الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


(5) النظام الملكي بين الدكتاتورية الواقعية و الديمقراطية التلفزيونية ..!

جاسم المطير

2010 / 10 / 5
مواضيع وابحاث سياسية


منهج تضييع الحقائق في الدراما التاريخية / آخر الملوك نموذجا
(5) النظام الملكي بين الدكتاتورية الواقعية و الديمقراطية التلفزيونية ..!
لأنني أؤمن أن التاريخ ، في جوهره ، هو فن الرواية لكل ماض ٍ يثير الذهن ، بما في ذلك ما يحمله ويعرضه من (قاعدة ) و(استثناء) أو من (سلب) و(إيجاب) . لكن يبقى الشغل الشاغل للمؤرخ الأمين هو أن يطلع المواطن على حياة الناس ضمن تاريخ الشعوب أو تاريخ أبطالها أو حكامها وهذا يقتضي من المؤرخ أن ينتقي الأحداث (النموذجية) وإخضاعها إلى (التحليل المبدع) لعرض المعلومات بدقة أمام القراء . هل فعل السيناريست المؤرخ فلاح شاكر وفق هذه القيم التاريخية في مسلسله التاريخي (آخر الملوك) ..؟
لا بد من القول ، أولا، أنني لا اشك في نوايا بعض المؤرخين العراقيين والانكليز وغيرهم من واقع أن الملك اليتيم فيصل الثاني لم يكن له دور قيادي في شئون ( المملكة) لا قبل تتويجه ولا بعده . ففي المرحلتين من عمره كان الطفيليون المسيطرون بقيادة نوري السعيد هم المتحكمون والحاكمون . لم يكن فيصل الثاني بعد تتويجه سوى روبوت ملكي يتحرك آليا . لم يشهد له التاريخ السياسي العراقي خلال فترة حكمه 1953 – 1958 بأي موقف وطني شامل على الإطلاق رغم أن سيناريو آخر الملوك حاول بطريقة ساذجة جدا مثيرة للضحك عندما قدم مشهد تصفح الملك فيصل الثاني لملف صور صفقة الطائرات الأمريكية التي كان يراد تزويد القوة الجوية العراقية بها ، وقد أبدى فكرة رفضها ـ رغم أن فيصل الثاني ليس مهندسا ميكانيكيا وليس عالما فيزيائيا ـ لأنها طائرات مصنوعة للأجواء الأوربية الباردة وليست للأجواء العراقية الحارة ، كما قال في المشهد التلفزيوني ..!. هذا الاعتراض ذكرني بنكات كثيرة عن ارتفاع حرارة سيارة الموسكوفج الروسية التي قيل أنها صنعت لروسيا الثلجية وليس لأفران الطقس العراقي..!
لا بد من القول أيضا أن واقعة مقتل الملك فيصل الثاني يجب أن تدان تاريخيا لأنها جريمة من العوارض العسكرية وليست من العوارض القانونية التي تميز خلال محاكمة شرعية تمييزا عادلا بين مرتكب الجريمة بحق الشعب العراقي وبين الرجل العاجز المتفرج عليها .
المؤرخ كسائر الناس سواء كان سيناريست أو مشرفا على مسلسل هو مسئول عن تقديم عوارض زمانه بصدق الظاهرة والشواهد والوثائق .
ربما يكون من الصواب النظر إلى الملك اليتيم فيصل الثاني ببعده عن الجرائم الكثيرة التي ارتكبتها (دولة المملكة) بحق الشعب العراقي . ولأن السيناريست قاصر ، كما يبدو ، عن التاريخ السياسي وعن الوعي الشعبي فأنه أراد بمسلسله تبرئة الملك فيصل الثاني من سيئات النظام الملكي وجرائمه لكنه برأ كل المتهمين بجرائم العهد الملكي وفي مقدمتهم نوري السعيد والوصي عبد الإله معتقدا أن ذلك العهد كان ديمقراطيا .
هنا أورد مثلا من أمثلة وقوع السيناريست بخطأ تاريخي لا يغتفر هو إغفاله الوضع الناتج عن فيضان بغداد الذي أظهره المسلسل بأن المملكة تجنبته بحكمة إجراءاتها وبتطوع المقاول أبو جعفر( الذي قام بدوره الفنان المثالي القدرة سامي قفطان ) بمبالغة المشهد التلفزيوني لتقديم (الطبيخ) لبعض الناس الجائعين من مشردي الفيضان بينما الواقع الذي عاشه العراقيون بتلك الفترة وما بعدها يثبت عكس ذلك ، فقد نشأت أرضية فقر مدقع نتيجة ذلك الفيضان ما زالت آثاره قائمة حتى اليوم ، كما أوجدت زحفا وتغييرا ديمغرافيا في مدينتين كبيرتين هما البصرة وبغداد ، كذلك ألحقت ضررا كبيرا بواقع التركيب الطبقي في الريف الجنوبي . مع الأسف أن المسلسل تناول الفيضان برؤية توزيع الدولمة والطبيخ وهي رؤية غاية في السذاجة حتى ولو كان هدفها السامي إظهار وحدة الشعب العراقي عند مجابهة الكوارث .
أورد هنا نص الفقرة السادسة من البرنامج الانتخابي للجبهة الوطنية المتحدة التي ضمت حزب الاستقلال والوطني الديمقراطي والحزب الشيوعي وممثلي العمال والمحامين والشباب والطلاب ورابطة المرأة و الفلاحين ، التي نشرت بيانها في 12 مايس 1954 حيث قالت وطالبت بـ(العمل على إزالة الآثار الأليمة التي خلقتها كارثة الفيضان وذلك بإسكان المشردين من ضحايا الكارثة وتعويض المتضررين وتأليف لجنة نزيهة محايدة لتحديد مسئولية المقصرين واتخاذ كل ما يلزم لدرء الفيضان في المستقبل ) انظر جريدة صوت الاستقلال العدد 1857 في 13 مايس 1954 . لكن لا حكومات البلاط الملكي أولت انتباها لهذا المطلب ولا سيناريو آخر الملوك الذي أشار سطحيا فقط إلى رفض الملك فيصل تنفيذ اقتراح قدم إليه بالذهاب إلى سرسنك حفاظا على حياته من أخطار الفيضان .
كانت الجبهة الوطنية الموحدة جبهة انتخابية (كنت ممثلا للطلاب في فرعها بالبصرة) مهمتها الأساسية خوض الانتخابات النيابية التي أعلن عن إجرائها في 9 حزيران 1954 . كانت الانتخابات معركة ضارية بين العناصر الوطنية الديمقراطية وبين أنصار البلاط الملكي . كان التدخل الحكومي السافر قد تجاوز كل القيم حتى وصل إلى إشاعة الإرهاب البوليسي الواسع بزج مؤيدي الجبهة الوطنية في المعتقلات والسجون ، وقد دونت في مذكراتي الشخصية عن تلك الانتخابات الشيء الكثير من عدوان البوليس على المرشحين والمؤيدين في الجبهة الوطنية ، حيث كنت قريبا من المعركة الانتخابية وداخلها بالبصرة بعد اختياري ممثلا عن المرشح عبد الأمير العرادي وناطقا رسميا باسمه رغم أنني كنت مطاردا من قبل البوليس بصدور أمر إلقاء القبض عليّ بسبب نشاطي الانتخابات ذاته .
رغم كل أشكال الضغط والتزوير والإرهاب فقد فاز عدد من مرشحي الجبهة الوطنية من الشخصيات الوطنية ، هم كل من محمد مهدي كبة ومحمد صديق شنشل وكامل الجادرجي وخدوري خدوري وعبد الجبار الجومرد وذنون أيوب ومحمد حديد ومسعود محمد وجعفر البدر وحسين جميل .
كان حزب نوري السعيد قد أحرز 56 مقعدا في مجلس النواب من أصل 135 وكان الفوز في اغلبها قد أحرز بالتزوير وبالمال السياسي . لذلك كلف نوري السعيد بتأليف الوزارة بعد استقالة رئيس الوزراء ارشد العمري الذي أجرى الانتخابات .
أول شيء فرضه نوري السعيد على البلاط الملكي خلال اجتماع الوصي به في باريس الذي أظهره السيناريست أن الاجتماع كان مجرد محاولة لإنهاء (زعل) نوري السعيد بينما اشترط نوري السعيد ، في جوهر موقفه ، شروطا كثيرة لعودته إلى رئاسة الحكومة منها (1) حل المجلس النيابي الذي فازت به المعارضة بعشرة نواب و(2) إجراء انتخابات جديدة و(3) حل الأحزاب السياسية و(4) إلغاء الصحف . وقد وافق الملك فيصل الثاني على هذه الشروط . لا أشير إلى هذه الموافقة الملكية من عندي ، بل أرجو من الأخ السيناريست أن يعود إلى التاريخ العراقي نفسه ليعرف أن تأليف وزارة نوري السعيد في 3 آب 1954 قامت على هذه الشروط ، ثم بدأت حالا باتخاذ إجراءات بوليسية قاهرة لم يتخذ مثيل لها في أي نظام فاشستي بالعالم ، بينما مررها السيناريست كأنها شيئا ديمقراطيا عاديا ، في وقت مهدت تلك الإجراءات إلى تحويل البلاط الملكي إلى شكل من أشكال صناع (التوليتاريا الملكية) التي لم يشهد لها مثيل في الشرق الأوسط حتى بعد العودة الثأرية للشاه الإيراني إلى عرشه بعد فقدانه له لأسبوعين في زمن الدكتور محمد مصدق الذي اسقط عن كرسي رئاسة الوزارة كخطوة أولى لعودة الشاه إلى عرشه .
نفس الشيء فعله نوري السعيد ، بل ذهب إلى ابعد من ذلك في إجراءاته القمعية بموافقة ٍ اضطراريةٍ من الملك فيصل الثاني ، خوفا على عرشه . وقد اتخذ نوري السعيد فورا إجراءات فاشية اغفل ذكرها السيناريست جاهلا أو متعمدا . هذا التقدير متروك للمشرف التاريخي على المسلسل الدكتور عماد عبد السلام الذي أثق بأمانته التاريخية وأطالبه بإثباتها في بيان خاص عن مضامين المسلسل .
أول إجراء اتخذه نوري السعيد هو حل البرلمان بعد عقد جلسته الأولى بسبب وجود 10 نواب معارضين لسياسته . ثم اصدر بيانا بحل حزبه ، حزب الاتحاد الدستوري (انظر جريدة الحوادث بتاريخ 4 آب 1954) ثم اصدر بيانا آخر هاجم فيه القوى الوطنية العراقية (انظر جريدة الزمان 4 آب 1954 ) وقد اصدر امرأ بتعطيل 18 جريدة يومية عن الصدور .
بعد ذلك اتجه نحو إيجاد علاقات جديدة بإغراء بعض خصومه من أعضاء حزب الأمة الاشتراكي (حزب صالح جبر) واستطاع أن يحدث انشقاقا داخل ذلك الحزب (انظر جريدة الحوادث 18 آب وجريدة الزمان 21 آب 1954 ) كما قرر حزب الجبهة الشعبية إيقاف نشاطه السياسي من تلقاء نفسه تحت ضغط الموجة الإرهابية الجديدة . هكذا استطاع نوري السعيد في زمن الملك فيصل الثاني أن يفتت حزبين سياسيين كان يعتقد أنهما يشكلان خطرا على وجوده في رئاسة الوزراء . (انظر إلى مذكراتي في صميم الأحداث لمحمد مهدي كبه ص 361) .
لم يكتف نوري السعيد بهذه الإجراءات القمعية بل استصدر مجموعة من المراسيم الفاشستية عددها ستة ، نالت تأييد الملك فيصل الثاني وموافقته ، كما تقتضي أصول المراسيم وفقا لعمل البلاط الملكي .
(1) المرسوم الأول حمل رقم 16 لسنة 1954 وهو مرسوم ذيل قانون العقوبات البغدادي رقم 51 لسنة 1938 الذي نص على اعتبار كل من حبذ أو روج أيا من المذاهب الاشتراكية – الشيوعية – البلشفية – الفوضوية – الإباحية وما يماثلها التي ترمي إلى تغيير نظام الحكم والمبادئ والأوضاع السياسية للهيئة الاجتماعية المضمونة بالقانون الأساسي جرما يستحق عقوبة الحبس لمدة سبع سنوات أو الحبس المؤبد أو الإعدام إذا كان التحبيذ قد جرى بين القوات المسلحة . كما اصدر نوري السعيد مرسوما يتضمن إضافة الفقرة التالية : ( سواء كان ذلك مباشرا أو بواسطة هيئات أو منظمات تهدف إلى خدمة أغراض المذهب المذكور تحت أي شعار كان كأنصار السلام والشبيبة الديمقراطية وما شاكل ذلك ) . انظر جريدة الوقائع العراقية 14 أيلول 1954 ولأنني وعدت القراء أن لا أورد أي مصدر يساري أو شيوعي ، لذلك انصح السيناريست فلاح شاكر أن يطلع على مقال وطني رائع كتبه فائق السامرائي بعنوان : (وما شاكل ذلك ..!) على متن الصفحة الأولى من جريدة حزبه (الاستقلال) لا املك نسخة منها مع الأسف . لكنني أقول هنا أن المرسوم لم يصدر له شبيه لا من الزعيم النازي هتلر ولا من الزعيم الفاشي موسوليني ولا حتى من الفاشي الأمريكي جوزيف ماكارثي الذي خلط بين أعدائه وخصومه من الشيوعيين واليساريين والليبراليين واضطهد بتحقيقاته القمعية 205 مبدعا أمريكيا مع خيرة الكتاب والأدباء والفنانين في الولايات المتحدة الأمريكية خلال الفترة 1950 – 1955 من أمثال آرثر ميلر وشارلي شابلن وجون شتاينبك ومارلين مونرو وغيرهم .
(2) المرسوم الثاني رقم 17 لسنة 1945 صدر بتاريخ 22 آب 1954 وهو مرسوم ذيل قانون الجنسية العراقية وأحكامها القائل : لمجلس الوزراء بناء على اقتراح وزير الداخلية إسقاط الجنسية العراقية عن العراقي المحكوم وفق ذيل قانون العقوبات البغدادي رقم 51 لسنة 1938 ونصت عليه المادة الثانية على أن لوزير الداخلية اعتقال الشخص المسقطة عنه الجنسية العراقية فور صدور قرار مجلس الوراء بذلك والاحتفاظ به إلى أن يتم إبعاده . (انظر جريدة الوقائع العراقية 14 أيلول 1954) . وحسب علمي أن أيا من الحكام الدكتاتوريين المعاصرين لم يقدم على مثل هذا الإجراء مع خصومه ، لكن الواضح للجميع أن الدكتاتور الوحيد الذي أفاد من النظرية السعيدية – الملكية هو الرئيس صدام حسين ، الذي اسقط جنسية عشرات الآلاف من العراقيين وسفرهم إلى إيران بليلة ظالمة ظلماء كان في مقدمتهم أبناء وبنات الكرد الفيلية . من المؤسف أن لا يمر هذا الإجحاف على كاتب سيناريو آخر الملوك .
(3) مرسوم رقم 18 الصادر بتاريخ 22 آب الذي جاء فيه : لمجلس الوزراء بناء على اقتراح وزير الداخلية أن يقرر غلق أية نقابة مؤسسة وفق قانونها الخاص بصورة دائمة أو مؤقتة عندما تسلك النقابة مسلكا يمس الأمن العام أو النظام العام أو يسبب إقلاق الراحة مما يدل على خروجها عن الأسس والمبادئ التي أسست من اجلها .(انظر جريدة الوقائع العراقية) .
(4) مرسوم رقم 19 الصادر بتاريخ 22 أيلول 1954 خوّل وزير الداخلية بإلغاء إجازات الجمعيات والنوادي ودور التمثيل المجازة في العراق. (انظر جريدة الوقائع العراقية) . ولا ادري كيف لفنان مثل فلاح شاكر أن لا يثير احتجاجه مثل هذا القرار الذي نال الفرق التمثيلية المسرحية فمر على هذا القانون المجحف بحق الفنون مرور الكرام .
(5) مرسوم رقم 25 الصادر بتاريخ 12 تشرين الأول 1954 وهو مرسوم خاص بالاجتماعات العامة والمظاهرات خوّل فيه وزير الداخلية إعطاء إجازة التظاهر والتجمع . كما أعطى الموظف الإداري حق تفريق المظاهرات إذا عرضت الأمن والنظام إلى الإخلال وإذا كان المتظاهرون أو قسم منهم يهتفون هتافات معادية ضد نظام الحكم أو لغرض إثارة الجمهور ضد الأمن والنظام أو يحملون لافتات من هذا النوع . (انظر جريدة الوقائع العراقية ) .
هذه المراسيم القمعية أغفلها تماما كاتب سيناريو آخر الملوك في وقت احتجت فيه عليها بغضب كبير جميع الأحزاب الوطنية العراقية . لا أريد تركيز القول أن الحزب الشيوعي العراقي كان في مقدمتها ، لكنني أشير ، هنا ، إلى بعضها مثل احتجاج حزب الاستقلال الذي طالب بإلغاء المراسيم الثلاثة الأولى .( انظر جريدة الاستقلال عدد 2 أيلول 1954) . كما احتج الحزب الوطني الديمقراطي حزب كامل الجادرجي بلهجة شديدة فقررت الوزارة سحب إجازة الحزب الوطني الديمقراطي اعتبارا من 2 أيلول 1954 (انظر جريدة الزمان 3 أيلول 1954) .
لم يحتج السيناريست على هذه المراسيم في عام 2010 حيث عصر الحرية والشفافية ولم يلتفت إلى احتجاج حزب الاستقلال في عام 1954 حيث عصر الحرب الباردة والقمع وإرهاب الدولة إذ وصف المراسيم بـ(الدكتاتورية السافرة) ببيانه في 3 أيلول حيث جاء فيه ( يرى حزب الاستقلال من واجبه أن يلفت النظر إلى أن هذه التشريعات المغايرة لكل مفاهيم الديمقراطية والعدالة وما رافقها من حل حزب سياسي معترف به رسميا لأسباب لا تبرر الحل إنما هي إجراءات شاذة تقيم في البلاد دكتاتورية سافرة تسلب المواطنين حرياتهم الطبيعية وتجردهم من حقوقهم الأساسية على أسوء وجه عرفته الدكتاتوريات في العالم وهي دكتاتورية يراد فرضها لإرهاب المواطنين كافة ليتيسر لها فرض مشاريع استعمارية شعرت أنها لا يمكن أن تمر بدون أن تمهد لها بمثل هذه التدابير غير القانونية وغير الدستورية وغير المعقولة أيضا هذا فضلا عن مخالفة هذا كله لاتجاه قبلته الدول المتمدنة كافة في هذا العصر .
كما كان فائق السامرائي قد كتب مقالا جاء فيه : إن حل الحزب الوطني الديمقراطي ما هو إلا الذروة التي بلغها يأس الفئات الحاكمة التي تحاول عبثا القضاء على امتيازاتها في وقت عم فيه الوعي الشعبي وأصبح الناس يتطلعون إلى الإصلاح الجذري العاجل في وقت عجزت فيه هذه الفئات وجهازها عن تقديم هذه الإصلاحات المرجوة وكان الأجدر بها أن تعمل على إصلاح المفاسد التي يشكو منها الشعب من أن تشهر سيف الإرهاب لتصلته فوق الرؤوس . (انظر جريدة لواء الاستقلال 5 أيلول 1954) .
هذه بعض الصور عن الواقع الدكتاتوري في العهد الملكي الذي ورد كثيرا في أرشيف التاريخ السياسي للأحزاب والشخصيات الوطنية العراقية أهملها سيناريو مسلسل (آخر الملوك) مستسلما لنظرة مسبقة عن (ديمقراطية عهد فيصل الثاني) المزعومة في نص السيناريو وفي إعلانات قناة الشرقية التي سبقت عرضه ، مما يؤكد فشل أية محاولة غير موضوعية لكاتب سيناريو مسلسل تاريخي لا يريد ، بإصرار وتعمد ، أن تكون نظرته إلى الماضي نظرة ايجابية في تقييم الواقع والنتائج ، مما يجعلني أتقدم بطلب التلميذ البسيط المتواضع إلى أستاذه القدير الدكتور عماد عبد السلام المشرف التاريخي على المسلسل الرمضاني ليقول رأيا قائما على صرح العلوم التاريخية ، حاسما بين رؤيتين . الأولى يقول فيها حزب الاستقلال أن (أسوأ دكتاتورية) نشأت في عراق خمسينات القرن الماضي . الثانية يزكي فيها مسلسل أخر الملوك بأن عراق الخمسينات كان فيه (ديمقراطية حسناء) فأي الرؤيتين صوابا ليكون فن الدراما التاريخية العراقية سليما معافى في مستقبله خال من اللغة التضليلية لتأكيد الحقيقة القائلة أن التاريخ هو علم دراسة الوثائق دراسة دقيقة واستعمالها استعمالا أمينا .
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
يتبع








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - عرض وتحليل رائعين استاذ جاسم
د صادق الكحلاوي ( 2010 / 10 / 5 - 21:29 )
شكرا استاذ جاسم على هذا التصدي الموثق لمن يحاولون تزوير تاريخنا المعاصر
ولان بين الاحياء لازال الكثيرون بعضهم ممن ساهم بفغاليه بالاحداث لذالك وجدت من اللازم علي ان اكتب شيئا تثنية لما كتبه الاستاذ مطير وربما ايضا -بقدر ماتسمح به الصحة المعلوله-باضافة بعض التفاصيل
مقدما اقول ومع احترامي لزميلي د عماد فانه غير مؤهل للصدقية العلميه لانه لم يعض تلك الفتره كما وانه من التدريسيين المؤدلجين في العهد البعثي ولايزال
فتركيبه النفس لايسمح له بادانة العهود الساقطه الملكية والبعثوقوميه
في 52-55 كنت شخصا مسؤلا على اعلى الدرجات في حشع رغم يفاعة سني
واتذكر اني اصبحت سكرتيرا لمحلية لواء -اي محافظه-وقد اكون لم ابلغ ال18سنه من العمر بوجود سكرتير اول للمنظمه الذي لاسباب سياسيه نكبنا بفقدانه لقواه العقليه فطلب مني بمساعدة رفيق من البصره اصوله من محافظتنا ان ننقله
للبصره ومن ثم بالقطار لبغداد لمعالجته في ظروف بوليسيةشديدة القساوه كما شرحها الكاتب
ووصلنا البصرة بتكسي نهارا فاخذنا ثالثنا لبيت اخته للفيصليه-الجمهوريه لاحقا -
ثم انتقلنا الى فندق فقير جدا فيسوق ام البروم وقد كنت قد اخترت لعلاقتي الحميمه


2 - تكمله رجاء
د صادق الكحلاوي ( 2010 / 10 / 5 - 21:45 )
لعلاقتي الحميمه بالمريض ومن سوء حطنا كان ذالك يوم 30354
وكان نقطة اتصلي بكاتب لتاجر تمور وحبوب في صدر نهر البصره الملاصق لسوق الامير وبعد قليل التقيت بشخص ناصع البياض قد يكون مسؤل البصرة والجنوب علمت انه الراحل شريف الشيخ بعداكثر من سنه من هذا اللقاء
فاعطاني بعض المنشورات الحزبيه بمناسبة العيد العشرين لميلاد حشع
سرعان مااكتشفها في الفندق رفيقنا المريض الذي لم يكن ليصدق اننا لازلنا حزب سري مظطهد فحاول توزيعها في الفندق وسيطرت عليه باعجوبه
وبعد مبيت ليله والتزود بفلوس توجهنا للمحطه وتوجهنا لبغداد علما انني كنت محكوما غيابيا ومتخفيا ولكنه لم يكن هنالك خيار اخر والرفيق غال علينا
وفي القطار حيث ليلة 3031 ليلة العيد لحزبنا كما كنا نقول فاحتفل مريضنا
بحرية ولكننا كنا في فاكون درجه ثالثه حيث افقر الناس وازداح لايطاق فلم يفقه احد ماكان يقوله مريضنا حتى وصلنا الاسكندريه حيث بغداد غرقت بفعل الفيضان بفعل حكومي لتقليل الاضرار بفتح كسرات على المناطق الفقيره للسيطره على جبروت الفيضان كما اعلن فنزلنا من القطار واستاءجرنا مكانين وقوفا في لوري كبير قد يكون اخذ من القطار مئة راكب او اكثر فوصلنا


3 - تكمله رجاء
د صادق الكحلاوي ( 2010 / 10 / 5 - 22:02 )
فتركت المريض عند عائلة كادحة جنوبيه ببغداد وتوجهت حالا الى بيت في الشورجه من البيوت المجمده حيث تسكن 3 عوائل منها اهلي وعائلة شكرتير الحزب حينذاك كريم احمد حيث كلفني ان اختار رفيقا ونذهب برفيقنا الى الطبيب الشهير جاك عبودي في دار المجانين حيث كان هذا الاسم الرسمي لمستشفاه حينئذ فاخترت الصديق العزيو شاكر يوسف الحيدر-الذي اتمنى ان يكون حيامع اجمل التحيات-فلبسنا اجمل الملابس وحلقنا وتريحنا وتوجهنا للمستشفى ودخلنا لمكتب الدكتور جاك وماان جلسنا ساءلنا من منكم المريض فضحكنا ملء اشداقنا وعلمنا اننا هندسنا انفسنا جيدا ثم عرضت عليه الامر فصدق ولكنه قال ماهي الهزه التي صعقت صاحبكم واودت بقواه العقليه قلنا هزه قويه جدا قال حب فاشل قلنا اكثر نرجوك ان تعفينا من التفاصيل فاقترح علينا الصعقات الكهربائيه وقد كانت بدائيه ومؤلمه جدا وقد تشافى رفيقنا خلال اسابيع وعاد للنضال وتخرج من بلغاريا بعد الثوره ثم قتله البعثيون في قصر النايه عام 1970
اما انافقد دخلت بدماع كريم احمد فابقاني ببغداد مع مسؤليه كبيره في الرصافه
وبعد اشهر جاءت قضية حلف بغداد ومظاهراتنا فقبض علي وحكمت بالاعدام
وبعدسقوط العقوبه صرت


4 - رجاء تكمله للتاريخ
د صادق الكحلاوي ( 2010 / 10 / 5 - 22:18 )
حكمت بالاعدام لمشاركتي في قيادة مطاهره ضد حلف بغداد وقد قيض علينا
في شارع غازي - الكفاح - انا والراحل الرائع ثابت حبيب الذي نقل معي للمستشفى بعد اصابته ب12 شق في راءسه وانا بعد كسر اكير عظم في جسمي
عظم الفخذ وتحطيم ركبة رجلي اليسرى حيث شرطة الملك الدمقراطي اخذونا لمركز شرطة الفضل وهم يضربوننا بالتواثي وهم يصرخون منو بعد وياكم منو قائد المظاهره الى ان اغمي علينا فنقلنا للمستشفي وفي 2755 حكم علي فريد على غالب وكان رئيس المحكمه الكبرى ببغداد بالاعدام وكان الحاكم من بقايا المماليك واستنكف باصرار حسين جميل بعدم التوكل عني رغم وساظة الحزب
لانني من عائله شيعيه والثلاث المتهمين الباقين كانوا من عوائل سنيه وهذا جعل ثابتا يبكي بكاء مرا ولكن للتاريخ توكل عني سكرتير حزب الاستقلال المرحوم داود السعدي
الجو كان مدلهما في العراق ولا توجد امكانيه لاي تحرك منذ انتخابات 54
فابتدعت منظمتي في الرصافه 3 اساليب للعمل الجماهيري ضد السلطه الفاشيه
1صبغ كلاب وحمير شرسه وكتاب اسم نوري السغيد او عبدالاله اوفيصل
على كل منها وتغطيتها ثم تركها بشارع مكتظ في وسط بغداد حيث حالا يبداء صياح الشرطه منا فات نو


5 - تكمله مع الف رجاء
د صادق الكحلاوي ( 2010 / 10 / 5 - 22:34 )
منا فات نوري مناراح فيصل ومنامر عبد الاله وهم يتراكصون ساعات للقبض على الحيوانت المذكره واهل بغداد في فرح وانفراج وهم يرددون عفاريم شبابنا و2واسلوبنا الثاني كان ان يذهب كل 3 منا في المغرب لمقهى من المقاهي البغدادية الشهيره المكتظه بالنا وبعد جلوس لحظات يقوم احدهم لالقاء خطبه وطنيه لفضح النظام بعد ان يحذر بوجود حراسه حازمه والعمليه لاتدوم اكثر من 10 دقائق
3 اما الاسلوب الثالث فكان ارسال واحد منا مع حارسين لاحدي سينما بغداد
ومعه خشبه صغيره براءسها مسمار حيث يقوم صاحبنا بادغال راس الخشبه المسماري في احد بلكات حائط السينما فيصير شوط ويعم الظلام فيصيح صاحبنا هدوء رجاء ماكو الا الخير احنه الحركه الوطنيه العراقيه نريد ان نخبركم ببعض الامور المهمه عن شعبنا ووطننا ثم يخطب خطبه مكثفه لاطريق اخر لايصالها للناس
واود ان ارجو الاخ الكاتب ان يرجع الى الحسني بتاريخ الوزارات احداث 5455
ليرى قائمة العشر الول الذين اسقط نوري السعيد عنهم الجنسيه العراقيه -واتشرف اني كنت واحدا مهم - وتمثيلها للفسيفساء العراقيه دون ان يكون ببالنا وببال اعداء شعبنا مايسمى هذه الايام بالمكوناتفالاسماءتبداءمن كامل قزانجي


6 - مرة أخرى في اعادة كتابة التاريخ
سعدي صبيح سعد ( 2010 / 10 / 5 - 23:00 )

تحية طيبة
يقول المثل العربي - اسأل مجرب ولا تسأل حكيم - !! وبعد مشاهدة المسلسل وقراءة هذا المقال اقول - اسأل متفاعل ولا تسأل سامع يريد أن يخبر الآخرين بما يريد هو أن يسمعهم.!! هذا التاريخ قريب.. وللنسى الأموات والشهداء.!! ولكن شهود العيان بيننا.. والضحايا حقيقة قائمة بيننا ..طول العمر لهم.. وللأستاذ العزيز جاسم المطير الصحة والعافية والحضور. فماذا لو كان الأمر او الحدث في زمن الراشدين أو الأمويين أو العباسيين؟!!!مع مودتي للجميع

اخر الافلام

.. حزب الله يهدد باستهداف مواقع جديدة داخل إسرائيل ردا على مقتل


.. المجلس الوزاري الأمني الإسرائيلي يبحث اليوم رد حماس بشأن الت




.. مصادر فلسطينية: ارتفاع عدد القتلى في غزة إلى 38011 | #رادار


.. الناخبون البريطانيون يواصلون الإدلاء بأصواتهم لاختيار الحكوم




.. فرنسا.. استمرار الحملات الانتخابية للجولة الثانية للانتخابات