الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


أزمة فيض الإنتاج وصمود الرأسمالية

سامح سعيد عبود

2010 / 10 / 1
ابحاث يسارية واشتراكية وشيوعية


لاشك أن مجتمعات ما قبل الرأسمالية قد عانت من أزمات اقتصادية، ولكنها لم تكن أبدا مجتمعات تشكل الأزمات عنصرا من طبيعتها كالمجتمعات الرأسمالية، فأزمات هذه المجتمعات كانت بسبب كوارث طبيعية كالفياضانات والزلازل والجفاف والسيول والأوبئة والآفات المختلفة، ولا شك أن تلك المجتمعات عانت بسبب الحروب، و نهم الحكام والعسكر و الكهنة والتجار والمرابين الذى لا يقنع و لا يشبع، لفوائض الإنتاج التى ينتجها الحرفيون والمزراعون والمهنيون، وما تؤدى إليه هذه الأسباب من خراب لقوى الإنتاج، والمعاناة من الفاقة والبؤس والمجاعات والإبادة، و لاشك أن هذه الأزمات كانت أزمات ضعف الإنتاج الذى لا يكفى لسد احتياجات السكان، لا أزمات فيض الإنتاج الذى يزيد عن احتياجات السكان.
المنتجون الفرديون كانوا ينتجون من أجل الاستعمال الشخصى، أما الفائض مما ينتجون، فيبادلونه بمنتجات أخرى فى سوق محلى يعرفون ظروفه بدقة، و كان جزءا من فائض ما ينتجونه تستولى عليه الدولة أو الاقطاعيين أو الكهنة، أو يشتريه كبار التجار من أجل التجارة فى الأسواق البعيدة، فيتحملون هم المخاطر، أو يجنون المكاسب، بعيدا عن المنتجين، ولهذا فالمنتج الفردى يمكن فى ظل ظروف مواتية، أن يخطط لإنتاجه من أجل اشباع احتياجاته، فيحدد مسبقا ما يحتاجه لاستخدامه الشخصى، وما سوف يأخذه الحكام والتجار والكهنة، وما سوف يقايض به فى السوق القريب، ما لم تصيبه أزمة بسبب من الأسباب التى سلف ذكرها، و ذلك على عكس طبيعة الأزمات الناشئة عن العلاقات الرأسمالية ذاتها، حيث يتم الإنتاج أساسا من أجل التبادل بهدف الربح، ولسوق واسع لا يمكن الاطلاع على ظروفه، حيث تتلاعب بالمنتجين، تقلبات فى عروض لا يعرفوها من منتجين لا يعرفوهم، و تغيرات فى طلبات لا يعرفوها من مستهلكين لا يعرفوهم، و هم بالتالى عاجزين عن التخطيط لما ينتجوه، فلا يعرفون ماذا عليهم أن ينتجوا، ومتى عليهم أن يتوقفوا عن الإنتاج، هل يزيدوه أم يقللون منه، وذلك ما يسبب وقوعهم فى أزمات فيض الإنتاج التى تؤدى للكساد و الركود.
في عام 1825 نشبت أول أزمة رأسمالية في إنجلترة، مبشرة بعهد الأزمات الرأسمالية الدورية، وكان من ملامحها، تقليص الإنتاج لأدنى مستوياته، وازدياد معدلات الإفلاسات، وانحسار القروض، و ضعف سيولة النقد، وتراجع التصدير، وانتشار البطالة والفقر. أما الأزمة الدورية التالية فقد انفجرت عام 1836، وشملت جميع فروع الصناعة في إنكلترة، حيث تم تخفيض الإنتاج الذى تسبب فى هبوط حاد في حجم التصدير، ثم دخل الاقتصاد مرحلة ركود طويلة امتدت حتى عام 1842، ثم نشبت أزمة اقتصادية جديدة في عام 1866، وانفجرت أزمة أخرى في عام 1882، التى أخذت بعدها الرأسمالية تتحول لرأسمالية دولة احتكارية، واندلعت أزمة تالية في عام 1890، ثم أزمة كبيرة عام 1900، تلتها أزمة عام 1907، وأزمة 1913 التى أدت إلى نشوب الحرب العالمية الأولى، أما أعنف أزمة حدثت في القرن العشرين فهي أزمة 1929 - 1933 التي كادت أن تعصف بالرأسمالية ذاتها، ومهدت لصعود كل من البيروقراطية والفاشية والكينزية، وكانت هذه الأزمة السبب المباشر فى نشوب الحرب العالمية الثانية، وتلتها أزمة 1974 – 1975، بعد فترة طويلة من الرواج، ولكنها تميزت بالركود التضخمى، الذى يجمع بين بعض سمات الكساد وبعض سمات الرواج فى نفس الوقت، وهو ما مهد للبعث الجديد لمدرسة عدم تدخل الدولة فى الاقتصاد، والعودة للأقتصاد الحر، وتعدّ أزمة 1981 - 1983 أشد عنفاً من أزمة السبعينات التى سبقتها، و التي كانت السبب فى ولادة الرأسمالية الكوكبية، كمرحلة جديدة من مراحل تطور الرأسمالية، وكان من نتائجها سقوط معظم النظم البيروقراطية والفاشية والكينزية فى العالم، وأخيرا أزمة 2008 الأخيرة، و تلك الأزمات كانت في جوهرها أزمات إفراط في الإنتاج، مع عدم قدرة السوق على استيعابه.
تأتي أزمة الكساد بعد عدة سنوات من الازدهار، و تندلع حين يحدث فيض فى الإنتاج و الخدمات أكثر من احتياجات الاستهلاك، فتزدحم الأسواق بالسلع التى تتراكم بكميات هائلة لا طريق لبيعها، ويصاحب ذلك ضعف السيولة النقدية، وانحسار الاقراض، وبعد ذلك تتوقف المنشئات عن إنتاج وتقديم الخدمات، و يتم طرد العمال جزئيا أو كليا من المنشئات الرأسمالية، فيفقدون قدرتهم الشرائية لشراء السلع و الخدمات التى تتراكم أكثر، فتتفاقم الأزمة، لمجرد أن العمال أنتجوا سلع و قدموا خدمات أكثر من الاحتياجات الاستعمالية للناس، بعد هذا تتكاثر الإفلاسات، وتتزايد عمليات البيع الجبرى، ويستمر الانسداد فى طرق تصريف السلع سنوات طويلة، فيتم تدمير القوى المنتجة سواء قوى العمل، أو وسائل الإنتاج، وتدمير المنتجات إجمالاً بشتى الطرق،وتوقف الخدمات الاستثمارية منها والاستهلاكية، حتى يحين الوقت الذي تمتص فيه السوق فائض السلع و الخدمات المتراكمة أي حتى الوقت الذي يستعيد فيه الإنتاج والتبادل مسيرتهما بالتدريج.
الأزمات الاقتصادية في ظل الرأسمالية تعود أحيانا إلى رفض تدخل الدولة للحد من نشاط الأفراد في الميدان الاقتصادي، بمعنى رفض تقييد حريتهم الاقتصادية، فى استثمار أموالهم، و فيما ينتجون كماً ونوعاً، وهذا ما يمكن أن نسميه الافتقاد إلى المراقبة والتوجيه والتخطيط فى الإنتاج والتوزيع والتبادل، فالدولة ورأسالمال يتركون الأمر لليد الخفية للسوق، متوكلين عليها، لتنظم بنفسها حرية المنافسة بين منتجي النوع الواحد من السلع، وبين المستهلكين، تلك اليد الخفية الأقرب للعناية الآلهية، ولما كانت الرأسمالية فى الإنتاج عموما قامت على التطور التكنولوجى الذى ساعد البشرية على رفع كفاءتها الإنتاجية لمستويات غير مسبوقة، وضاعف الإنتاج حتى فاض عن احتياجات السكان فى كثير من الأحيان، إلا أنه قلل من الاحتياج للأيدى العاملة صانعة كل تلك السلع، ومستهلكتها فى نفس الوقت، وما أنتجه من فائض إنتاج يحتاج إلى أسواق للتصريف، تقل قدرة المستهلكين فيها على الاستهلاك بمرور الوقت، و الميل للتطور التكنولوجى لزيادة الإنتاجية، يؤدى لتقليص حجم العمالة المنتجة، و إلى فيض الإنتاج الذى لا يمكن إيقافه فى ظل الرأسمالية.
عندما تختل العلاقة بين العرض والطلب، في ظل انعدام الرقابة والتحكم من الدولة، تحدث فوضى اقتصادية تكون نتيجتها الحتمية أزمة، إلا أن التاريخ الحديث أثبت إن كل أشكال تدخل الدولة فى الاقتصاد أيضا وقعت فى أزمات مزمنة انتهت إلى أزمة الركود التضخمى فى سبعينات القرن الماضى، مما ينم على أن الدولة بتدخلها أو بتركها الحبل على الغارب ليست السبب فى حدوث الإزمات غالبا، بل هى أداة يستخدمها البرجوازيون لحل الأزمات لصالحهم فى كل الأحوال.
لا يوجد أى تناسق بين فروع نمط الإنتاج الرأسمالى، إلا ما قد يحدث مؤقتا أو مصادفة، وهذا يجعل الإنتاج الرأسمالى يتصف بالفوضى، لأن الرأسمالية تقوم على سلسلة من التناقضات، التى تمنحها حركية وحيوية عالية، وقدرة عالية على خلق الأزمات والتكيف معها وتجاوزها، لكن هذا لا ينفى كونها مدمرة فى نفس الوقت للبشر كمنتجين ومستهلكين، ففي ظل سيطرة الملكية الخاصة لوسائل الإنتاج، فإن كل رأسمالي يسعى إلى زيادة أرباحه بإغراق السوق بمنتجاته، دون اعتبار للإمكانيات الحقيقية لاستهلاك منتجاته، و دون النظر لمستوى الطلب الفعال لما ينتجه من سلع، و لا شك أن دافع الربح والمنافسة فى السوق، يساعد على تطوير الإنتاج، ورفع الإنتاجية، وتحسين المنتجات، و يفجر طاقات الإبداع والابتكار عند البشر، و لكن لإن هذا الإنتاج تحديدا يتم عبر مؤسسات خاصة حرة، فإن تطوره لا يكون متجانسا بين الفروع والمنشئات المختلفة، فقد يتكدس البنزين فى محطات البنزين أو قد يشح، لأنه قد يزيد أو يقل عن احتياجات السيارات له، ومصانع السيارات ومحطات البنزين ومعامل تكرير البترول، تتصرف منفردة من أجل زيادة انتاجها وأرباحها دون أن ينظر أى منهما لنشاط الآخر، إذ تقفز بعض الأنشطة إلى الأمام فى الإنتاج ، ويبقى بعضها على حاله، أو يتدهور إنتاجه، يصيب بعضها النجاح وبعضها يصيبه الفشل، إى أن طبيعة الإنتاج الرأسمالى تعيد إنتاج الأزمات العشوائية التى طالما عانى منها البشر سابقا، و لكن ليس بسبب الطبيعة هذه المرة، ولكن فى مجال الإنتاج والتوزيع والتبادل نفسه، ومن هنا يحدث التطور اللامتكافئ بين فروع الإنتاج المختلفة، باعتباره قانون الرأسمالية المطلق.
يتطور الإنتاج الرأسمالي عن طريق المنافسة التي تنطوي على تناقضات و صراعات لا حصر لها و التى تهدر فى نفس الوقت الإمكانيات الهائلة التى يخلقها التطور التكنولوجى، فالمنافسة لابد من أن تولد عدم تناسق بين فروع الاقتصاد ومؤسساته المختلفة .
لما كان للإنتاج فرعين أساسيين، أولهما فرع (إنتاج وسائل الإنتاج) من آلات ومواد خام وخلافه. وثانيهما فرع (إنتاج السلع الاستهلاكية) من ملابس وأطعمة الخ، و بسبب أن تطور فروع الإنتاج المختلفة في ظل الرأسمالية تطوراً غير متسق وغير متوازن، فإن نمو الإنتاج الرأسمالي، وتكون السوق الداخلية، لا يحدثان بفعل زيادة إنتاج سلع الاستهلاك بقدر ما يحدثان بفعل زيادة إنتاج وسائل الإنتاج. أي أن الفرع الأول (إنتاج وسائل الإنتاج) ينمو بسرعة أكبر من سرعة نمو الفرع الثاني (إنتاج سلع الاستهلاك)، وتسبق زيادة إنتاج وسائل الإنتاج، زيادة إنتاج سلع الاستهلاك، وتحتل سلع الاستهلاك، في الكتلة العامة للإنتاج الرأسمالي، منزلة متضائلة الأهمية مع مرور الزمن، فالآلات تزداد تعقيدا، و من تزداد قيمتها، لتحل محل البشر المستهلكين لما تنتجه، فى حين تقل قيمة ما تنتجه هى نفسها من سلع كلما ازدادت تعقيدا وقيمة.
إن زيادة إنتاج وسائل الإنتاج تؤثر في إنتاج وسائل الاستهلاك (أموال الاستهلاك)، ذلك لأن المؤسسات التي تزيد من استخدام وسائل الإنتاج (أموال الإنتاج) تدفع إلى السوق في نهاية المطاف بكميات متزايدة باستمرار من السلع المعدة للاستهلاك. وعلى هذا فهناك علاقة ارتباط واضحة ومباشرة بين إنتاج أموال الإنتاج، من جهة، وإنتاج أموال الاستهلاك من جهة ثانية. ولكن في الوقت الذي يتزايد فيه إنتاج أموال الإنتاج وأموال الاستهلاك يتراجع الطلب الفعال بسبب انخفاض نصيب قوة العمل من القيمة المضافة، فيتجه استهلاك الجماهير نحو الانخفاض في حين يتجه الإنتاج نحو الزيادة، فتصطدم زيادة الإنتاج بانخفاض الاستهلاك في المجتمع.
شرط إنتاج القيمة المضافة، ومن ثم الأرباح، هو شراء قوة العمل البشرى المأجورة لإنتاج السلع، و التى من أجل زيادة معدلات استغلالها لتوليد قيمة أكثر وأرباح أكثر، يتم تطويل يوم العمل مما يعنى مزيد من الإنتاج، أو تخفيض الأجور الحقيقية، بزيادة أسعار السلع، وهذا معناه تدنى ما يحصل عليه العمل المأجور لصالح تصاعد الأرباح، وفى النهاية تتراكم المنتجات التى لا تجد من يشتريها، لأن من انتجوها غير قادرين على شراءها بسبب تدنى أجورهم.
الرأسمالية هى الإنتاج السلعي في أعلى مرحلة من مراحل تطوره، حيث سبقها الإنتاج السلعى البسيط، الذى هو شكل بدائى للرأسمالية، و تتحول في الرأسمالية منتجات العمل كلها إلى سلع، و تتحول قوة العمل نفسها إلى سلعة يتحدد سعرها بالعرض والطلب. ويقوم الرأسماليين بانتزاع الفائض الاجتماعى من العمل المأجور، و تركيز وسائل الإنتاج في أيدي أصحاب رأس المال، وتحول هذه الوسائل إلى وسائل لاستثمار العمال المأجورين، ويحدث الانفصال بين وسائل الإنتاج المحصورة في أيدي القلة من الرأسماليين، وبين الغالبية من المنتجين المباشرين المحرومين من كل شيء ماعدا قوة عملهم، التي يضطرون إلي بيعها لمالكي وسائل الإنتاج.
لكل هذا يصبح ناتج عمل المجتمع كله في حوزة عدد قليل من مالكي وسائل الإنتاج، هدفهم الوحيد هو تحقيق الربح، وينشأ عن التسابق وراء الربح تعاظم استغلال العمال المنتجين، وانخفاض نصيبهم من القيمة المضافة، وهذا يؤدي إلى خفض الطلب الفعلي على السلع، ويتقلص تصريف السلع، فلابد من حدوث أزمات فيض الإنتاج ما دامت الرأسمالية قائمة.
لا شك أن أحد أسرار قوة الرأسمالية، وضعف من يناضل ضدها، أنها تستغل أسوء ما فى البشر من ميول ورغبات وغرائز و طرق تفكير، و أحد أسوء تلك الميول هو الميل للاستهلاك السفيه، و الحقيقة أن البشرية تملك الآن و بلا أدنى مبالغة من العلم والتكنولوجيا، ما يمكنها من اشباع الحاجات الاستعمالية الضرورية لكل البشر على الأرض، وبقوة عمل أقل بكثير مما تتطلبه طريقة الإنتاج والتوزيع والتبادل الرأسمالية، ولك تفكر فقط فى ما تتحمله السلعة من تكلفة الإعلان عنها وتغليفها، وهو ما يمكن الاستغناء عنه فى ظل نمط إنتاج آخر يقوم على إشباع الحاجات الاستعمالية، ولكن الإنتاج فى حدود إشباع الاحتياجات الاستعمالية، يعنى توقف آلة الإنتاج الرأسمالى، التى لا بد أن تستمر فى الدوران حتى يربح الرأسماليون، ولو على حساب سعادة البشر، واهدار مواردهم، وتلوث بيئتهم.
من هنا تعتنى الرأسمالية بخلق احتياجات غير ضرورية ولا طبيعية عند البشر، وجرهم من نزعتهم المريضة للاستعراض والتباهى أحيانا، إلى استهلاك سلع و خدمات ليسوا فى حاجة حقيقية إليها لتتوفر لهم السعادة الحقيقية، أو يمكنهم الاستغناء عنها، ومن أجل هذا النزوع الاستهلاكى، يتم إهدار الموارد الطبيعية فى سفه غير معقول، كما لو كانت هذه الموارد بلا نهاية، والحقيقة أن الموارد الطبيعية على كوكب الأرض ذات كميات محدودة، ولها سقف أكثر انخفاضا فى حالة استخدامها على نحو اقتصادى، و لاشك أنه مع استمرار استهلاكها، سوف تنتهى فى يوم من الأيام، فالحديد الذى ترتفع أسعاره يوميا، سوف يصبح فى ندرة الذهب، وسوف يصبح أغلى سعرا منه، طالما آلية الإنتاج الرأسمالى تستنزف الحديد فى صناعة السلاح الذى لا يستخدم إلا للموت والخراب أو يترك للصدأ، أو فى بناء عقارات لا تستخدم سوى للمضاربة، برغم أننا يمكن أن نوفر معظم المبانى التى تستخدم للسكن بتكنولوجيا مختلفة دون استخدام للحديد أو الاسمنت، سوف تكون ملائمة أكثر للظروف المناخية، فلا نحتاج للمكيفات لتكييفها، وما تستهلكه منطاقة، وما تحدثه من تلوث للمناخ.
يمكن أن يوفر البشر لأنفسهم مواصلات عامة مريحة عبر مد شبكة كافية من مواصلات عامة، تعتمد على الكهرباء، كالمترو أو الترام، وأتوبيسات تحمل عدد أكبر من البشر فى مساحة أقل، وتحتل فى نفس الوقت مساحة أقل من الطريق، الا أنه يتم عمدا اهمال هذا الحل، ويتم إغراء المستهلكين بحلم السيارة الخاصة، فيفاجىء المستهلكون أنها صارت عبء اقتصادى ومعنوى عليهم بدلا من أن تكون وسيلة للراحة، وبكثرة السيارات تزدحم الطرق، فالسيارة الخاصة تحمل عدد أقل بالنسبة لمساحتها، وتشغل مساحات أكبر من الطريق من الأتوبيس قياسا لما تحمله من ركاب، وعندما تحدث الأزمات المرورية باكتظاظها بالسيارات الخاصة، نبنى طرق علوية وكبارى نستنزف بهما الحديد والأسمنت، و نحرق المزيد من البترول دافعين للجو المزيد من الملوثات، ويصل سفه المستهلكين وجشع المنتجين للمنتهى، عندما تشح موارد الطاقة البترولية، فيحول المنتجون الطعام إلى وقود لتسيير كل تلك السيارات الخاصة، فى حين يتضور الملايين جوعا، حتى تعمل شركات السيارات الخاصة.
تحتاج الحذاء ليحمى قدمك أثناء السير، وفى حدود المعرفة والتكنولوجيا المتاحة للبشر، يمكن أن تنتج لك المصانع حذاء يستمر معك عقودا من الزمن، ولكن معنى هذا ببساطة، أن تتوقف مصانع الأحذية عن العمل بعد اشباع هذا الاحتياج لدى كل البشر، ومن هنا ابتكرت الرأسمالية فكرة الموضة حتى تدفع البشر لتغيير ما يستهلكونه من سلع حتى ولو كانت ماتزال صالحة للاستعمال، ويتم بيعها أكثر من مرة، أو تنتهى لمستودعات القمامة منتظرة إعادة التدوير، والطريقة الثانية هى استخدام مواد رديئة فى الصناعة، برغم إمكانية استخدام مواد أكثر تحملا، فيبقى الحذاء فى قدمك شهرين لتشترى ستة أحذية فى العام، أما الخامات الجيدة والتصنيع الدقيق فهو و التكنولوجيا المتطورة فهذا ما تدخره الرأسمالية لصناعات لا علاقة لها باحتياجات المستهلك العادى، كصناعة السلاح، وهو ما يجعل معظم السلع التى يستهلكها المستهلك العادى ، سريعة التلف مما يدفعه لاستبدالها بسلع جديدة، ويبدوا أن الجشع الذى لا ينتهى للرأسماليين دفعهم مؤخرا للتطرف فى هذا السلوك، والمثال على ذلك بعض السلع المنتجة فى الدول شبه المحيطية أو المصنعة حديثا، والتى هى أقرب ما تكون لإعادة التدوير.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - الى متى سيبقى الصمود
فؤاد محمد ( 2010 / 10 / 1 - 20:22 )
شكري للاستاذ سامح
تحليلاتك تزيدنا وعيا
العولمه هي اخر الصمود للراسماليه
انها تسير بالكوكب والعالم الى الدمار
يجب الاسراع بموتها قبل تدمر البيئه
با اعداء الراسماليه اتحدوا
لنحفر قبرها اليوم وليس غدا
تحياتي


2 - أسئلة بحاجة إلى أجوبة
فؤاد النمري ( 2010 / 10 / 2 - 08:40 )
إفلاس الرأسمالية الأميركية بدأ عام 1971 لدى اضطرارها الخروج من معاهدة بريتونوودز وتلا ذلك تخفيض قيمة الدولار في العامين 72 و 73 والسؤال الذي ليس لديك الإجابة عليه هو لماذا الأزمة والولايات المتحدة منخرطة في حرب كبرى في الفيتنام والحرب كما هو معروف تفرج أزمة الرأسمالية؟
في إعلان رامبوييه 1975 أعلنت الدول الرأسمالية الكبرى عن صادق رغبتها في مساعدة الدول النامية وتوفير الأموال اللازمة لها وعن توسيع التبادل التجاري مع الدول الاشتراكية. ما وراء ذلك
في إعلان رامبويية أصدرت الدول الخمس كفالة كلامية لعملات هذه الدول وهذا مس في صميم الرأسمالية ومكن الولايات المتحدة بأن تغرق العالم بالدولارات المفرغة من كل قيمة القيمة هي قدس أقداس الرأسمالية
حجة القائلين بالعولمة الرأسمالية هي السعي وراء العمل الرخيص ألم يكن العمل رخيصاً في الخمسينيات
الدولة الرأسمالية الكبرى وهي الولايات المتحدة تكابد عجزاً سنوياً في الميزان التجاري تريليون دولار لماذا توقفت أميركا عن التصدير بل وأمست أكبر بلد مستورد حيث سوقها جافة
الأزمة الأخيرة هي أزمة بنوك لكثرة الإستهلاك بينما الأزمة الرأسمالية تنشأ لقلة الإستهلاك


3 - أسئلة بحاجة إلى أجوبة
فؤاد النمري ( 2010 / 10 / 2 - 08:52 )
تابع ــ ــ
ثمة أسئلة كثيرة لا تجاوب عليها مقاربتك العلمية الكلاسيكية
جوابها الوحيد هو انهيار النظام الرأسمالي في سبعينيات القرن الماضي وتولي السيادة في سائر الدول الهامة من قبل الطبقة الوسطى منعاً للتقدم نحو الإشتراكية وهو ما حصل في الإتحاد السوفياتي في العام 54
كل الصفات يمكن إطلاقها على التجربة الاشتراكية السوفياتية قبل العام 54 ما عدا البيروقراطية. كيف يكون النظام بيروقراطيا والتنمية الاجتماعية والاقتصادية تنمو بنسبة تزيد على 12% إذا كانت هذه هي البيروقراطية فالعالم يجب أن ينتهج البيروقراطية
وللأخ سامح كل مودة


4 - تعقيب على التعليقات
سامح سعيد عبود ( 2010 / 10 / 2 - 08:54 )
بداية أقدم جزيل الشكر والعرفان لكل المعقبين على هذا المقال والمقالات الثلاث التى سبقته وما سوف يليه من مقالات فى هذه السلسلة ولهم خالص تقديرى الأستاذ محمد الملثوثى والأستاذ أنور نجم الدين والأستاذة سعاد خيرى و الأستاذ فؤاد النمرىوليعذرنى الجميع فى تأخر التعقيبات لظروف عملى وعدم سهولة اتصالى بالشبكة لوقت كبير
سامح


5 - تعقيب خاص على الأستاذ النمرى
سامح سعيد عبود ( 2010 / 10 / 2 - 09:41 )
الرأسمالية هى انتزاع الفائض الاجتماعى من العمل المأجور الحر والذى يتقاسمه الرأسمال الإنتاجى فى صورة أرباح، والرأسمال المالى فى صورة فوائد والرأسمال العقارى فى صورة ريع ومن ثم فالرأسمالية مازالت قائمة والولايات المتحدة مازالت تنتج السلع من الأسلحة للسيارات و الهار د وير الكومبيوتر أنتل وآبل فضلا عن السوفت وير الوندوز واللأوفس


6 - تتمة التعقيب
سامح سعيد عبود ( 2010 / 10 / 2 - 09:44 )

البيروقراطية هى انتزاع أيضا للفائض الاجتماعى من العمل المأجور القسرى المذعن للدولة لصالح البيروقراطية كطبقة تحصد الامتيازات برغم عدم تملكها وسائل الإنتاج ويمكن لها أن تحقق نمو عالى كما حدث فى التحاد السوفيتى إلا أن هذا لا يضفى عليها تجاوز استغلال الإنسان وقهره فى العلاقات الاجتماعية


7 - تتمة التعقيب
سامح سعيد عبود ( 2010 / 10 / 2 - 09:44 )

البيروقراطية هى انتزاع أيضا للفائض الاجتماعى من العمل المأجور القسرى المذعن للدولة لصالح البيروقراطية كطبقة تحصد الامتيازات برغم عدم تملكها وسائل الإنتاج ويمكن لها أن تحقق نمو عالى كما حدث فى التحاد السوفيتى إلا أن هذا لا يضفى عليها تجاوز استغلال الإنسان وقهره فى العلاقات الاجتماعية


8 - تحليل كلاسيكي لواقع انتقالي
سعاد خيري ( 2010 / 10 / 2 - 09:50 )
تشهد البشرية منجزات علمية وتكنولوجية جبارة تتيح للبشرية التحرر من الملكية الخاصة لوسائل الانتاج التي تشكل القاعدة المادية للعمل المأجور وتشمل هذه المنجزات وسائل الانتاج الجبارة كمصادر الطاقة ووسائل الانتاج الصغيرة التي يستطيع كل انسان امتلاكها وتسخيرها لتلبية حاجاته


9 - تعقيب على سعاد خيرى
سامح سعيد عبود ( 2010 / 10 / 2 - 10:13 )
احب أن أعبر عن خالص تقديرى لك وسعادتى بتعليقاتك
أننا لانختلف إطلاقا ولكنى لا أرى ضرورة لأن أقول كل شىء فى مقالات قصيرة مترابطة تتناول الأزمة الرأسمالية، نعم نحن فى مرحلة انتقالية وأمام تطور تكنولوجى يمكن أن يعصف بالرأسمالية ولكن ربما يكون هخذا موضوع مقال قادم
اعزازى
سامح


10 - هذا مقال كان يصلح نشره قبل قبل 150سنه
د صادق الكحلاوي ( 2010 / 10 / 2 - 11:36 )
انا اؤمن ان بين القراء اناس متجددين بالمعرفة والوقائع التي حصلت في عالمنا المعاضر وخصوصا منذ مئة سنه وحتى اليوم وبتصاعد لم يستطع احد قبل قرنين واقل التنبؤ به
لولا هذا الاعتقاد لشعرت بحزن شديد لان عمري وصحتي لاتسمحان لي بالتعليق المفصل على هذه المقاله العتيقة الفكر وعتيقة الوقائع ولو كانت في مجال تاريخ الفكر الاقتصادي او تاريخ الاقتصاد لفهمنا اما ان تكتب من قبل شاب بمقتبل العمر ومواطن بلد لازالت كل منطقته تعيش عبودية الاقطاع واستبداده وملايين العاطلين فيه والبلاد التي تصنف الافقر غالميا وهو يحارب النطام الراءسمالي الذي بدونه كما اكد كارل ماركس لايمكن لمجتمع ان يتحرر ويتقدم الى امام الرجاء اقراء المانيفستو مجددا كي لاتضيع الوقت في امور لاتنفع احدا مع اشد اعتذاري وتمنياتي لك بالتوفيق في حياتك الخاصه وبسلامة الفكر وادوات البحث والتقصي في حياتك العامه وشكرا


11 - هذا مقال كان يصلح نشره قبل قبل 150سنه
د صادق الكحلاوي ( 2010 / 10 / 2 - 11:36 )
انا اؤمن ان بين القراء اناس متجددين بالمعرفة والوقائع التي حصلت في عالمنا المعاضر وخصوصا منذ مئة سنه وحتى اليوم وبتصاعد لم يستطع احد قبل قرنين واقل التنبؤ به
لولا هذا الاعتقاد لشعرت بحزن شديد لان عمري وصحتي لاتسمحان لي بالتعليق المفصل على هذه المقاله العتيقة الفكر وعتيقة الوقائع ولو كانت في مجال تاريخ الفكر الاقتصادي او تاريخ الاقتصاد لفهمنا اما ان تكتب من قبل شاب بمقتبل العمر ومواطن بلد لازالت كل منطقته تعيش عبودية الاقطاع واستبداده وملايين العاطلين فيه والبلاد التي تصنف الافقر غالميا وهو يحارب النطام الراءسمالي الذي بدونه كما اكد كارل ماركس لايمكن لمجتمع ان يتحرر ويتقدم الى امام الرجاء اقراء المانيفستو مجددا كي لاتضيع الوقت في امور لاتنفع احدا مع اشد اعتذاري وتمنياتي لك بالتوفيق في حياتك الخاصه وبسلامة الفكر وادوات البحث والتقصي في حياتك العامه وشكرا


12 - تعقيب على د. الكحلاوى
سامح سعيد عبود ( 2010 / 10 / 2 - 11:49 )
سلسلة المقالات هذه أجزاء من كتاب أعده للنشر أنشرها الآن للاستفادة من تعليقات القراء لتطويرهاوربما سوف تعرف فى المقالات كلها أنى لست كلاسيكى النزعة
مازلت نظرية أرشميدس هى اجابة العلم على تفسير الطفو ومازل قانون أرشميدس الخاص بالمربع القائم على وتر المثلث القائم صحيحة يوجد فى العلم حقائق وليست صرعات موضة
فى المقال بعد االقادم سوف أتناول تطور طبيعة الأزمات الرأسمالية فى العصر الحديث
شكرا على تعقيبك
سامح


13 - تتمة للتعليق
سامح سعيد عبود ( 2010 / 10 / 2 - 12:08 )
قصدت فيثاغورث وليس أرشميدس فيما يتعلق بالمثلث القائم فأرجو المعذرة
بلدى مصر تخلو من الأقطاع برغم تواجد أشكال من العمل الجبرى وينخرط نصف قواها العاملة فى نمط الإنتاج الفردى والسلعى البسيط ، وحوالى الربع فى نمط إنتاج رأسمالى متطور و الربع الآخر يعمل بالحكومة وجزء صغير منهم منخرط فى نمط إنتاج بيروقراطى، والرأسمالية نظام علمى لايمكن تغييرها إلا عبر العالم و لاتوجد إمكانية لتطوير مصر إلا بالاندماج بهذا النظام العالمى لا الانفصال عنه
سامح


14 - استمراراً للمناقشة بعد أن قطعها عبود
فؤاد النمري ( 2010 / 10 / 3 - 08:18 )
عبود يقول أن أميركا ما زالت دولة رأسمالية لكن هذه الرأسمالية لا تنتج رأسمالاً الذي تعرف به فأميركا مدينة اليوم بحسابات الكونجرس ب 17 تريليون دولاراً وهي مدينة فعلياً بأكثر من 50 تريليونا هذا عداك عن مئات التريليونات من الدولارات المزيفة المستحقة بقيمتها الإسمية على أميركا
تزييف الدولارات هو مقتل للنظام الرأسمالي الذي يتأسس على القيمة الحقيقية فكيف بأميركا تطبع تريليونات الدولارات بلا أي غطاء
أكثر من 80% من الإنتاج القومي لأميركا هو من الخدمات ولا يمكن إنتاج الخدمات على الطريقة الرأسمالية
عبود ما زال حراً في أن يقفز عن حقائق العصر متمسكاً بموقف سياسي لن يطحن طحيناً
عبود من الذين يقولون برأسمالية الدولة السوفياتية ويتحدث عن امتيازات للطبقة الحاكمة. من يقول بهذا القول لا يعرف من قوانين الإقتصاد حرفاً حيث أن مجمل الإنتاج السوفياتي لم يكن يعرض في السوق ولا تجري مبادلته بالنقد وكان فصل تام بين المواد التموينية وأسعارها. لم يتمتع رجال الدولة بأية امتيازات فستالين لم يملك سروالين كما أكدت ابنته وكان لكل عضو في القيادة قريب من الدرجة الأولة في السجن أيام ستالين. زوجة كالينين رئيس الجهورية ف


15 - تعقيب على النمرى
سامح سعيد عبود ( 2010 / 10 / 4 - 09:34 )
قرأت إعلان رامبويية ولم أجد فيه ما تدعيه
ومن ينتج الألات ووسائل النقل و الأسلحة والمعالجات للكومبيوتر والسيارات والطائرات
أليس خمس العمالة فى أمريكا عمالة صناعية و40 عمالة صناعية فى روسيا
أليس هذا إنتاج سلعى أم خدمات
النظم التى تطلق عليها اشتراكية لم تكن رأسمالية دولة بل بيروقراطية
لأنها غالبا لم تكن تنتج للتبادل فى السوق ولكن هذا لا ينفى عنها الطبيعة الاستغلالية


16 - تعقيب على النمرى
سامح سعيد عبود ( 2010 / 10 / 4 - 09:38 )
لماذا كانت هذه الأنظمة بهذه الهشاشة لكى تسقط بتلك السهولة ولم تجد البروليتاريا لتدافع عنها
الإجابة ببساطة لأن قضية البروليتاريا هى التحرر من عبودية العمل المأجور فى الحد الأقصى وتحسين شروط عبوديتها فى الحد الأدنى
ولم تحقق لها تلك الأنظمة لا الحد الأقصى و لا الحد الأدنى فلما الدافع عن من يقهروهم ويستغلونهم


17 - تعقيب على النمرى
سامح سعيد عبود ( 2010 / 10 / 4 - 09:44 )
يمكن أن نتخيل مجتمع يستغنى عن الفنانيين والأدباء والإعلاميين وحتى المحاسبين والمحاميين ولكن قل لى كيف يمكن أن نستغنى عن علماء الطبيعة والمهندسين والأطباء والصيادلة
سامح

اخر الافلام

.. أخذ ورد بين مذيعة CNN وبيرني ساندرز بشأن ما إذا كانت إسرائيل


.. حزب العمال يكسب الانتخابات المحلية في بريطانيا ويخسر أصوات ا




.. موريتانيا.. الشرطة تعترض مسيرة احتجاجية نظمها 6 مترشحين للري


.. الشرطة الأمريكية تعتدي على متظاهرين وصحفيين بمخيم داعم لغزة




.. كلمة عضو المكتب السياسي للحركة مشعان البراق في الحلقة النقاش