الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الرسوم الجدارية ... احدى القوى العليا في نظام التشكيل في بلاد الرافدين.

محمد العبيدي

2010 / 10 / 15
الادب والفن


الرسوم الجدارية ... احدى القوى العليا في نظام التشكيل في بلاد الرافدين.

يجدر بنا ان نبدا البحث المفصل عن الفنون الرافدينية وماتضمنته من علاقات كامنة في الطبيعة، البعض منها نفهمها والبعض الاخر تمثل افكار مجردة ، ولكن كل واحد من هذه الفنون يؤثر في مجرى الدنيا وتعمل ضمن نطاق من الافعال المؤداة الواضحة المعالم والحدود.
نلاحظ ان الدولة الكونية وطريقة التركيب الهرمي في بلاد النهرين، هو داخل في عملية استمداد سلطوية يحصل عليها من القوى العليا ، وتعمل ضمن نظام هرمي يتالف منه الكون بصورته العامة ، مانح السلطة في كل الحالات هو الذي يكون صاحب اعلى قوى ، وكما لدينا في اسطورة (( انو وانليل)) الذي يحتل المراتب العليا، والدولة في بلاد النهرين تشمل تراكيب ثانوية عديدة وتكون بمستويات تتباين من درجة الى اخرى، ولكن نظامها بالرغم من هذا التباين يتفعل بوجود المفردة التي تستطيع ان تندمج بنظام الدولة الكونية كما يحلو لمؤلفي كتاب(( ماقبل الفلسفة)) ان ييصفوها. هذا الامر بدا يلقي بضلاله على الفنون ، الفخار، الرسم الجداري، المنحوتات، فنون العمارة. ولكننا نستطيعان نتامل الهيكل في فنون التشكيل في بلاد النهرين ومنها موضوع البحث (( الرسم الجداري)) ونحن هنا نضع طريقة تركيبية نلتزمها , وهي محاولة نظرية تستند على مجموع نظم وعلاقات تم تركيبها بعد تحليل لتكوين فكرة نظرية لفهم الفن والعمل الفني , ومن المحتم ان تكون نظرتنا مؤيدة لاتجاهات ورافضة لغيرها وهو امر طبيعي .الااننا حرصنا على كشف اسباب الرفض والتأييد بكشف علاقات خفية يمكن ان تثار هذة الافكار . فكان الرسم الجداري الرافديني الهاجس والدافع للكشف عن ماهو موجود خارج الكهف ومن ثم الانتقال به الى داخل الحيز , العمل الفني موضوع البحث ننطلق به تحليلا ًوتركيبا ًنعرف مسبقاً أننا سنختلف مع الكثير من الذين ينتمون الى المناهج النقدية المعاصرة ممن ليس لهم علاقة بالتاريخ , وكذلك مع الذين يعتقدون بان الفنون القديمة موهبة وألهام , وممن جعلوا الفن نوعا من التداعي غير متقيد ليعلن انه ضرباً من الانفصام ضمن دائرة اللاوعي أو ومضات عملت بصورة شرعية في دائرة المعتقد الديني.


ورغم مافي الفكر الفلسفي للانسان الاول في بلاد النهرين من تناقض في ترتيب حالة الحدث الا أننا نجد الرسم الجداري اعلاه هو اول وثيقة قديمة ليعلن انه اقدم رسم جداري في بلاد الرافدين ، وقد تعرض معظم اجزاؤه للتلف فلا يمكن تجاوز هذة العلميات مهما كان الفكر الفلسفي غارقا ًفي ميتافيزيقيا فوقية بدلالة ان كل الفعاليات قد دخلت في دائرة مهمة تعمل وهي (( دائرة المعتقد الديني)) . أن التحليل والتركيب لهذا النتاج الفني الثر معرفة التشكيل وبداياتها فهو كاشف لمفردات البناء والنتاج كما هو كاشف للعلاقات والنظم وهنا بكون الفن الجداري نتاجاً ووعياً ماهو الاعمليات تحليلية تركيبية يحقق لنا معرفية مطلقة في الفن والجمال بوصفة معرفة انسانية متراكمة , وهو أي ( الفن الجداري ) معرفة تخصصية تحتاج الة عدة مرتكزات أساسها مستوى تحليلي تركيبي من الفهم والوعي بمستوى من التركيب الخيالي التخصصي وأمكانيات تجريبية مكونة لاسلوب بناء او أنشاء يتطور بتراكم العمل والأداء ويخضع الى اسس وعناصر العمل الفني .
(( التقنية)).....
نفذ المشهد بتقنية بسيطة على احد جدران الكهوف من عصر ماقبل الكتابة العصر الحجري الحديث، كسي الجدار بطبقة خفيفة من الجص على الجدار الحجري ، ورسم المشهد بالوان بدائية يعتقد انها مصنوعة من الاحجار وعلى اكثر الاحتمالات انها حجر الكلس اللون الاساسي للمشهد (( الابيض والاسود )) وبعض الوان المغرة الحمراء . حيث نرى ان المشهد برمته هو عبارة عن دراسة في التخطيط كانت المغارة والكهف بالنسبة له التجريب المستمر الذي يخضع إلى استقراءاته الفكرية، في أن يكون مملكة فنية لوحده لما حمل في داخله من مزايا قد يفصح عنها الجيل القادم من خلال تنقيبا ته وتحليلاته الفنية ، لذلك كانت فرصة وجود الرسوم الجدارية ف الكهوف احد الحوافز المهمة لان يعلن الإنسان الأول في بلاد الرافدين إلى بلورة أساليب جديدة يبدأ توزيعها بجدران المعابد والقصور وقاعات وفناءات السلطة الملكية . وفي نفس الوقت تخضع إلى تنويعات متباينة في المقاييس عن رسوم المغارات والكهوف ، لتعطي بدورها رؤية خطابية جديدة جديدة للنص الأدائي الذي يوازن الطروحات الشكلية للفنون الأخرى وهي النحت والفخار .
(( موضوع المشهد))....

موضوع المشهد يتناول فعالية اجتماعية عاصرت فترة مهمة كانت بعد عصر جمع القوت وهي (( عصر الصيد)) تم تجميع نظام هذه الجدارية وكانها تخضع الى نظام من العلاقات التي عملت بتراتبية الواقع المعاش، ومن ثم عامل مهم هو التفاعل المنتظم في تكوين واحد ، يمتد المشهد الى مساحة واسعة كمضمون من الافكار المطروحة التي تعامل معها الفنان الرافديني بفكرة تلخص تمثيل الصراع مع الحيوان وكيفية السيطرة عليه ، هذه القوى تتزامن بشكل كبير في ان التاثير القائم مع قوى الموت والعدم المرموز لها في العديد من الجداريات المرسومة في بلاد الرافدين، فضلا عن تزامن بالافكار مع تمثيل رقصات مرسومة ومضافة على الاواني الفخارية ، كلها عملت وفق نظامها المقدس ولكن العامل الدوري جعل من الرسوم الجدارية يشكل نوع من الانطلاقات نحو، استثمار الفنان الى سعة السطح التصويري ولايترك هناك فراغات تؤدي الى فقدان الوحدة التصويرية وتعلن ربما انفكاك في انظمة العلاقات الشكلية وانعدام الروابط التي توحد البنية الكلية للموضوع.
تنوعت مواضيع المشهد (( حيوان الاوناكر)) الشباك، المطبات الارضية، الافراد(( الصيادين)) الكثير من الباحثين في هذا المجال اطلقوا على هذه الفترة واسموها (( ميثيولوجيا الصيادين)) لما حملته من افكار اسطورية تعامل معها الفنان الرافديني بطريقة مدروسة وتقنية ادائية حققت له عامل مهم هو نسيج الخطاب والعمل على بثه كصورة واقعية بعد ان كان صورة ذهنية

(( الاسلوب الفني)).....
يدل الاسلوب المتبع في رسم المشهد الى نوع من العفوية، في رسم الاشكال بالرغم من انه الرسم الجداري الاول بالتاكيد ان عامل الخبرة له تاثير واضح ، وربما يتغافل عامل المنظور ويبتعد عن هندسية التشكيل وبالتالي هو الاخر يبتعد عن المنطق الرياضي في تكوين الحسابات المنظورية، ولكن المعالجة كانت بدلالة الاختزال لكثير من المفردات الواقعية والتي بدأ يعمل على تشذيب الزوائد ويقترب من التجريد ويبتعد عن التفصيل، هذا الاعتماد يرى الكاتب ان هناك اهتمام واضح لعملية تقنية الرسكم الخطي ، وهو ربما هو الاخر نوع من التبسيط ، الذي يكفي الابلاغ عن الاشكال باعتباره احد رموز الافكار التي انطلقت منه الافكار الاقتصادية بدلالة الوازع الديني المؤداة ضمن الفعاليات الاجتماعية.
ولعل البنية العميقة لهذا النتاج الخالد ، هو ان الحدث ارتبط بفكرة ان يقوم الانسان بعملية صيد لايمثل مشهد صراع عنيف مثلما مثلت عدد من الرسوم الجدارية وبالتالي كان عملية مطاردة ومن ثم انقضاض على الحيوان ، التبسيط والاختزال وفقا لمساحة المشهد التصويري المنفذ كون حالة قدسية حيث ان الحيوان يوظف عند الانسان وخصوصا صيده او النيل منه هو عامل بلاغ لطقوس جماعية خاصة بفعالية الممارسة الدينية والسحرية، وهنا اشرت عملية الصيد نوع من مناسبة ذات اهمية بالفكر الاجتماعي هو عملية صيد الحيوانات.

وتاسيسا على ماتقدم : يرى الباحث ان الفنان الرافديني قد خلق مجاورة مهمة ، بين ماهو حياتي متمثل بعملية الصيد والاستفادة من الحيوانات وجلودها ، وبين ماهو طقوسي ، هذه الدلالة الجمعية كانت قد عملت في زمن ومكان اعلنت فيه نوع من الثبوت ، وبالرغم من الزمن المتحرك في عامل الصيد المتمثل بعملية المطاردة والانقضاض ، استثمر الفنان المكان بعامل مهيمن لحجم الرسم الجداري ليقدم ابلاغ تشكيلي عن الموضوع.
انه جمع العامل الفكري والتقني الادائي ، ومن ثم جمع كل الاحداث في مكان وزمان واحد ووثقها ليعلن فيها للبشرية انها اول رسم جداري متكامل انبثق من رحم هذه الحضارة . محمد العبيدي








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. حورية فرغلي: اخترت تقديم -رابونزل بالمصري- عشان ما تعملتش قب


.. بل: برامج تعليم اللغة الإنكليزية موجودة بدول شمال أفريقيا




.. أغنية خاصة من ثلاثي البهجة الفنانة فاطمة محمد علي وبناتها لـ


.. اللعبة قلبت بسلطنة بين الأم وبناتها.. شوية طَرَب???? مع ثلاث




.. لعبة مليانة ضحك وبهجة وغنا مع ثلاثي البهجة الفنانة فاطمة محم