الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


آمال لا قرار لها

عزيز العراقي

2010 / 9 / 29
مواضيع وابحاث سياسية


يردد البعض من الذين لم يرو في الأفق ما يتكأ أملهم عليه من وجود أرضية صالحة للنهوض بالواقع الكارثي للعراق , غير التعويل على انتفاضة شعبية . وكأن الانتفاضة مسألة ميكانيكية تأتي بعد أي تدهور للأوضاع , و" تدهور الأوضاع" تكامل في العراق قبل ستة سنوات , ولفجر أكثر من انتفاضة لو تمت له الشروط الأخرى , وعلى رأسها وجود قطبي صراع معلومين , يتحولان إلى معسكرين عدوين , تحركهم المصلحتين المتضادتين لتتفجر الانتفاضة .

الجهة الرسمية العراقية التي يجب ان تكون احد طرفي الصراع ليست موحدة , والمقصود ليس حكومة المالكي فقط , بل الطبقة السياسية العراقية التي فازت بمقاعد البرلمان , وهي منقسمة على نفسها ولا تجد آليات دستورية أو سياسية تنظم خلافاتها . في الدول المتقدمة يجري حلها وفق الفوز الانتخابي , حتى ولو بعدة مئات من الأصوات مثلما فاز بوش الابن في رئاسته الأولى , وليس بفارق مقعدين انتخابيين مثل فارق العراقية على دولة القانون . والصراع الدموي الذي يكاد ان ينفجر ليس بين الحكومة والجماهير الشعبية , بل بين أطراف السلطة السياسية نفسها , وتستعين هذه القيادات سواء للأحزاب أو للقوائم بالمليشيات الشعبية التابعة لها , حيث أصبحت جيوش صغيرة تتبع ملوك هذه الطوائف السياسية . وعودة سريعة لما أفرزته السنوات الماضية توضح هذه الحالة , فيلق بدر ( تحول ) الى منظمة سياسية , وجيش المهدي تعاد هيكلته كما جاء على لسان مقتدى الصدر , ومليشيات عصائب الحق وحزب الله وباقي المجاميع الأخرى يجري تدريبها بكثافة على أيدي الحرس الثوري الإيراني , وجيش محمد , والقاعدة , ودولة العراق الإسلامية , وعصابات البعث , وامتدادات في الجانب السني لا يعلمها إلا الله , كلها على أهبة الاستعداد , واغتيالات (الكواتم ) آخر تعبيرات صراع هذه المنظمات .

طيلة الست سنوات السابقة لم نجد في القيادات السياسية العراقية من يحمل الهم الوطني بشكل حقيقي , والدليل هو ان المشروع الوطني الذي يتبناه التيار الديمقراطي حورب في جميع مناطق نفوذ التيارات الطائفية والقومية , وهو النقطة الوحيدة الذي تتفق على تحجيمه هذه الأطراف . وإذ كان المشروع الوطني يتطلب التضحية , والتضحية فعل يحمل معنى الخسارة والتنازل عن شئ تملكه , كما يحمل أيضا معنى فداء الآخرين , أو النبل , وهو خسارة شخصية من اجل كسب اكبر واهم للجماعة كلها . وإذ كان هذين الأسين المكونين لمن يعمل في الهم الوطني غير موجودين عند جميع القيادات السياسية الحالية , فكيف سيتم حل النزاع بين مكونات الطبقة السياسية ذاتها , لكي تكون احد طرفي الصراع عند اندلاع انتفاضة شعبية , والجميع سيدعي إنها قامت ضد أعدائه .

ولكي لا ننسى إن ( اشرف ) التضحيات التي حصلت , هو تنازل الجعفري عن منصب رئاسة الوزراء إلى ابن حزبه نوري المالكي بعد أن أعاق تشكيل الحكومة السابقة لأكثر من ثلاثة اشهر , ولم يتنازل لولا أن يجبره الامريكان . و(الشريف ) الآخر رئيس البرلمان الذي بقى متمسكا بوظيفته لأكثر من عام , ولم يذهب إلا بعد أن دفعت له رشوة أربعين ألف دولار كراتب تقاعدي . و( شريف ) آخر هلل لإقالته البعض واعتبرها نتيجة الهّبة الجماهيرية لتحسين الكهرباء , وليس لسرقة سبعة عشر مليار دولار صرفت على وزارة الكهرباء خلال ثلاثة سنوات كما قال المراقبين , وجاء وزير المالية ليؤكد : ان المبالغ المصروفة على الكهرباء خلال هذه الفترة زادت على ثلاثين مليار دولار . ولو فتح ملف الفساد , وجئ براضي الراضي رئيس هيئة النزاهة السابق , والمطارد من حكومة المالكي لاتهامه بعض وزرائه, وعاد بملفاته من أميركا , لوجدنا ان هؤلاء ( الشرفاء )المطرودين ما هم إلا أقزام أمام المتربعين على عرش السلطة الآن , وما دام الصراع على المال والسلطة والنفوذ ؟ فكيف يمكن أن يحلوا مشكلة تشكيل الحكومة حتى لو قامت أكثر من انتفاضة .

مادام السائس ( سلطة الاحتلال ) يريد أن يكون العالم شاهدا على ان الحصان الذي يجر العربة العراقية, عاجز عن إخراج العربة من المستنقع الذي أسقطت فيه , فلا مجال للحديث عن حلول تتعلق بإمكانية الحيوان الذي يركض وراء غريزته , بل بعقل السائس الذي لا يزال يدعي عدم تدخله باختيار من يجر العربة, وهو القادر على إخراج العراق من المستنقع الذي ركس فيه . وليس التعويل على انتفاضة لو حدثت لا سامح الله , فستكون ( انتفاضة ) مليشيات هذه الأحزاب ومرتزقتها ضد بعضها البعض , والخاسر الوحيد هو الجماهير العراقية المنكوبة .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. صحة وقمر - قمر الطائي تبدع في تجهيز أكلة مقلقل اللحم السعودي


.. حفل زفاف لمؤثرة عراقية في القصر العباسي يثير الجدل بين العرا




.. نتنياهو و-الفخ الأميركي- في صفقة الهدنة..


.. نووي إيران إلى الواجهة.. فهل اقتربت من امتلاك القنبلة النووي




.. أسامة حمدان: الكرة الآن في ملعب نتنياهو أركان حكومته المتطرف