الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


حناجر بين قفزة أرمسترونغ ومتعة غروسكي ...

فاضل الخطيب

2010 / 10 / 1
مواضيع وابحاث سياسية


حناجر بين قفزة أرمسترونغ ومتعة غروسكي ...

هناك مثلٌ يقول: "القادم من بعيد يستطيع قول ما يُريد!" وحتى لو كان يحمل على جبينه وبين يديه وفي جيوبه ما يُكذّب قوله.
بعض الصور السوريالية السورية والتي تتكرر في كثير من دول الشتات السوري..
يحلو للبعض الحديث بصوت مرتفع عن الوطنية، وحتى تقديم النصائح فيها واجترار أمثلة وأحداث لا علاقة له بها، لكنه يستخدمها كحججٍ وكأنها شهادات حسن "وطنية" يستحقها لأنه يُرددها، وبنفس الوقت يُبرر هذا البعض وطنيته بتهرّبه من الخدمة العسكرية الإلزامية، وبعد سنوات طويلة يقوم بتدبير دفع بدلٍ نقديٍ أسوة بالعديد من الذين يستطيعون الولوج مع شعارات الهوبرة الرخيصة إلى مواخير الفساد "الوطني"..
يحلو للبعض الحديث عن الوطنية بصوت علمي مسئول، وحتى تقديم النصائح لروّاد العلم المبتدئين، لكن ذاكرة هذا البعض لم تُسعف أن إضافة "علامات" دورات الولاء لشبيبة العائلة على معدّله الثانوي هي التي أهّلته للحصول على بعثة دراسية إلى جامعات العالم، أي أن كفاءته العلمية حددتها براعته "الهوبرية" وتقاريره ضد زملائه. أقول أن هذا البعض أو ذاك يُبرر وطنيته "العلمية" أيضاً من خلال قضاء فترة دراسته وتعثّره في هذه الجامعة أو ذاك المعهد بما يُعادل فترة دراسة معهد اللغة التحضيري وخمس سنوات جامعة وثلاث سنوات دكتورا، أي أن العديد من أمثاَل المواطنة الصامدين ينهي دراسته بضعف الوقت المخصص لها، ويبقى مَثَلاً وطنياً وحنجرة ممانعة، وربما الممانعة في الغربة هي تمنّعه عن الدراسة والاجتهاد، والتزامه بممارسة مختلف الممنوعات القانونية كعادة أنداده الوطنيين في الوطن، أي باختصار ممانعٌ للدراسة وصامدٌ في الممنوعات! وهنا لم نتطرق لبعض "العلماء" الذين درسوا الثلاث سنوات دكتورا خلال عشر سنوات، أو الذين رجعوا لجامعات الوطن سريعاً لأن كرسي الأستذة تنتظره مع الشهادة العالية، الشهادة التي ساهم في تحضيرها "العالِم" الممانع والمشرف الأكاديمي الأجنبي مع الله وملائكته إضافة لبعض الطيبين في سفارة الممانعة والذين يقومون بالتنسيق بين جميع الفرقاء، والنتائج لمثل هؤلاء "العلماء" واضحة في ترتيب جامعاتنا ومعاهدنا ونتائج أبحاثها، وفي تسعيرات النجاح للامتحانات نقدياً وللطالبات عينياً أيضاً!
يحلو للبعض الحديث عن الوطنية بإيمان ديني صادق، والتأكيد على أهمية الصيام، وبركات صلاة الجمعة، والاستشهاد بالسلف الصالح، وفهم نظرية شارع الحرب وشارع السلم، أو شقة الإيمان وشقة الكفر –لكن هذه النظرية لا تصلح عند تناول موضوع الأنثى، فهي كلها ضمن دار الحرث، وعلى أساس تلك الشقق والشوارع وأبنائها يعمل ويُطعمه الله من خيره، وتأكيداً على إيمانه يذهب للحج كل بضع سنوات على أساس نظرية الأسوة الحسنة تمحي عشر سيئات، أي أن الوطنية تحتاج إلى بركات الله ورجال دين السلطان كوليّ أمرٍ أمرنا الله إطاعته!
يحلو للبعض الحديث عن الوطنية واحتكارها ضمن دفاتره وحسابات مصرفه النظيف الثوري المقاوم، ويتحدث عن حدود الوطن وهمجية أعداء الوطن، يتحدث عن التحرير وتقرير المصير وعن قائد الأمة والأئمة وعن الوالد والولد وعن وريث الوريث الصغير. هذا البعض جاء أوربا هرباً من بلد القائد، هرباً من تجويعه وإذلاله، وصار أميناً على الولاء والمبايعة، وبسبب صدمة أوربا الحضارية لهذا البعض، وانفلاته الجنسي وتناقضه الإيماني، أي بسبب ثقافة الأمية الثقافية الحضارية يُصبح هذا البعض أو بعضه مدافعاً عن ثقافة الأب والابن والشيخ في العلن، وحتى أولئك الذين تضرروا شخصياً من قمع مخابرات القائد يَسبحون ويُسبّحون في رحمته وحمده! ويتلمسون شواربهم -أو مكانها كرجال شرقيين ذكور.
يحلو للبعض استحضار كل تعابير "بحسيتا" لمزاوجتها مع السيدة الأولى الكبرى والصغرى، يزاوج هذا البعض أو البعث/س/ص كنز المصطلحات اللغوية السوقي مع سوق كافة أفراد العائلة الحاكمة، ويستنجد بذاكرته لاستحضار اسكندرون والجولان ولبنان –المصلّح اللغوي للبرنامج العربي في الكومبيوتر صار يضع خط أحمر تحت كلمة اسكندرون أسوةً بالأسماء الأجنبية-، ويستحضر زلمتنا هذا تدمر وحماه وحلب وجسر الشاغور، ويكاد لا يترك زقاق صغير إلاّ يستنطقه عن الاستبداد، ويذكر أسماء من قضوا في المعتقلات أو الاغتيالات أو اختفوا مع ملح البحر. يحلو لهذا البعض حتى الملح في لحظة ما! وينفش ريشه وشواربه ومشاربه كحجج على مصداقية ما يقول –الحديث مازال بصيغة المذكر الفحل، وإذا شمّ رائحة الممانعة في أحد الشوارع البعيدة عن المزرعة –الوطن آلاف الكيلومترات يصبح هذا الرجل القبضاي الشرقي، يُصبح وفي رمشة عين حنجرة حَمَل ورئة طبل!
يُمكن للمرء أن يجعل من نفسه غبياً، لكنه من المستحيل أن يجعل منها ذكياً! حتى التمثيل يحتاج إلى معرفة –ليس المقصود التمثيل المسرحي كموهبة يتم صقلها بالعلم والتجربة-، بل هو ذلك المرض النفسي والذي يُمثّل فيه هذا/ه أو ذاك على نفسه فقط، ولابدّ أن درسَ كل طبيب شيئاً عن علم النفس، بما فيهم أطباء العيون!
ضمن مجتمع أكثر أفراده أصحّاء نفسياً، وانفصام الشخصية هي حالة مرضية استثنائية، أقول في مثل هكذا مجتمع يكون مستغرباً أن يعيش بعض السوريين في أوربا ولا يملك الشجاعة للنظر في حقيقة نظام الوريث الصغير، ولا استغراب من ذوي انفصام الشخصية وحتى قبل اكتمالها كشخصية، الذين يُرددون في أوربا: بالروح بالدم نفديك يا "عم/ي"، بعد أن تزوّج الوالي زواج متعة، متعة من طرفٍ واحد. وقد لا تستطع تلك الأمهات غير الصمت، لكن الأبناء والأحفاد سيشعرون بالخجل من هكذا آباء، سيخجل الخلف من وضاعة السلف، وفي دول أوربا الشرقية –رغم أن أكثرها استبداداً لم يكن بفظاعة طغيان الصغير، أقول أنه هناك أمثلة كثيرة. والزمن يداوي جروح ويفتح ويعلّق ويُملّح جروح، وربما يُثبت حدوث المستحيل!
وهنا لم نتطرق إلى الروائح المتجددة في سفارات العائلة، من الفساد والابتزاز والتجارة بلا خسارة، والدعارة، والحقائب الدبلوماسية والشطارة!. كم من الفضائح ستظهر للصحافة –رغم أن بعضها لا يخفى إلاّ على بعضهم، وهم يعتقدون بمَثَلِهم "موت الفقير وتـ...ريصة الغني لا يعرف فيها أحد!". إنهم يتنافسون على تمثيل أخلاقية شعار "اليد العليا هي اليد الفاسدة في دولة العائلة!"، على أنقاض الشعار "اليد العليا هي اليد المنتجة في دولة البعث"، والذي كان يُرفع قبل انقلاب الأسد على رفاقه وحزبه وجيشه وبلده!.
أُقدّم لبعض البعض أعلاه -أصحاب الشخصية الممانعة التي لا انفصام فيها، أُقدّم هذه العِبرة التاريخية الساخرة رغم استحالة تصوّرها، لكنها حصلت:
عندما هبطت مركبة أبولو على القمر عام 1969 ونزل منها نيل أرمسترونغ لم يقل فقط جملته المشهورة "هذه خطوة صغيرة للإنسان، لكنها قفزة كبيرة للإنسانية!" وإنما قال كلاماً آخر أيضاً غير المحادثات بينه وبين زملائه في المركبة أو مع قاعدة هيوستن، قال جملة كانت "لغز" للآخرين وبقيت لأكثر من ربع قرن من الزمن بدون حلّ، وهي "حظٌ موفورٌ مستر غروسكي!".
اعتقد كثيرٌ من العاملين في وكالة ناسا أن تلك الجملة خرجت من فم أرمسترونغ بالمصادفة أو بالغلط، أو ربما أرادها لمنافسيه رواد الفضاء السوفييت... وبعد مراجعة وتدقيق كل شيء لم يجدوا أي غروسكي، ولا حتى عند السوفييت. وبقي هذا لغزاً. وعلى امتداد سنوات كثيرة سأله كثيرون عن جملته تلك، وكان جوابه دائماً بسمة وديّة فقط. وخلال لقاءٍ صحفي بتاريخ 5 يوليو/تموز من عام 1995 سأله الصحفي عن تلك الجملة التي قالها على سطح القمر قبل 26 عاماً، وقد أجاب على غموض جملته تلك، وقال:
عندما كنت طفلاً صغيراً، كان مستر غروسكي جارنا، وكان إنساناً نكِداً، ودائماً كان غاضباً منّا إذا سقطت الكرة في حديقة بيته. وكنّا نخاف أن نطلبها منه، لذا كنّا نتسلل بدون أن يشعر بذلك ونسترجعها. وفي أحدى تسللاتي "الكروية" تلك كان شبّاك أحدى غرف بيتهم مفتوحاً، وسمعت ورأيت المستر غروسكي يحاول حثّ زوجته على ممارسة الجنس الفموي معه، وبهذه اللحظة ردّت زوجته قائلة "أتعرف متى أقدم لك هذه المتعة؟ عندما يقفز ابن جيراننا على سطح القمر!"...
وأنا أقول من على سطح الأرض لتلك البشر، حظٌ سعيدٌ لحناجركم/ن مع قطيع القصر، الذي يعتقل ذو الرأي من الصغر وحتى لو تجاوز الثمانين في العمر! هذا الواقع المُرّ ميّزة نظام توريث الصغير في هذا العصر!.
يكفي الإنسان غالباً أن يخطو أوّل خطوة نحو الانجرار للسقوط، وتليها الخطوة الثانية من تلقاء نفسها بكل يُسر!..

بودابست، 1 / 10 / 2010، فاضل الخطيب.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - حظنا نحس
فلورنس غزلان ( 2010 / 10 / 2 - 11:27 )
ياصديقي ..لن نعرف لا الحظ كيف يكون سعيداً ولا إن كان هناك حظ يمكنه التحالف معنا، لأن ابليس لايقبع إلا بين ظهرانينا..ولا يستطيع التأثير إلا علينا..لأن الحيط الواطي مين ماكان بينطه..أو بيقز عليه ..وحيطنا واطي ابن واطي ..لأنه المشرف والمراقب للحيطان والحقول والبيادر وبيوت الجيران استوطى حيطنا ومافي حدا يرده...قال يافرعون مين فرعنك...قال مالقيت حدا يردني,,....نهارك سعيد ..


2 - بقع عمياء نحملها
فاضل الخطيب ( 2010 / 10 / 2 - 12:39 )
لكل إنسان هناك بقع -عمياء-، وتكبر احتمالات التصحيح الذاتي إذا اقتنعنا أن ذلك ليس موجود بين خِدع ساحرة ولا نرى خلالها إلاّ صورة رغباتنا وآراءنا المشوّهة. خلال حياتنا نحتاج إلى عدد قليل من النقاد القادرين على إحداث ثقبٍ في برقع حماية التبرير الذاتي وإعادتنا إلى الواقعية إذا تجاهلناها أحياناً..
المشكلة أيضاً أننا -بعضنا أحياناً وبدون إدراك نرفع تلك الحيطان كحواجز بدل تحطيمها أو على الأقل التقليل منها..
سلامات صديقتي الكريمة وشكراً


3 - وا اسفاه
azzam yaghi ( 2010 / 10 / 3 - 11:50 )
وا اسفاه على حياه الورود كلها تذبل ولا يدري بها احد


4 - مكان الورود ينشر العطر دوماً
فاضل الخطيب ( 2010 / 10 / 3 - 12:28 )
الذين لا يشعرون بالورود لا يستحقون عطرها وجمالها، لا يستحقونها لأنهم ليس فقط لا يقدرونها، بل لأنهم لا يستحقونها..
إن كان من أسفٍ فهو عليهم، لأنهم لا يعرفون قيمة الحياة. ولا يُشرّف الورود أن تكون في غير مكانها..
تحياتي أخ عزام

اخر الافلام

.. الناخبون في تشاد يدلون بأصواتهم لاختيار رئيس للبلاد


.. مقتل 4 جنود إسرائيليين بقصف لحماس والجيش الإسرائيلي يبدأ قصف




.. الانتخابات الأوروبية: أكثر من نصف الفرنسيين غير مهتمين بها!!


.. تمهيدا لاجتياحها،الجيش الإسرائيلي يقصف رفح.. تفاصيل -عملية ا




.. تهديد الحوثي يطول «المتوسط».. خبراء يشرحون آلية التنفيذ والت