الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


ألندم

أسعد البصري

2010 / 10 / 9
الادب والفن



..حرارتي مرتفعة وأشعر برغبة في الكتابة ،
لأول مرةٍ منذ عشر سنوات أمسك بورقة وقلم وأكتب..
هذا الفعل الفيزيائي ،من اليمين إلى اليسار ، لم أجربه منذ زمن .
هذه الرسائل ُ آلمفتوحة بيني وبينك يا عزيزتي..
تتحوّل إلى تكاثر عجيب للمُرسل إليه..
وهذا ما يجعل الرسالة ثقافة وتجربة وليست شأناً شخصياً...
يوماً ما ستعرفين أن وجودكِ وحكايتك ليست شأناً شخصياً بل شأنٌ ثقافي و عام .
حرارتي مرتفعة..وأفكر في الإسكندر الكبير ،
كان يسقطُ من حصانه بشكل متكرر بسبب هيجان الندم..
الندم على أخطائه وجرائمه ..
هذه الحكاية أسرتْ ذاكرتي يا تمارة وجعلتني أفكّر بمفهوم النجاح وجدواه..
هذه الحكاية جعلتني أحبّ ماركس وأفكر فيه كمخلّص..على مستوى الضمير والثقافة.
أجرحُ هذه الورقة وأفكر بالندم ..وأتذكر ما قاله لي عامر بدر حسون قبل عقد ونصف في دمشق .:
(الحياة مجموعة قرارات ..وآعلم أنك نادمٌ على أية حال)
هل كان الإسكندر يشعر بآلندم لأنه كان مثقفاً أم لأنه آرتكب جرائم ؟
كان اليوناني كازانتزاكي يقول أنه لو قابل آلله سيطلب منه أن يولد
الإنسان شيخاً طاعناً ويموت طفلاً متورّد الخدين حتى لا يشعر بالندم أبداُ.
أُفكرُ في بيت الجواهري :
............................
ماذا فعلْتُ بنفسي قد أحقْتُ بها
ما لمْ يُحِقْهُ بروما عَصْفُ نيرونِ
................................
......................
ألثقافة هي عُمق الشعور بآلندم..لهذا قال جان بول سارتر:
(ألإنسان ، بمثابة تأنيب في ضمير العالم )
حرارتي ترتفع يا عزيزتي ...
وآلضباع هي الوحوش الوحيدة التي تأكل ضحيّتها حيّة...
ندمي ضباعٌ وأيامي رائحة دم.
ألندم أسقط الإسكندر الكبير من حصانه..
ألندم أسقطني على هذه الورقة..
ألندم هو أنني من آلشباك أنظر إلى الشارع فأرى مشرداً
يمشي تحت المطر فأندم أنني لستُ هو..
وحين أصبح مشرداً أنظر إلى ضوء الشبابيك الدافئة وأندمُ لأنه لا بيت لي.
ألندم هو توقي إلى ما ليس لي ،
هو حنيني إلى ما ضاع مني .
ألندم هو وجه حبيبتي الذي يخنقه الملل ،
وهو آشتياقي إلى لمحة من وجهها بعد أن تتركني .
ألندم هو شهقة كلكامش ، وقلق المتنبي ،
هو مرضٌ مزمنٌ يصيبُ الشعراء ، هو موتٌ في الحياة .
ألندم عنفٌ يمارسه الفكرُ على العقائد فتتشقّقُ أمامه ،
ألندم صوتٌ مخنوق يحاربه الكلام ،
ألندم ترتيلٌ عالٍ لآياتٍ شيطانية.
~~~~~~
ألندم صديقتي تمارة التي تود أن تتركني أندم وحدي ،
تعالي نندمُ معاً ..فهناك الكثير لنندم عليه .
تمارة التي أصابتني بطيبة القلب
فأصبتها بجراثيم اللغة..
لهذا عندما تتكلمُ أبكي
وعندما أتكلّمُ تبتسم .
القصائد العظيمة كتبها الموتى .
لهذا كلما آقتربنا من الموت كتبنا بشكلٍ أفضل .
وهلْ نحن إلا آمتلاءٌ بآلموت وآلذاكرة ؟؟
ألندم ميّتٌ يتكلّمُ.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. قصيدة الشاعر عمر غصاب راشد بعنوان - يا قومي غزة لن تركع - بص


.. هل الأدب الشعبي اليمني مهدد بسبب الحرب؟




.. الشباب الإيراني يطالب بمعالجة القضايا الاقتصادية والثقافية و


.. كاظم الساهر يفتتح حفله الغنائي بالقاهرة الجديدة بأغنية عيد ا




.. حفل خطوبة هايا كتكت بنت الفنانة أمل رزق علي أدم العربي في ف