الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


1-أين أبوك؟

مرثا فرنسيس

2010 / 10 / 5
الادب والفن


1-أين أبوك ؟
يكبر الأولاد ويبدأ العش الذي كان يمتلئ بالحيوية والحركة ، الضحك والشجار ، الحب والتأديب ، يبدأ السكون بعد أن يأخذكل منهم خطواته نحو المستقبل ، العمل أو السفر والزواج والإنجاب وتربية الأولاد وتدور الحلقة ويخلو البيت على الأب المسنّ أو الأم أو كلاهما ،منفردين مع الوحدة وأمراض الشيخوخة وبعض الأمراض الأخرى التى تصيب الإنسان في أي مرحلة من العمر
وجاءت فكرة دور المسنين والتي في حد ذاتها فكرة جيدة تساهم في حلّ مشاكل هؤلاء الذين ليس لهم من يطرق عليهم الباب أياما بأكملها ورغم هذا لم تُقبل الفكرة بسهولة قد يرجع السبب الى أننا شعب عاطفي يقيس كل امور حياته حتى الهامة منها بمشاعره .
و كان التفسير الوحيد لها من قبل الأباء وايضا بعض الأبناء انها لاتعني الا جحود وعقوق الأبناء بعد كل هذا العطاء والتضحية التي يقدمها الوالدان فكيف يكون جزاؤهم ان يلقى بهم في هذه الأماكن ليقضوا بها ماتبقى من العمر ، بين الأمراض والأدوية والبعد عن الأحباء والأولاد والأحفاد
دور المسنين تختلف في المستوى حسب نوع ومقدار الخدمات التي تقدم للمسنّ وحسب مستوى المعيشة المتوفر داخلها ، بعضها اصبحت مشروعات استثمارية لايستطيع ان يلتحق بها الا من لهم أرصدة عالية في البنوك أومن لهم اولاد يعملون في دول الخليج ويكون لديهم استعداد لدفع هذه المصاريف المبالغ فيها والأكثرية العظمى ينطبق عليها مايقال عن المدارس والمستشفيات الحكومية بكل مآسيها ومايتعرض فيها الإنسان لأنواع من المهانة( وكل واحد على قد فلوسه )
بعض هذه الدور لاتقبل الا من يستطيع ان يخدم نفسه ، ولاتقبل المقعدين والعجزة ، والبعض القليل جداً يقبلهم بعد أن اصبحوا يحتاجون لمن يطعمهم ويحافظ على نظافتهم الشخصية ويحافظ على مواعيد الأدوية واسعافهم عند الأزمات المفاجئة .من المفترض ان تقوم هذه الدور بالرعاية الصحيّة والنفسية والثقافية والإجتماعية للنزيل ولكنها مسألة نسبية حسب مستوى الدار ورسوم الإلتحاق به .
اصبحت الفكرة مقبولة بشكل أكثر نسبيا بعد ان استسلم المسن لاحتياجه لمساعدة الغير، وهذا الغير ليس هو بالتأكيد الإبن أو الإبنة وبعض الأبناء وجدوها الحل السحرى لمشكلة هذا الضيف الذي يحتاج من يخدمه ويعطيه جرعات من الحبّ والحنان لم تعد متوفرة في هذه الأيام الصعبة ويمكننا القول انها اختفت وتوارت مع زحام الحياة والمسئوليات.
المشكلة التي يشكو منها كبار السن هي ان الأبناء وكأنهم يتخلّصون من حمل الوالدين بمجرد أن يضعونهم في دور المسنين فينسونهم وتتقلص علاقتهم بهم الى مجرد دفع فواتير الدار(اذا كانت حالة الوالد او الوالدة المسنة لاتسمح لهما بالإنفاق على مصاريف الدار) ومصاريف العلاج الذي يحتاجون اليه ، ولايفكرون مجرد التفكير في الإتصال التليفوني على أقل تقدير وكأنهم لايعلمون مدى تأثير هذه الدقائق التليفونية على أب أو أم يشتاق أي منهم لمجرد سماع صوت فلذة كبده ، ومع هؤلاء الأحباء نستمع لقصص سأترك لكم تقدير تأثيرها على نفس الأب والأم
احدهم أودع والده دار المسنين ، فزوجته لاتقبله في البيت وهو مشغول في عمله والأب يحتاج لمن يعد له طعامه ويعطيه أدويته فحركته بطيئة ثقيلة ويعاني من امراض الشيخوخة التي تجعله يشعر بالحرج وليس اصعب من احساس المريض انه أضحى ثقيلا على احبائه ، كان المسئولون في الدار يتصلون بالإبن تليفونيا اذا اشتاق الأب ان يراه او اذا تعرض لأزمة تعرض حياته للخطر ، ويكون من المهم تواجد ابنه الى جواره ساعات قليلة حتى تنتهي الأزمة ، اصيب الإبن بالملل من جراء هذا الإزعاج فكان يغلق تليفونه ليلا واعطى تعليماته للمسئولين بألا يتصلوا به الا في حالة وفاة الأب !!!!
زوجة شابة يرفض زوجها بل يمنعها من رعاية امها المسنة بعض الوقت بالإستعانة بخادمة مدربة على رعاية المسنين ولن تقدم أكثر من بعض الوقت !!!و بعض المشاعر الحنونة والإهتمام الذي تعتبره حق لأمها عليها تضطر للإذعان للزوج وتذهب لرؤية امها خلسة بدون علم زوجها ،وهذا يجعلها تقضي بعض الدقائق التى لا تتعدى نصف الساعة على أكثر تقدير مع الأمّ التى تشعر بالحياة والوجود عند رؤيتها لإبنتها
احد المسنين في حديث معه يقول انه يشتاق لبيته وسريره وحمّامه وليس له اي مطالب اخرى غير ان يعيش ماتبقّى من عمره في المكان الذي قضى فيه اجمل ايام حياته.ويسأل لماذا عليه ان يحتمل الإحساس بالغربة وتسوّل مشاعر الإهتمام والحنان من أولاده ، هل من الصعب ان يعطيه كل ابن من أولاده بعض الوقت !!
أب فكر ان يعفي ابنه من حساسية الموقف رغم قدرته المالية على استدعاء ممرضة لتعتني به في بيته،لإحتياجه للمساعدة وفكر ان يذهب بنفسه الى دار المسنين متوقعاً ان يقدّر الإبن هذا الموقف فلن يحمله اي مسئولية تجاهه فقط يحتاج حبه وحنانه وسؤاله عنه ولو كان سيزوره مرة كل اسبوع فهذا يكفيه ، الأب يبكي غير مصدِّق ان ابنه استطاع كل هذه السنين ان ينسى اباه ولم يفكر في زيارته مرة واحدة خلال ثلاث سنين وحتى بعد أن انجب لم يفكر خلال هذه المدة ان يذهب بطفلته ليراها جدها، وهذا بكل تأكيد سيفرح قلبه وينسيه تعب ووحدة السنين .كان الأب يتصل بإبنه ليطمئن عليه وكثيرا ماتردّ زوجته قائلة انه في العمل او انه نائم او ترد الخادمة قائلة : انهم في سفر .
مايحتاج اليه المُسنّ هو حب واهتمام ابنائه ، بعد كل هذه السنين من المعاناة والتى انتهت به مريضاً مسناً ليس له يد في طول العمر واصابته بالأمراض ، قد تفرحه دقائق قليلة يقضيها مع ابنائه وسؤالهم عن حاله واحتياجاته، قد يحكي لهم بعض المتاعب التى ينظر لها الأبناء على انها تافهة ولسان حالهم ماذا يريد هذا الرجل اكثر من تسديد كل احتياجاته من مأكل ومشرب وغسل ملابسه ونظافته الشخصية وادويته ؟ وهم ينسون او يتناسون انه انسان
لنا نحن الأبناء : يتوقع المُسنّ في هذه المرحلة ان يأخذ مقابل سني عطائه الطويلة ويتوقع ان يقابَل بالعرفان والتقدير بعد أن أفنى حياته من أجلهم
يحدث للمسن قصور في السمع والبصر وعلينا ألا نعلّق كثيرا على هذا بل نحدثهم بصوت مرتفع ومفهوم مع مراعاة ان احساسه بهذا القصور مؤلم
كم من ساعات نقضيها امام التليفزيون او مع الأصدقاء او مع عالم الأنترنت المتسع ، ماذا لو قررنا الأستغناء عن بعض هذه الساعات وليس كلها وذلك لتقديم لمسات حانية رقيقة لآمهاتنا وآبائنا، ماذا لو علمنا أولادنا محبة كبار السن والرحمة بهم ،ماذا لو تعلموا من سلوكنا الطبيعي تقدير الوالدين والعطف عليهم والرحمة بهم ، ماذا لو استطعنا ان نفعل هذا ايضا مع أباء ازواجنا او زوجاتنا ، ليس فقط لأن لهم علينا حق يساوي كل سنين العمر ولا لأنه واجب سنقدم عنه حساب ولكن فقط لأنهم بشر ، يكبر الإنسان فيعود كصغره ، يفرح بسرعة وتنهمر دموعه بسرعة ،يفرح بالحلوى واللمسة والكلمة الطيبة ، ينسى الجفاء والقسوة بزيارة يُغلّفها الحُبّ الصادق من القلب
محبتي للجميع








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - منتهى الانسانية
زهير دعيم ( 2010 / 10 / 5 - 09:02 )
الكاتبة المبدعة والاخت الغالية مرثا..
كعادتك مبدعة تحملين قلبا كبيرا مفعما بهموم البشر.
موضوعك مؤثّر..انساني وابن الساعة في الشرق.
دمت مبدعة


2 - شموع الرب
سالم الياس مدالو ( 2010 / 10 / 5 - 16:42 )
شموع الرب ستضيئ دوما دربك
ايتها الانسانة مرثا فرنسيس ذي القلب
النابض بالرافة و بالمحبة والعطاء
ودمت كاتبة مبدعة .


3 - القضية قضية أخلاق يا أخت مرثا
مريم نجمه na ( 2010 / 10 / 5 - 20:57 )
عزيزتي مرثا فرنسيس كل الحب لك ولقلمك الجميل ومواضيعك الإنسانية .
هذا العصر عصر الأنانية والغرور والفساد والكذب والتلون والإنحطاط الاخلاقي والسياسي والإجتماعي وووو الخ
الأخلاق هي بنت المجتمع فمجتمعاتنا العربية كأنظمتها وقادة أنظمتها الفاسدة الإستبدادية الفاقدة كل حب وشريعة وقانون سوى قانون الغاب والقوة والنهب والمصالح والتسلط فالناس تقلد وتحذو حذو قادتها ومسؤوليها .. فأين الغرابة !؟؟
موضوع هام , وقيّم , والسبب في إعتقادي هو نقص في التربية والأخلاق والثقافة الإنسانية الحقيقية العميقة وليست السطحية وعبادة القشور ..
سلامي ومحبتي لك مرثا وللأخت ليندا كبرييل , وشكراَ للإطمئنان عنا ,, لم يصلني منها أي إيميل ..


4 - مرحبا ً مرثا اختى العزيزة
سفير فريد المصرى ( 2010 / 10 / 5 - 21:01 )
تذكرت قصة صغيرة سمعتها منذ فترة ليس بالكبيرة اسمحى لي ان ارويها لكى جميعا نستفاد منها . حدث ان اسرة ما تتكون من الاب والام
والابن الصغير فهو الابن الوحيد لدى هذه الاسرة والجد والد رب هذه الاسرة وعندما كبر الطفل وبدء ان يدرك ما يراة وفى احد الايام وقت تجمع الاسرة وتناول الغذاء تفاجئ الطفل الصغير ان الام وضعت لجميع من يجلس على المنضدة اطباق من الصينى ووضعت للجد طبق من البلاستك ويالا الدهشة للطفل لقد وجد ان الطبق الذى وضعته امة للجد هو طبق الكلب وعندما سأل الطفل والدة لماذا يا أبي وضعت امى الاكل لجدى فى طبق الكلب قال له الاب ان جدك قد كبر نخاف ان نضع له الاكل فى اطباق صينى لانة قد كبر فى السن فوضعنا له فى هذا الطبق البلاستك
فحزن الطفل من هذه المعاملة ولكنة نظر الى والدة وقال لة . فقط اريد يا ابى ان تذكرنى ان لا اتخلى عن ( طبق الكلب ) هذا حتى اضع لك الاكل فية عندما تصبح كبير مثل جدى . اشكرك وارجو ان يكون وصل معنى هذه القصة للجميع شكرا مرثا


5 - شكر وتقدير للأحباء
مرثا فرنسيس ( 2010 / 10 / 6 - 13:18 )
أخي واستاذي العزيز زهير دعيم : محبتي واحترامي لشخصك
لولا القلوب التي ذاقت المحبة والرحمة كقلبك استاذ لم يكن من الممكن استمرار العالم شكرا لك

أخي الأستاذ الفنان سالم الياس : محبتي وتقديري وكل احترامي لك
شكرا لمشاعرك وتعضيدك دمت لي أخا عزيزا

الصديقة العزيزة استاذتي مريم : محبتي وتقديري لشخصك الغالي
عوامل كثيرة في يومنا الحاضر قتلت المشاعر وقضت على الكثير من العلاقات الإنسانية
شكرا استاذة

العزيز سفير فريد : قصتك معبرة وليتنا نتعظ فكل ابن سيأتي له اليوم الذي يكون يه أبا
تقديري لمرورك وتعليقك شكرا لك


6 - الغالية مرتا، موقظة الضمائر النائمة
Jenny hayek ( 2010 / 10 / 6 - 23:55 )
دوما تطرقين موضوعات إنسالية مهمة جدا موجودة في مجتماعتنا
بالرغم من وجوب عدم وجودها
وهنا بموضوعك (( أين أبوك ))من العار والعيب أن يكون لأنسان أب أو أم هما بحاجة ماسة
لرعاية اولادهما والأولاد يتهربون عمداً عن خدمتهما
أو حتى السؤال عنهما وهما في في دور المسنين
ناسين الأولاد تماما انه بعد عدة سنين سيكون مصيرهم كأبويهم الشيخوخة ستلازمهم
فواجب الأولاد تجاه الأبوين واجب ديني
أكرم أباك وامك
وواجب إنساني
كاتبتنا العظيمة مرتا
لك كل الحب والاحترام


7 - عزيزتي jenny تحية لكِ
مرثا فرنسيس ( 2010 / 10 / 7 - 15:57 )
شكرا لمرورك اللطيف
اتفق معك في ماتفضلتِ به
تقديري واحترامي

اخر الافلام

.. عادل إمام: أحب التمثيل جدا وعمرى ما اشتغلت بدراستى فى الهندس


.. حلقة TheStage عن -مختار المخاتير- الممثل ايلي صنيفر الجمعة 8




.. الزعيم عادل إمام: لا يجب أن ينفصل الممثل عن مشاكل المجتمع و


.. الوحيد اللى مثل مع أم كلثوم وليلى مراد وأسمهان.. مفاجآت في ح




.. لقاء مع الناقد السينمائي الكويتي عبد الستار ناجي حول الدورة