الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


مناطق للسلام وأخرى للفوضى : من يصمم خارطة المستقبل المغاربي؟

سعيد هادف
(Said Hadef)

2010 / 10 / 3
اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المغرب العربي


بعد انتهاء الحرب الباردة قسّم بعض العلماء الأمريكيين العالم إلى جزئين: "مناطق السلام" و "مناطق الفوضى"؛ فأما السلام سيكون من نصيب الغرب بينما الفوضى ستكون من حظ ما تبقى من العالم؛ هذا ما ورد في كتاب "صدام الحضارات" لصموييل هنتنغتون.

ومنذ عقدين من الزمن أكدت الأحداث وجاهة هذه القراءة الاستشرافية؛ فبمجرد أن بدأ الاتحاد السوفياتي في التفكك بدأت الفوضى تنتشر بانتظام فائق في عدد من البلدان.

ومظاهر الفوضى عديدة،يؤكد الكتاب: تلاشي السلطة الحكومية، تمزق الدولة، تفاقم النزاعات القبلية والعرقية والدينية، ظهور المافيا العالمية السفاحة، تضاعف اللاجئين إلى عشرات الملايين،، تكاثر الأسلحة النووية، وأسلحة الدمار الشامل، انتشار الإرهاب وارتكاب المجازر والتطهير العرقي..... هذه الصور، يقول المؤلف، لعالم في حالة فوضى كانت محل استشراف كتابين واسعي الانتشار صدرا سنة 1993، وهما كتاب " خارج النظام" لـ" زبغنيو بريجنسكي" و "عاصمة الجحيم" لـ" دانييل باترك".

أما المجال الحيوي للفوضى، حسب هؤلاء الخبراء، قد يفوق ثمانين بالمائة من جغرافيا المعمورة، وشيئا فشيئا أصبحت الفوضى تزحف على أجزاء من العالم العربي والإسلامي، كما لو أن الأقدار شاءت أن تكون الفوضى من نصيبه بعد أن نال كل شعب حظه من النعمة أو من اللعنة.

الفساد تجل من تجليات هذه الفوضى، بل أخطر تجلياتها وأكثرها فتكا، وكلما تمادت الدولة والمجتمع في الصمت عنه ازداد استفحالا كمرض ماكر ، وازداد جسد الدولة وهنا وهزالا.

عندما يجد المسؤول الفاسد والفاشل وعديم الكفاءة مجتمعا يرحب به ويعلي من شأنه فهذا قد يعني إما أن هذا المجتمع لا يعرف المعنى الحقيقي للفساد، ولا يرى في هذا الفساد فسادا؛ أو أنه لا يعرف كيف يحارب الفساد أو أن أفراده يطمحون في أن يحظوا ذات يوم بشيء من هذا الامتياز في ممارسة الفساد.

وليس هناك من يجرؤ على القول أننا أمة صالحة، فلسان حال هذه الأمة ينطق بكل أنواع الموبقات، ففي الوقت الذي انخرطت أوروبا في سياسة التقشف وازدادت حرصا على الشفافية وترشيد المال العام، تزداد مجتمعاتنا غرقا في وحل الفساد.

المغرب والجزائر الشقيقان المتنابذان طيلة الاستقلال، وإذا ما استثنينا المحاولات المغربية والملكية بالتحديد، فلا نجدهما يتعبان كثيرا لتجاوز جمود العلاقة بينهما، والسبب واضح، فالانشغال الذي يسيطر على أغلب المسؤولين هو كيفية الاستفادة الشخصية من المنصب بكل الطرق المشروعة وغير المشروعة، والممكنة والمستحيلة؛ وأكاد أجزم أن هؤلاء من كلا البلدين يتبادلون الخبرات في أساليب الفساد ويطورون العلاقات في ما بينهم دون أن يأبهوا للعلاقة بين الشعبين ولا حتى بين الدولتين.

ومن بين عشرات التقارير المحلية والعالمية التي تفضح الدينامية المعادية للدموقراطية في البلدين : من فساد وبيروقراطية وتضييق على الحريات و..... يكفي أن نشير إلى تقرير "هيئة السلامة المالية العالمية"، حيث صنّف الجزائر والمغرب من بين خمسة بلدان أفريقية هي الأنشط في تهريب الأموال. وتضم هذه الأموال مداخيل من الرشوة ونهب المال العام وتهريب البشر والمخدرات. ويكشف الواقع كما تكشف عدة تقارير التعاون بين أفراد شبكة الفساد بين البلدين؛ وإن كانت هذه الشبكة أكثر نجاحا وفاعلية في الجزائر، فإنها في المغرب تجابهها دينامية مضادة وإرادة قوية في محاربة الفساد. وتحتاج هذه الدينامية المعادية للفساد والمدافعة عن الحريات وحقوق الإنسان؛ تحتاج إلى تعبئة كل طاقاتها حتى تجعل من المغرب قلعة دموقراطية متقدمة ومؤهلة للخروج بالمنطقة من الفوضى التي باتت تناور على التخوم وتستعرض عضلاتها على أكثر من صعيد.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. إسرائيل تخطط لإرسال مزيد من الجنود إلى رفح


.. الرئيسان الروسي والصيني يعقدان جولة محادثات ثانائية في بيجين




.. القمة العربية تدعو لنشر قوات دولية في -الأراضي الفلسطينية ال


.. محكمة العدل الدولية تستمع لدفوع من جنوب إفريقيا ضد إسرائيل




.. مراسل الجزيرة: غارات إسرائيلية مستمرة تستهدف مناطق عدة في قط