الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


ولكنه ضحك كالبكا

محمد الذهبي

2010 / 10 / 15
مواضيع وابحاث سياسية


( ولكنه ضحك كالبكا )
محمد الذهبي
وهذا عجز بيت للشاعر الكبير ابو الطيب المتنبي ، حين غادر كافور الاخشيدي ومصر ناقما على كافور عدم توليته احدى الولايات ، فهجاه هجاء مقذعا ، والبيت بتمامه هو :
وكم ذا بمصر من المضحكات ولكنه ضحك كالبكا
والضحك في احواله الاعتيادية ينم عن السعادة والفرح ، وفي احواله غير الاعتيادية هو نقمة على امر معين يجعل البكاء شيئا عاديا اذا ماقورن بالضحك ، فربما يضحك المليء بالهم ضحك كالبكا او اكثر ، وهذا الامر متعارف عليه لدى غالبية الشعوب ، ولذا فان ضحك المجري مثلا ينطوي على اعلى درجات الغضب وكما ورد في حكاية مترجمة ، بعنوان عندما يضحك المجري ، وتروي الحكاية ان قرويا يمتلك حقلا للعنب ، بمحاذاة خندق طويل ، حيث تعيش في الخندق ثعلبة مع جرائها الستة ، وذات يوم شاهد القروي الضرر الكبير الذي الحقته الثعالب بالحقل ، فوقف بقرب الخندق وشتم الثعالب بغضب كبير ، ولم تكن الام في الوجر عندها ، لكن الصغار نقلوا لها ماقال الفلاح ، مقترحين الانتقال من مكانهم لكنها طمانتهم ، بعد قولها اهذا كل مافي الامر ؟ الم يفعل شيئا غير الشتيمة ؟ فقالوا بلى ، ومرة اخرى هدد واوعد وشتم وزمجر لماناله الحقل من الثعالب ، فكان فعل الام كما في المرة الاولى ، وفي المرة الثالثة قال الثعالب لامهم ان القروي قد تصالح معنا ، فسألتهم كيف ذلك ؟ فقالوا : عندما شاهد الخراب ضحك ملء شدقيه ، فقالت ان كان قد ضحك ملء شدقيه ، فمن الافضل ان نرحل من هذا المكان ، فانا اعرف المجري اذا بلغ قمة غضبه ضحك .
لم يثرني منظر الناس وهم يسخرون من كل شيء ، فقد قرأت الحكاية المجرية قبل يومين ، وتبينت اسباب الضحك الحقيقية ، وعدت الى بيت شعر للمتنبي .
السخرية والضحك على الشفاه ، لقد تناولنا افضع الامور بشاعة بضحك مر ، ضحكنا من الارهاب والسيارات المفخخة وضحكنا من الفساد والمليارات التي ذهبت الى جيوب اللصوص ، وضحكنا وضحكنا وضحكنا ، ولكنه في النهاية ضحك كالبكا ، اذ ترى خلف ذلك الضحك نفوسا تضطرم وحرائق تشتعل في القلوب ، لقد عاش البعض على جراح البعض الاخر ، واثرى البعض على حساب البعض الاخر ، وتسيّد من تسيد على اساس عبودية الاخرين ، وضجرهم ومللهم ممايدور على الساحة في تفاصيل كثيرة ، لم تكن قضية تشكيل الحكومة وملابساتها القضية المركزية فيه ، وانما هناك الكثير الذي يتطلب اختصار الزمن والقفز على الاحداث قفزا ، والهرولة باتجاه ايجاد الحلول ، لا السير ببطء شديد بدعوى ان الديمقراطية هكذا ، دعونا نتفاهم ، ودعونا نأتلف ودعونا نختلف ، وكل هذا يجري بلا سقف زمني يضع نهايات للاطراف السائبة التي تحاول الا تلتقي ، لقد وضعنا الديمقراطية هدفا لنا وبدأنا نصوب لها بسهام اخطائنا ، ولاندري الى اي مدى سيبقى الضحك فقط يملأ الافواه ، او لاندري من منهم سيستغل هذا الضحك ليسلط الضوء على الغضب الحقيقي لدى الشعب ، والذي يخفي نيرانا ثائرة تحتاج من ينفخها وبعدها سيكون الضحك تصرفا آخر ، ليس بالضحك بمفرده نستطيع ان نغير الاوضاع الحالية ، وعلى الثعالب ان تجد لها وجرا آخر لان الفلاح قد ضحك وضحك كثيرا وهو في طريقه الى الخطوة التالية ، دعونا نضحك فلا ندري مايخبىء العراقي تحت ضحكات الغضب والالم ، او كما قال شاعر الابوذية :
(الدنيه من تعاند رجل تنفيه
تضكّه او مابعد تطيه تنفيه
اثاري الضحك للمغبون تنفيه
يضحك ظاهر او ناره سريه )








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. تحدي الثقة بين شيرين بيوتي و جلال عمارة ???? | Trust Me


.. حملة بايدن تعلن جمع 264 مليون دولار من المانحين في الربع الث




.. إسرائيل ترسل مدير الموساد فقط للدوحة بعد أن كانت أعلنت عزمها


.. بريطانيا.. كير ستارمر: التغيير يتطلب وقتا لكن عملية التغيير




.. تفاؤل حذر بشأن إحراز تقدم في المفاوضات بين إسرائيل وحماس للت