الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الآخرون وديمقراطيتنا

ساطع راجي

2010 / 10 / 3
مواضيع وابحاث سياسية


يمكننا اليوم ان نطرح بجدية التساؤل القاتل عما اذا كان المشروع السياسي للعراق الجديد بصفته الديمقراطية قد فشل، وربما لن تكون الاجابة صعبة حينما نضع في الاعتبار مستوى التدخل والتأثير الذي تمارسه قوى خارجية في ادارة النظام السياسي العراقي وترتيب مواقعه والتوسط في خلافاته بينما تقف تلك القوى الخارجية بعيدا تماما عن النظم الديمقراطية.
لقد أراد الامريكان ان يكون نقطة البداية لدمقرطة دول المنطقة في مشروعهم لشرق أوسط جديد، لكن المصير الذي صار العراق يقترب منه بسرعة وقوة، وهو التحول الى نقطة ضعف في المنطقة ومستنقع تتسرب اليه مشاريع قريبة وبعيدة، وساحة لممارسة النفوذ وجيب في ميدان المواجهات الاقليمية، مجرد جيب صغير تجري في اشتباكات امنية ودبلوماسية وصفقات سياسية، إنه انحدار فظيع للمشروع العراقي.
لقد أصبحت أصوات الناخبين خارج حلبة اللعبة السياسية التي افترض الناخبون انها ديمقراطية، وبدا تأثير زعماء الجوار أكثر تأثيرا والزاما وحسما في صياغة القرار الداخلي من أصوات الناخبين، وهو الامر الذي لا يعني فقط انهيارا للمشروع الديمقراطي للنظام السياسي بل يعني أيضا مقدمة لتمييع الدولة العراقية، وما يستدعي الاستغراب ويثير الحيرة ان القوى التي كانت تتحدث وتعمل وتقاتل من اجل اخراج الامريكان من العراق باعتبارهم قوة "محتلة" تشارك اليوم في تدشين وضع مربك للعراق تكون فيه البلاد تحت أكثر من احتلال ومن جهات ودول لا تخفي رفضها لوجود عراق قوي ومتماسك في المنطقة، كما انها لا تخفي خططها لا متصاص اكبر قدر من ثروة العراق بشتى الاعذار والحجج.
هيمنة القرار الخارجي في صياغة النظام السياسي العراقي، وتحديدا من نظم غير ديمقراطية، سيكون سلاحا سياسيا واعلاميا فتاكا في ايدي اولئك الذين يعتبرون الديمقراطية نظاما لا يصلح للشرق الاوسط والاهم انه سيكون سلاحا فتاكا في ايدي اولئك الذين لا يعترفون اصلا بشرعية العملية السياسية في العراق، وستدعو ظاهرة التدخل الخارجي بالمواطنين للتساؤل عن جدوى مشاركتهم في الانتخابات ما دامت النتائج تحسم في عواصم الدول الاخرى.
عندما يتدخل الساسة من الدول الاخرى في حسم القضايا الاساسية في العراق فأن تصور وقوف تأثيرهم او تدخلهم عند هذه القضايا فحسب هو من قبيل خداع النفس، كما ان اي مسؤول عراقي سيكون مدينا للقوى الخارجية التي مكنته من الحصول على موقعه في هرم السلطة، وعند تعارض المصالح سيكون موقف المسؤول العراقي ضعيفا امام القوى الخارجية التي اعتمد عليها سابقا، وهذا ما تجلى خلال السنوات الماضية حتى عندما تكون ارواح العراقيين وامنهم هي موضوع الجدل، حيث يجد المواطنون انفسهم بلا حماية سياسية فالساسة يتحزبون للدول الداعمة، فينغمسون في توجيه الاتهامات او التصدي لها، بهدف حماية متوجيهم ومموليهم.
ويبدي السياسي العراقي فرحا كبيرا بحصوله على اي دعم خارجي او عند استقباله من قبل اي مسؤول في دولة اخرى مهما كان حجم هذا المسؤول، فهو يعتبر هذا الدعم مرمما لما يعوزه من اصوات الناخبين او ما يحتاجه من اتفاق داخلي عليه.
لقد كان الدور الامريكي في بناء النظام السياسي الجديد في العراق ولسنوات عرضة للنقد رغم وجود اكثر من مبرر يشرعن الدور الامريكي المؤسس ورغم ان المبادئ الاساسية لهذا النظام المتعلقة بالديمقراطية تحديدا اعتمد وجودها وتنفيذها على الدعم الامريكي لها، لذلك لا يمكن بأي حال من الاحوال المساواة بين دور انصار الديمقراطية الذين اطاحوا بنظام صدام وتحملوا ماديا وبشريا وسياسيا كلفة تشييد النظام الجديد، مع دور اعداء الديمقراطية والمتربصين بالنظام السياسي للعراق.
النظام الاستبدادي يعني هيمنة فرد او مجموعة قليلة من الافراد او حزب واحد على مقدرات البلاد، اما النظام الديمقراطي فيعني ان مقدرات البلاد تحت نظر وادارة المواطنين، اما وضع الاحتلال فيعني ان تلك المقدرات في ايدي جهات او ساسة من دول أخرى، فأي وضع يعيش العراق؟.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. هل تدخلت أمريكا عسكريًا في عملية إسرائيل لإعادة 4 رهائن؟


.. مراسلنا: قتلى وجرحى من جراء استهداف الجيش الإسرائيلي مبنى سك




.. حزب الله يعلن استهداف مبنيين يتمركز فيهما جنود إسرائيليون في


.. الاتفاق الدفاعي بين الرياض وواشنطن يلزم السعودية بتطبيع العل




.. رئيس معهد أبحاث الأمن القومي: الضغط العسكري سيؤدي إلى مقتل ا