في المعتقلات الإسرائيلية المضربين عن الطعام تجاوزا محنتهم الذاتية وناشدوا الخاطفين أيضا إطلاق سراح الصحفيين.
للمرة الأولى يعرب العالم العربي والإسلامي، وخاصة التنظيمات السياسية الإسلامية عن الرفض الواضح والصريح لخطف الأبرياء، وهذه مرحلة انتقالية هامة جدا لأنها أول إدانة صريحة ضد خطف المدنيين تصدر عن تيارات غير رسمية، مما يعطي مؤشرا على وجود "صحوة ضمير" فعلية في العالم العربي والإسلامي ضد الاعتداء على الأبرياء وخطف المدنيين بإسم الإسلام.
ولكن من المهم أن نتعمق في دوافع هذه الموجة من الإدانة، وأن نسأل بعض الأسئلة الصريحة. فهل هذا النشاط من التيارات الإسلامية في العالم العربي نابع من قيم أخلاقية شمولية ترفض تعريض المدنيين للقتل والخطف للضغط على حكوماتهم لتغيير سياساتها، بشكل مطلق وشامل، أم أن هذه الموجة من الرفض سببها التعاطف العربي والإسلامي الكبير مع فرنسا بالذات بسبب مواقفها السياسية الداعمة للحقوق العربية ورفضها غزو العراق ومواجهتهاى السياسية المباشرة لإسرائيل وسياسات شارون؟
بمعنى آخر، هل ترفض التيارات الإسلامية خطف الصحفيين الفرنسيين وتطالب بإطلاق سراحهم تعبيرا عن الشكر لمواقف الحكومة الفرنسية، بينما تسكت على خطف وقتل صحفي إيطالي لأن الحكومة الايطالية توافق على الغزو، علما بأن مليون ايطالي خرجوا تنديدا بالحرب في شوارع روما؟
وبنفس المعنى، هل ترفض التيارات الإسلامية العربية خطف الصحفيين الفرنسيين رغبة في الحفاظ على العلاقة الفرنسية-العربية المتميزة وذات التأثير الكبير في السياسة العالمية، بينما تسكت على قتل 12 سائق نيبالي على اعتبار أن دولة نيبال لا وزن سياسي لها في الساحة العربية والدولية؟
أتمنى أن لا يكون ذلك صحيحا، لأن الموقف الأخلاقي الحقيقي هو أن ترفض التيارات الإسلامية كل أنواع خطف وقتل الأبرياء من المدنيين ومن كل الجنسيات، أما إذا كان رفضنا مخصص فقط للصحفيين الفرنسيين فهذا وللأسف يتضمن نوعا من النفاق والعنصرية غير مقبولين ابدا، وربما يكون ذلك أسوأ حتى من السكوت على كل الجرائم!
نريد موقفا عربيا وإسلاميا واضحا وشاملا من جرائم الخطف والمساومة السياسية على أرواح الأبرياء، ونريد أن نرى الاحتجاجات والبيانات الرافضة والجهود الحقيقية لتأمين حماية كل المخطوفين سواء كانوا فرنسيين ام ايطاليين أم أتراك أم نيباليين وحتى الأميركيين أيضا إذا كانوا من المدنيين الأبرياء مثل الصحفيين.
ستبكي عائلات القتلى النيباليين على ابنائهم الذين قتلوا بدون ذنب اقترفوه بحق العرب والمسلمين بعد أن أتوا إلى المنطقة للحصول على رزقهم في دول أخرى غير العراق، كما بكت عائلات سائقين أتراك وهنود، وهؤلاء هم ايضا أشخاص أبرياء لهم نفس القيمة في الحياة مثل الفرنسيين أو الأميركيين، ونحن إذا نظرنا للنيباليين والهنود بقيمة اقل من غيرهم فهذا يعتبر سلوكا عنصريا مماثلا تماما لما يقوم به الغرب تجاه العرب والمسلمين وعدم الاهتمام بقيمة حياتهم.
إذا كان موقفنا من خطف الفرنسيين موقفا شاملا وعاما ضد كل حالات الخطف فهذا موقف رائع نفخر به، أما إذا كان مخصصا فقط للفرنسيين بسبب مواقف سياسية متميزة فإن ذلك وبكل صراحة يعتبر نفاقا سياسيا وعنصرية وموقفا غير أخلاقي بالرغم من أنه يطالب بالحفاظ على حياة الأبرياء، لكنه في العمق يرتبط بحسابات سياسية ضيقة!








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. نتنياهو: غانتس اختار أن يهدد رئيس الوزراء بدلا من حماس


.. انقسامات داخلية حادة تعصف بحكومة نتنياهو وتهدد بانهيار مجلس




.. بن غفير يرد بقوة على غانتس.. ويصفه بأنه بهلوان كبير


.. -اقطعوا العلاقات الآن-.. اعتصام الطلاب في جامعة ملبورن الأست




.. فلسطينيون يشيعون جثمان قائد بكتيبة جنين الشهيد إسلام خمايسة