الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


لواء الثورة ,الضحية الدائمة,فلا تقتلوه مرتين - مقال حول فلم كارلوس

نضال حسن

2010 / 10 / 1
الادب والفن



كيف لنا أن نتوقع نحن , الجنوبيين,العرب,داكني البشرة,الشرق أوسطيين, الأفريقيين ,اللاتينيين دول الأطراف- أو ما شئتم تسميته - أن تنصفنا عدسة السينما الامبريالية الغربية من هوليوود إلى مونتي كارلو . هذا أن التناقض القائم لا يقتصر على كونه تناقض أو صراع سردي , بمعنى أن سرديتهم للتاريخ تختلف عن سردية الشعوب والأفراد أصحاب هذا التاريخ , أو أن خطابهم تفوق أم لا على خطابنا نحن , إذ إن حركة الواقع تقول بما هو ابعد من الحصر في السردية العامة أو في سيناريو سينمائي . هذا أن النمط ألعلائقي الكامل ما بين الامبريالية العالمية "دول المركز الرأسمالي" وما بين دول الأطراف , أو بالأحرى شعوب وتاريخ دول الأطراف ,باستثناء الكمبرادور المحلي لديها , علاقة تتسم بالشك , بل وبالتجريم أيضا , هذا أن الكتلة الشعبية في هذه المجتمعات تنظر للمستعمر بأنه مجرم في حقها وفي حق تاريخها – وهي لا شك محقة- , والبنية الاستعمارية من الجانب الأخر تنظر لهؤلاء الاصلانيين , على أنهم مجرمين , لأنهم يرفضون الانصياع والخضوع لما تمليه عليهم , ولأنهم تمسكوا بحقهم بالبقاء على قيد الحياة , ,أي بكلام أخر شكلوا ويشكلوا نقيضا مصالحيا لها , إذا إن العلاقة في السياق الاستعماري المرفق لسياق التبعية والإلحاق , لم تكن يوما علاقة بريئة , أو خالية من الشك .

العربي دائما , نهم للجنس والطعام والملذات الغريزية ,عبر عدسة هوليود وأصدقائها , أما الرجل الأبيض ,الجيد جدا , بل الممتاز ,فهو صانع السلام , وبطل حفظ النوع البشري والقضاء على الأشرار . كما يبدو أن صورة العربي قد ازدادت سوئا مؤخرا في السينما الامبريالية , وهذا يعود لعاملين أساسين , أولهما هو فقدان روح التحدي والتشويه في هذه السينما للسوفييت , والمعسكر الشرقي-بعد انهيارهما- إذ كانت قد اشتغلت جيدا في تشويه كل وجه حقيقي , أو ساطع للتجربة السوفيتية والشرق أوروبية- وأنا لا أقول هنا بسطوع التجربة كاملة ولكن ببعض جوانبها ,هذا أن بمقدار ما يمتاز اليانكي بالانتهازية الاقتصادية , امتاز السوفييت بضيق الحيزان السياسي والنقدي - . أما ثاني العاملين في زيادة تشويه العربي , فهو آلة الضخ الصهيونية في ماكينة الإعلام الغربي , بالترافق مع العداء المتزايد للعرب , هذا لربطهم في المخيال الغربي الاستشراقي الجديد , بشكل ممارسات القاعدة في الولايات المتحدة الأمريكية وفي بعض أقطار أوروبا . فكانت هذه الأحداث مرتعا ووليمة للماكينة الصهيوأمريكية , لكي تعري العرب كما يحلو لها وتقدمهم كما يروقها ,بالترافق مع وجود مزاج جماهيري ميال إلى تلقي هذه الصورة .
للأسف البالغ أن وقاحة الرأسمالية الليبرالية الجديدة لا تتوقف هنا في معاداة الشعوب الأخرى ’ بل تمتد لمعاداة وتشويه صورة كل من وقف إلى جانبها أو قال كملة حق , فلماذا هذا الهجوم المخزي والأخطاء الشنيعة في حقائق التاريخ , وهنا نعني سيناريو فيلم أوليفر أساياس الذي قدمه عن كارلوس وحياته النضالية , ولكن بشكل يصدره للعالم كإرهابي متعطش للدم والخمر والعاهرات .
إذا كان سيناريو الفلم , وبحسب كارلوس نفسه,الذي يعد اقرب الناس لفهم تاريخه الشخصي , يحوي ما يقرب اثنان وسبعون خطئا ومغالطة , فكم تبقى من الفلم لكي نشاهد فيه الحقيقة , وإذا كان أساياس ,المخرج الأول للفلم , قد اتفق أن يلتقي السيد أنيس نقاش المحترم في بيروت لكي يبدي ملاحظاته ويقدم نصحه حول السيناريو وبعد ذلك "اختفى ولم يعد" بكلمات المناضل أنيس النقاش نفسه , فلماذا يعتمد هذا الفلم ويطرح لنيل جوائز كان و أوسكار وغيرها ؟ ولماذا أساسا يقدم ثلة من الممثلين العرب على المشاركة فيه؟ - الذين نحترمهم لشخوصهم ولكن ننتقد سلوكهم في الاشتراك في الفلم ,ولا نستسيغه- , ألم يقرا أحدا السيناريو من قبل ؟ أو لم يسمع احد بمنتجي الفلم " Film En Stock, Egoli Tossell Film " والذين وصفهم الرفيق كارلوس من زنزانته , بالصهاينة ,والامبرياليين , ألم يتسنى لفنانين يعايشون الوسط الفني يوميا مجرد السؤال عن هؤلاء ؟ .
يبقى الباب مواربا للسؤال الكبير الموجه إلى رفاق كارلوس أولا , إذ كانت خطيئتهم الأولى في حقه , عندما لم يتحركوا كما كان متوقعا من فصيل ماركسي لينيني ,يتبنى نظرية العنف الثوري في منهجيته, والاهم من ذلك القاعدة النظرية التي خطها الراحل الكبير وديع حداد "وراء العدو في كل مكان " , ولكن ,ماذا كان العمل آنذاك؟ لم نسمع منذ أقدمت الرجعية على تسليم كارلوس "الجكل" للاستخبارات الفرنسية حت اليوم عن أي تحرك جدي لاطلاق سراحه , أما ثاني الخطيئتين هو الآن أمام هذا التشويه السينمائي الذي سوف يرسخ مهما طال الانتظار في ذهنية جيل بأكمله حول صورة كارلوس , كارلوس الذي نشانا على اسمه يتردد في أرجاء الحجرات التي تعبق برائحة التبغ والرطوبة في منازل أهالينا الفقيرة , اليوم يتحضر من بعدنا لتلقي صدى اسمه على انه إرهابي وقاتل مخمور , ولم تقتصر على ذلك , فقد طالت التشويهات ,حكيم الثورة جورج حبش إضافة إلى الشهيد وديع حداد , وهذا من خلال إنطاق ايدجار راميرس الذي لعب دور كارلوس, بكيلة من الشتائم من نوع "خائن" وما شابه على الحكيم , على افتراض من كاتب النص والمخرج ,أنهما أي الحكيم وكارلوس كانا "غانغسترز" مختلفين على عملية هنا وهناك , نحن هنا لسنا بصدد تناول الخلاف الحزبي بينهما على أدوات العمل وكيفياته , كما أننا لم نكن واقفين على الحدث , ولكن على الأقل هذا ما قالوه وقاله التاريخ ورفاقه,ما فالسبيل إذا كان السيف بالسيف والقلم بالقلم , هو في الإسراع وعدم التسرع في إصدار رؤية بديلة مادية تاريخية حقيقية , والعمل على نشرها في كتاب في فلم , في كافة الأدوات المتاحة , لكي تنتصر للتاريخ والحقيقية , ولا تقتلوا كارلوس مرتين , رجاءا ,رجاءاً .

نضال حاتم : كاتب وباحث سوسيولوجي من فلسطين .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. تفاعلكم | الفنان محمد عبده يكشف طبيعة مرضه ورحلته العلاجية


.. تفاعلكم | الحوثي يخطف ويعتقل فنانين شعبيين والتهمة: الغناء!




.. صراحة مطلقة في أجوبة أحمد الخفاجي عن المغنيات والممثلات العر


.. بشار مراد يكسر التابوهات بالغناء • فرانس 24 / FRANCE 24




.. عوام في بحر الكلام-الشاعر جمال بخيت يحكي موقف للملك فاروق مع