الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


القروض كأداة من أدوات الهيمنة العالمية

حمد الخالدي

2010 / 10 / 7
السياسة والعلاقات الدولية


تمثل منظمات المال العالمي (صندوق النقد والبنك الدولي ومنظمة التجارة العالمية)والتي برزت إلى الساحة العالمية في مرحلة متقدمة عن بداية الظهور العلني والرسمي للنظام العالمي الجديد على خشبة مسرح العلاقات الدولية كتكتيك مبدئي لتحقيق مقاصد الإستراتيجية العليا الهادفة للسيطرة على الفسيفساء العالمية من قبل قادة النظام الجديد ،أهم مؤسسات ومراكز الإقراض والدين العالمي ، التي تلجأ إليها معظم الدول النامية والتي تمر بمجملها في ظروف إقتصادية متدهورة عند إتخاذ خياراتها الإقتراضية الضيقة (إلى جانب بعض من الدول المزدهرة إقتصاديا) بهدف الحد من تداعيات أوضاعها المالية والإقتصادية العسرة وإنعكاساته الخطيرة على الأوضاع الأخرى،إذ تشكل قرارات الإقتراض(الشر الذي لابد منه) بمثابة المناص الأخير أمام إدارات دول العالم الثالث لوقف حالة النزف المتزايد لعديد الإشكالات والأزمات الوطنية الناجمة عن مظاهر الوهن والضعف الإقتصادي ، ،وتكمن خطورة اللجوء إلى سياسات الإقتراض عند الدول النامية في الشروط والمتطلبات التعجيزية التي تفرضها منظمات المال العالمي بإيعاز من السلطة العليا وفق متغيرات ومستجدات الساحة العالمية وإعتبارات المصالح العظمى ، وكذلك إلى قيم الفوائد العالية والمتصاعدة بإستمرار والمترتب على شعوب دول العالم الثالث دفعها نظير ملبغ زهيد مقترض إذا ما قورن بمعدلات الفائدة المعمول بها في هذه المنظمات والتي من شأنها إرهاق كاهل الدول النامية وفتح ثغر جديد من الأزمات بدلا من قطب آخر.
ولهذا نجد أن الجدل لازال مستمرا حول إشتراطات القروض وتداعياتها الخطيرة على تنمية الإقتصاديات الناشة،فهنالك إتفاق عام على أن المؤسسات الدولية تفرض على الدول شروطا وضوابط خانقة تدفع الدول على تلبية متطلبات الدين دون التركيز على تحسين مستوى الحياة لمجتمعاتها .

ضافة إلى عشرات الشروط الفنية ذات الطابع الإقتصادي وجبال الدين المتراكمة والتي يعجز الإنسان النامي على حملها ،أصبحت هذه المنظمات العالمية والتي من المفترض أن تعامل جميع دول العالم كأسنان المشط الواحد تفرض على بعض الدول المقترضة من العالم النامي تحقيق بعض شروط الإصلاح السياسي مما إعتبرته إدارات هذه الدول تدخلا في صميم سلطانها الداخلي ،وفتح الباب مشرعا أمام القلاقل داخليا.

ولبرهنة حالة الإشتراط المتزايد التي تتبعها المنظمات العالمية على الدول المقترضة نجد أن في عقد الثمانينيات من القرن الماضي كانت الدول النامية تكبل بعدد قليل من الشروط الهيكلية لكل برنامج اما مع بداية العقد الحالي فأضحت تواجه رافد متدفقا لا ينضب من الشروط،حتى بلغ شكلا تعجيزيا كما هي الحال مع جمهورية تنزانيا التي قيدت ب150 شرطا لإقراضها ،زد على ذلك سياسات التمييز المنتهجة لدى المنظمات الدولية مع الدول النامية حسب أهواء من يملك الحصة الأكبر في هذه المنظمات ،فنجد أن هناك بعض الدول لازالت تستمر في الحصول على القروض دون أن تفي بالشروط الأصلية التي تم بموجبها الإقتراض.ويتضح
مما سبق ذكره أن الأهداف المعلنة التي أنشأت من اجلها منظمات المال والإقتصاد العالمي كالنهوض بمستويات التنمية الإقتصادية للشعوب النامية ومساعدتها في تخطي مشاكل الفقر والتعليم والبطالة تحقيق الأمن الغذائي والصحي وتقديم الوصفة السحرية لعلاج الإختلالات الهيكلية والعجز في الموازين الوطنية عبر طائفة عديدة من القروض والديون في ظاهرها ميسرة قد تحولت إلى كوابيس مزعجة بفعل التزايد المضطرد في حالة الإختناق الإقتصادي مما حول الأوضاع في البلدان النامية إلى كوميديا سوداء تدلل عليها مؤشرات الفقر المتزايد والبطالة المتفشية والهروب إلى الموت(الهجرة) وتراجيدية الوضع الصحي والتعليمي والإقتتالات الداخلية والحروب الحدودية ....الخ
يمكن التأكيد قي نهاية هذا المحور أن عملية الإقراض للدول النامية من أهم أساليب الغواية التي برع من خلالها أصحاب المقام العالي العالمي في در أرباح طائلة من مقدرات العالم الثالث في محاكاة للتجربة الإستعمارية السابقة التي مرت بها هذه الشعوب ، قد حطم سياسات الإقراض المنظمي إقتصاديات السواد الأعظم من دول العالم النامي مما أوقعها فريسة في فخ الإستحقاقات والفوائد عالية التكلفة التي بدورها أدخلتها نفقا قد لاترى أبدا في آخر مطافه ضوءا متى ما دوامت السياسة الدولية الحالية على إستمرار أوضاعها الراهنة.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. تونس: ما مبرّرات تكوين ائتلاف لمناهضة التعذيب؟


.. ليبيا: ما سبب إجلاء 119 طالب لجوء إلى إيطاليا؟ • فرانس 24




.. بريطانيا: ما حقيقة احتمال ترحيل مهاجرين جزائريين إلى رواندا؟


.. تونس: ما سبب توقيف شريفة الرياحي رئيسة جمعية -تونس أرض اللجو




.. هل استخدمت الشرطة الرصاص المطاطي لفض اعتصامات الطلاب الداعمة