الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


عقدة القيادة ومشكلة الخيارات

أكرم أبو عمرو

2010 / 9 / 30
مواضيع وابحاث سياسية


الماضي مفتاح الحاضر، هكذا يقول علماء التاريخ والجغرافيا ، فلكي تتفهم أي مشكلة حاضرة فلابد من العودة إلى جذورها وأصولها ، أقول هذا لاعتقادي أن السبب الرئيس وراء ما نعانيه من أزمات وعلى رأسها الأزمات السياسية هو وجود عقدة القيادة الفلسطينية، واقصد من الذي يحكم ؟ من الذي يقرر ؟ فالمتتبع لتاريخنا الفلسطيني الحديث والمعاصر يدرك بان الشعب الفلسطيني افتقد للقيادة الفلسطينية الوطنية الواحدة التي يمكن أن يلتف حولها بكل أطيافه المؤيدة والمعارضة، ففي فترة ما قبل الانتداب البريطاني كان الحكم التركي الذي أوكل مسائل الإدارة إلى شخصيات وقيادات محلية لا تتجاوز صلاحياتها أقاليمها المحددة لها وتأتمر بأوامر الوالي أو السلطان العثماني ، وفي عهد الانتداب البريطاني كان المندوب السامي البريطاني هو الحاكم الفعلي للبلاد والذي أطلق العنان للعصابات اليهودية الوافدة لتمارس حقدها وإرهابها وسرقتها للأرض والمقدرات الفلسطينية ، وفي نفس الوقت سمح لانتشار نفوذ بعض العائلات لتفرض هيمنتها الاجتماعية والاقتصادية على باقي الشعب ، لم يشهد التاريخ قيادة تمسك بزمام الأمور تواجه الاحتلال وتناطحه في كل المحافل كما شاهدناها في العديد من الدول العربية المجاورة أثناء رزوحها تحت الاحتلال ، ولم يكن سوى قيادات محلية أو قيادات لمجموعات مقاومة متفرقة هنا وهناك ، النتيجة لم يكن هناك قرار فلسطيني مستقل بل كان القرار دائما قراراً مصادراً ولا دخل للشعب الفلسطيني فيه، ولعل قرارات الجامعة العربية التي لم تكن فلسطين عضوا فيها وذلك قبل حرب عام 1948 خير مثال على ذلك ، واستمر الحال على ما هو عليه من عدم وجود قيادة فلسطينية واحدة خلال الفترة من 1948 وحتى عام 1965 حيث تفرق الفلسطينيون في المنافي وفي الشتات ، وكانوا خاضعين لأنظمة وقوانين البلاد التي يعيشون على أرضها في سوريا ولبنان والأردن وقطاع غزة الذي خضع للإدارة المصرية وفي شتى أنحاء العالم ، وقد اضطر الفلسطينيون لمسايرة نهج البلد المضيف ففي البعض منها منع الفلسطينيون حتى من حق التعبير عن آمالهم وطموحاتهم في التحرير والعودة ، بينما أتيحت للبعض الآخر هذه الحرية ففي قطاع غزة الذي أدير من نظام عربي قومي بنى سياسته على مناهضة الاستعمار ورفع راية الثورة ومعاداة دولة الاحتلال الإسرائيلي ، حيث خرج أبناء الشعب الفلسطيني في كل المناسبات للتنديد بجرائم الاحتلال ونظمت كتائب المقاومة وكان على ارض غزة نواة جيش التحرير الفلسطيني ، إذن طوال تلك الفترة الطويلة من تاريخنا اختفت القيادة الوطنية الفلسطينية التي تعبر عن الكل الفلسطيني اينما وجد حتى أن منظمة التحرير الفلسطينية التي أنشئت بقرار قمة عربي عام 1964 لم تكن مستقلة القرار بل كانت خاضعة لإرادة عربية عبر مجلس الجامعة ، ولكن وبعد هزيمة حرب حزيران وتولي الرئيس ياسر عرفات رئاسة منظمة التحرير الفلسطينية عام 1969 بدأ بزوغ قيادة فلسطينية ولأول مرة في تاريخنا، قيادة لاقت الترحيب والإجماع حتى من خصومها الفلسطينيين عملت على تمثيل الشعب الفلسطيني في المحافل الدولية والإقليمية ، وانتزعت شرعية القرار الفلسطيني المستقل ووقف أبو عمار ولأول مرة أمام العالم في الجمعية العامة للأمم المتحدة كممثلا للشعب الفلسطيني وقائدا وثائرا جاب مشارق الأرض ومغاربها حاملا ملفات قضيتنا بمتاعبها لشرحها وتوضيحها للزعماء من رؤساء وملوك العالم، وفي المؤتمرات والمنظمات الدولية ، لقد امضي نحو 35 عاما قبل أن يسقط شهيدا ، وبعد أن ارسي الديمقراطية الفلسطينية التي قيل عنها ديمقراطية في غابة البنادق ولم تشهد تلك الفترة اقتتالا فلسطينيا فلسطينيا وكان الدم الفلسطيني محرما وتعرضت فيه القضية الفلسطينية إلى تطورات كبيرة ، وعلى الرغم من أن الفترة القصيرة التي تلت وفاة أبو عمار والتي شهدت انتقالا سلسا للسلطة حيث تولى الرئيس محمود عباس رئاسة منظمة التحرير والسلطة الوطنية الفلسطينية ، كما شهدت هذه الفترة أيضا تكون قوى أخرى جديدة سعت إلى نشر مفاهيمها وأفكارها عبر القاعدة الجماهيرية مستغلة ظروف الاحتلال الإسرائيلي ، قوى ذات فكر عقائدي ديني إسلامي مختلف عما هو سائد ، صحيح أن الشعب الفلسطيني مسلم بطبعة وفطرته إلا إن هذه القوى أخذت من الدين الإسلامي وسيلة لاستقطاب الجماهير ما لبثت أن تهيأت لها الظروف لان تفرض نفسها في الشارع الفلسطيني بقوة السلاح رافعة شعار مقاومة الاحتلال وذلك خلال الانتفاضتين الأولى والثانية ، ثم دخلت المعترك السياسي وخوض الانتخابات التشريعية لتحقق فوزا كاسحا لتتشكل ولأول مرة قوتين فلسطينيتين مختلفتين في الايدولوجيا والبرامج متنافستين على القرار والسلطة وليحتدم هذا الخلاف ليتوج في النهاية بالانقسام الفلسطيني ، وليعود الشعب الفلسطيني إلى عقدة القيادة من جديد ، من الذي يحكم ومن الذي يقرر ؟ ولتظهر لنا مشكلة كبيرة وهي مشكلة الخيارات الفلسطينية دولة فلسطينية واحدة أم دول ، مقاومة فلسطينية أم عدم مقاومة ، مفاوضات أم لا مفاوضات ...
ماذا نريد ؟ هل استمرئنا الوضع الحالي نمو وتطور في ناحية وفقر وحصار في ناحية أخرى ، قانون هنا وقانون هناك بل دولة هنا ودولة هناك فلماذا وصلنا إلى هذا الحال، في كل بلاد الدنيا اختلافات وإيديولوجيات و لم تسجل هذه الاختلافات كسبب من أسباب التقهقر والتراجع بل حافزا للتنافس على التقدم والتطور، فلماذا لم نفلح في تجاوز هذه الاختلافات الم تنتهي الولاية الرئاسية ، الم تنتهي ولاية المجلس التشريعي ، الم يوجد نظام أساسي نتمسك به وببنوده في كل المناكفات والمساجلات على شاشات الفضائيات والخطب ، لماذا لا تتركوا الشعب ليقول كلمته الفاصلة وليختار له قيادة وطنية واحدة واعية تحمل الهم الفلسطيني كما حملها أبو عمار، ، وليحدد خياراته بنفسه بدلا من هذا التيه الذي نحن فيه ، لماذا نتوجه لنناكف بعضنا البعض ونترك عدونا يغتصب الأرض ويقذف بالمهاجرين اليهود الجدد ليستوطنوا أرضنا ثم نجلس ونتباكى ونتألم من الممارسات الإسرائيلية بحقنا
نختلف فيما بيننا ونتباكى من عدم دعمنا ومساعدتنا ، آن الأوان لان نقر ببعضنا البعض فالجميع منا فلسطيني أبناء شعب واحد وليس ابنا لحماس أو فتح فحسب ولنجعل اختلافنا وتعددنا سببا من أسباب قوتنا وتطورنا ونمونا لمواجهة عدونا .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. بعد الجامعات الأميركية.. عدوى التظاهرات تنتقل إلى باريس |#غر


.. لبنان وإسرائيل.. ورقة فرنسية للتهدئة |#غرفة_الأخبار




.. الجامعات التركية تنضم ا?لى الحراك الطلابي العالمي تضامنا مع


.. إسرائيل تستهدف منزلا سكنيا بمخيم البريج وسط قطاع غزة




.. غزة.. ماذا بعد؟ | جماعة أنصار الله تعلن أنها ستستهدف كل السف