الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


كفى تطاولا على الحريات العامة

احمد عبد مراد

2010 / 10 / 16
حقوق الانسان



كفى تطاولا على الحريات العامة

منذ سقوط الحكم البعثي في العراق عام 2003 وهيمنة قوى سياسية من اتجاهات مختلفة، متباينة في مواقفها الفكرية والسياسية والتي انعكست في تقييم وتحديد المسارات السياسية والاجتماعية والثقافية التي اسفرت عن حالات تتسم بالتخبط والفوضى وعدم الاستقرار والاجتهاد المبني على الرؤى الشخصية المزاجية في تقييم الامور وتقديرها دون مراعات تذكر لحقوق الناس الاجتماعية، واحترام حقوقهم المدنية وقوانين الدولة ودستورها ،فهذه الفوضى في التحكم وفرض الاراء والاعتقاد الشخصي على الناس دون الرجوع الى اي مستند قانوني اوعرف اجتماعي يدل دون لبس على الفوضى والقسر والتسلط الفردي في اتخاذ القرارات المجحفة والجائرة
لقد تفننواهؤلاء وابتدعوا فتاوى وقوانين واعراف لاتمت بصلة لواقعنا واعرافنا وتقاليدنا لامن بعيد ولامن قريب وفرضوها على مجتمعنا بقوة صاحب القرار المنتصر المتحكم برقاب الناس فحولوا الاعراس وحفلات التخرج ومناسبات الاعياد كما هي الفواتح والمآتم، فالاغاني والهلاهل والدبكات والرقصات الشعبية وفرق الخشابة كلها ممنوعة وفرضوا بديلهم( المولد) وهو نوع من النعي والندب بديلا عن كل ذلك وفوق هذا كله اخذوا يتعرضون للشباب والشابات في الشوارع لكي يثبتوا صلة القرابة التي تتيح لهم مصاحبة بعضهم في الاماكن العامة وذلك من خلال ابراز الوثائق الشخصية، وقد تعرض الكثير من الشباب والشابات الى الاهانة والاتهامات الظالمة وحجزوا في مراكز الشرطة ولم يطلق سراحهم الابعد ان هرع اهاليهم الى مراكز الشرطة مستصحبين الوثائق التي تثبت صلة القرابة ،كما حصلت حالات اعتداء واهانة وضرب الطلاب الذين احتفلوا بمناسبات التخرج والسفرات الربيعية وما شاكلها لقد وضعوا هؤلاء المتسلطين انفسهم فوق القانون وحلوا محل الدولة فعاقبوا اصحاب محلات بيع الخمور وذلك من خلال اطلاق النار عليهم وعلى من يشترون الخمور وليس هذا وحسب بل نصبوا الكمائن للشباب وضربوهم ضربا مبرحا حتى كسرت اياديهم وارجلهم بحجة انهم يشربون الخمر ترى اين دور الدولة من كل ذلك ان هؤلاء لا يجمعهم جامع لابالقانون ولا بالاحكام السماوية ولا بالاعراف والتقاليد ، انهم ملة اخرى.
ان اصحاب الفكر المتزمت يعطون لانفسهم كل الحق في التجاوز على حريات الاخرين ويبدو انهم لا يريدون ان يقفوا عند حد فقد طلع علينا مجلس محافظة بابل ببدعة جديدة عندما منع الفعاليات الترفيهية الموسيقية والرقص الشعبي واختصر ايام المهرجان الثقافي الدولي والذي يعد فرصة نادرة للدول والشعوب لكي تعّرف بحضارتها وقيمها وثقافتها من خلال مختلف الفعاليات سواء كانت الفنية او الرياضية او غير ذلك من اجل تنشيط السياحة والتي تعتبر الان صناعة وكذلك تبادل المعلومات والخبروالتجارب في شتى المجالات ،لا ان يجري المنع والحجر على الوفود الدولية المشاركة وفرض الوان محددة وامزجة خاصة وارادات قسرية على اناس جاءو ا من مختلف بقاع الارض لهم عادات وتقاليد يتطلب مراعاتها كما نراعي تقاليدنا نحن،ان هذه الفرص لاتتكرر يوميا فهي بحاجة الى الوقت والجهد والمثابرة للفوز بها فكيف نرهنها الى امزجة شخصية وارادات ورغبات متخلفة تؤدي بالنتيجة الى افشالها كما حصل مع مهرجان بابل الدولي.
ونريد ان نتسائل كيف يمكنكم منع شعوب بكاملها تمتد على مساحات شاسعة من ارياف الجنوب الى قمم جبال كردستان من الفن والغناء والذي يمتد الى عصور ودهور واختلفت بحقه الاراء والفتاوى ،ومن الطبيعي نحن عندما نتحدث عن فنون الشعوب لا نقصد بذلك الفنون الهابطة والتي تتعارض مع الذوق العام وخدش الحياء.
ان الفلاح القاطن في ارياف الجنوب وكذلك من قطن قمم جبال كردستان الشماء لم يفكريوما في ارتكاب معصية الله وهويغني اعذب الحانه الشجية ليحاكي
بصوته الدافئ الحزين كل سامعيه وهو يردد اغنية ( وردة اسكيتهه من دمع العيون، ومرينة بيكم حمد واحنة بقطار الليل)اوالفلاح الكردي الذي يغني (هلا ليلى مع الدبكة الشعبية الكردية)وليس ذلك الراعي الذي يتيه في البراري والوديان، هو من فكر يوما بمعصية خالقه عندما يغنى ويعزف على نايه اعذب المقطوعات وهو يرعى قطيعه الذي يستشعر الامان بوجود من يرعاه ويحميه ممن يتربص به سواء كان ذلك وحشا ام بشرا ،مثل هؤلاء الناس عاشوا في عصور وحقب زمنية مختلفة محكومة بمختلف القوانين الوضعية والسماوية مرورا بمختلف الولات والحكام ولم نسمع من ابائنا واجدادنا ان هناك من حرمهم من قول الشعر وغناءه بل سمعنا ان الشعراء والادباء والمنشدين كانوا يكرمون بجزيل العطاء ويحضون بمكانة خاصة بين اقرانهم.
في عراقنا الوديع المتسامح عاش الناس على سجاياهم ،فقد اعتادوا الطرفة والنكتة والحكاية والمثل واطلقوا الاهزوجة والشعر والاغنية والانشودة الوطنية ،كما اعتادوا احياء ايام وليالي الاعراس والزفات و الاعياد والمناسبات الوطنية والدينية مصحوبة بما يناسبها من طقوس وعادات شعبية متوارثة ولم نسمع بان هناك من حاربهم وطاردهم ووصفهم بالزندقة والكفر، وان صادف وحصل ذلك على يد طاغية وجاهل فسرعان ما تهب الناس لاستنكار وادانة تلك الممارسات الهمجية الرجعية غير المتحضرة .
في زمن المقبور صدام حسين وعندما حرمت الطائفة الشيعية من ممارسة طقوسها الدينية من خلال تأدية زياراتها للعتبات المقدسة وممارسة الشعائر الخاصة بتلك المناسبات من ردات واهازيج وهوسات وقراءات حسينية هبت الجماهير من مختلف المذاهب مستنكرة مواقف الحكومة والنظام الصدامي الدموي وادانت تلك المواقف الطائفية البغيضة، وقد استبشر الناس خيرا عندما تغير الحكم وسقط الصنم واستلمت قوى جديدة تدعوا الى حرية الرأي والمساوات ان تتعض بما حل بها على ايادي جلاديها وتكون لهم تلك الحقبة تجربة يتعضون بها، واذا بنا نعود لفرض النظرة الواحدة للحياة ونستهين بحقوق وحريات الاخرين وكتم الاراء والاصوات.
اننا نحذر مما هو ادهى وامر في حالة تفرغ تلك القوى من ازماتها الخانقة فعندها سيسومون الناس سوء العذاب.


احمد عبد مراد -16 /10 /2010








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - للاسف
بشارة خليل ق ( 2010 / 10 / 17 - 03:49 )
شعوب بكاملها بحاجة لاعادة التاهيل والعيش بكرامة وحرية وتسامح,ليس هنالك حلا سريعا لوباء الاستبداد الا بتربية الاجيال الجديدة على مباديء سليمة واما الاجيال السابقة المبرمجة على التشدد والتعصب والكراهية فلا امل باستعادتها الى التحضر والتمدن
على العالم اجمع التصدي للتحريض على الكراهية والعنف وعدم احترام الحقيقة والتربية على التمترس والعدائية والعنصرية واستساغة دور الضحية
فهو فقير لان الاخر يتامر عليه ,ليس باستطاعته تحمل لمسؤلية خياراته ورؤية الواقع كما هو فكثرة الانجاب ومنعه المراة من العمل ليست في حسبانه انها هي العوامل التي تؤدي الى فقره,فدائما عدوه الخارجي هو السبب
اعتقد ان بشر نشأوا بهذه المفاهيم سيبقوا في حالة حرب مع المختلف حتى ولو
عاشوا في المدينة الفاضلة

اخر الافلام

.. غادة والي تشيد بجهود مصر الدولية والوطنية في مكافحة الفساد


.. انتهت باعتقال قائد الجيش.. تفاصيل محاولة الانقلاب في بوليفيا




.. أخبار الصباح | ترمب يخطط لإطلاق أكبر برنامج لترحيل المهاجرين


.. إسرائيليون يتظاهرون عند مفترق كركور قرب حيفا للمطالبة بإعادة




.. اعتقال قائد الجيش البوليفي عقب محاولة انقلاب فاشلة