الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


مجنون الدولار الثوري

علي سيريني

2010 / 10 / 15
الادب والفن



أعماني الدولار عفواً يا شعبي البطلُ

كنتُ أتسلّى بأخبار قينة مشهورة

ارسلتُ في طلبها حُجّابي
ريثما تصلُ

وما ينتظركم أمرُ الله
لا محال سيحصلُ

هذه أصقاعنا بأهلها معمورة

إلّا المناطق المنزوعة

فهي أمانة في رقابنا
فلا تبالوا

لن نفرط بشبرٍ فيها ولو كان مهجورا

تضحك القينة

تخفيها باليد وتهتز التنورة

وشيخٌ شحاذٌ يفتي على المنبر

أن الحاكم كان معذورا

وقيل أنه لم يطأها

لكنه أراد النصح

وما كان نصح الزعيم محظورا



كمجنون ليلى هائمٌ

هذا الحاكمُ المتبخترُ

عاشقُ العملة الخضراء

يفكر، يحدّقُ فيها سارحاً

حتى وان كان جالساً قبالك
يجذب اطراف الحديث

فالهذيان يخالجه

لا تسل

بينه وبين الدولار أحلافٌ دائرة

أما تراه

أمسى كهلاً يحملُ في اليد بُطْلَ الحليبِ

وسيق كالطفل يجلسُ

وكلّه أدبٌ في حضرة الأجنبيّ؟

لكنه رفس اليتيم

وأمر الفقير بالإستدارة

استدرك الزعيمُ سقطته

حين قرأ الخبر منشورا

فرمى كالمقامر صيد الصنارة

وعلِمَ بعد فوات الآوان أنه سهى

فتركنا له القول والإشارة:

"...لكن همّاً ظل يراودني

أراني في الحزن سهادا

إذ لم يسعف سواد البيض في شَعري قوّامتي
لذا أراني في فلم العراة أتماهى

لكنني كُسفتُ إذ رأيتُ كهيمي

فاقداً عنفوانا

يتمايل كالسُكارى

ويهوي إلى الأرض حيرانا

لا يقوم مثلنا

ومثل راياتنا بساح الوغى

حتى لو تجمعت جيوش العدى على الحدود

تدك قرانا

(صفق الجمع وقالوا: حِكَمٌ مأثورة

والحرّاس أخفوا ضحكتهم وأحمرّ وجه المستشارة)

يا نزوة الليل استقرّي

كي لا يكشف "الصباح" عُرانا

فلم تزل جثة القتيل بشط نينوى مكبّلاً

يستجدي دمه

أهدره مجهولٌ

إيضاحاً وتبيانا

وفي "الصباح" رقعةٌ منشورةٌ

فيها أموالٌ اقترفناها

يوم كان المخصيّ في السراي يأمرنا وينهانا

عفواً يا ناسُ

أوقعوني في الفخ اعذروني

لا يخدعنّكم وزن بدني

فخلق الله الناس والأبقارا

لم يعترفوا بي رئيساً

وقدّموا لاستقبالي

طراطير الوزارة

وأدرجوا في "العمل" تلك الزيارة

ثم عرجت على ضريح من لطى

أدعو له غفرانا

وضعتُ إكليل الزهور على قبره

لأشبع نفسي وأتمم الزيارة

عادةٌ أبتليتُ بها

مذ أن كنت أتسلّى

في حضن الإمام بطهرانا"

ثم استطرد الرئيس:

"واليوم كما كنّا بالأمس

قادة الشعب لم نذر جيشاً دون جرٍّ

فوق ظهر أمنا الوطن

فدمرنا منازلاً ومساجدا

واحرقنا حرثاً وطفلاً وبستانا

وما حصل لا محال سيحصلُ

وإن لم نفعل

فآلافٌ منّا سيفعلُ

فدعونا ننفرد بكم قطعانا

سيّان أمركم وأمرنا

إن سألتَ من منّا المهينُ

قلتُ كلانا

والبحثُ فيمن أجرمَ ضياعٌ ومللُ

دعنا ننتشي بجيبنا

كي نغمر في رعشة الفجر

في نهود الصبايا البكر

كم بذلنا نستقوى بالفياغرا والكافيار

لكن سفن الشهوة

تاهت في رياح القهر

إيّاك يا شاعرُ من سوء الأدب

ومن الفحش والكفر

ووصف مهرجان الحزب

بالزيف أو بالعهر

فعمرنا ضاع له قربانا

أهدرنا له

أجمل أيام شبابنا عنفوانا

فحق علينا عوض الأيام الخوالي

وتضيف صحافة الحزب: نضال الجبالِ

ويصفق القطيع في وكر الحزب وهم سكارى

وفي اليد أقداح الخمر

فيتهامس القائد الى رفيقه ضاحكاً: هل تتذكر شوارع طهران

يوم سافرنا الى فيينا نقصد باريس

وفي جعبتنا الويسكي وعنوان البغايا

حاملين مليون دولار ودولار

والشعب ورائنا على كف إبليس؟"



وأم الشهيد عجنت روحها في النسيان

ترى الحياة أجف من الرمال

يأنف المسئول مارقاً فوقها

كعلج التتار

تتنهد...

باكية على أطلال الردى:

وطناً من الثكالى والرماد

وحدّها يتيمٌ صار بالجوع والوحل ولهانا

يتأمّلُ في تلالٍ من أكوام

تعفنت فيها آلاف الآمال

كأن الموت كلّ حينٍ يتوثب
يبدي مخالب النهش

ويهدد بالفناء عيانا

لكن خطئاً في البث

صار عنوانا:

طلعت إمرأة المسئول

تغنج من طرف العين واللسان

والمونتاج أبكانا

كانت عيناها تبكي الدمعة الكحلاء

في ذكرى مجزرة البلادِ

وأضاف شريط الأخبار:

أنها بكت للأرامل واليتامى

وأوصت خيراً بأمّ الشهداء

لكن يتيماً نشرَ في الصباح ذيل الأسرار
وفي مآقيه دموعٌ حائرة:

أن المسئول ظل يناوش مع أرملة الشهيد

في الغرفة المجاورة

قبل أن يغادر مع طلوع الشمس إلى وكره

ليغمض جفناه

في حضن زوجته العاهرة

فقد كانت بدورها تبارز في الليل

مع الحراس الخافرة

فنعست في ارتخاء الليل...

نزوة أخرى خمدت

وأخرى على الطريق ثائرة

كانت ملحمة طويلة لم تبث.. وليس فيها بطلُ

وظلت خافية في مرايا الظلام

يسكنها الضباب الأحمر

وقهقهات عابرة

وفي آوارها الحب يشتعلُ



يا لعهر هذه الأرض الخرساء!

تتمدد تحت حربة الجندي المعادي

ولم تزل كاشفة ظهرها

لمدفع الأوغادِ

وتلفظ أزهارها كالنفايات

إلى أبعدِ بلادِ

لكنها ظلت ساكتة عن قائدنا وقينته

حتى تناسل الف قائدٍ من القوّاد

وكلٌ يحمل لواءا وهو يتناسلُ

ويحجّ كل عام إلى العدو المتمادي

وابتسامة في كلّ مرة

تعلو سلطان السراي

ينحني له الزعيم مخاطِباً:

عبدك بين يديك يا مولاي

وحول السلطان الخدم والحشمُ

كجوهرة محاطة بالقلادِ

أشبعه الزعيم الضيفُ تنازلاً
كأضحوكة في غير ميعادِ

وبدا وزير الدولة صلفا

صاعداً وخلفه البيرقُ

لكن الزعيم تخلّفا وهو خجلُ

فارتبك من السؤال لِمَ نسي الراية ورتبته

فبدأت جوقة إعلامه تصفقُ

وفي اليوم التالي كانت المصيبة أثقلُ:

وضعوا في يمناه إبريق الشاي

قيل له هذا حظك

فأنت في السراي

أنت عند الوالي الأعظمُ

حفيد الفاتح

وحين تعود وقد تزيّن لك المنزلُ

عد زعيماً على فقر الشعب

لك الكرسيّ ولهم عدا المأساة مللُ

لك الصولة ولك الراي

ولا تبالي بقهرهم

إن كان السلطان يضحك ملئ بطنه

في السراي

وحين عاد الزعيم إلى بلاده المأجورة

ظهر قرد الديوان في الشاشة المعمورة

يفصّل في نتائج الزيارة

ملخصاً:

ما مضى أمسى في خبر كانا

وما سيكون يمسي كما كانا

فالدنيا دوّارة

والمجهول معلومٌ

(تمتم مظلومٌ: ولكن العين إذ ترى

ليس في اليد إزارة)

فمن لا يرضى بمعبودنا فالباب مفتوحٌ

على أنغام قيثارة

ثم أسهب الزعيم منتفضاً حيناً

وشارداً حينا

يعيد قولاً أكله الدود

وما عاد يسلّينا



29/9/2010








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. الجنازات في بيرو كأنها عرس... رقص وموسيقى وأجواء مليئة بالفر


.. إلغاء مسرحية وجدي معوض في بيروت: اتهامات بالتطبيع تقصي عملا




.. شكلت لوحات فنية.. عرض مُبهر بالطائرات من دون طيار في كوريا ا


.. إعلان نشره رئيس شركة أبل يثير غضب فنانين وكتاب والشركة: آسفو




.. متحف -مسرح الدمى- في إسبانيا.. رحلة بطعم خاص عبر ثقافات العا