الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الحوار المتمدن وجائزة ابن رشد

نضال نعيسة
كاتب وإعلامي سوري ومقدم برامج سابق خارج سوريا(سوريا ممنوع من العمل)..

(Nedal Naisseh)

2010 / 10 / 14
الملف ألتقييمي 2010– بمناسبة فوز الحوار المتمدن بجائزة ابن رشد للفكر الحر والذكرى التاسعة لتأسيسه.


ترددت كثيراً في الكتابة عن فوز موقع الحوار المتمدن بجائزة ابن رشد للفكر الحر للعام 2010، والجوائز برمتها، في النهاية تكتسب طابعاً معنوياً، وتعبر عن ثناء واعتراف بتفوق وفتح ما وحالة إبداعية، وسبب ترددي هو أن شهادتي في الحوار المتمدن "مجروحة" بعض الشيء لأن الحوار المتمدن هو نحن، وليس من الجائز أن يمتدح الإنسان ذاته، أو أن يكافأ ويشكر ذاته ويعدد فضائل ذاته، وليس من اللائق أن يقول الإنسان عن نفسه أنه جيد، وناجح، ومبدع ....إلخ. وإن التذكير بفضائل الحوار المتمدن من على الحوار المتمدن، هو كمن ينظر للمرآة، ويعجب بنفسه، ويتغزل بجماله، وبشكله، وبمقامه المحمود. وهذه للأسف هي سنة وسمة النظام الرسمي العربي وإعلامه، لكن بالمحصلة هذه الجائزة حدث استثنائي طيب وإيجابي ويجب التوقف عنده من منظور ورؤية مختلفة.
وبداية ما أود قوله في هذه العجالة هو ألا نقف عند هذا الإنجاز والمرحلة على الإطلاق، فالبقاء على القمة هو أصعب بكثير من الوصول إليها، وهو أمر يستلزم الكثير من المتطلبات، وأهمها التطوير ومسايرة المستجدات، والديناميكية في العمل وعدم الوقوع في مطب الترهل والنمطية، والنوم على نجاحات سابقة.
لكن ما يجعل من هذه الجائزة والتكريم ذا قيمة وأهمية خاصة أنها أتت من مؤسسة مستقلة، ومن خارج الحوار المتمدن، مؤسسة يفترض أنها مستقلة عن النظام الرسمي العربي الذي لا يروق له الحوار المتمدن على ما نظن ونعتقد أنه – النظام- ليس سعيداً، بالمرة، وهو يرى أحجاره وبيادقه وأصنامه وأبقاره المقدسة والمعبودة تتداعى ووتهاوى الواحد تلو الآخر أمام الضربات الموجعة لليبراليين والعلمانيين والتنويريين في المنطقة.
فما جرى في تاريخنا العربي، وما يجري اليوم في الإعلام الرسمي العربي المملوك لأصحابه، فقط، والممثل لهم ولمصالحهم والناطق باسمهم، هو النرجسية بعينها والتغزل بالذات والتغني بالإنجازات الوهمية والفارغة، وكذب الكذبة وتصديقها، لا بل واعتبارها حقيقة تاريخية مقدسة. ما حدث في التاريخ العربي الذي كان يكتبه السلاطين بأياديهم ويقولبونه بالشكل الذي يروق لهم ويعظم من قدرهم، أن بقيت الرؤية والرواية الأخرى بعيدة عن متناول اليد وكل من يستشهد بهم في تاريخنا العربي هم من نفس حكواتية ورواة ومطبلي ومزمري هذا التاريخ، ومن هنا فهو فاقد للمصداقية والشرعية وعليه عشرات علامات الاستفهام والتشكيك، أي تماماً كما يقوم وزير إعلام عربي اليوم بالتطبيل ومدح والتغني بإنجازات نظامه الفاسد، رواة التاريخ العربي هم وزراء إعلامه الموَجّهين باتجاه ما والمبرمجين وفق الرؤية السلطانية صاحبة الجلالة والعظمة. ولو كان هذا التطبيل والتزمير والإطناب والمديح للتاريخ العربي من خارج مؤسساته الرسمية الناطقة باسمه لقلنا آمنا وصدقنا، ولاكتسب المصداقية المطلوبة، وهنا الجريمة، فنحن لم يتح لنا التعرف على وجهة نظر محايدة، ولن نقل مغايرة أو مختلفة، أو رواية أخرى غير تلك التي "لقنونا" إياها في مدارسهم وجامعاتهم التي يشرف عليها أحفاد كتبة ذاك التاريخ، أي من "دهنو قليه". ولطالما أن هذا التاريخ يكتب عن ذاته ويمدح ذاته، ويصدق ذاته، ويمنح ذاته شهادات حسن السلوك والقدسية والألوهية، فإنه في نظرنا لا يساوي قشرة بصلة ولا نصدقه ولا نصغي إليه، ونتمنى أن تأتي الشهادات الطيبة من خارجه وليس من داخله. فتاريخنا يقول قال فلان عن فلان عن فلان ابن فلان أن فلان شاهد فلان ..إلخ، ما يعني أن القضية كلها "أهلية بمحلية وما حدا غريب"، (ماذا ننتظر ونتوخى من تاريخ رواه أبو هريرة و"الصحابة" الأجلاء رضوان الله تعالى عليه أجمعين حيث يصب ويذهب كله في اتجاه واحد ولا يوجد فيه ما يعكر الأمن وصفو وراحة البال ولا يوقظ نائماً، ولا يشكك مشككاً، وكل الحمد والشكر لله)، ولذا حين أتى المستشرقون وأماطوا اللثام عن حقيقة هذا التاريخ ورؤاه بمناظير مختلفة ، ووضعوا نقاط على حروفه، وأجروا الدراسات التاريخية والمقارنات اللغوية وكشفوا السرقات "العقائدية" والاقتباسات الأسطورية ثارت ثائرة الغضب والتخوين، وأصبح الاستشراق والصهيونية والإمبريالية في سلة واحدة من التخوين والتكفير أي أننا لا نقبل إلا روايتنا نحن لتاريخنا العربي ، وما نقوله عن أنفسنا، أما ما يقوله الآخرون فهو ليس صحيحاً حتى لو كان الحقيقة بعينها، وهنا مكمن الخطورة الالتباس.
لقد ذهبنا بعيداً في موضوع المقال الذي هو عن جائزة الحوار المتمدن، ولا يسعنا (هل يجوز أن نهنئ أنفسنا؟) إلا أن نقول مبروك لنا جميعاً كما جاء في تهنئة الحوار المتمدن كتعبير عن الروح الجماعية والجهد الجماعي الذي كان له الفضل في الحصول على هذه الجائزة القيمة. نكرر شهادتنا بذاتنا مجروحة ومنقوصة وغير مقبولة، ولكن أن تأتي الشهادة من مؤسسة محترمة، ومرموقة، ومعتبرة، كمؤسسة ابن رشد للفكر الحر، فهذا يعفينا من أية محاولة للتدليل على صوابية وصدق ونجاعة ما نقوم به من عمل أعتقد أن صداه بات اليوم يتردد في طول وعرض ما يسمى بالشارع العربي والإسلامي، وأن هناك اليوم ثورة حقيقة في المفاهيم والرؤى والأفكار كان للحوار المتمدن الباع الطولى فيها.
لن نقول إننا بلغنا الكمال وأنه لا يوجد ملاحظات عارضة وبسيطة هنا وهناك، لكن بالمحصلة، وإذا طرحنا هذه الملاحظات من ميزان الإيجابيات فستبقى كفة الأخيرة مائلة وبقوة، ويكفي هذا الموقع فخراً أنه فعلاً صوت من لا صوت لهم من المهجرين والمضطهدين والمبعدين والمهمشين من إعلام الأصنام. فمرحى لنا، جميعاً، ومرحى للحوار المتمدن، والشكر موصول لمؤسسة إبن رشد التي أعطت هذا الموقع وكتـّابه، والمشرفين عليه وجهودهم الخيرة "المجانية والتطوعية" حقهم، وعوضتهم عن كل تلك التضحيات الكبيرة التي قدموها جميعاً، ولا قوا ما لا قوا من أجلها، في سبيل الوصول بالحوار المتمدن لهذا المستوى والموقع الذي يستأهله بين جميع المواقع الناطقة بالعربية هنا وهناك. نكرر القول أن يأتي الثناء من جهة محايدة، هو لعمري شهادة بعشرات الشهادة، وتدليل أكيد على مكانة ورسالة الحوار المتمدن الحضارية في مسيرة الثقافة والفكر في المنطقة.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - شكرا لقلمكم الصاعق
حميد الكركوكي ( 2010 / 10 / 14 - 11:48 )
شكرا جزيلا على كتاباتكم الجريئة ، جعل الكثيرون مثلي يتابعون هذه الصفحة لكي يقرأوا كتابتك و مقالات آخرون مثلكم لهم الجرأة بأن ( يقولوا عفى الله عم سلف ) و فتح صفحة مشرقة و متفائلة لهذه الأمة العانسة ،لكن لها أحلام إمتلاك الأنسانية وبلعها بواصطة نظام بالية ! التي كتبت 1400 سنة قبل مولدكم او مولدي ، ولم تتبدل أو تماشى مع البشرية في رؤيتها ، أو لبّت طلبات و إحتياجات هذه العانسة الملفوفة في سواد المقنعة الخرافية المخيفة و القبيحة ، ولربما يومآ ما -فارس - أحلامها تأتي وتنقذها ، وبيده ليس ( ذولفقارآ ) وأنما كتابآ كتب على واجهتها الأولى ( الحرية ) وعلى الصفحة الأخيرة ( الديمقراطية ) ودمتم ذخرا  


2 - الأستاذ العزيز حميد
نضال نعيسة ( 2010 / 10 / 14 - 12:04 )
الأستاذ العزيز حميد شكرا على ملاحظاتك القيمة وعلى مرورك واهتمامك. أتساءل يا صديقي ماذا لو كان هناك حوار متمدن وإنترنت وفضائيات وثورة معلوماتية من 1400 عام، وامتلك الناس ناصية وحرية التعبير وإيصال الأصوات المكبوتة والمخنوقة كما نفعل اليوم، هل كان بقي أي صنم من أصنام مكة، أو هل كان قد طلع لنا مهرجون مثل ابن كاز والقرضاوي وشيوخ الفتاوي والتهريج؟
ماذا لو؟ 

اخر الافلام

.. وفاة الرئيس الإيراني ووزير خارجيته في تحطم طائرة مروحية كانت


.. إيران تعلن وفاة الرئيس إبراهيم رئيسي ومرافقيه في تحطم مروحيت




.. وفاة الرئيس الإيراني إبراهيم رئيسي في تحطم مروحية.. ماذا نعر


.. ما هي ردود الفعل على مصرع الرئيس الإيراني بحادث تحطم مروحية؟




.. ماذا يحدث في إيران بعد وفاة رئيس البلاد وهو في السلطة؟