الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


المتغيرات المناخية الأخرى لماذا يعد الكربون الأسود والأوزون أيضاً مسألة هامة (2)

هاشم نعمة

2010 / 10 / 3
الطبيعة, التلوث , وحماية البيئة ونشاط حركات الخضر


خطوة إضافية أسهل

ملمح مؤمل آخر يتعلق بانبعاثات الكربون الأسود ومكونات الأوزون والتي يمكن الحد منها بتكاليف منخفضة نسبيا وباستخدام التكنولوجيا الموجودة بالفعل. رغم اختلاف مصادر الكربون الأسود ومكونات الأوزون على المستوى العالمي، فإن معظم الانبعاثات يمكن خفضها بدون الحاجة إلى تحديد أو قصر النشاط الأساسي الذي يولدها. وهذا راجع إلى كونها لا تشبه ثاني أكسيد الكربون، حيث لا يمثل الكربون الأسود ومكونات الأوزون منتجات جانية أساسية لاستخدام الطاقة.

استعمال الوقود الاحفوري، خصوصاً الديزل، يكون مسؤولاً عن حوالي 35% من انبعاثات الكربون الأسود على مستوى العالم. إن تكنولوجيا تصفية الكربون الأسود تم اختراعها من قبل: لذلك فإن تصفية الديزل خصوصا في السيارات والشاحنات على سبيل المثال يمكن أن يخفض انبعاثات الكربون الأسود بنسبة 90% أو أكثر مع تخفيض غير جدير بالذكر في اقتصاد الطاقة. وقد قدرت دراسة حديثة لمنظمة بحث بيئية أمريكية غير ربحية بأن تجهيز الشاحنات بمليون من المصافي سيوفر نفس المنافع للمناخ في حالة منع أكثر من 165.000 شاحنة و5.7 مليون سيارة من السير في الطرق بشكل دائم لمدة عشرين سنة.

النسبة الباقية 65% من انبعاثات الكربون الأسود تكون مترافقة مع حرق الكتلة الحيوية- من خلال حرائق الغابات التي تحدث بشكل طبيعي، والحرائق من قبل الإنسان لتنظيف أراضي المحاصيل الزراعية واستخدام الوقود العضوي للطبخ، والتدفئة وللصناعات الصغيرة الحجم. الخيارات الأكثر نظافة بالنسبة للنشاطات الناتجة من صنع الإنسان موجودة. حيث تتمثل الخيارات الخضراء للمنازل باستخدام مواقد الطاقة الشمسية أو الغاز الناتج من النفايات العضوية، لكن التصاميم التي يتم تحديثها للمواقد المستخدمة للكتلة الحيوية تستطيع أيضاً وبشكل أساسي خفض انبعاث كمية الكربون الأسود والملوثات الأخرى. وتمثل بقايا المحاصيل الزراعية والخشب والفحم وفحم الخشب الوقود الأرخص لكن أيضاً الأقل كفاءة والأوسخ ولذلك تتجه المنازل لتبديلها حالما تتوفر خيارات أخرى يمكن الاعتماد عليها. إن تحدي خفض انبعاثات الكربون الأسود لا يكون مقنعا للناس للتضحية بأساليب حياتهم، بقدر ما يكون عليه الحال في إقناع الناس لخفض انبعاثات ثاني أكسيد الكربون. لذلك يكمن التحدي في جعل الخيارات الأخرى متاحة.

تنبعث معظم مواد الأوزون التي هي من صنع الإنسان من خلال العمليات الصناعية واستخدام الوقود الاحفوري، خصوصاً في قطاع النقل. لذلك يمكن خفض انبعاثاتها بواسطة جعل عملية الاحتراق أكثر كفاءة (مثلا، من خلال استخدام مواد إضافية لتحسين الوقود) أو بواسطة إزالة هذه الغازات بعد الاحتراق ( مثلا من خلال استخدام المحولات المحفزة). إن التكنولوجيا التي تقلل إلى أدنى حد من المواد المكونة للأوزون وتصفي أو تحلل الانبعاثات تستخدم بالفعل على نطاق واسع وهي تخفض مواد الأوزون في العالم المتقدم. لذلك فإن التنفيذ الأكثر حزما للقوانين التي تمنع استخدام الغازولين السيء والديزل ومواد أرخص وأوسخ سيساعد أيضا في خفض الانبعاثات.

ويستطيع التطبيق الكامل للتكنولوجيا الموجودة للسيطرة على الانبعاثات من خفض انبعاثات الكربون الأسود بنسبة حوالي 50%. وذلك سيكون كافيا لتعويض تأثيرات الاحترار لما يعادل عقد إلى عقدين من انبعاثات ثاني أكسيد الكربون. وخفض الأوزون الذي يسببه الإنسان في الطبقة السفلى من الجو بنسبة حوالي 50% سيكون ممكنا بواسطة التكنولوجيا الموجودة، وسيعادل حوالي قيمة عقد آخر. في أسابيع، سيقل تأثير الاحترار الناتج من الكربون الأسود، وفي أشهر، سيقل أيضاً تأثير الاحتباس الحراري الناتج من الأوزون. وفي عشر سنوات، سيتباطأ اتجاه الاحترار الكلي للأرض، المتمثل في تراجع الجليد البحري والجبال الجليدية. وسيكون الدليل العلمي لانخفاض انبعاثات الكربون الأسود ومواد الأوزون واضحاً.

الإمكانية السياسية

يمثل خفض انبعاثات الكربون الأسود والمواد المكونة للأزون، أيضاً، من الناحية السياسية مشروعا واعداً. فهو سيوفر منافعاً مهمة فضلاً عن أبطاء التغير المناخي، ويعطي الحكومات محفزات اقتصادية وتنموية من أجل خفض الانبعاثات. وسيكون لخفض مواد الأوزون منافع زراعية متميزة. حيث أن الأوزون يضعف غلة المحاصيل من خلال إتلاف الخلايا النباتية ويتعارض مع إنتاج الكلوروفيل وهو المادة الملونة التي تدخل في تركيب الصبغة التي تمكن النباتات من امتصاص الطاقة من أشعة الشمس. وقد قدرت دراسة حديثة بأن الخسارة الاقتصادية المرتبطة بها ( حسب الأسعار العالمية لسنة 2000) تتراوح بين14 مليار دولار إلى 26 مليار دولار، ثلاث إلى خمس مرات بالقدر الذي يعزى إلى ارتفاع درجة حرارة الأرض. بالنسبة لصانعي القرار السياسي وفيما يتعلق بالإنتاج والأمن الغذائي، هذه التأثيرات سيكون لها صوت مدون بعمق.

في البلدان التي مازال قسم كبير من سكانها يعتمد على وقود الكتلة الحيوية، فإن خفض انبعاثات الكربون الأسود من المنازل سيحسن الصحة العامة والإنتاج الاقتصادي. حيث أن تقريبا نسبة 50% من سكان العالم، و95% من سكان الأرياف في البلدان الفقيرة، تعتمد على الوقود الصلب الذي يشمل الكتلة الحيوية والفحم. ويرتبط تلوث الهواء في المناطق المغلقة بحوالي ثلث التهابات الجهاز التنفسي الحادة المميتة وسط الأطفال في عمر أقل من خمس سنوات، أو حوالي 7% من وفيات الأطفال على مستوى العالم. وتمثل أمراض الجهاز التنفسي المرتبطة بانبعاثات الوقود الصلب السبب الرابع الأكثر أهمية للوفيات في البلدان النامية ( بعد أمراض سوء التغذية والأمراض الجنسية غير المأمونة ومصادر المياه).

إن المشاكل الصحية هذه تديم الفقر. والتعرض للملوثات في وقت مبكر من الحياة يضر بنمو الرئة لدى الأطفال وأولئك الذين يعانون من أمراض الجهاز التنفسي تقل فرصهم في الالتحاق بالمدرسة. إن تلوث الهواء يترك الفقير الذي في الغالب يكسب مورد عيشه خصوصاً من العمل اليدوي في وضع أسوأ. وإجمالاً، يقدر أن العمال في الهند يفقدون 1.6- 2.0 مليار يوم عمل سنوياً نتيجة تأثيرات تلوث الهواء في المناطق المغلقة. لذلك سيعزز خفض انبعاثات الكربون الأسود من المنازل النمو الاقتصادي، وبالنسبة للنساء الريفيات والأطفال خصوصاً فإنه سيحسن الصحة العامة.

إضافة لذلك، تميل انبعاثات الكربون الأسود ومواد الأوزون لتكون ذات عواقب محلية، لذلك فإن موافقة الحكومات على استراتيجيات خفض الانبعاثات تكون أكثر احتمالاَ لأن هذا الخفض يحقق منافعاً محلية. بالنسبة لثاني أكسيد الكربون وغازات الاحتباس الحراري الأخرى التي تبقى لفترة طويلة وتنتشر على نطاق أوسع فإن انبعاثاتها تساهم حيثما كانت في الاحترار العالمي أي في كل مكان. بينما تكون تأثيرات الكربون الأسود والأوزون محصورة أكثر في النطاق المحلي. وعندما يدخل الكربون الأسود في البداية إلى الغلاف الجوي، فإنه ينتشر محلياً وبعد ذلك وفي غضون أسبوع يتبدد أكثر على المستوى الإقليمي قبل أن يختفي من الغلاف الجوي كلياً على شكل تساقط. أيضاً تكون مواد الأوزون محصورة أكثر في النطاق الإقليمي مقارنة بثاني أكسيد الكربون، رغم أن المستويات الأساسية للأوزون تتزايد في جميع العالم.

بسبب من أن تأثيرات الكربون الأسود والأوزون تكون في معظمها محصورة في نطاق إقليمي، لذلك فإن الفوائد المتأتية من خفضها ستستفيد منه بدرجة كبيرة المناطق التي يتحقق فيها الانخفاض. لذلك يشكل ذوبان جليد جبال هملايا والتبت تقريبا سبباً كافياً للبلدان الواقع في جنوب وشرق آسيا للشروع بعمل سريع لخفض انبعاثات الكربون الأسود. كذلك الحال، بالنسبة لتراجع الجليد البحري القطبي للدول المجاورة للمحيط المتجمد الشمالي. إن التجمعات الإقليمية تتوفر على فرص أكثر مقارنة بالمجموعات الكبيرة من البلدان في العمل على إقامة شبكات كثيفة من العلاقات الاقتصادية، والثقافية والدبلوماسية التي تدعم تسهيل المفاوضات الصعبة. علاوة على ذلك، أن كلا من الكربون الأسود والأوزون يمكن حصرهما أو احتوائهما من خلال تبني إستراتيجية محددة جغرافيا بسبب من أن الكثير من مصادر الكربون الأسود والأوزون تكون ثابتة إلى حد كبير. وحتى لو سعت دولة واحدة في المنطقة لتنظيم الانبعاثات، فإن الأنشطة التي تلوث البلاد من غير المرجح أن تنتقل إلى بلد آخر حتى مع وجود سياسات أقل صرامة – لكن هذا الأمر يمثل مصدر قلق مشترك فيما يتعلق باتفاقيات الحد من انبعاثات ثاني أكسيد الكربون.

الترجمة عن مجلة: Foreign Affairs, Volume. 88 No. 5, September/ October 2009









التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. لماذا لم تتراجع شعبية ترامب رغم الإدانة؟| #أميركا_اليوم


.. 10 شهداء بينهم أطفال وعدد من الإصابات في قصف استهدف منطقة رم




.. بن غفير: الصفقة تعني التخلي عن تدمير حماس فإذا ذهب نتنياهو ب


.. تشويه لوحة فرنسية شهيرة بسبب التقاعس بمواجهة التغير المناخي




.. تظاهرة في مدينة بينغول التركية دعماً لفلسطين وغزة