الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


ليبرمان ليس منفلتًا

برهوم جرايسي

2010 / 10 / 1
القضية الفلسطينية


*الدعم الشعبي العربي لا يأتي من صالونات تنظيرية تعقد في هذه العاصمة العربية أو تلك، ولا من حفلات التخوين وترسيخ الانقسام وبث الاحباط*
كانت العاصفة التي ثارت في حكومة بنيامين نتنياهو في اليومين الأخيرين، في أعقاب خطاب مسؤول الدبلوماسية- الدبلومافية- الإسرائيلية الأول أفيغدور ليبرمان، من على منصة الهيئة العامة للأمم المتحدة، مفتعلة إلى درجة مفضوحة جدا، فمن يعرف كيف تدار الأمور في سدة النظام الإسرائيلي، يعرف تماما أن آخر من يمكن أن يتفاجأ من هذا الخطاب هو نتنياهو ومعه إيهود باراك، لان ليبرمان نطق باسميهما.
فقد وقف ليبرمان أمام العالم يعرض تصوراته بشأن المفاوضات المباشرة ليقول أن لا أمل منها، ودعا إلى إبرام حل مرحلي طويل الأمد، يستمر لعقود، كما دعا إلى تبادل بين فلسطينيي 48 أهل البلاد وترابها، وبين عصابات المستوطنين الإرهابية الغازية. وسارع مكتب نتنياهو لإصدار بيان يعلن فيه أن ليبرمان "لم ينسق مضمون الخطاب مع نتنياهو"، واختار باراك أن يرد على ليبرمان بالقول "من الضروري مواصلة المفاوضات وأن لا نلعب في ملاعب الخصوم".
ولم يعترض أي من الاثنين على جوهر الرسائل السياسية التي بثها ليبرمان، مثل مسألة التبادل "السكاني"، ورفض مبدأ الأرض مقابل السلام، وغيرها من الرسائل، لأنها لا تتعارض مع جوهر السياسة الإسرائيلية القائمة.
والحقائق تثبت أن جوهر خطاب ليبرمان يعكس مواقف نتنياهو وباراك، فنتنياهو قال قبل أقل من ثلاث سنوات، إن الخطر الاستراتيجي الأكبر على إسرائيل هم فلسطينيو 48، وفقط قبل أسابيع دعا إلى "اليقظة"، وعدم السماح بتحويل منطقة النقب الجنوبية إلى ذات أغلبية عربية، وكانت هذه شارة انطلاق لتصعيد جرائم تدمير بيوت فلسطينيي 48 في صحراء النقب، فحتى الآن تم تدمير قرية العراقيب خمس مرات والمعركة متواصلة.
أما باراك ذاته، فهو زعيم حزب "العمل" الذي انطلقت منه أول فكرة لما يسمى بـ "التبادل السكاني"، من قبل الوزير الاسبق افرايم سنيه، ومن بعده يوسي بيلين، الذي تنكر لها لاحقا، وهو الداعي دوما إلى ابرام اتفاق يأخذ بعين الاعتبار "العامل الديمغرافي".
لهذا فإن نتنياهو أرسل ليبرمان إلى الأمم المتحدة، ليلوّح به كالعصا أمام الأسرة الدولية، ولسان حال نتنياهو يقول: "تفضلوا وانظروا واسمعوا من يجلس إلى طاولة حكومتي، هذا ما عندي وعليكم أن تتعاملوا مع ما هو قائم".
لا يمكن أن يصدق أحد في إسرائيل أن ليبرمان وقف ليلقي خطابا لم يعرفه نتنياهو، فهذه الخطابات تقر وفق أنظمة عمل قائمة في نظام الحكم في إسرائيل، وبالامكان الاستعانة بما قاله عضو الكنيست اليميني يوئيل حسون من حزب "كديما" المعارض، وهو من كان حتى قبل سنوات قليلة، رئيس قسم الشباب في حزب الليكود الحاكم، فقد قال حسون: "رئيس الحكومة (أ) نتنياهو، يتحدث عن اتفاق دائم ودولتين، ورئيس الحكومة (ب) ليبرمان يتحدث عن اتفاق مرحلي وتبادل سكاني".
لقد نجحت إسرائيل في هذه المرحلة، كما في المراحل السابقة في إغراق العالم والحوار السياسي العالمي بقضاياها الداخلية، فحاليا ينشغل العالم بأكذوبة التجميد الاستيطاني الذي لم يكن، في الوقت الذي تواصل فيه جرافات الاحتلال اغتصاب الأرض الفلسطينية، والعالم يتفرج.
والسؤال الذي يطرح نفسه، أيضا أمام الحالة الفلسطينية المتردية: هل الأداء العربي الشعبي العام يدعم حقا مسيرة التحرر الفلسطينية؟ وإذا بحثنا عن الجواب لدى المؤثر الأكبر في بلورة الرأي العام، وسائل الإعلام الكبرى، نجدها تلعب في ملاعب الانقسام الفلسطيني، وتغذي حملات وحفلات التخوين وبث الإحباط، فالدعم لا يأتي من صالونات تنظيرية تعقد في هذه العاصمة العربية أو تلك، يأتيها "ممثلون" من كل حدب وصوب، يحملون أزماتهم السياسية الخاصة ليلقوا بها على جبال عبء القضية الفلسطينية، وآخرون يدعون لحماية الثوابت الفلسطينية، التي لا خلاف عليها في الساحة الفلسطينية، وفقط من أجل تعميق حالة الانقسام الداخلي، فالثوابت لا تحميها البيانات، بل بالأساس الممارسة الفعلية الجماعية والفردية أيضا.
نحن بحاجة إلى اداء عربي شعبي ضاغط من اجل انهاء حالة الانقسام الفلسطينية وتوحيد الجهود في مواجهة المرحلة الخطرة، نحن لسنا بحاجة إلى خطابات أجندتها الخلفية لا علاقة لها بالقضية الفلسطينية وشعبها، ولسنا بحاجة لخطابات تدغدغ عواطف النفوس الضعيفة أو المحبطة واليائسة، فأهل الشيخ جراح وسلوان المقدسيون يئنون تحت وطأة مؤامرات الاقتلاع، ولا تسعفهم خطابات شاشات البلازما الملونة.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. بوتين يكشف عن مقترح روسي لـ -سلام واقعي- في أوكرانيا


.. قمة سويسرا للسلام.. حشد دولي كبير في محاولة لعزل روسيا




.. حرائق إثر غارة إسرائيلية استهدفت منزلا جنوب لبنان


.. بعد سنوات من التخطيط.. مسار ركوب الأمواج الاصطناعي يفتح أبوا




.. حصاد ثقيل لسبعة عشر عاما من حكم حماس في قطاع غزة | #نيوز_بلس