الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الجبهة الشعبية وارتدادات -الأسلمة-

عريب الرنتاوي

2010 / 10 / 7
بوابة التمدن



أُعلن في غزة، عن ولادة تنظيم إسلامي فلسطين جديد، أطلَقَ على نفسه إسم "الجبهة الشعبية الإسلامية لتحرير فلسطين"، الإعلان الذي تردد صداه في جنين في الضفة الغربية، يشبه في مبناه "البلاغ رقم 1"، فهو يزعم أنه التعبير عن توق القواعد الجبهوية العريضة "المسلمة" للخلاص من قبضة "القيادة الكافرة"، وهو إذ أعاد إرهاصات نشأته أواسط الثمانينات، قدم "الحزب الجديد" كحزب إسلامي مقاوم ومستقل، متحاشياً ذكر أسماء "أعضاء مجلس قيادة الثورة"، وكل ما ورد حول الحزب من معلومات جاء على لسان "مصدر رفض الكشف عن هويته".

"الشعبية" ردت على هذه المزاعم باتهام أجهزة أمن حماس بـ"فبركة" القصة من ألفها إلى "واوها" وليس إلى "يائها"، وهي قالت أن الأمر لا يزيد عن كونه تحرك لعناصر معروفة لديها لجهة ارتباطاتها الأمنية (حماس)، وأن ما يجري هو انتحال لاسمها ومحاولة للسطو على تراثها النضالي.

أدهشتني لغة السجال و"التغطية" التي تناولت "الحدث"، خصوصاً على المواقع الالكترونية الإسلامية، ففي خلفية الخبر قرأت عبارات تعرف الجبهة على أنها تنظيم فلسطيني أسسه وقاده زعيم مسيحي أسمه جورج حبش، قبل أن يُقعده المرض فيستقيل، وأصدقكم القول أنها المرة الأولى التي تستوقفني فيها "مسيحية" جورج حبش، وأصدقكم القول، وأنا ممن عرفوا الرجل عن كثب، بأنها المرة الأولى التي أشعر بأن القائد "الفلسطيني، القومي والأممي" قد وضع في "قالب طائفي"، كان هو شخصيا، فضلا عن مئات الألوف من أنصاره ومحبيه، من أشد الناس رفضاً له.

على أية حال، عدت بذاكرتي وأنا أقرأ الخبر، سنين للوراء، فالجبهة الشعبية تأسست في مختتم العام 1967 كتنظيم يساري خارج من رحم حركة القوميين العرب، ومتحالف مع بعض الجماعات والمجاميع الفلسطينية، ولم يمض سوى أقل من عام على التأسيس حتى انشقت "الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين – القيادة العامة"، ليتبعها بعد ذلك بنصف عام فقط انشقاق آخر، رأت بنتيجته "الجبهة الشعبية الديمقراطية لتحرير فلسطين" النور، وقد حرص "المنشقون" على إتباع كلمة "الديمقراطية" في قلب اسم الجبهة الأم، تمييزاً لأنفسهم عنها، يومها اتهمت الجبهة الشعبية حركة فتح وأجهزتها الأمنية، بدعم الانشقاق والانشقاقيين، وظلت العلاقات بين الفصيلين اليساريين محكومة بعقدة الثاني والعشرين من شباط / فبراير 1968.

مضت سنوات خمس، قبل أن يقع الانشقاق الثالث في صفوف الجبهة الشعبية، لتنبثق عنها هذه المرة، "الجبهة الشعبية الثورية لتحرير فلسطين"، حيث ارتأى المنشقون عن التنظيم الأم، تمييز أنفسهم على الجبهتين الشعبية والديمقراطية معاً، واختاروا كلمة "الثورية" لإقحامها في منتصف اسم الفصيل الأم. لم يعمر التنظيم الجديد طويلاً على أية حال، عاد من عاد إلى صفوف الجبهة، وذهب "الرفاق" كل في طريق.

اليوم، هناك من يقول أن ارتدادات موجة "الإسلام السياسي والمقاوم" قد ضربت الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين، حيث يحرص المنشقون عنها، على إضافة "الإسلامية" في ذات المكان الذي وضعت فيه من قبل، كلمات من نوع: "الديمقراطية" و"الثورية"، حجة هؤلاء أن الجسم الرئيس للجبهة ما زال على دين آبائهم وأجدادهم، وأن حفنة من الرجال في القيادة هم من خرج عن "الملة" والتحق بركب "الكفر والكفار"، ويبرهن هؤلاء على فرضيتهم بالإشارة إلى أن معظم كوادر وقواعد الجبهة الشعبية، يمارسون العبادات بانتظام، من صلاة وصوم وحج وعمرة، وأن ما يربطهم بحزبهم الأم ليس سوى بقايا "شوق وحنين" لماضٍ لم يعد له ما يسنده كثيراً في الواقع المُعاش.

ذات يوم في زمن "البيرسترويكا" و"الجلاسنوست"، كان جورج حبش قاد عاد للتو من زيارة لموسكو، حيث التقيته في مكتبه بحي المزرعة في دمشق، وكانت "الماركسية – اللينينة" في حضيض مكانتها الدولية، سألته، وهو الذي كان قضى أزيد عقدين من عمره رافعاً للواء تحويل الجبهة الشعبية من "حركة قومية عربية" إلى "حزب ماركسي – لينيني فلسطيني" عن مفارقة اكتمال هذا التحول حزبياً مع أفول نجم الماركسية – اللينينة عالمياً، يومها بدا الإحباط مرتسماً على ملامح الرجل من دون أن ينطق به لسانه، فهو أكمل مسيرة "التحوّل" هذه أو كاد، فيما "الناس مروّحة"، بلغ ضفاف الحركة الشيوعية العالمية وهي على شفير الاندثار والتلاشي، كان الحوار ثقيلاً ومخيباً، عرضت عليه ممازحاً، وربما من سعياً لطرد الكآبة: ما رأيك أن نشرع في مسيرة تحول جديدة، ولكن نحو "حزب ديمقراطي مسيحي" هذه المرة، قلتها، والله على ما أقول شهيد، ولم يكن يخطر ببالي أبداً، ولا للحظة واحدة، العزف على "مسيحية" جورج حبش، ازداد وجه الرجل امتعاضاً وامتقاعاً، وشعرت أن المثل القائل: "جاء ليكحلها أعماها"، ينطبق عليّ في تلك اللحظة أتم الانطباق، لم يخطر ببالي اقتراح "حزب ديمقراطي إسلامي" فلم تكن الحركات الإسلامية في حينه، قد دخلت نادي اللاعبين الكبار بعد.

نأمل أن يكون بيان الجبهة الشعبية أقرب للحقيقة والواقع، وألا تزيد "الجبهة الشعبية الإسلامية لتحرير فلسطين" عن كونها "قنبلة دخانية" او "صوتية" لا فرق، فلسنا بحاجة لمزيد من الفصائل و"التفريخات" و"الاستنساخات"، لقد بات لدينا من كل فصيل نسختين أو ثلاث نسخ، لكل منها أمين عام ومكتب سياسي ومقرات وموازنات، واحدٌ في دمشق وثانٍ في رام الله وأحيانا ثالث في غزة، هذا يكفي ويزيد. ولا "نرغب" أن نصدق أن "أمن حماس" يمكن أن يلعب لعبة رخيصة من هذا النوع، خصوصاً في هذا الوقت بالذات، حيث تنفض الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين عن نفسها "غبار الركود والسبات" وتتحرك لاعتراض مسار التنازلات، المؤلم والمؤلمة الذي تنحدر إليه الساحة الفلسطينية، فإن صحت تقديرات الجبهة وصدقت اتهاماتها لأمن حماس، سنكون مرة أخرى شهوداً على "ضيق أفق المنظور الأمني"، ومشاهدين لحلقة جديدة من حلقات "لعبة العبث" التي دفعت الساحة الفلسطينية ثمنها باهظاً.









التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - الجبهة محصنة
سامر ابو رحمة ( 2010 / 10 / 7 - 15:11 )
الأمر لا يتعدى اجتماعا من بعض الرفاق العاملين في اجهزة أمن حماس والغير عاملين في صفوف الحزب - اجتماعا- مع قوى الامن تبعه اصدار بيانات ولم يتعدى الأمر أكثر من مجموعة من البيانات وبعض الاجتماعات .انوه إلى أن بعض الحركات كالطوارئ والتغيير انشاتها أجهزة أمنية في السلطة ولم تتعدى الدكاكاين التي سرعان ما تلاشت .وهنا أنوه أن النظر إلى الجبهة كبديل في ضوء ما تقدمه من بديل وطني وديمقراطي يمس الابعاد السياسية والاقتصادية والاجتماعية هو بالضرورة مزعج لحركات الاسلام السياسي التي تتغذىعلى التخلف وربط خطابها بالدين لتمرير مشروعها السياسي والاقتصادي كما أؤكد أن رفاق الجبهة تمتلك القدرة والوعي الذي يحصن الحزب باستمرار من هذه الحالات حيث أن العضوية تمرر ببرنامج ثقافي مكثف يأخذ الجانب الفكري مساحةواسعة منه في ضوء حرية الترك لمن يرىطوعا ان توجهه يختلف عن التوجه المادي . =


2 - كل شيء متوقع من عريب الرنتاوي
محمد عبد القادر الفار ( 2010 / 10 / 7 - 22:08 )
والذي يتحفنا بفتحاويته وانعزاليته التي لا تنجح كل ماسكات الليبرالية المزيفة إخفاءها

التقاط هذا الحادث في محاولة لإدانة الجبهة أو تصويرها على أنها متهالكة ومنقسمة

في حين أن الأمر اصغر من ذلك بكثير

نشكر الأستاذ سامر على التوضيح


3 - أول الحروف
حبيب هنا ( 2010 / 10 / 8 - 09:53 )
الحروف العربيةتبدأ ب الهمزة وليس ب الألف إذا كنت تريد التصحيح!

اخر الافلام

.. مصير مفاوضات القاهرة بين حسابات نتنياهو والسنوار | #غرفة_الأ


.. التواجد الإيراني في إفريقيا.. توسع وتأثير متزايد وسط استمرار




.. هاليفي: سنستبدل القوات ونسمح لجنود الاحتياط بالاستراحة ليعود


.. قراءة عسكرية.. عمليات نوعية تستهدف تمركزات ومواقع إسرائيلية




.. خارج الصندوق | اتفاق أمني مرتقب بين الرياض وواشنطن.. وهل تقب