الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


قصة قصيرة / كِلاب ولكنْ !

حسين سليم
(Hussain Saleem)

2010 / 10 / 11
الادب والفن




- " انظرْ هذهِ صورُ مِن حفلةِ تخرّجِهِ !" قالتْ (روز) .
- "أيُ تخرّج؟" استغربْتُ وأنا ابعدُ حزنَ عينيّ عنها.
وهناكَ ثلاثةُ كِلابٍ على شكل ِدمى ٍتقعُ على ركن ِالمنضدةِ،تسترقُ السمعَ، ألوانُها مختلفة ُ، الأولُ: قهوائي بوجهٍ فاتح ٍ، والأخر ابيض بأذنين وعينينِ سوداوينِ ،و أما الثالثُ ، فكان ابيض بأذنين قهوائيتينِ ، وكلبٌ رابعٌ اسود يقفُ على منصةٍ عالية من الزجاج ِ. قالت: "دورة ٌلكلبي( جان) في حسن ِالسلوك، أسبوعان لا غير في مدرسة ِالكلابِ".
صورُ كِلاب ٍكثيرة ٍمعلقة ٌفي المكتب، صغيرة وكبيرة،بأشكال ٍومواضع َمختلفة ، تختلف ُعن الكِلاب التي رايتـُها فيما مضى من حياتي، كلابـُنا مسعورة ٌ تنهش ُلحم َالبشر وتفترسُه ببساطة .
تركتْ المجلدَ عندي، وقالتْ عندَ باب ِالمكتبِ: وحين َتنتهي منه، ضعْهُ في درج ِ خزانتي.
تذكرتُ ألأخبارَالواردة : انَّ كلابَنا صارتْ أكثرُ وحشية ، وإنها تعدُّ بمئات ِالآلاف، تقتحم ُالأبوابَ المفتوحة ، كما إنَّ مرضَ السعار ِالمعروف ِبداء ِالكَلَبِ صارَ وبائيا وانه تسببَ في قتل ِ احد َعشرَ طفلا. سألتُ . قالوا ليّ: إننا لا نرفقُ بها، وانّ سنواتِ العجاف ِزادَتْ من وحشيتها.قبلت ُمجاملا وراسي يحملُ أوجاع َ أخبار الذبح ِعلى الهوية.
قال الكلبُ القهوائي ذو الشعر ِالطويل ِ: الليلة ُلدينا سهرة ُطويلة ُمع الاستاذ.
أ ُصبتُ بقشعريرة ٍحينَ سمعْتُ مفردة َالسهرة . تقدمتْ خلفـَه الكلابُ، تتراقصُ مقتربة ًمن مجلد الصور ِالمرمي على المنضدة ، حيثُ وضعَتـْه ( روز).
أخافُ من الكلاب منذ ُنعومة ِأظافري، وقد عمقـَتْ الكلاب " البشرية " هذا الخوف َفيّ، فصارَ خوفي مضاعفا. وعلى الرغم ِمن إنّ الكلاب َهنا ، في مدينة ِ(مانشستر)، وديعة ُويتعاملُ الناس ُمعها بمنتهى الرقةِ إلا انّ الخوفَ ظلّ يلازمني أينما حَلَلْتُ ،فكانتْ تطاردني حتى في المنام ، فالكلبُ الأسودُ ظلّ يلاحقني وهو يحاول افتراسي مراتٍ ، اذكرُ آخرَ مرّة ، أفقتُ مرعوبا إذ قضمَ فيها أصبعي ، بعدَ انْ أبعدْتـُه عن نهش ِجسدي .
قالت أمي حينها :فألُ نحَس ٍ.
كان الفألُ حفلة ً!
ألحّتْ الكلابُ الأربعةِ متسائلة ًبتشوق ٍوهي تحيط ُبالمجلد ،حضرة الاستاذ ! الا ترينا الصورَ !
همتُ بتقليب ِالصور ِواحدةٍ اثرَ الاخرى ، فيما دستْ الكلابُ انوفـَها قبلَ عيونـِها .
قال الابيض :" لماذا يداك ترتعشان يا أستاذ؟".
قلت :" اقيمتْ لي فيما مضى من الزمان حفلة ُارتسمتْ احداثـُها الان امامي".
- "وهل كانت مع كلابٍ أيضا ؟".
- " كانت كلابٌ بشرية ".
استغربَ الكلبُ الأسودُ:" كِلابٌ بشرية !"
- "بلى اذا اردتَ انْ تهين َشخصاً ما ، تقولُ له كلب ، واذا اردتَ انْ تضيفَ تقولُ له، حيوان، كلب ابن كلب ".
ضحكوا وحركوا رؤوسَهم يمينا وشمالا.
- "لا تستعجلوا ! فالكِلاب ُفي بلديَ الأول، مخيفة ٌوعدوانية ".
- " لماذا ؟".
- " الحقيقةُ قبلَ الآف السنين لمْ تكنْ كلابـُنا هكذا ".
تساءلت ْالكلابُ:" وماذا جرى ؟"
اجبتُ بحسرةٍ:"تغيّر النّاسُ فتغيّرتْ معهم كلابـُهم !"

قالَ الاصغرُ ذو الإذنين البنيتين :" فتساوى النّاسُ و الكلابُ ".
- "بلى".
اردفَ كبيرُهم القهوائي : " الآنَ أدركـْنامعنى عبارتـَك الكلاب البشرية ، لكننا لم نعرفْ الحفلة ".
- " ساقولُ لكم حين َنرى الصورَ".
- " شوقـْتـَنا ".
وبدأتُ اقلبُ الصورَ: (الكلب ُعلى الكرسي بجوارها )،
قال َالكلبُ الابيض ُ: "انّه ينعمُ بجلسةِ آدميةِ ".
- " بلى ادميةٍ ، كنتُ اجلسُ على كرسي، في غرفةٍ صغيرةٍ ، لا مجالَ هناكَ للنفاذ ِمنها ،اذ كانت هناك ثمانية ُكلابٍ ، بوجوه ٍمختلفة ٍ، أحاطـَتـْني من كل ِجانب ، كلٌ ينبح ُبطريقتِهِ ، تتنافسٌ في نباحِها أمامَ الكلب الكبير ِ،
( كلبُ يتزيّنُ بربطةِ عنق )،
قالَ الاسودُ:" انّه وسيمٌ". مزقتْ الكلابُ ملابسي،
( الكلبُ يضع نظارة ًعلى عينيه و يجلسُ أمامَها )،
قال الكلب ُالأبيضُ: "انّه صديقـُها ".
أجلسوني على ركبتيّ امامَ كبيرِهم، امسكَ نظارتي وسحقـَها بحذائِه وقال : ساسحقـُك اليومَ ولنْ ترى النورَ مرّة ًاخرى ، ساجعلـُه بلا حياة ، وهو يشيرُ الى عضوي، فيما كانَ جروُ صغيرُ يرسم ُبقلم ٍعلى بطني تشكيلاتٍ مختلفة ً قلتُ له وانا ابتسم ُ: هو اساسا للبول ِفقط ،
( يرفعُ الكلبُ ساقـَه للتبول )، ازدادَ نباحُه وطبعتْ مخالبـُه خطوطا على صدري ،
(الكلبُ يقفُ بجوار ِشهادتِه)،
وبداتْ الكلاب ُالمحيطة َبه بالنباح ِايضا ،
(الكلبُ أمامَ كعكةِ الميلاد )، كنتُ كعكةً تناولـَتـْها المخالبُ،
( يوقظـُها في الليل ِلغرض ِالتبول ِ)، كانَ عليّ ان ْاخرجَ من المرحاض ِقبلَ نهاية ِالعدِ الى العشرة وإلا جُلدتُ بالسوط ،
(ينامُ على سريرٍتحيطـُه الالعابُ) ، كانَ لي ملاءة ًواحدة ً، هي السريرُ والغطاءُ والوسادة ،(له حبلُ تمسكُ به ِاثناءَ التنزه ) ، ربطوا يديَّ من خلف ِظهري بالحبل ،
(والكلبُ يلعبُ و يقفزُ من خلال ِحلقةٍ دائريةٍ تمسكـُها روز ) ،علقَ جسدي بالحبل ِفدارتْ أكتافِي إلى الخلف ،
(اخذ َالكلبُ يضعُ مصابيحَ الزينةِ على شجرة ِالميلاد )، كانتْ الصدماتُ الكهربائيةِ تهزُ بدني العاري،
(و الكلب يلعب بالثلج) ، يرمي ماءً على جسدي َالمتعب ".
اغرورقتْ عيون ُالكلاب ِبالدمع ِ، وانا ا طوي مجلدَ الصور ِ. وضعَ احدُالكلابِ فمَه على يدي يشمُّها ويلعقـُها ، فيما اقتربـَتْ البقية ُمني أكثر وهي تحضنُ صدري ،
والسؤالٌ يراودني: ما الفرقُ بين كلابـِنا وكلابـِهم ؟


اريزونا / 2010








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. كل الزوايا - رعب وكوميديا وأكشن .. دليلك لأبرز أفلام عيد الأ


.. كل الزوايا - تعرف على خريطة عرض السينمات المصرية في عيد الأض




.. كل الزوايا - اعرف رأي الناقد الفني محمد شوقي في فيلم أولاد ر


.. كل الزوايا- الناقد الفني محمد شوقي تعليقا على فيلم اهل الكهف




.. كل الزوايا - عودة للمخرج الكبير شريف عرفة .. شاهد رأي محمد ش