الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الارهاب يقبل التحدي

ساطع راجي

2010 / 10 / 1
مواضيع وابحاث سياسية


انخفض عدد العمليات الارهابية في العراق بشكل ملحوظ خلال الاشهر الاخيرة، كما انخفض عدد الضحايا المدنيين لهذه العمليات، كما ان الارهاب فقد العديد من الاماكن التي كان يسيطر عليها سابقا، الا ان تطورا جوهريا طرأ على العمل الارهابي نقله من مرحلة الرغبة الاعلامية او الاثارة الطائفية الى مرحلة جديدة تؤكد ان الارهاب اصبح لديه جهد سياسي يريد فرضه في العراق، وذلك عبر التوجه المباشر لضرب مؤسسات الدولة والاصطدام بالاجهزة الامنية.
على مدى سنوات كانت العمليات الارهابية تستهدف التجمعات المدنية والاسواق ودور العبادة وهي توصف بأنها أماكن رخوة لا يحتاج استهدافها الى كبير جهد او تنظيم معقد، فالانتحاري يتجول في المدينة ومتى ما اصبح قريبا من تجمع كبير للناس فجر نفسه، مستمطرا بذلك الانتقادات على الساسة والاجهزة الامنية ومستدرا ومحرضا للمشاعر الطائفية وكلا الامرين كان كفيلا، في تصور جماعات الارهاب، بانقلاب الناس على العملية السياسية، ولأسباب شتى لم يحدث ذلك الانقلاب او انه لم يحدث بصورة كبيرة، وفي تلك الايام كان المتحدثون باسم الاجهزة الامنية يتحدون جماعات الارهاب للمواجهة، ويسخرون منها باعتبارها لا تستهدف الا الاماكن الرخوة.
الاسابيع القليلة الماضية أثبتت ان الارهاب قبل التحدي وانه انهمك في البحث والتخطيط لمهاجمة أشد الاماكن تحصينا، بل انه دخل في مواجهات مع القوى الامنية سواء في ديالى او الانبار او بغداد، ولم يقتصر الامر على استهداف المقرات الامنية والعسكرية بل عادت الصواريخ لتسقط على المنطقة الخضراء، كما ان العبوات الناسفة اضافت الى اهدافها اليومية في مراكز المدن، الطرق الخارجية في المحافظات الامنة فيما يشبه تركيزا على خطوط انسحاب القوات الامريكية، وعاد زعماء القتل والتهجير ليطلوا برؤوسهم عبر الفضائيات والمنابر يهددون ويتوعدون بالويل والثبور ويعيدون استنساخ مواقفهم وشتائمهم في محاولة لاستعراض العضلات او التمهيد للعودة الاعلامية والسياسية والقتالية.
التحول في العمل الارهابي لا يعني بالضرورة ان الجماعات الارهابية قد استعادت قوتها، بل ان المواجهات المباشرة بين الارهاب والاجهزة الامنية في معظم دول المنطقة كانت بداية لضمور الارهاب وغيابه كما حدث في مصر والسعودية وغيرهما، لكن الوضع في العراق لا يدعو بالضرورة الى سياق التفاؤل دائما فالاجهزة الامنية العراقية لم يستكمل بناؤها وهي تعاني من ثغرات كبيرة وهناك تداخل اقليمي سياسي على ارض العراق، كما ان المؤسسة السياسية مرتبكة وتعيش مرحلة انتقالية مع وجود توظيف سياسي للارهاب، وانسحاب امريكي وتفاوض على تشكيل الحكومة، وهذا كله يجعل من التنبؤ بمسار التحولات الارهابية أمرا عسيرا.
الهدف السياسي للارهاب، في هذه المرحلة، يكاد ان يكون واضحا ويتمثل اساسا في عرقلة الانسحاب الامريكي، وقد يبدو هذا الامر مناقضا للوهلة الاولى مع دعاية الجماعات الارهابية لكن الانسحاب الامريكي مع استمرار العملية السياسية بكل مالها وما عليها هو اكبر مأزق يواجه الجماعات التي تبنت مسار العنف خلال السنوات الماضية، سواء تلك التي شاركت بأحدى قدميها في العملية السياسية او تلك التي قاطعت العملية السياسية تماما.
لقد طرحت القيادات الامنية تحدي المواجهة على الارهاب ويبدو ان الارهاب قبل التحدي وعلى القيادات الامنية اليوم ان تثبت قدرتها على التصدي خاصة وان الاستهداف موجه لها هذه المرة، كأشخاص ومؤسسات.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. على حلبة فورمولا 1.. علماء يستبدلون السائقين بالذكاء الاصطنا


.. حرب غزة.. الكشف عن نقطة خلاف أساسية بين خطة بايدن والمقترح ا




.. اجتماع مصري أميركي إسرائيلي في القاهرة اليوم لبحث إعادة تشغي


.. زيلينسكي يتهم الصين بالضغط على الدول الأخرى لعدم حضور قمة ال




.. أضرار بمول تجاري في كريات شمونة بالجليل نتيجة سقوط صاروخ أطل