الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


تأملات - بعيداً عن الأوهام !

رضا الظاهر

2010 / 10 / 6
مواضيع وابحاث سياسية


ربما لاح، عبر تطورات الأيام الأخيرة، بصيص أمل بعيد في نفق الصراع السياسي المحتدم على السلطة بين المتنفذين. غير أن هذا لن يعني الحل الناجع السريع المنشود للخروج من المأزق كما يوحي التفكير الرغائبي للبعض، على أنه لا يمكن لواقعي التقليل من شأن هذا التطور، على الرغم من أن البعض راحوا يتحدثون، في إطار لعبة الصراع السياسي وأغراضه، عن أزمة جديدة سيؤدي اليها هذا التطور. وهو ما يؤذن بدخول الصراع مرحلة جديدة لن تهجرها المساومات والكواليس والتصريحات الاتهامية المتناقضة وتجاهل إرادة الشعب ... ناهيكم عن احتمالات تفكك ائتلافات وتحالفات بسبب اللهاث وراء المغانم والامتيازات.
وعلى أية حال فان هذا التطور الهام لا يعني أن الأزمة انتهت، فجذور هذه الأزمة وأسبابها ماتزال قائمة، متمثلة في نظام المحاصصات الطائفية والإثنية المقيت، والصراع على السلطة، كما يتجلى الآن في بدء الحديث عن تقاسم مواقع النفوذ والحقائب الوزارية، السيادية منها وغير السيادية. وهذا الصراع هو في الجوهر صراع على السلطة والمال والنفوذ.
وبالتالي فان ما يبدو نهاية لمسلسل الصراع على تشكيل الحكومة، هو، في الواقع، طور جديد في مسلسل الأزمة، يتجسد في مهازل الصراع على المناصب والحقائب الوزارية، فيما يبقى ملايين المكتوين بنيران المآسي تطحنهم رحى المعاناة. فالجميع، "محررين" و"مقررين"، يكرسون نظام المحاصصة ويقبلون به ويتوافقون عليه لأن هذا النظام يضمن للجميع ما يريدون.
ولعل من بين ما كشفت عنه معضلة الصراع على السلطة سلوك السياسيين المتنفذين ونمط تفكيرهم، الذي يتسم، من بين سمات سلبية أخرى، بغياب المصداقية والضيق ونزعة الاستحواذ والاقصاء. ويمكن للمرء أن يرى أنهم مصابون بالازدواجية، اذ يقولون الشيء ونقيضه في الوقت ذاته، داعين الى التمسك بما هم أول من يخرقونه، والابتعاد عما هم غارقون فيه، مقدمين، بذلك، نموذجاً على نمط تفكير يسهم، الى هذا الحد أو ذاك، في تأبيد ثقافة الواقع السائدة.
وبينما تستمر الابتسامات والعناقات الزائفة والوجوه المتلونة، تضطر توترات معينة بعض المتنفذين الى التخلي عن سلوك المجاملات والشروع بممارسة الضغوط السياسية وتوجيه الانذارات وفرض الشروط المسبقة، واللعب على المكشوف، حيث تنحدر اللغة الى التهديد والاتهام بكشف المستور، وسوى ذلك مما هو مخزون في ترسانة لغة التخلف السائدة. ولا يندر أن نجد كتلة تبريء نفسها وتجرم كتلة أخرى، هي ذاتها الكتلة التي ادعت الأولى أنها لابد أن تتحالف معها لضمان حماية مزعومة للعملية السياسية. وبينما تصف كتلة معينة النجاح، المنقطع النظير ربما، لجهودها مع هذه الجهة أو تلك، يصف المطلعون، العالمون ببواطن الأمور، مثل هذا الكلام بأنه مجرد زعم مغرض أو ذر للرماد في العيون.
وفي كل هذا وسواه من ألاعيب السياسة لا يتورع المتنفذون عن فعل أي شيء مادام يوصلهم الى مبتغاهم، وهو السلطة والثروة والامتيازات، وهم يجسدون عقل الاستحواذ الذي يوحي، مظهراً، باحترام زائف لحرية اختيار الآخر على أساس الطريقة المعروفة وفق مبدأ "تريد أرنب أخذْ أرنب، تريد غزال أخذْ أرنب" !
وبينما تشيع منهجية التسييس في السلوك السياسي يجسد "ممثلو الشعب" إخفاقهم المريع في تنفيذ الوعود التي قطعوها لمن منحوهم الأصوات، وتبعيتهم لأحزابهم، وعجزهم عن أداء دورهم، راسمين صورة أخرى لانحدار المشهد السياسي وسط فراغ سياسي نرى عواقبه الوخيمة في مختلف الميادين.
وما من شك في أن من يدفع الضريبة الباهظة للصراع المقيت على السلطة هم ليسوا النخبة الساعية اليها، التي لا تعرف سوى أن تقبض، وإنما ملايين المحرومين الذين يدفعون كل شيء من جهدهم وعرقهم وحاجاتهم ومعاناتهم، بل وحياتهم.
* * *
هناك من يريدون إشاعة أجواء التفاؤل الساذج أو المضلِّل لغاياتهم الضيقة، وبينها الخنوع للواقع، والصمت تجاه ما يجري من مآسٍ ومعاناة، والتخلي عن ممارسة النقد الحقيقي أو التعبير عن السخط، فمثل هذا التعبير يخلق المخاوف لدى الساعين الى استمرار طاحونة المحن، وهم جزء من ماكنة السلطة والقوى المتنفذة في المشهد السياسي والاجتماعي، بهدف تأبيد ثقافة التخلف السائدة، وخلق الأجواء والشروط الملائمة لاستمرار عملية جني المكاسب والاستحواذ على المغانم بأقل الأثمان وأسرع الأزمان.
ومن الطبيعي أنه لا ضرورة لاشاعة أوهام بأن التوصل الى حل معضلة منصب رئيس الوزراء هو نهاية المطاف، بل قد يكون طوراً جديداً في مسلسل الأزمة.
وانطلاقاً من هذه الحقيقة فان قضية المطالبة بإنهاء نظام المحاصصة ستزداد أهمية وإلحاحاً. فحتى في حال تشكيل حكومة فلابد أنها ستكون حكومة ضعيفة ومشلولة وعاجزة عن تلبية مطامح الناس، بسبب نظام المحاصصات ذاته.
وهكذا فإنه بعد صراع بدأ منذ سبعة أشهر ومايزال محتدماً ستبدأ، الآن، معركة الصراع على المراكز الحكومية. وبالتالي فإنه ينبغي تصعيد الحملات والمطالبات الشعبية من أجل إنهاء نظام المحاصصة وتعديل قانون الانتخابات وسن قانون للأحزاب وما الى ذلك من مهمات ملحة، تمهيداً لاجراء انتخابات مبكرة، بعد أن جرى تنصل المتنفذين من وعودهم لناخبيهم أنفسهم وللشعب بأسره.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - كفى نفاقاً
خالد يوسف ( 2010 / 10 / 7 - 06:24 )
كفى نفاقا : الستم جزء من المحاصصة المقيتة!

لم يشهد الحزب الشيوعي العراقي خطابا سياسيا منافقا كالذي يشهده اليوم على يد - القيادة- الرسمية وابواقها الاعلامية وهتافتها
فسكرتير الحزب يدخل عضوية مجلس الحكم تأسيساً ل( نظام المحاصصات الطائفية والإثنية المقيت،) الذي يدينه السيد الكاتب
وان جميع المراكز التي يحتلها ممثلي الحزب من ( وزير تكنلوجيا المحابس والسبح مرورا ب - الوكلاء- وحتى درجة مدير عام في وزارة اللاثقافة)تمت في اطار( نظام المحاصصات الطائفية والإثنية المقيت،)الذي يدينه السيد الكاتب

اما طبيعة العلاقات بين هذه القوى الطائفية العنصرية التي يصفها الكاتب (تستمر الابتسامات والعناقات الزائفة والوجوه المتلونة، ) فهي ممارسة شاملة في المشهد السياسي لحيتان الاحتلال كما كانت كذلك في عهد النظام البعثي الفاشي المقبور على يد اسياده الامريكان .. لكن السؤال الموجه الى الكاتب ألم تتعاطوا بنفس الاساليب حد تقبيل مجرم بشتآشان قبل يوم من المناسبة كل عام ؟ بل وصل الامر بأحد رموزكم ان يصف عمار الحكيم بالثروة الوطنية. ام ان نفاقكم مشروع - ثوريا- . لو كان عندكم حد ادنى من المصداقية لاستقال وزيركم من نظام المحاصصة العنصرية الطائفية المقيت .... كفى نفاقاً




--------------------------------------------------------------------------------

اخر الافلام

.. البنتاغون: أنجزنا 50% من الرصيف البحري قبالة ساحل غزة


.. ما تفاصيل خطة بريطانيا لترحيل طالبي لجوء إلى رواندا؟




.. المقاومة الفلسطينية تصعد من استهدافها لمحور نتساريم الفاصل ب


.. بلينكن: إسرائيل قدمت تنازلات للتوصل لاتفاق وعلى حماس قبول ال




.. قوات الاحتلال الإسرائيلي تهدم منزلا في الخليل