الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


من يقنع الآخر؟

محمد السهلي

2010 / 10 / 5
القضية الفلسطينية


يسعى الرئيس الأميركي أوباما لأن يقنع نتنياهو بتمديد فترة تجميد الاستيطان المزعوم ستين يوما ولمرة واحدة مقابل تعهدات أمنية أميركية بعيدة المدى.
وقبل أن يستخلص البعض أي مؤشر إيجابي من هذه المحاولة، أوضحت مصادر أميركية رفيعة المستوى أن المقصود هو التجميد في المستوطنات الواقعة ضمن الحدود المتصورة للدولة الفلسطينية.
وبالرغم من هذا التصريح أشارت مصادر مقربة من نتنياهو بأن رئيس الوزراء الإسرائيلي يرفض المسعى الأميركي مؤكدا بأنه لن «يكسر» كلمته التي تعهد من خلالها بعدم تمديد التجميد يوما واحدا.
ومن الواضح أن إدارة أوباما تسعى للحصول على أي إيحاء إسرائيلي يفهم منه ولو تجميدا رمزيا للاستيطان لتقديمه كرسالة ذات مغزى، على أبواب اجتماع لجنة المتابعة العربية الذي قال الرئيس عباس بأنه سيعطي إجابته النهائية بشأن المفاوضات بعد انعقاد اجتماع هذه اللجنة.
فهل تنجح الإدارة الأميركية في مسعاها أم أنها تلتفت مجددا لتحقق مطلبها باستمرار المفاوضات من سلة الموقف الفلسطيني بمساعدة لجنة المتابعة؟
سلطت مصادر إعلامية إسرائيلية الضوء على الضمانات الأمنية الأميركية بعيدة المدى التي عرضت على نتنياهو ورفض مقايضتها بتمديد قرار التجميد ولخصتها على النحو الآتي:
أولاـ تزويد إسرائيل بسلسلة من الوسائل القتالية المتطورة قبيل التسوية الدائمة مع الجانب الفلسطيني.
ثانيا ـ تتعهد الإدارة الأميركية بأن تحبط كل مبادرة عربية تطرح مسألة الدولة الفلسطينية في مجلس الأمن.
ثالثا ـ وتتعهد أيضا بمنع الجانب الفلسطيني من أن يطرح مرة أخرى موضوعة المستوطنات خارج جلسات المفاوضات المباشرة.
ربما لا يرى نتنياهو نفسه وحكومته أنهم بحاجة إلى مقايضة تجميد الاستيطان بأية مغريات أخرى على اعتبار أنه ينظر إلى موضوعة الأمن من زاوية ترتيبات تستدعي استحقاقات جغرافية من أراضي الضفة الفلسطينية، بما يعني تواجد الجيش الإسرائيلي وأجهزته الأمنية على الحدود مع الأردن وفي مواقع مختلفة من أنحاء الضفة، بما يكفل السيطرة الأمنية الإسرائيلية المطلقة على نشاط الدولة الفلسطينية العتيدة من جهة، ويرسم حضورا عسكريا مساندا لشبكة الاستيطان التي يسعى لإبقائها في أراضي الضفة وضمها إلى إسرائيل. أما مسألة تزويد إسرائيل بأسلحة متطورة فهي برأيه من لوازم العلاقة الوطيدة بين واشنطن وتل أبيب من أجل مواجهة «الأخطار المشتركة».
وقد وجد نتنياهو في الدعوة الأميركية لتجميد الاستيطان في المناطق المتوقع أن تكون ضمن الدولة الفلسطينية على أنها تحديد مسبق لموضوعة الحدود. وهو لا يقبل بحسب مواقف سابقة، أن يتم ذلك قبل ترسيم الترتيبات الأمنية الإسرائيلية. هذا من جهة ومن جهة أخرى، يربط رئيس الوزراء الإسرائيلي أي حديث عن حدود الدولة الفلسطينية بالتوصل إلى اعتماد نسب «سخية» في موضوعة تبادل الأراضي وهو بذلك يود أن يحشر المفاوض الفلسطيني ويبقيه في موقع العاجز. فالمتوالية السياسية التفاوضية بحسب نتنياهو تبدأ بالأمن وتمر بنسب التبادل، إلى أن تنتهي أخيرا بالحدود في إطار المعادلة التي يكون قد حققها على الأرض وقبض ثمنها على مائدة المفاوضات المباشرة. وبهذه الطريقة وبحسب التصور الإسرائيلي أيضا، يكون قد وضع نقاط علام رئيسية على طريق الوصول إلى اتفاق إطار وتسوية انتقالية بعيدة المدى بما يخص معظم القضايا الرئيسية للصراع.
يتعامل هنا نتنياهو مع المطلب الأميركي بمماطلة مقصودة بهدف استثمار فترة الأيام القليلة التي تفصل ما بين العرض الأميركي وموعد انعقاد لجنة المتابعة العربية (4/10)، مراهنا على ما ألفه من تراجع محتمل في الموقفين العربي والفلسطيني على اعتبار أن الذي يهدد استمرار المفاوضات هو المفاوض الفلسطيني، الذي رفع من وتيرة مطالبه ولهجتها في سياق المفاوضات وليس قبل انعقاد جلساتها. وبالتالي بحسب نتنياهو فإن الذي يتحمل مسؤولية إفشال المفاوضات هو الجانب الفلسطيني وهو الذي يجب أن تتوجه نحوه المطالب والضغوط الأميركية والدولية.
على المقلب الفلسطيني يراهن المفاوض على نجاح إدارة أوباما في الحصول على تعهد بتجميد الاستيطان أثناء المفاوضات وهو لن يرفّض (على الأغلب) تخفيض سقف توقعاته بتجميد لفترة أقل من ذلك وسيتعامل معه كإنجاز استطاع تحقيقه للمرة الأولى بعد سلسلة متتالية من التراجعات في المواقف المعلنة. ونظرا لصعوبة تحقيق ذلك تبقى أمامه المحاولة الأخيرة وهي الاستقواء في لجنة المتابعة العربية وهو احتمال ضعيف لأن المشكلة لا تكمن فقط في تراجعات المفاوض الفلسطيني بل وأيضا وقبل ذلك في غياب الموقف العربي الذي يفترض أن يدعم سابقا والآن المطالب الفلسطينية بشأن الاستيطان. وسبق لهذه اللجنة أن واكبت الضغوط الأميركية والعربية وانضمت إليها من أجل بدء المفاوضات بشكليها المباشر وغير المباشر وتراجعت كما المفاوض الفلسطيني عن المطلب الأهم وهو تحديد مرجعية المفاوضات باعتبارها السكة اللازمة التي تؤشر إلى وصول المفاوضات إلى حلود تأخذ بنظر الاعتبار الحقوق الوطنية للشعب الفلسطيني. والمؤسف أننا نستمع إلى تصريحات معقولة بشأن الاستيطان ومستقبل المفاوضات لكنها لا تأتي إلا على إيقاع تصريحات أوباما التي يريد فيها رفع نسبة التفاؤل عند العرب والفلسطينيين ليس إلا.
قلنا سابقا بأن الموقف من الاستيطان وربطه باستمرار المفاوضات أو مغادرتها يفقد قوته ومنعته طالما بقي في حدود التصريحات الإعلامية. وطالبنا بأن يرسم هذا الموقف في إطار الهيئات الوطنية كالتزام غير قابل للتراجع تحت أي شكل من أشكال الضغوط وهي متوقعة.
وحتى لا يبقى الموقف من المفاوضات معلقا على مشجب التصريحات الأميركية والإيحاءات الضمنية الإسرائيلية، فإن ما ينبغي تظهيره في إطار المهمات الوطنية المباشرة هو الالتفات الجدي إلى الوضع الفلسطيني الداخلي. وإذا كان اللقاء الذي جرى مؤخرا بين حركتي فتح وحماس مؤشرا لإرادة توافرت لدى الحركتين في القطع مع تداعيات الانقسام تمهيدا لإنهائه، فإن هذا يجعلنا نشدد الدعوة من أجل تعزيز الجهود الوطنية والشقيقة من أجل استعادة الوحدة وعدم إخضاع هذه المهمة الوطنية الكبرى وتقزيمها ضمن معادلات المحاصصة، لأن استهلاك الوقت وتبديده من أجل حصول هذا الطرف أو ذلك على مكسب هنا أو هناك يبعد هذه الجهود عن هدفها الأساسي الذي هو، ومن خلال استعادة الوحدة، إعادة الاعتبار للمشروع الوطني التحرري وتوحيد إمكانيات الشعب الفلسطيني في الوطن ومواقع اللجوء والشتات على طريق إنجاز الحقوق الوطنية.
نقول هذا لأن أية انتكاسة على طريق استعادة الوحدة الوطنية بعد الحديث عن مؤشرات إيجابية بهذا الشأن، ستفاقم الوضع الفلسطيني وتزيد من الاحتقان الذي يعانيه وربما يحكم مسبقا بالفشل على أية جهود ستبذل لهذا الغرض في المستقبل القريب. كما يستدعي الأمر تحقيق انفراجات جدية في كل من الضفة وغزة في سياق التخلص المطلوب مما تراكم من مؤشرات الانقسام وتداعياته وزرع الثقة والطمأنينة لدى الفلسطينيين أينما كانوا وتعزيز تفاؤلهم بقرب انزياح كابوس الانقسام.
ومن جانب مكمل، تنهض أمام كافة أطراف الحوار الوطني الفلسطيني مسؤوليات كبيرة بهذا الشأن وتشديد الضغط على الحركتين من أجل ربط أية تفاهمات بينهما بقرارات الحوارات الوطنية الشاملة التي جرت بدءا من وثيقة الوفاق الوطني وقرارات إعلان القاهرة ومساحات التقاطع التي ظهرَّها الحوار الشامل في شباط ـ آذار 2009 والبناء عليها من أجل أن تأتي استعادة الوحدة في إطار إصلاح النظام السياسي الفلسطيني ومغادرة الواقع الذي أنتج عوامل الانقسام وتداعياته الكارثية.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. بين أنستغرام والواقع.. هل براغ التشيكية باهرة الجمال حقا؟ |


.. ارتفاع حصيلة القتلى في قطاع غزة إلى 34388 منذ بدء الحرب




.. الحوثيون يهددون باستهداف كل المصالح الأميركية في المنطقة


.. انطلاق الاجتماع التشاوري العربي في الرياض لبحث تطورات حرب غز




.. مسيرة بالعاصمة اليونانية تضامنا مع غزة ودعما للطلبة في الجام