الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


انقرض ذاكرتي في مدينة منقرضة

عدنان الداوودي

2010 / 10 / 1
الادب والفن



عدنان الداوودي
انقرض ذاكرتي في ذاكرة مدينة منقرضة .........

يغمرني راحة نفسية و يطوقنى التشوة و الرغبة عندما اقرا لزهدي الداوودى , قرات كل ما كتب من القصص و الروايات و على الاخص روايته الثلاثية , زهدي الداوودي غني عن التعريف في الاوساط الادبية العربية قبل الاوساط الادبية الكردية و هو الكردى الذي يكتب باللغة العربية معبرا عن احوال الفلاحين الكرد و يعرفهم بالوسط العربي , فاراه عندما يكتب , يكتب بجلالة اللغة الادبية العربية , يشد القارىء باسلوبه السلس و منطقه السهل حيث يوصل المعنى و المفهوم الى القارىء بدون تكلفة .
يرتب الجملة الجميلة و العبارات البديلة , و الانساب السليلة ,بشكل يجبر القارىء بالاستمرار في القراءة لكي يعرف ما يليه و هكذا الى ان تقراء الرواية و انت ملهوف الى معرفة التالي , و المعروف عن كتابات زهدي الداوودي انه اين ما تبدا بالقراءة هي بداية مشوقة و حكايات طريفة يذهب بك الى المنتهى حيث يرغمك رغم الانف بان تقراء الرواية مرة ثانية و من البداية لكي لا يفوتك مما سبق .
روايته الجديدة ( ذاكرة مدينة منقرضة ) الصادر عن مديرية الطبع و النشر – السليمانية سنة 2010 جيدة في طبعته و تحتوي على 290 صفة من الحجم الطبيعي , ذات اسلوب جميل كعادته ويبدا البداية باسلوب بداية رواية ( اطول عام ) حيث يقول ....كانوا ثلاثة اصدقاء . اصدقاء جمعتهم ذات يوم قنينة عرق مغشوش ... كما يقول في روايته اطول عام ... كان الاولاد الثلاثة تمددوا على سفح التل المنحدر .... و كذلك في قصة اخرى بعنوان ( ثلاثة غرباء ) يكتب ... بعد مرور ثلاثة اسابيع على وجودي في الموقف العام ..... و ثلاثة غرباء و ثلاث بيضات ..دراي اي مت شنكن. كما ان الرقم ثلاثة تتكرر كثيرا في كتاباته حيث اللغز و يحتاج الى من يكفك الطلسم .
في ذاكرة مدينة منقرضة عزيزة هي محور الرواية و اين ما تقراء تجد عزيزة بجمالها و انوثتها ذات النهدين النافرتين رغم مرور اكثر من الثلاثين من عمرها , حيث يجعل القارىء يفكر هو الاخر في مضاجعتها بشخصيتها القوية و لحمها الطري و نهدها البارز و تصميها العارم و صراحتها الواضحة يجعل من اي قارىء ان يفكر ولو بخيال شاعري مرهف ان يتمدد على فراشها و يقضى ليست ليلة بل جل عمره مع تلك العاهرة البائسة الذكية بل النقية في روحها و سمحة في جمالها و العفيفة بسخائها . و الشخصيات المرحة الثلاثة البؤساء اصحاب العقول الذكية و كيفية تدبر امورهم و قرارهم القاطع بدخول الحياة العامة بعد ان كانوا مهمشين يعيشون في مقبرة متروكة منسية مع الاموات و جل همومهم هي كيفية تصريف الليل و بعدها الحصول على العرق لتكملة ليلة اخرى من ليالي العمر الطويلة بطول الدهر على صدورهم المنهكة من فلسفة الحياة الكئيبة المليئة بالرذائل التي تندى لها جبين كل من فكر بالكرامة في الحياة .
فالقارىء يحب كل الشخصيات حتى كامل افندي الضابط اللذي اغتصب عزيزة عشيقته و اصبحت عشيقتنا و كلنا نغار عليها و مع ذاك فنحن عليه عندما نراه ضحية حب اعمى و يصبح قاتلا من غير ان يريد او ان يقصد و سيصبح ابا بعد شهر او اقل , ناهيك عن زينة الجميلة التي تمر بالسوق الى مديرية الشرطة فتسمع تعليقات المارة و الباعة و تداعبها تعليقاتهم الجنسية و تحس بحرارة و فرك ما بين فخذيها و تشتهي بما تشتهي النساء في تللك اللحظة المحرمة في داخل السوق فتضل تداعب نفسها بخيالها الجنسي الى ان تصل الى مدير الشرطة و لحظة دخولها اليه ينتزع العباية و ترفع الثوب حيث تمارس الجنس بكل لذتها و اندفاعها القوي المثير و تصل الى حالة الاوركانيزم بقوتها او ربما بجوعها الى ممارسة جنسية نتيجة ابتعادها عنها منذ مدى والله اعلم .
فسياق الرواية هي الطابع السردى الجميل , و في لحظات حاسمة يلعب الكاتب على الوتر الحساس لدى القارىء المسكين المتعطش الى معرفة المزيد عما يدور و فى نقطة غير منتظرة يظهر المقتول في شقة عزيزة قبل سنة حيث لا يمكن ان يذهب خلد القارىء الى شخص معروف في الرواية ربما قد نساه و يكتشف القارىء بان المقتول هو صباح زميل كامل في كلية الشرطة و بيد كامل قتله من غير ترصد او سبق اصرار . هكذا قتله في لحظة غضب و من دون دراية و بعدها ندم , و هذه الحالات غالبا ما يحدث كحوادث عرضية غير مقصودة في جميع مجالات الحياة .
اما حالات تورط كمال بيك في مؤامرة و المسئولين الاخرين من موضفي الكبار في العاصمة لا احد يعلم ماذا ينوى ان يفعل ثلاثة اشخاص اتين من مقبرة لا يتكلمون الا مع الموتى فهي شاذة و كانت تحتاج الى كثير من المقدمات الاظافية لتحليل التحصيل . حيث مطاليبهم ليست مطاليب سياسية او مطاليب عامة كل ما في الامر قليل من المطاليب التي لا ياتي الى ذكرها بشكل واضح و جلي .
ثلاثة اشخاص لا هم لهم سوى قنينة العرق كيف يتغيرون الى مناضلين و يفكرون بتغير النظام و في قلب العاصمة بغداد وهم غير منتمين الى اي حزب سياسي او ان يكون لهم علاقات اقليمية او مخابراتية , هذه نقاط كان على الكاتب ان يفكر بكتابتها كثيرا و يدبر امورهم بخلفيات وفيرة من العمل السياسي مسبقا ولا يكفي انهم حصلوا على تعليم قليل فيما سبق و يكون باستطاعتهم تغير نظام دولة بلا سياسة دولية ولا هدف قومى ولا علم لهم سوى تغير ولاية البطيخ .
و ثم شىء اخر قد شد انتباهي الا و هي ان كتابات الدكتور زهدي الداوودى كلها تدور في اراضي كردستان و بين الفلاحين او عامة الناس بكل شرائحه حتى عندما تدور احداث بعض قصصه في الاقليم العربي من العراق ( رجل في كل مكان ) او ( وداعا نينوى ) فكان شخصيات قصصه كلهم اكراد لكي يعرب هو عن كرديته و يعطي طابعا كرديا الى قصصه , لا افهم لماذا اختار الدكتور في هذه الرواية جميع شخصياته عربية و جغرافية روايته عربية ايضا , فتعتبر هذه خسارة للثروة الادبية الكردية و يا للاسف ثم الاسف بعد الاسف .
كما ان هناك عبارات تكرر في اكثر من اماكن الا و هي ( انتشر الخبر كانتشار النار قي الهشيم ) هذه العبارة تتكرر ليس ققط في روايته هذه بل في كل رواياته و قي لماكن كثيرة .
و نقطة اخرى قي الرواية شد انتباهي الا و هي ان شمس لبدين و شلته قد حصلوا على اموال طائلة خلال مدة اقل من شهر و مضمون الرواية تقصد مدة اكثر من سنة و كذلك مرو الاحداث و الامور التي حصلت تشير الدلائل بوقوعها خلال اشهر بل تصل الى سنة ربما الا انه يكتشف بان كل تلك الامور و قعت و امراة كامل بيك بعدها قي الشهر التاسع و لم تولد بعدها بدليل الرواية تصل الى نهايتها و امراة السيد مدير الشرطة بعدها في الشهر التاسع . و هناك نقطة اخرى ذات اهمية قصوى يبدوا ان الدكتور لم يكن منتبه لها و هي :
ان عزيزة تركت اهلها وهي اكملت الدراسة الاعدادية أي بعمر 19 عاما اقل او كثر بسنة حيث قي تلك السنة التحقت بكمال و كان هذا مع زملائه في كلية الشرطة و في بداية الرواية عمر عزيزة قي الثلاثين أي بعد 11 او 12 عاما ولا يمكن خلال هذه السنوات العشر او اقل ان يكون أي ظابط ان يصبح مديرا عاما لشرطة بغداد حيث المعروف عن التسلسل الترفيعي لضباط الشرطة في العراق هي كل ثلاث سنوات ترفيع نجمة أي ان كمال بيك في ذاك التاريح يكون رتبته نقيب على اكثر تقدير و لا يمكن ان يكون ظابط برتبة نقيب ان يكون مدير شرطة عام بغداد .
كما ان الكاتب يغير وجه الابطال و توجهاتهم 180 درجة في نهاية الرواية حيث هم يفكرون في انقلاب و اقامة الثورة حتى اللحظات الاخيرة من الرواية الا انهم يتغيرون ولكي يتخلص الكاتب من تلك الهموم ينهي الرواية بكثير من التعجب لدى القارى حيث ينتظر نهايات غير تلك النهايات الذي اختارها الكاتب لكل الشخصيات .
بشكل عام بداية الرواية كانت اجمل و اكثر متعتة من نهايته الدرامية حيث ان جميع الشخصيات تصل النهاية و هم مهزومين او اناس متذبذبين او اناس بلهاء امثال دنخة و انور و صاحب المطعم و اكثرهم بلهاء و غبي هو مدير الشرطة اللذي لا يستطيع ان يفكر في اتفه المشاكل الا و طلب من شخص حرامي واثانية باغية و ثالث قواد في تدبير امره .
انا اكتب هذا التعليق و بعيد عن الرواية و الملاحظات التي دونتها مسندا ظهري الى ذكرياتى في الرواية ولكنى احس باني الى هنا و ذاكرتى انقرض في ذاكرة مدينة منقرضة .....................
و هل يعقل ذاك ....


اتمنى الموفقية و الاستمرار في الكتابة للدكتور زهدي الداوودي ......








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - ذاكرة مدينة منقرضة
زهدي الداوودي ( 2010 / 10 / 3 - 11:08 )
عزيزي عدنان
بدءً أشكرك لاهتمامك الكبير لما أكتب. وكل ما أرجوه هو أن أبقى عند حسن ظن القارئ، الذي يهم الكاتب قبل أي شيء آخر. إن القارئ العادي يتمتع بالقراءة. وأما الناقد فيكتشف. كان دورك أنت مزدوجا. كنت القارئ والناقد. القاريء يريد نهاية واضحة ومفرحة في سياق حكاية سلسة ممتعة ومعقولة. وأما الناقد فيبحث عن الاسباب التي أدت بالكاتب أن يكتب بهذا الشكل وعن أسباب اختياره لشخوص الرواية وعلاقتهم بالزمكان. أنا لا أريد هنا أن أدافع عن رواية -ذاكرة مدينة منقرضة- التي هي آخر أعمالي. ولكنني أجد لزاما علي توضيح بعض المسائل التي تهم القارئ الكريم:
- حاولت بقدر الامكان أن أختصر دون أن استرسل في الكلام الطويل. كان بامكاني كتابة 500 صفحة بدلا من 300 صفحة.
- اعتمدت في الكتابة هذه المرة على تجربة أدب اللامعقول في مواجهة الفساد والمحاصصة اللامعقولتين. كان المفروض أن تفهم ذلك جيدا أنت العائش في العراق. ألم تسمع بقصة تزوير الشهادات والتحول من مفلس إلى مليونير ومن جاهل، كان يحلم أن يشتغل كمراقب عمال، إلى منصب مدير عام؟ ألا ترى معي أن الوضع العراقي برمته يشكل لوحة لا معقولة، لا يمكن مواجهتها إلا بأدب اللامعقول

اخر الافلام

.. صباح العربية | الفنان السعودي سعود أحمد يكشف سر حبه للراحل ط


.. فيلم تسجيلي عن مجمع هاير مصر للصناعات الإلكترونية




.. جبهة الخلاص الوطني تصف الانتخابات الرئاسية بالمسرحية في تونس


.. عام على رحيل مصطفى درويش.. آخر ما قاله الفنان الراحل




.. أفلام رسوم متحركة للأطفال بمخيمات النزوح في قطاع غزة