الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


اختيار الوزراء.. ودور الجامعة

علي فاضل محسن

2010 / 10 / 4
اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق


تنتخبُ الشعوب الحرة رؤساء لها وممثلين من اجل ان يعملوا على تحسين واقعهم وتطوير مستوى معاشهم وسبل راحتهم واستقرارهم. على ذلك دأبت سيرة الامم عبر التأريخ، تختار من بينها من تضع فيه امانة القيادة والادارة والحكم، وليس شعب العراق بمنآى عن هذه السنن الطبيعية وان توقفت ارادته الحرة لسنين طويلة بضغط من الطواغيت في مراحله المتعددة.
يعود العراق اليوم ليمتلك من جديد كما كان في ا لماضي ما وهبه الله حقاً من حقوقه التكوينية، ارادةً حرّةً في الاختيار منبعها {ولقد كرمنا بني آدم..}.
اختار الشعب العراقي عام 2006 ممثلين له في مجلس للنواب كي يقوم هذا الاخير بتشكيل حكومة ترعى مصالح ناخبيه وتدير شؤونهم بما ينفعهم ويغدق خيرات البلاد عليهم واجيالهم.
ولكن تجربة اربعة سنوات من عمر هؤلاء الممثلين ـ الذين اجادوا التمثيل على مسرح الخدمات ـ قد اوضحت لكل ذي بصيرة انهم لم يحفظوا حق الامانة التي حملوها. فكانوا ومن اختاروهم من وزراء الاحزاب والاقارب والمصالح تجربة سيئة لمشاريع اسوء.
فكيف يمكن ان نضع اليوم معايير قد لا تُلزم احداً في كيفية اختيار السيد الوزير ليكون الرجل المناسب في المكان المناسب؟
يقول الخبير السياسي د. محمد السعدني: ان اختيار الوزراء في العالم كله يتوقف على وعي الوزير السياسي، فلابد على اي وزير ان يكون رجلاً سياسياً في المقام الاول، فلو تم اختيار وزير مهني كأساتذة الجامعات فلابد ان يكون له مماراسات سياسية.
ويضيف الدكتور السعدني بان الاضرابات والاعتصامات والمظاهرات زادت في الآونة الاخيرة بسبب غياب الوزراء السياسيين مشيراً الى ان ما يحدث هو نتيجة حتمية لما وصفهم بوزراء الصدفة والتربيطات والشلل وسيطرة وزراء رجال الاعمال الذين لا يشعرون بمعاناة الشعب ومأساته.
قد لا نختلف مع الخبير السياسي في ان الوزير ينبغي ان تكون له ممارسات سياسية بمعنى الاطلاع والرأي والتفاعل فالوزير هو ضمن المنظومة السياسية لأية دولة متمثلة بما يسمى بالحكومة.
ولكن قد نختلف معه في تقديمه لهذا الشرط وجعله في المقام الاول؛ فوزير الصحة على سبيل المثال لا الحصر عليه ان يكون طبيباً اكاديمياً له خبرة واسعة في مجال عمله في الصحة والطب والمستشفيات ولديه معرفة بكل هذه الاحتياجات وتطوراتها وما وصل اليه العلم من سبل تذليل الصعوبات في هذا المجال الخدمي الرئيسي في حياة الانسان وان تمتعه ـ اي وزير الصحة ـ بنسبة من المعرفة السياسية ستفيده بلا شك ولكنها لن تحتل ابداً المقام الاول في سلم اولويات عمله وزيراً للصحة يسعى لطوير الواقع الصحي لمواطنيه. وليس ببعيد عنه ما يجب ان يكون في وزير الزراعة والتعليم العالي والنفط والكهرباء وغيرهم.. وعلى ذلك يمكن قياس بقية الوزارات ذات الطابع الخدمي على الاقل وان كنت ارى ان الاختصاص سيؤدي دور الضوء الذي لن يترك للمسؤول مساحة معتمة في مجال عمله.
اذن فالاختصاص في المقام الاول تتبعها الخبرة في مجال العمل ولن ينجح هذا المعيار بدون عامل النزاهة في العمل والحسم في الادارة، فالضعف وعدم الشفافية كفيلتان بأن تحرف المسار الصحيح الذي يستهدفه الاختصاص والخبرة.
ولكن هذه المعايير نراها على الدوام ومن خلال تجاربنا الشخصية الحديثة في العراق والتجارب العريقة لاخوتنا العرب لا يتم الالتزام بها.
فلماذا لا يتم استشارة الخبراء في هذا المجال من اساتذة الجامعات؟ وهم اهل الحل والعقد في اسداء المشورة، بل لماذا لا يشير الدستور وهو الدرع الحصين لحقوق المواطنين وحفظ كرامتهم والوثيقة التي تؤسس البناء السليم لدولة عصرية ناجحة على تثبيت المعايير الصحيحة التي يتم بموجبها اختيار المسؤولين عن حفظ تلك الحقوق وذلك البناء؟.
هل ان امر تشكيل الحكومة وتنصيب الوزراء ليس بالامر المهم؟؟ او ربما ليس بالخيار الصعب!! ان تجربتنا بالامس القريب واليوم لاكبر دليل على بطلان هذا الادعاء، فالجميع يقفون اليوم وقفة الاسد من اجل الحفاظ على ما يرونه مكاسب شرعية لهم.
فكيف والحال هذه تستطيع الجامعة كمؤسسة اكاديمية علمية من خلال علمائها واساتذتها من تقديم النصح والمشورة وتسليط الضوء على معايير مثل الاختصاص والخبرة والنزاهة والادارة لنجاح عمل الحكومة وتحقيق مطالب الشعوب.
انه لامر في غاية الصعوبة مع هذا السباق المحموم الذي لم يحتل فيه الاستاذ الجامعي حتى مكانة الحَكَم واكتفى بان يكون مع المتفرجين بعد ان ادار السياسيون بوجوههم عنه.
يحتاج العراق اليوم ان تُقال عثراته وهي كثيرة، والجامعات العراقية الرصينة كفيلة بهذا الدور ان وُضعت في مكانها الصحيح.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. مدير مؤسسة -شوا-: الدعوات لمقاطعة إسرائيل وسحب الاستثمارات م


.. بوتين يقيل وزير الدفاع شويغو ويرشح المدني أندريه بيلوسوف بدل




.. بلينكن يحذر إسرائيل: هجوم واسع على رفح سيزرع -الفوضى- ولن يق


.. وزارة الدفاع الروسية تعلن السيطرة على 4 بلدات إضافية في خارك




.. الجيش الأوكراني يقر بأن موسكو تتقدم في منطقة خاركيف الأوكران