الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


التشابك غير المشروع بين مهمات الدولة ودور المرجعيات الروحية العراقية

كامل السعدون

2004 / 9 / 8
اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق


الحقيقة لا يستطيع أي عراقي أن ينكر الدور الطيب والمتميز لبعض المعتدلين من المرجعيات الروحية العراقية ، كالسيد السيستاني أو البعض من علماء السنة ( إن وجدوا ) في إخماد الفتن التي تستجد هنا أو هناك في عراقنا الجديد والتي هي في الغالب ثمن التغيير الخطير الذي حصل والكثير منها من ثمار التشويه والتخريب الأخلاقي والاجتماعي الذي خلفه صدام حسين عبر ما ينوف عن الثلاثون عاماً .
وطبعاً أبرز أداء أختلط فيه السياسي بالديني وبقوة هو مسعى السيد السيستاني مشكوراً لإطفاء بعض الحريق الخطر الذي شبّ في الجنوب على يد المعتوه مقتدى الصدر وزمر البعثيين والإرهابيين الذين كانوا متحلقين حوله ، لكن تلك سابقةٌ ليس بود أي عراقي يحترم نفسه ويحب وطنه ويريد لدولته الكرامة والمهابة ، أن تتكرر …!
الدولة وحدها ووحدها حسب هي الفيصل في كل المنازعات وهي وحدها من يفترض أن تملك السوط والجزرة ووحدها من يفض المنازعات ، ولا ينبغي الخلط بين الروحي والسياسي في الشأن الوطني الداخلي أو في التعامل الدبلوماسي وأنشطة الدولة مع الخارج .
السيد السيستاني مع احترامنا له ولكل سيدٍ هاشميٍ عراقيٍ عربيُ الأصل أو فارسيٍ أعجمي الأصل أو عروبيٍ وهابي الأصل ، لا ينبغي أن يخرج عن إطار مهمته الروحية التي تتوافق مع مهمة الدولة ، فأن كان فيه خيرٌ لوطنه فخيره ضمن أجندة الدولة وحسب ، ممثلةٍ ببرلمانها وقضائها وجهازها التنفيذي أما أن أستنكف عن الشأن السياسي وهذا ما نتمناه من كل رجل دينٍ وهابيٍ حجازي الهوى أو فارسيٍ مختلط الهوى ، فإن الشعب والحكومة لا أشك إلا في أنهما سيكونان ممتنين لمن يغلب الروحي على السياسي ويترك فتنة السياسة لأهل السياسة وإدارة الدولة لأهل الحكم .
لا ازعم أني أستنكر التشاور الحبي بين أهل الحكم وأهل الرأي من كل فئات وطوائف الشعب العراقي ، لكن التشاور مهمة أهل التشاور ( نعني البرلمان المؤقت أو المنتخب في العام القادم ) أما زيارات رئيس الدولة أو الوزراء لأهل الرأي فلا ينبغي أن تدخل في باب التشاور بل في باب التعاطف والتراحم حسب ، وأما تشاور المجلس الوطني أو البرلمان فجائز لكنه ليس بالضاغط على الدولة المؤقتة أو قضائها أو هيئاتها التنفيذية ، ولا يصح بأي حالٍ من الأحوال أن يلعب البرلمان دور الحكومة أو أن يلعب السيستاني أو غيره دور الحكومة فيعقد الاتفاقات التي تضع الحكومة والعصابات الغوغائية في نفس المركب وتلزمهما بالاتفاق المنافي للقانون وسلطة القضاء وتدفع هذا المنشق وهذا الحاكم إلى ( تبويس ) اللحى وطي صفحات الرعب والدم .
إن كرامة الشعب العراقي من كرامة دولته وحكومته وإن كانت مؤقتة ، ومهابة الشعب ومنزلته بين الشعوب تعتمد اعتمادا كلياً على مهابة وكرامة الحكومة والقضاء العراقي .
لا ندعي هنا أننا نريد حرمان السيد السيستاني أو مقتدى أو أي مهتم بالشأن السياسي من أن يلعب الدور السياسي ، لكن ضمن تقاليد العمل السياسي والشرعية السياسية المتعارف عليها دولياً أي ضمن برلمان الدولة أو ضمن المعارضة السياسية المشروعة والعاملة خارج قبة البرلمان أو المجلس الوطني ، وبعد أن تثبت الجدارة السياسية والحضور السياسي في الشارع وأن لا تكون هناك مخالفات قضائية لهذا الشخص أو ذاك .
لقد كنا نتمنى لو أن الحكومة لم تنزل بكل ثقلها في احتفالية استقبال السيد السيستاني العائد من مشفاه ، فتقليدٌ مثل هذا لا يصح في هذه المرحلة الحرجة التي تحتاج فيها الدولة لتثبيت حضورها ومهابتها وكرامتها لكي تعزز الأمن النفسي لدى الناس والثقة بها وبسلطتها ، لا أن تعكس لهم روحية من يتعامل بالرشى مع الرموز الروحية والاجتماعية ، وإلا بم اختلفتم عن مجلس الحكم الذي كان يقف الساعات الطوال بكامل رهطه أمام باب بيت السيستاني املاً بلقائه ، فحيناً يصدّ وأخرى يستقبل من وراء حجاب ، مما أذل السلطة وأضعف مهابتها وأدى في ما أدى إلى استضعافها من قبل الفتى المعتوه مقتدى وأمثاله فتجرؤا على منازعتها في السلطة والقضاء .
لا بأس أن توفر له الحماية القوية لإجهاض الحلم الإيراني في اغتياله لتهييج الغوغاء ، لكن أن يستقبل بهذه الكثافة من قبل وزيرين أو أكثر فهذا ما لم يكن صحيحاً على الإطلاق ، ثم أعقب ذلك السماح له بإطلاق دعوته للناس للذهاب إلى النجف لتحريرها ، وكأنها لم تكن مستباحة منذ أكثر من عام من قبل عصابات الزرقاوي والبعث ومقتدى …!!
وخسرنا مئاتٌ أخرى من الناس في تلك الدعوة غير المباركة والمشؤومة التي انتهت بنجاة مرقد علي وحفيده مقتدى بذات الوقت ، مما هدر فرصةٍ عظيمة لمعاقبته هو وعصاباته وتحميلهم مئات الملايين من الدولارات التي أحرقت في بحر أسبوعٍ من فتنة هذا الفتى …!
كيف نأمن غداً على مستقبل أجيالنا وأموالنا وحصتنا في الحكم والسلطة والقضاء العادل والكرامة والحرية لنسائنا وأمهاتنا وأطفالنا وأقلياتنا المستضعفة إذا كانت دولتنا تعقد الاتفاقات الداخلية عبر وسطاء لا يمثلونها ولا يمثلوننا …؟
هل وفرّ اتفاق السيستاني للدولة الكرامة والمهابة والأمن عبر اقتياد العصاة إلى القضاء ومعاقبتهم وتحميلهم تكاليف جرائمهم …؟
من يعيد لشعبنا ثرواته التي هدرها البيضاني والخزعلي ووكلاء المخابرات الصدامية الآخرون الذين أفلتوا من العقاب تحت عباءة السيستاني ….؟
لا بل ولغاية هذا اليوم ، ( يتعنطز ) صبيان مقتدى وزملائه في ما يسمى تيار الصدر ، بأنهم لن يحلوا جيش المهدي ولن يكفوا عن مقارعة الدولة وخرق حدودها وانتهاك حقوق الشعب العراقي الجريح …!
ولغاية اليوم وهم يتصيدون آبار النفط ومنشآتنا الاقتصادية في الجنوب آملين تجدد الفرص لإعادة حرق وتدمير ما أفلت منهم في الجولة السابقة …!
لا مناص أمام الدولة العراقية من أن تكون أكثر حزماً مع المرجعيات وأن تضعهم في خانة منظمات المجتمع المدني التي تعمل في الشارع لأجل البناء والأعمار وتوعية الناس وتنشط سياسياً من خلال العمل السلمي حسب ، وغداً ليرشح من يريد نفسه للدور القيادي أو البرلماني ، ليتسنى له أن يحكم وينشط ويدير ضمن الحدود الدستورية حسب .
نأمل أن يتذكر العزيز علاوي ووزراءه الكرام أن العراق ليس إيران ولن يكون ، ولن يسمح شعبنا لأيٍ كان أن يغتصب مجدداً دوره وحقوقه وأصول الحياة المدنية التي تعارفنا عليها حتى في أشد عصور الدكتاتورية حلكة وبشاعة …!!!








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. سيناريوهات خروج بايدن من السباق الانتخابي لعام 2024


.. ولادة مبكرة تؤدي إلى عواقب مدمرة.. كيف انتهت رحلة هذه الأم ب




.. الضفة الغربية.. إسرائيل تصادر مزيدا من الأراضي | #رادار


.. دولة الإمارات تستمر في إيصال المساعدات لقطاع غزة بالرغم من ا




.. بعد -قسوة- بايدن على نتنياهو حول الصفقة المنتظرة.. هل انتهت