الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الديمقراطية بين سندان الأحرار ومطرقة الأشرار

حسن الهاشمي

2010 / 10 / 6
مواضيع وابحاث سياسية


من منا لا يحب الديمقراطية؟! فإن من ضمن ما تعنيه حكم الأكثرية، واحترام إرادة الشعب في التغيير نحو الأحسن والأفضل، وإعطاء الحريات العامة ضمن نطاق الدستور شريطة عدم التعدي على حقوق ومعتقدات الآخرين الذين يعيشون ضمن تركيبة المجتمع، وإفساح المجال أمام الجميع ليشقوا طريقهم في التعلم والتطور والإبداع، ولعله بات من نافلة القول إن المجتمع الديمقراطي هو الذي يصون المجتمع من آفات الجهل والتخلف والتملق، ويفسح أمامه مديات العمل والبناء ضمن أطر الكرامة والعدالة والمساواة، وباستطاعة الإنسان أن يلج فيها دونما مواربة ودونما قلق وحيف يصيبه أو يصيب من يلوذ به.
وللحفاظ على المكتسبات أعلاه فإن قادة الكتل السياسية مطالبون اليوم أكثر من أي وقت مضى بمراجعة الأخطاء التي وقعوا فيها للوصول إلى تقييم موضوعي، لتصحيح المسار والابتعاد عن تقييم أولئك الذين يكيلون كلمات الإطراء والمدح والثناء المبني على أمور غير حقيقية، وهم بذلك إما منتفعون أنانيون لا يفكرون بشيء سوى مصالحهم الحزبية الضيقة، أو إنهم باعوا ضمائرهم وأنفسهم لأجندات خارجية همها الوحيد قتل بذور الخير والصلاح المستكنة في النظام الديمقراطي الواعد.
نعم إن تداعيات الديمقراطية قد لا تروق للحاكم المستبد الذي عوده المتملقون بالتصفيق والتهليل والتبجيل ولا يتحمل صوتا معارضا أو رأيا مخالفا أو حركة معاكسة لتياره وحزبه وجماعته المتملقة المزغردة لأمجاده الواهية وخزعبلاته التي ما أنزل الله بها من سلطان، وإنما أصبح بين عشية وضحاها رمزا كارتونيا نتيجة الإعلام المرتزق الذي أخذ ينفخ فيه وينفخ حتى صدقه هو وكذلك صدقه السذج من الناس وما أكثرهم في زمن العهر السياسي الذي نعيشه في غالبية الأنظمة في العالمين العربي والإسلامي، وبدلا من تصحيح أخطاء الحاكم المستبد وما أكثرها ترى المتزلفين والمنتفعين والمغلوب على أمرهم من عامة الشعب يبرر له تصرفاته المشينة حتى لو أتت وحصدت الأخضر واليابس وحتى لو شيدت قصوره على الجماجم وكبرياءه على استغفال السذج وعظمته على السرقة والظلم والانتهاك!!.
إن الإحباط الذي اخذ يترسّخ في نفوس بعض المواطنين بسبب تدهور الأمن ونقص الخدمات قد يؤدي إلى إضعاف ثقة المواطن بأداء وأهلية هذه الكتل السياسية لإدارة العملية الديمقراطية في العراق، وبالتالي إضعاف ثقته في جدوى العملية الديمقراطية في تحقيق طموحاته وآماله، وهذا ما يطمح إليه الأعداء المتربصون بنا دوائر السوء!!، ولابد من التفرقة في هذا الإطار بين الديمقراطية والقائمين على تطبيقها في حقول مليئة بالألغام، كالتفرقة بين مبادئ الإسلام وما يبدر من بعض المسلمين من أعمال مشينة، فإن الإخفاق في تطبيقها لا يعني إنها ممقوتة مثلها مثل الإسلام عندما نتحدث عن المثل والقيم المبثوثة فيها فإنها لا تخدش بالتطبيقات المنحرفة والظروف العصيبة.
لهذه الدوافع نرى إن الحكام المستبدين يحاولون وبكل ما أوتوا من قوة وسطوة وجرم وظلم وجبروت أن يخنقوا كل صوت هادر وكل حرية واعدة وكل ديمقراطية ناشئة في منطقتنا العربية والإسلامية، لكي لا تصاب شعوبها المغلوب على أمرها من حمى التغيير، ولأجل ذلك قاموا بتمويل الإرهاب وقتل المواطنين العزل في الأسواق والأماكن العامة وضخ المليارات في سبيل اجهاض التغيير الديمقراطي في العراق، وبذلك يضربون عصفورين بحجر، تشويه الحالة الديمقراطية في نظر الشعوب التواقة للتحرر والإنعتاق، وتلميع صورة الأنظمة الشمولية في إنها الأصلح والأقدر على حفظ الأمن وتوفير الخدمات، وفات أولئك الطغاة بأنهم ومهما حاولوا أن يلمعوا صورهم القبيحة، فإنهم غير قادرين على إعطاء الحرية والكرامة والعدالة، تلك المفردات التي إذا حصل عليها الإنسان الحر حتى في ظل الفوضى أفضل من انعدامها في ظل أمن ولكنه مشوب بالقهر والظلم والانتهاك.
إن التلكؤ في قطف الثمار في النظام الديمقراطي قد يولد الإحباط لدى المواطن كما ذكرنا وقد يؤدي في المستقبل إلى عدم تجاوب المواطنين للتوجيهات الداعية لهم من الشرفاء المخلصين لدعم العملية الديمقراطية وترسيخها والمحافظة على كونها البرنامج السياسي الذي يلبّي طموحات الشعب العراقي، ومن الممكن أن يستغل أعداء العراق هذه النتيجة لكي يصوروا للمواطن أن لا ثمرة من هذه العملية الديمقراطية وإنها لم تقدّم له شيئا .. في حين إن واقع الحال يحكي إن هذه العملية حققت الشيء الكثير من الحقوق والمصالح، ولكن أداء هذه الكتل السياسية من الممكن أن يضع غشاوة وحجابا ً يمنع هذه الرؤية ويعطي الفرصة لأعداء العراق لإيقاع المواطن في تضليل إعلامي تجعله يقتنع بما يطرحه هؤلاء الأعداء، في حين إن المطلوب أن نعزّز هذه الثقة لكي تترسخ العملية الديمقراطية في نفس المواطن ويكون هو الحامي والمحافظ لهذه العملية الديمقراطية من مخاطر الأعداء.
وعندما نقول إن الديمقراطية حققت للمواطن الشيء الكثير فإننا نعني ما نقول، إذ إن أهم ما حصل عليه الإنسان العراقي بعد سقوط الصنم عام 2003م هو انعتاقه من أعتى ديكتاتور عرفته الإنسانية القديمة والمعاصرة، حيث أخذ بالتضييق على الناس والتصرف بالعباد والبلاد حسبما يشتهيه الحاكم الضرورة، وأنه عطل عقول ثلاثين مليونا ليتكلم ويقرر عنهم ويفكر بدلا منهم بالرغم من أنوفهم، وكل من لا يروق له هذا الحال مصيره السجن والقتل والتعذيب والإبعاد، هذه هي الطامة الكبرى والمصيبة العظمى أن يموت شعبا موغلا بالتمدن والحضارة والثقافة أو يضحى على أقل التقادير أسير بغي من بغاة الشوارع يتصرف به كيفما شاء حسبما تمليه شهواته ونزواته الرخيصة والمريضة!! وكل إنسان فيه ذرة من ضمير وإنسانية لا يتقبل أن يعيش أسير الديكتاتورية البغيضة، فكيف بمن تشرب في ذاته عبير الحرية أن يبيع دنياه وآخرته لدنيا غيره ويكون حطبا لأتونه ومجونه ومكائده ومغامراته؟! هذا ما لا يمكن أن يتحقق لشعب تذوق طعم الحرية وقرر أن يعيش حياة مفعمة بالعز والكرامة وهي لا تتحقق إلا بالنظام الديمقراطي، والنصح للكيانات السياسية المنضوية تحته بالمحافظة على المكتسبات التي لم تأت بسهولة حتى يتوقع منا الأعداء المتربصون أن نفرط بها بسهولة..








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. الحوثيون يعلنون بدء تنفيذ -المرحلة الرابعة- من التصعيد ضد إس


.. ”قاتل من أجل الكرامة“.. مسيرة في المغرب تصر على وقف حرب الا




.. مظاهرة في جامعة السوربون بباريس تندد بالحرب على غزة وتتهم ال


.. الشرطة الأمريكية تعتقل عددا من المشاركين في الاعتصام الطلابي




.. بعد تدميره.. قوات الاحتلال تمشط محيط المنزل المحاصر في بلدة