الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


لا......... لكاتم الصوت

البتول الهاشمية

2004 / 9 / 8
الادب والفن


هناك قاعدة ذهبية متفق عليها بالأكثرية تنص على انك إذا أردت أن تفهم حقيقة ما يجري في منطقة ما – ما عدا العربية طبعا – لا تتابع تلفزيون و لا صحافة و لا سينما ....فقط كاريكاتير...و أتباع هذا الاكتشاف الخطير يبررون استنتاجهم هذا بأنه ما من مرة التحمت النكتة المضحكة بالواقع المر إلا و جاءت الصورة أكثر صدقا و اقل إبهاما ....و على اعتبار أن الشئ بالشئ يذكر فان أيام فقط مرت على الذكرى السابعة عشر لرحيل رسام الكاريكاتير الفلسطيني ناجي العلي ...الاسم و إن فاجأ بعض من الشباب العربي فانه ليس غريبا على السجون الإسرائيلية ولا عن أجهزة الموساد التي أقلقها شهور و سنين عبر شخصية حنظلة التي ابتدعها و كانت الشاهد الوحيد على كل لوحاته و رسومه و الذي قال عنه يوما "حنظلة هذا المخلوق الذي ابتكرته لن ينتهي بعد موتي بالتأكيد و لا أبالغ إن قلت إني سأستمر به بعد موتي "
و مازال حنظلة ذلك الطفل ابن التسع سنوات يرفض أن يكبر أو يشيخ أو يموت و في كل يوم يوقظ ناجي العلي من قبره ليبعثه في كل من تقع عينيه على إحدى رسومه ...ذلك العبقري الذي اقض مضجع كبار عتاة مجرمي السياسة الإسرائيلية برسوم بسيطة بالأبيض و الأسود مرمزا بذلك إلى أن المثقف يجب أم يحدد موقفه بوضوح بعيدا عن التماهي و التلون و ما أحوجنا إلى ذلك الآن في عصر يغص بتزاحم الألوان..و برغم كل التهديدات الإسرائيلية و برودة المنفى الإنكليزي و ضباب لندن ظلت ريشة ناجي بعيدة عن تلوث حقائب الدولارات و بورصات المثقفين التي تنشط يوما بعد يوم ...
و بقي الرسام يردد في كل يوم وعبر أي لوحة أو مقابلة صرخته ..لا لكاتم الصوت حتى وقع المحظور و نجح كاتم الصوت الحقير في إيصال رسالته الجبانة إلى جسد ناجي عبر سيل من الرصاص استقر في أنحاء عديدة من جسده و مر أكثر من شهر حتى حل الثامن و العشرين من أغسطس من عام السبعة و ثمانين حيث غادرنا ناج تاركا خلفه أكثر من أربعين ألف رسم و لوحة حيث لم يشفع له كل هذا العدد الكبير من الأعمال أو المواقف الثابتة عند صحفنا العربية التي عرجت على الحدث بخجل فهل كان ذنب ناجي انه لم يجيد فن اللعب على الحبال أو التصيد في الماء العكر ..و ها نحن وبعد كل تلك السنين ما زلنا يا ناجي كما عهدتنا نتعفن بالسكوت فيما تمزق صرختك المدوية كل يوم عالمنا العربي المطبق بالصمت ...لا لكاتم الصوت .
على هامش المقال : إن تسنى لكم الفرصة لزيارة لندن مرة أخرى و وجدتم لديك الوقت الكافي زوروا مقبرتها و اسألوا الحراس عن نزيل القبر 230190 و عندها لن يتردد في أن يتحفكم بكم هائل من المعلومات عن ناجي العلي ربما لا يوجد في جعبة الكثيرين من كبار المثقفين و المنظرين العرب .
ملاحظة أخيرة : لا تخبروا الحرس بأنكم عرب ...لماذا ؟
لا هناك وصية موقعة باسم صاحب القبر شخصيا تطلب أن يتم دفنه في فلسطين و هو كما ترون طلب صعب استعصى على ثلاث مائة مليون عربي و قد يطالبوكم بتنفيذ الوصية و عندها ستنقلبون من مجرد سياح إلى متهمون و ربما مدانون .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. لم أعتزل والفوازير حياتي.. -صباح العربية- يلتقي الفنانة المص


.. صباح العربية | في مصر: إيرادات خيالية في السينما خلال يوم..




.. لم أعتزل والفوازير حياتي.. -صباح العربية- يلتقي الفنانة المص


.. صباح العربية | في مصر: إيرادات خيالية في السينما خلال يوم..




.. لقاء خاص مع الفنان حسن الرداد عن الفن والحياة في كلمة أخيرة