الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


دور المسرح السياسى ووظيفته

محمد عبد المنعم

2010 / 10 / 8
الادب والفن


من خلال التعريفات والآراء العديدة التى طُرحت حول مصطلح المسرح السياسى، يستطيع الباحث أن يقف على وظيفة هذا المسرح، فهو يلعب دوراً فعالاً ورئيسياً فى تغيي ما هو كائن. وهذا ما يؤكده (مايرهولد) بقوله عن المسرح السياسى إنه " يلعب دوراً ضخماً فى تغيير كل ما هو موجود، فمن الممكن أن يلعب الفنان دور السياسى وليس العكس ". فانطلاقاً من وعية بحقيقة الصراعات الدائرة يتمحور دوره فى أن يفضح طبيعية تلك الصراعات ويكشفها، فيستفز الجمهور ويعلمه، وهو يعرض عليه أوضاعه بكثير من التحليل من أجل تنويره، وبالأحرى تثويره، وتحفيزه على العمل والفعل لتغيير قدره.

لذلك يطرح المسرح السياسى – بوصفه فناً ثورياً – المشكلة المعالجة بشكل مكثف ومباشر وفى فترة زمنية محددة، باعتباره أداة اتصال حميمة مع المتلقى تفوق غيرها من أدوات الإعلام؛ إذ لا تقتصر وظيفته على تصوير الواقع الحياتى الحالى فى المجتمع فحسب، وإنما يتجاوز ذلك إلى توجيه المجتمع ومحاولة تغييره، فهو بحق أداة من أدوات الثورة الاجتماعية، يتناول الواقع باعتباره نقطة بداية، متخذاً منه أداة اتهام لمتناقضات المجتمع،
داعياً إلى الثورة والتغيير .

ولما كان المسرح السياسى يهدف إلى إيقاظ وعى المتلقى فإنه يعمل على حضور الناس باعتبارهم مشاهدين، حضوراً واعياً دائماً ومنظماً، هذا الحضور الواعى المنظم الذى يمارسه هذا المسرح ضرورة؛ لأنه يتحرك مع حركة الحياة ومعركة التاريخ، ويصبح منبراً للدعوة ومنطلقاً للعمل الثورى الذى يحبذ التغيير نحو الأفضل، فوظيفة المسرح السياسى " ليست الوظيفة الأرسطية (التطهير) بمعنى إثارة عاطفة، بل هى تواصل عقلى بين ما يقدمه المؤلف وبين الجمهور " ، لذلك فكل ما يهمه هو كسر حاجز الإيهام بينه وبين الجمهور؛ إذ يحاول أن يشركه معه فيما هو مطروح أمامه من أحداث، ومن ثمَّ فإن المسرح السياسى يُعتبر مسرح القلق، مسرح الغضب، مسرحاً لا مجال فيه للراحة والانفراج، وإنما يسعى للتصعيد. " وكم هو دقيق وشفاف الخيط الفاصل بين خاتمة تشحن وأخرى تفرغ " ، وهو
ما يحدد اختيار الفنان المسرحى، وتوجهه نحو سياسة تكرس الوضع القائم على القمع والقهر والمصادرة والتسلط، أو سياسة تدفع باتجاه التبديل والتغيير نحو الأفضل.

لذلك يردد (أحمد صقر) قائلاً إن " رسالة المسرح السياسى ليست فقط الإمتاع الحسى، ولكنها تتخطى ذلك إلى الإمتاع الفكرى ليصبح المشاهد قادراً فى أعقاب المشاهدة على مناقشة الأفكار والتحرك بشكل إيجابى؛ حيث أنه أصبح مُستَفَزاً تحركه الأفكار نحو الثورة على الأخطاء التى تحكم الفكر السياسى لهذا العصر ".
ويشير (سمير سرحان ) إلى دور آخر للمسرح السياسى، حيث يرى أن وظيفته لا تكمن فقط فى التعبير عن الثورة المكبوتة وعن الرغبة فى التغيير فحسب، وإنما هى أيضاً وظيفة فنية إلى أبعد الحدود، إنه تجسيد لِمَا يجب أن يكون عليه الفن الجيد، مضمون كبير وفن مسرحى كبير يلائم ضخامة المضمون وخطورته، لذلك تبلورت حقيقة مهمة تمثلت فى أن المضمون الجيد لا يمكن أن ينفصل فى المسرح السياسى عن الفن الجيد. إن وظيفة المسرح السياسى الحقيقية تكمن فى طرح الأسئلة التى ينبغى أن يسألها المجتمع فى لحظات القهر، ولا ينتظر منه أن يجيب على هذه الأسئلة، وإنما عليه فحسب أن يسألها حتى تتخذ شكلاً محدداً، وما هذا الشكل إلا الرؤيا العميقة الواضحة الى تصاحب ميلاد فجر جديد.

ولا يمكن أن نغفل أن المسرح السياسى يسهم بشكل كبير فى توجيه الرأى العام باتجاه معين فى فترة محدودة " ولكنه لايساهم فى ترسيخ قيم فى تفكير الإنسان وسلوكه بشكل ثابت وأصيل . ويعلل (أحمد العشرى ) ذلك فيقول " لأن القيم التى يثيرها المسرح السياسى المباشر ويحرض عليها ، تكون ذات تأثير وقتى، قد تزول بزوال السبب، وهذا فى حد ذاته ليس عيباً، فقد أدى الفن الجيد إحدى وظائفه، ولكن الذى نعول عليه أن تبقى القيمة مطلقة وخالدة ".
دور المسرح السياسى ووظيفته








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. الجنازات في بيرو كأنها عرس... رقص وموسيقى وأجواء مليئة بالفر


.. إلغاء مسرحية وجدي معوض في بيروت: اتهامات بالتطبيع تقصي عملا




.. شكلت لوحات فنية.. عرض مُبهر بالطائرات من دون طيار في كوريا ا


.. إعلان نشره رئيس شركة أبل يثير غضب فنانين وكتاب والشركة: آسفو




.. متحف -مسرح الدمى- في إسبانيا.. رحلة بطعم خاص عبر ثقافات العا