الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


خريف الرئيس

محمود يوسف بكير

2010 / 10 / 14
كتابات ساخرة


طالعتنا الصحف المصرية منذ أيام بأن الرئيس مبارك قد التقى مجموعة محدودة من الفنانين المصريين لمدة أربع ساعات متواصلة ! ! ولنا عدة ملاحظات على هذا اللقاء المثير الذي يعكس طريقة تفكير النظام المصري وإلى أين تتجه مصر:

1ـ إن من التقى بهم الرئيس كانوا مجرد مجموعة من الممثلين ولا يعكسون بـأي حال كافة الفنون في مصر، فالفن يشتمل بالأساس على النحت والرسم والتصوير والموسيقى والغناء . . . الخ وأدنى درجاته هو التمثيل أو التشخيص فأي شخص يمكنه أن يمثل بسهولة ولكن ليس بمقدور أي شخص أن يرسم مثلا، ومن المؤسف أن يختزل الرئيس وكل مستشاريه الفن المصري في مجرد مجموعة من الممثلين فهذا يمثل قمة الامتهان لكل قطاعات الفن الأخرى. أن النظام المصري يكشف بهذا الفهم القاصر عن مدى سطحيته وإفلاسه الفكري.

2ـ إن امتداد اللقاء لمدة أربع ساعات بالإضافة إلى ما ذكره أحد الممثلين بعد اللقاء من أن الرئيس دعاهم إلى البقاء لتناول طعام الغذاء معه يعني أن اللقاء كان من الممكن أن يمتد إلى خمس ساعات وهذا شيء لا يمكن تصور حدوثه في أي بلد غربي أو حتى شرقي حيث يشتمل عادة جدول أعمال الرؤساء على ما هو أهم من لقاء مجموعة من الممثلين لمدة أربع ساعات. وحتى لو حدث أن التقى أي رئيس غربي بعدد من الفنانين فإن اللقاء عادة لا يزيد عن نصف الساعة بل أن معظم محادثات القمة بين الرئيس الأمريكي وأي رئيس غربي آخر لا تزيد عادة عن ساعتين ،ولو أنه حدث أن التقى الرئيس الأمريكي بمجموعة من الفنانين لمدة أربع ساعات داخل البيت الأبيض لهوجم الرئيس في كل وسائل الإعلام وأعد الآمر بمثابة فضيحة يمكن أن تؤدي إلى انعدام فرص فوزه بفترة رئاسية ثانية لسوء تقديره لقيمة الوقت وانعدام الإحساس بالمسئولية.

وفي بلد مليء بالمشاكل الاقتصادية والاجتماعية المتفاقمة والخطيرة مثل مصر، فإن إنفاق الرئيس لأربع ساعات من وقته مع مجموعة من الممثلين يعني أن الرئيس ومن حوله لا يدركون حجم معاناة الناس وأن نظام الأولويات لديهم مختل تماماَ ولعل هذا هو بيت الداء في مصر حيث أن النظام الحاكم في وادٍ والشعب المسكين في وادٍ آخر.
وهذا لا يجعلنا نتفاءل بالمرة بمستقبل واعد لمصر في ظل هذا النظام البائس .

3ـ ولكن دعونا نبحث فيما دار في هذا اللقاء الطويل فقد تكون الموضوعات التي
تناولها اللقاء تستحق هذا الوقت . ذكر أحد الممثلين أن الرئيس علق أثناء اللقاء على عدد من المسلسلات التي عرضها التليفزيون المصري في شهر رمضان وأن الرئيس متابع جيد لهذه المسلسلات ، والحقيقة أنني غير مصدق لهذا الكلام لأنني أسمع أن هذه المسلسلات تتسم عادة بالمط والتفاهة والبعد عن واقع الشعب المصري ،ولكنني أيضا لا أستطيع أن أجزم بكل هذا لأنني لا أشاهد أي مسلسلات تليفزيونية سواء عربية أو غربية لضيق الوقت ووجود ما هو أهم لدي مع أنني لست رئيساَ فما بالك لو أنني رئيس َدولة كبيرة مثل مصر يعاني شعبها في صمت منذ ثلاثين عاماَ والرئيس مشغول بمسلسلات رمضان ويجتمع مع ممثليها لمناقشة أحداثها ووقائعها وكأن مصر قد خلت من كل المشاكل ولم يعد هناك ما يشغل الرئيس ومستشاريه سوى مسلسلات رمضان ومستوى أداء ممثليها.

4ـ ذكر أحد الممثلين أيضاَ أن الرئيس أعرب لهم عن سعادته الشديدة بعودة ما يسمى بعيد الفن وإنهم جميعاَ تأثروا بهذه العودة المحمودة أشد التأثر.

أما ملايين العمال والموظفين الذين لا يجدون ما يكفي لإطعام أطفالهم وعلاجهم ويتعرضون لكل أشكال الظلم والامتهان اليومي فلا عزاء لهم ، وإن كنا نناشد سيادة الرئيس أن ينشأ لهم عيداَ للبؤساء كما أنشأ للفنانين عيداَ للفن ، ولكن المشكلة أن الرئيس لا يلتقي سوى الممثلين والصحفيين المنافقين ولاعبي الكرة ومن ثم فإنه لن يلتقي بهؤلاء البؤساء والأشقياء أبداَ ولا يوجد من يسمعه أصواتهم وبالتالي فلا أمل حتى في عيد يجمعهم.

آآآه يا بلد.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - غباء امة
محمود المنيف ( 2010 / 10 / 15 - 00:05 )
استاذ محمود لاول مرة اقرا مقالاتك الرائعة و استشف منها انسانا مثقفا واعيا بقضايا امته المنكوبة و لكني ذهلت لغياب ردود افعال القراء هل اصبحنا فعلا خارج التاريخ اتمنى ان اكون مخطئا لكن كل القرائن تشير الى مستقبل الكارثة تحياتي لقلمك المبدع صديقك اللذي يقاسمك الاحزان من تونس

اخر الافلام

.. فيديو يُظهر اعتداء مغني الراب شون كومز -ديدي- جسدياً على صدي


.. فيلم السرب للسقا يقترب من حصد 28 مليون جنيه بعد أسبوعين عرض




.. الفنانة مشيرة إسماعيل: شكرا للشركة المتحدة على الحفاوة بعادل


.. كل يوم - رمز للثقافة المصرية ومؤثر في كل بيت عربي.. خالد أبو




.. كل يوم - الفنانة إلهام شاهين : مفيش نجم في تاريخ مصر حقق هذا