الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


السؤال المحوري الغائب

أمينة النقاش

2010 / 10 / 9
مواضيع وابحاث سياسية


الإدارة الأمريكية عجزت عن ترشيد سياسة البشير فتبنت رغبة الجنوبيين في الانفصال (في الصورة: لاجئون سودانيون في مدينة أكوبو، أيار 2009)

عبرت وزيرة الخارجية الأمريكية عن رغبتها في أن ينفصل جنوب السودان، وتواكب هذا التعبير مع الحملة الأمريكية التي تقودها إدارة الرئيس أوباما، لإغراء الحكومة السودانية ببعض الإجراءات، لكي لا تضع أي عراقيل أمام الاستفتاء الذي سيجري بعد أقل من أربعة أشهر في التاسع من يناير القادم حول حق تقرير المصير للجنوبيين، والذي تشير معظم التوقعات إلى أنه سينتهي بانفصال الجنوب، وتشكيل دولة أفريقية جديدة طبقا لاتفاقية نيفاشا للسلام التي وقعت برعاية أمريكية وأوروبية عام 2005.
إدارة الرئيس الأمريكي أوباما عبر مبعوثه إلي السودان الجنرال «سكوت جريش» تشجع حكومة الخرطوم على المضي قدما في إجراء الاستفتاء في موعده، ودون عقبات، في مقابل تحسين العلاقات الأمريكية معها، ورفع اسمها من قائمة الدول التي ترعى الإرهاب، ومدها بمعدات أمريكية متطورة في مجال الزراعة والري، وإعفاء السودان من ديونه الخارجية، ووقف المقاطعة فيما ليس له علاقة بتصدير البترول، ورفع التمثيل الدبلوماسي معها إلى مستوى العلاقات الكاملة، وقد علق الجنرال «جريشن» على تلك السياسة تجاه الخرطوم بقوله «إننا نقدم الجزرة والعصا إلي الشمال، نقدم لهم إغراءات لتحسين العلاقات بين بلدينا، فإذا رفضوها يكونون قد عاقبوا أنفسهم، وآنذاك تتحول الجزرة إلى عصا».
تأتي هذه التصريحات وغيرها، بعد أن تصاعدت الأصوات التي تدعو الحكومة السودانية لعدم إجراء الاستفتاء في موعده، بعضها إداري يتذرع بعدم الاستعداد الكافي لإجرائه، وبعضها الآخر سياسي، يشكك في قدرة الجنوبيين علي إقامة دولة، ويحذر من أن مآلها هو أن تكون دولة عدائية، للشمال تنفذ أجندة أمريكية وإسرائيلية، كما أفتت هيئة علماء المسلمين بأن إجراء الاستفتاء من الأصل حرام شرعا، وهي الفتوى التي أفسح لها الإعلام الحكومي أبوابه وروج لها، بعد أن داهم حكومة الإنقاذ الوقت، وأصبح عليها أن تتقبل بعد أقل من مائة يوم حقيقة مرة هي انفصال الجنوب، بعد فشلها على امتداد خمس سنوات منذ توقيع اتفاق السلام في اتخاذ السياسات التي تجعل قضية الوحدة هي الاختيار الأمثل للجنوبيين.
لم يعد السؤال المركزي الآن هل سيفصل الجنوب أم لا، بل هو ماذا بعد الانفصال؟ ولا تكفي إجابة عن هذا السؤال، أن يحمل رموز حزب المؤتمر الوطني الحاكم في الخرطوم والصحف الموالية له، الولايات المتحدة الأمريكية المسئولية عن تشجيع حدوث انفصال الجنوب، إذ الصحيح أنه ليس من مصلحة إدارة أوباما الحالية، أن يتفتت السودان إلى دويلات تجلب معها عوامل زعزعة الاستقرار وسط قارة تحفل بالمصالح الأمريكية، كما تضيف إلى ورطاتها في مواقع الاضطرابات في أفغانستان والعراق عبئا جديدا، وواقع الحال أن الإدارة الأمريكية، بعد أن عجزت عن ترشيد سياسة الرئيس السوداني البشير، تبنت رغبة الجنوبيين أنفسهم في المضي قدما نحو الانفصال، ثم أعلنت مؤخرا سياسة العصا والجزرة لحفز «البشير» على عدم نقض العهود والتمسك بتنفيذ بقية بنود اتفاق السلام مع الجنوبيين.
من مصلحة الحكومة السودانية الآن العمل على إجراء الاستفتاء في موعده، والكف عن تصريحات مسئوليها، التي تؤجج البغض والكراهية والعداء بين الجنوبيين والشماليين، وأن تهيئ الأجواء في الفترة المتبقية حتى إجراء الاستفتاء، لكي يتم بسلاسة تكسب الجنوبيين ثقة الخرطوم، كي يمكن بعد ذلك حل القضايا المتنازع عليها بالتوافق والتراضي وبينها ترسيم الحدود وتعداد السكان، وكيفية توزيع الثروة البترولية، إذ المعروف أن 70% من الدخل القومي السوداني يعتمد عليها، فضلا عن قضايا اقتسام الديون واللاجئين.
فإذا لم يكن هناك مفر من قيام دولة أفريقية جديدة في جنوب السودان، فليكن الرهان على أن تكون دولة صديقة للشمال وللعرب!








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - بالسودان ولا بالبشير
فؤاد النمري ( 2010 / 10 / 9 - 11:16 )
سيدتي العزيزة
لماذا نلوم الولايات التحدة الأميركية في حين أن أحمد حسن البشير الذي اغتال الحكم الديموقراطي في العام 89 يؤكد بسياسته القول -بالوحدة السودانية ولا بي كرئيس- !! أي رجل هذا !!؟ أتركيه يا سيدتي يسجل اسمه بيده في أكثر صفحات التاريخ خزياً وسوادا. كان يعلم تماماً أن إعادة انتخابه سوف تؤدي إلى انفصال الجنوب الذي يقدس الديموقراطية. لن يستطيع الجنوب التوحد مع البشير الذي يبول على الديموقراطية صباح مساء


2 - بشارة خير مقالتك استاذه ببدء العقلانيه عندنا
د صادق الكحلاوي ( 2010 / 10 / 9 - 12:12 )
تحياتي المخلصه استاذه امينه النقاش واتشرف اننا متعارفان بمؤتمرات
ان الاسلام -وهو عندي ليس دينا وانما حزب سياسي متوحش وشديد التطرف ويتجلى خصوصا بالغائه للعقل والتفكير العقلاني ناهيك عن العائه للاخر جملة وتفصيلا حتى في داخله
اتوقف طويلا امام استمرار اللحمه التاريخيه في بلدان عملاقه كالصين والهند خصوصا في شرقنا وعدم قدره مبالغ فيها للصمود والحفاظ على الوحده مثلا في الدولة العثمانيه التي سقطت حتى قبل دخول الجيوش الاجنبيه لمركزها الذييسمى اليوم تركيا وسقوط دولة البعث الفاشيه حتى قبل وصول قوات التحرير الانكلواميركيه في حين ان الصين والهند تعرضتا في فترات الكولونياليه
والامبرياليه الى عدوانات واحتلالات وشعوبهما تتكون من مئات الديانات والاثنيات واللغات ولااجد سببا غير هذا الاثم المتراكم للاسلام المتوحش المغيب للعقل والعقلانيه والناكر للاخر حتى في داخله وماحدث في السنوات الاخيره في العراق من تاجيج للطائفية والعرقيه هو من الموروث الاسلامي المخزي الذي استمر في عقل الاكثر رعونة من بقايا المماليك والانكشاريه المتنفذه ايام حكم الملوكيه او البعث الفاشي ونفس الشئ يمكن ان يقال عن بدء الفتنه بمصر


3 - متي واين احتفظ التاريخ بشخص علي حساب الاوطان؟
محمد البدري ( 2010 / 10 / 9 - 17:02 )
مبروك علي الشعب السوداني تفتيت وحدته وارضه لقاء الاحتفاظ بالبشير ونظامه العروبي المتاسلم. طبعا الشماعة هي امريكاز لكن هل احصت السيدة الفاضلة النقاش كم عدد الزيارات التي قام بها سعود الفيصل للسودان علي مدي العشر سنوات الماضية. غقراؤا ابن خلدون لتعرفوا كيف اصبحت العروبة مصدر تخريب للمجتمعات والدول. فما قيمة رجل مطلوب للعدالة لجرائم ارتكبها في دارفور وفي الجنوب مقابل اوطان ستذهب الي الجحيم باسم الشريعة والعروبة.


4 - تعليق
سيمون خوري ( 2010 / 10 / 9 - 17:18 )
الأخت أمينة النقاش تحية لك ولجهدك ، في هذا المقال أجد نفسي متفقاً مع أخي فؤاد النمري في تعليقة .. لماذا نحمل الأمريكان مسؤلية ما حدث والإنفصال عبارة خيار الطرفين الحاكمين في الشمال والجنوب ..؟ ربما نسيت الأخت أمينة زيارة النائب الثاني علي محمد عثمان طه للرئيس البشير الى واشنطن وإبلاغه الأدارة الأمريكية بموقف الجبهة الإسلامية في الإنفصال بل ربما أكثر من ذلك ... وماتنشرة صحيفة - الإنتباه - القريبة من الجبهة الإسلامية دليلاً أكثر من كاف حول هذا الموضوع . كذلك زيارة النائب الأول السيد سلفاكير الى واشنطن . على ما يبدو هناك سيناريو موحد لما بعد الإنفصال منذ الفترة التي مهدت لإتفاق نيفاشا . والبشير هذا الرئيس سيكون هو كبش الفداء القادم بعد التضحية التي تمت بحق الراحل الكبير جون قرنق . نعم منذ اللحظة التي جرى فيها إغتيال الديمقراطية في إنقلاب 89 وثم إغتيال قرنق أصبح العنوان واضحاً. بعد الإستفتاء هناك أكثر من سودانين على الطريق . أختي الكاتبة تحية لك


5 - هل قراتم ابن خلدون؟
محمد البدري ( 2010 / 10 / 9 - 22:06 )
البشير عروبي قومي واسلامي. يا خيبة السودانيين التقيلة ويا حسرة علي السودان كوطن.


6 - الانفصال احيانا ضرورة حتمية
مكارم ابراهيم ( 2010 / 10 / 10 - 14:37 )
تحية طيبة
غالبية العرب يهاجم امريكا بتدخلها في شؤننا الداخلية لدعم مصالحها الامبريالية
ولكن اليست الحقيقية اننا نحن العرب بعد فشل جامعتنا العربية كالعادة في حل نزاعاتنا الداخلية تركض مهرولين الى البيت الابيض لحل نزاعاتنا الداخلية
ولاا رى اي مشكلة بانقسام الشمال عن الجنوب اذا كانت هناك نزاعات لاتحل ولايوجد اي توافق بينهما فالكثير من الدول الاوروبية انفصلت فيها الدولة الى دولتني للاختلافات الكبيرة بينهما فالانفصال ضروري اذا كانت الاختلافات لايحل شرط ان يحترم الطرفين سيادة الاخر
احترامي وتقديري
مكارم


7 - الجدليه الهرقليه
عثمان احمد ( 2010 / 11 / 9 - 20:08 )
السلام عليكم اخوتى
نعيب زماننا والعيب فينا **وما لزماننا عيبا سوانا
كان من الممكن ان نكون فى وضع افضل ازا كانت هنالك خطوط عريضه لجعل الوحده جازبه كاخيار !! انا لا الوم المؤتمر الوطنى وحده بل الوم القوه السياسيه السودانية بشكل عام
الان علينا ان نجعل دوله الجنوب دوله صديقه حتى على اقل تقدير نعطى لانفسنا معنى ؟ لمازا انفصل الجنوب ! لوقف الدماء من الطرفين
ازا انفصل الجنوب واصبح دوله عدائيه هنا تكمن ام الكوارث سنكون فقدنا جزء من السودان ومازالت الدماء مستمره
ربنا يكضب الشينه ويحفظ السودان والسودانين

اخر الافلام

.. زيلينسكي: روسيا ليست حاضرة معنا لأنها غير مهتمة بالسلام


.. تصاعد دخان جراء قصف الاحتلال لمباني في رفح جنوبي قطاع غزة




.. اليمن.. عودة طريق تعز الحوبان للعمل بعد 9 سنوات من الإغلاق


.. إلياس حنا: الاحتلال يقاتل في بيئة معادية لا يعرف فيها سوى ال




.. مؤتمر سويسرا.. عملية السلام من دون روسيا لا يمكن أن تستمر| #