الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


اسرائيل في عيدين

تميم منصور

2010 / 9 / 29
مواضيع وابحاث سياسية



ما ان غربت شمس يوم السابع والعشرين من الشهر الحالي وهو اليوم الذي توقفت فيه عجلة ما يسمى بتجميد الاستيطان حتى دقت نواقيس العنصرية من الابواق الخرافية ، كما سمعت اصوات المفرقعات والصواريخ الملونة التي عبر من خلالها قطعان المستوطنين المتواجدين في صوامعهم وصياصهم عن سعادتهم بترك الحبل على الغارب لهم لمزيد من امتصاص دماء الفلسطينيين
كانوا يرقصون كالتيوس فوق رؤوس الجبال ، لانهم اعتبروا قرار حكومة نتنياهو عيداً بعيدين لهم وانتصاراً لأسرائيل التاريخ والتوراة والحاصل على صكوك الغفران والبراءة وبطاقات الدخول الى جنات الدنيا بدون ثمن .
لقد ايقظ قرار نتنياهو رئيسة حزب كاديما " لفني " من سباتها وسارعت للأتصال معه بصوت امراة مسترجلة : سيروا ونحن من وراءكم ، ان تحدي نتنياهو وحكومته لمواقف كل اصدقاء اسرائيل في واشنطن ولندن وباريس والامم المتحدة يؤكد مدى حالة الدلال والعز والجاه الذي تنعم به ، هذا احدى مقاسات قوتها شرق اوسطياً وعالمياً ، حيث داست فوق كل تحفظات حماتها وصانعيها ، وهذا يعني انها داست ايضاً فوق رؤوس حماتها والمتعاونون معها من القادة والزعماء العرب ، من ابي مازن في رام لله الى العبدلان والى شيخ المطبعين في مصر .
نعم الكل يشعر ان غالبية الاسرائيلين اليوم (بعيدين) وان حكومتهم قد ردت اعتبارها ونفذت وعودها ، لانها تعرف بأنها تتعامل مع انظمة عربية بالية ، خائرة القوى ، مسحوقة ، مفلسة سياسياً ، وجامعة للعار العربي ، انها تعرف بأن هذه الانظمة مجرد جواري تابعة للبيت الابيض ، لا ارادة لها ، وسلطة فلسطينية بدون سلطة ، ومخادعة وجبانة ، رئيسها لا يتقن سوى لغة الابتسامات والعناق ، عندما يشاهده المواطن الفلسطيني العادي فاغراً فاه – كما يقول المثل الشعبي من الذان للذان – امام قادة وزعماء الاحتلال يصاب هذا المواطن البائس بالغثيان والياس ، لان ضحكات زعيمه الماجنة والرخيصة التي يوزعها مجاناً في ظل محاصرة الاقصى وقطاع غزة واعمال القتل اليومية ، هدم البيوت في القدس وامام عشرة الآف اسير فلسطيني في سجون الاحتلال ، نساء واطفال وشيوخ، تصبح هذه الضحكات طعنات من خناجر مسمومة في ظهر كل شهيد واسير وجائع ومحاصر فلسطيني .
ان وجود قيادة لزجة كسائل-البزاقة – في رام الله تحبط شعباً بكامله وتفرغ طاقات مقاومته ، لقد صادرت هذه القيادة مشاعر هذا الشعب وافقدته انتمائه ، لم يعد التحرر والاستقلال من اولويات اهتمام قطاعاً كبيراً من ابناء الشعب الفلسطيني في الضفة الغربية ، وقد اتضح ذلك من حالات الرضى والفرح التي عبر عنها عشرات الألوف من العمال الفلسطينين والمقاولين من الضفة الغربية وعرب اسرائيل بمجرد استئناف البناء في المستوطنات ، لقد نقلت صحيفة " يديعوت احرونوت " يوم الثلاثاء الماضي بعض صور هذا الموقف المخزي والمخجل للعمال والمقاولين والسماسرة الفلسطينين الذين لم تعد عبودية الاحتلال تهمهم ، قالت الصحيفة كانت حالة الفرح مزدوجة بين الاسياد من المستوطنين وعبيدهم من العمال والمقاولين الفلسطينين ، من هؤلاء من قال : ماهو السيء في المستوطنات ؟ نحن لا نعارض البناء والتوسع والوجود !! واضافت الصحيفة بأن الآف العمال الفلسطينين انطلقوا للعمل بهمة في هذه المستوطنات ، وهم يعرفون اكثر من غيرهم بأنها عبارة عن بؤر والغام قابلة للأنفجار باوجه الفلسطينين بين الحين والآخر ، وهم يقيمون بزرع هذه الألغام بايديهم .
تساءل الكثيرون من هؤلاء العمال : ماذا قدمت حكومة سلام فياض بديلاً للعمل عند اليهود سوى اعلان المقاطعة الصورية الفارغة من كل مضمون ، مع ان قادة السلطة الوطنية انفسهم وفي مقدمتهم فياض وقريع والرجوب وزياد ابوزياد ودحلان وعبد ربه وانجال ابومازن وغيرهم شيدوا القصور ويملكون العقارات والضياع نتيجة تعاملهم مع مؤسسات الاحتلال الاقتصادية والامنية .
ان تفريط ايتام اوسلو اليوم بالثوابت القومية تحولت الى هرولة نحو التطبيع الاقتصادي والثقافي والسياسي مع الاحتلال ، مع العلم انه يجب محاربة هذا الاحتلال بكل الوسائل والطرق التي نصت عليها قرارات الامم المتحدة ، ومنها الحرمان الاقتصادي الشامل مع المحتل ، بهذه الاساليب وهذه الروح رفع الزعيم الهندي غاندي عصا المقاومة في وجه الاستعمار البريطاني ، لقد شدد على مقاطعة المنتوجات البريطانية وبدأها بنفسه ، قال غاندي : اناا رفض الاستقلال الذي يمثل استمراراً للحكم البريطاني من غير البريطانيين ، ونحن نقول ليس المستوطنون وحدهم من اقاموا المستوطنات فغالبية البيوت فيها اقيمت بايادي فلسطينية بدون تردد .
تتفاخر السلطات الاسرائيلية بان 90% من المدن والقرى التي اقيمت داخل الضفة الغربية والقدس خلال فترة الاحتلال اقامها الفلسطينون ، هناك من يتذرع بلقمة العيش ، هذا العذر اقبح من ذنب ، لان الشرف والكرامة الفلسطينية يرفضان تناول هذه اللقمة وهي مغموسة بالذل والمهانة وتحت ضربات عصا الاحتلال .
ولنا في التاريخ عبرة لقد قاطع الفلسطينيون العمل داخل الورش والمؤسسات البريطانية واليهودية لمدة اربع سنوات اثناء ثورتهم الكبرى سنة 1936 ، وقد اعتمدوا خلال هذه الثورة على انفسهم وضاعفوا نتاجهم الذاتي ، كذلك الامر اثناء الانتفاضة الاولى حيث كانت شبه مقاطعة في التعامل مع الاحتلال في كافة المجالات ونجحت الانتفاضة ونجحت الثورة الكبرى ، لولا تهور القيادة الفلسطينية في الفترتين فهي التي قامت باطفاء شعلة هذه المسيرة الكفاحية ، هذا يذكرنا بما قاله القائد الفيتنامي – هوشي من – لعبد الحكيم عامر اثناء اول زيارة يقوم بها لموسكو ( ان الذي يحسب التضحيات امام نداء الحرية سوف يجد نفسه يخسر الاثنين معاً ، حريته وتضحياته يغير قتال ) .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. رغم تحذيرات الحكومة من تلوث مياهها... شواطئ مغربية تعج بالمص


.. كأس أمم أوروبا: فرنسا تسعى لتأكيد تفوقها أمام بلجيكا في ثمن




.. بوليتيكو: ماكرون قد يدفع ثمن رهاناته على الانتخابات التشريعي


.. ردود الفعل على قرار الإفراج عن مدير مجمع الشفاء الدكتور محمد




.. موقع ناشونال إنترست: السيناريوهات المطروحة بين حزب الله وإسر