الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


ماذا تعلم ساركوزي من الرئيس اليمني !

بكر أحمد

2010 / 10 / 9
اليسار , الديمقراطية والعلمانية في الخليج والجزيرة العربية


أثارت قضية تعيين الرئيس الفرنسي لأبنه نيكولا ساركوزي رئيسا ( لوكالة التنمـية العمرانية ) حالة من التذمر والرفض الواسع بين النخب السياسية والفكرية وبين الشعب الفرنسي الذي خرج بمظاهرات رافضة لمثل هذا النوع من التعيينات ورفع بعض المتظاهرين لافتات كتب عليها ( جمهورية فرنسا العربية ) ورسمت الصحف رسومات ساخرة تُشٌبه ساركوزي بالحكام العرب الذين يوزعون المناصب على أولادهم وأقربائهم دون حسيب أو رقيب، حتى اضطر بعدها لخروج نجل الرئيس الفرنسي يعرب عن رفضه قبول هذا المنصب.

كان من الطبيعي أن ينتفض الشعب الفرنسي لمثل هذه الأعمال ويرفضها ويسخر منها لأنها غير سوية ولا متناسبة مع النزاهة والأمانة التي منحت للرئيس حين تم انتخابه، وأن القانون لديهم صريح وينص بعدم إستخدام النفوذ في أمور مخالفة للأنظمة كتعيين ابن الرئيس البالغ من العمر الخامسة والعشرين لمنصب قد يضع تحت يديه مبالغ تصل الي 1.94 مليار دولار في وقت ترتفع فيه نسبة البطالة بين الشباب الفرنسي .

يا ترى ما هي الجينات التي تغذي شعب و تجعله ينتفض لكرامته عن شعب آخر استلذ وقبِل بالإهانات والتفريط بحقوقه ، وأنا إذ اطرح مثل هذا السؤال استبعد نهائيا كون فرنسا دولة صناعية ضخمة، لأن الصناعة والتقدم العلمي لا علاقة لها بضمير الشعوب، وإلا كان الشعب الصيني أول المنتفضين على الاستبداد الواقع عليهم، لكن هنالك ثقافة فردية هي من تجعل من العقل الجمعي لأي شعب من شعوب العالم يمتلك دينامكية وحساسية كبيرة ضد أية محاولة لانتهاك حقوقه أو السخرية منه، وشعب فرنسا الذي أعطى العالم أروع ثورة ضد الاستبداد ليس من السهل أن يأتي أي رئيس ليفكر بالعبث معه .

بالنسبة لنا الوضع مختلف جدا، ومغاير لكل الأعراف الطبيعية، نحن شعب يحتاج إلى شعب جديد لم يألف كل هذا التلوث الثقافي والفكري والسياسي حتى يثور على جلاديه، أما هذا الشعب الذي يشاهد كل ما يحدث له دون أن يحرك ساكن هو حتما شعب ميت لا وجود له على خارطة التاريخ أو على الضمير العالمي، لأنه لا يوجد شعب يستحق الذكر عندما يصفه رئيسه بأنه مجموعة ثعابين وأن يصرح علانية بأن تعيين أبنائه وأقربائه ضرورة لحمايته وحماية كرسيه دون أن يتململ غضبا .

طبعا لا يخفى على أحد كم هم أبناء الرئيس وأقربائه وأنسبائه الممسكين في مفاصل الدولة الأمنية والاقتصادية الهامة، ونعرف أيضا أنهم يجبرون الشركات الأجنبية على التعامل معها وعلى الإدعاء بحمايتها وإلا فهي غير مسئولة عما يحدث لها وتأخذ مقابل ذلك مبالغ مالية ضخمة على رغم أن أمر الحماية هي شيء مناط بالدولة، إلا أن هذا الأمر وأن صار غاية في الاعتيادية في نظرنا ظهرت وكنتيجة طبيعية لهذه الخروقات القانونية فضائح فساد تزكم الأنوف، وكلنا يتذكر فضيحة تقديم شركة أمريكية رشاوى مالية إلى يمنيين في شركة اتصالات هاتفية ومن ضمنهم نجل الرئيس علي عبدالله صالح والتي نشرت بالوثائق في تلك اللحظة، وطبعا لم يحدث شيء ومر الأمر مرور الكرام وتناسى الجميع هذه الفضيحة التي أن وقعت في أي مكان آخر لسقطت الدولة وتعرض المتهمين للمحاكمة الفورية مباشرة، لكن هذا النجل هو الحاكم القادم على ما تبقى من خراب في هذا الوطن ، والجميع مسته خيفة من التعرض المباشر له ، فوطن يحكمه العسكر والاستبداد والاختطاف من المنازل ومن على الطرقات يجب أن يحذر الإنسان قبل النطق أو الحديث عن أي شيء يمسهم !

ولأن النظام الحالي يمتاز بطبيعة فاسدة وغير قابلة للإصلاح فمن الطبيعي أن تستمر الفضائح والاستنزاف الدائم للمال العام ، فها نحن الآن نسمع عن قيام شركة أمريكية أخرى بتقديم رشاوى لأبن شقيق الرئيس وذلك حسب صحيفة وول ستريت جورنال بأن وزارة العدل الأمريكية فتحت تحقيقا للتأكد من ما إذا قامت شركة أمريكية تعمل في مجال النفط في تقديم رشاوى منذ عام 2002م لصاحب شركة يمنية اسمها " زنك انفست ليمتد" ويدعى توفيق صالح عبدالله صالح وهو ابن أخ الرئيس اليمني من أجل تمرير عقود لها مع الحكومة، كما وحسب الصحيفة تم ابتزاز الشركة الأمريكية طوال فترة عملها حتى أنها وحين امتنعت عن الدفع وصلتهم رسائل تهديد عبر الهاتف للضغط عليها .
هذه الأخبار ليست شائعات مغرضة ولا تصدر عن إنفصالين أو حوثيين، إنه الإعلام الأمريكي هنالك هو من يتحدث، وهذا الحديث ليس للتشهير بالأسرة المالكة لدينا،ولكنهم من أجل أنفسهم واحترامهم للقانون ورفضهم أن يستخدموا الرشاوى في تمرير أعمالهم التجارية وأن الجميع يقف تحت القانون ولا أحد فوقه مهما بلغت مرتبته السياسية أو العائلية.

فساد أعلى هرم في السلطة شيء مخجل جدا، كما أنه يفقد الأمل في محاربته أو التقليل منه، ومادام الحكم قائم بواسطة الجيش والحروب والأزمات ، فعلى ما يبدوا أن هذا الأمر سيطول أكثر مما نتوقع، فهنالك حاليا جيل جديد في السلطة يريد أن يبرز وأن يأخذ نصيبه من الكعكة وهم أكثر عددا وصلفا وعنجهية من سابقيهم .

ولا عزاء لنا مادمنا ارتضينا بقائهم .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - اطاعة اولي الامر
عادل السيد ( 2010 / 10 / 9 - 15:29 )
استاذي هذه هى الحرية والعلم والنور فرنسا لا تعرف ابو هريره او الاسياد والاشراف وارادة الله اوانشاء الله واطاعة اولي الامر


2 - مستحيل
يمني في المهجر ( 2010 / 10 / 9 - 17:11 )
هذه الفاضح المذكورة مستحيل انها تمر بكل هذه البساطة !!!!

اخر الافلام

.. ما محاور الخلاف داخل مجلس الحرب الإسرائيلي؟


.. اشتعال النيران قرب جدار الفصل العنصري بمدينة قلقيلية بالضفة




.. بدء دخول المساعدات عبر الرصيف الأمريكي العائم قبالة سواحل غز


.. غانتس لنتنياهو: إما الموافقة على خطة الحرب أو الاستقالة




.. شركة أميركية تسحب منتجاتها من -رقائق البطاطا الحارة- بعد وفا