الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


شينوار ابراهيم .... ابداع يرافق الحنين إلى زمن الطفولة بقلم :كاظم الشويلي

شينوار ابراهيم

2010 / 10 / 16
الادب والفن


كاظم الشويلي

شينوار ابراهيم .... ابداع يرافق الحنين إلى زمن الطفولة



قراءة نقدية في تحليق القاص المبدع
شينوار ابراهيم

وقعت بين أنظاري القصة الرائعة التي تحمل عنوان ( التحليق ) للقاص والشاعر شينوار إبراهيم ... في البدء لابد أن نتعرف على سيرة هذا الأديب المبدع الذي عشق الفن والأدب والإنسانية حيث نقرأ نبذة سريعة من أوراق سيرته الذاتية ( شينوار إبراهيم ، باحث ، شاعر ، قاص ، لهُ أعمالٌ مسرحية باللغة الكردية ، وكذلك في أدب الأطفال وقد ترجم إحدى مسرحياته من اللغة الكردية إلى الألمانية ، وقصة ( مستو ومارتين ) من اللغة الألمانية إلى الكردية . يكتب بالألمانية ، والعربية ، والكردية ، ولهُ دراسات ، ومحاضرات ، وبحوث في مجال الطب كما أن لهُ منشورات عدة في مواقع ثقافية مختلفة . صدرت له مجموعة نتاجات ) .

ونعود لقصته القصيرة ( تحليق ) نلحظ ان القاص الرائع يعود بنا إلى زمن الطفولة والصبا ويتحدث لنا عن شخصية طفل يحب أن يلعب كما هو هاجس الأطفال دائما ، يفتتح القاص شينوار سرده قائلا ( الضجر يَكَادُ أَن يَقْتُلَنِي ... أُمِّي لَا تُحِبُّ الْضَّجِيَجَ ... الْصَّمْتُ يَسُوْدُ فِي دَاخِلِ الْمَنْزِلِ ... الْمَلَلُ يَقْطَعُ أنفاسي ... بَدَأَتُ أَتَجَوَّلُ مِن غَرْفَةٍ إِلَى أُخْرَى ...

:- جُوَان ... ألَا تَعْرِفُ الْهُدُوءَ ... أَنَا لَا أُحِبُّ الإزعاج ... اخترق صَوْتُ أُمِّي آذَانِي وَهِي تُطَرِّزُ قِمَاشَا ابِيْضا بتبرّم غامض ... وكأنها غَاضِبَةٌ مِن شَيْءٍ مَا . الْصَّمْتُ .. الْقَلَقُ .. كَلَامُ أُمِّي ... لَا عَوْنَ لِي إِلَّا الخروج من الْمَنْزِلِ ... بَرَدٌ قَاتِلٌ .. الرِّيْحُ تَأْخُذُ الْوَرَيقَاتِ الْأَخِيرَةَ بَيْن طَيَّاتِهَا .... لَا أَعْرِفُ مساري .... قَطَرَاتٌ مَن الْمَطَرِ تُبَلِّلُ وَجْهِي ... وَعَيْنَاي تَبْحَثَانِ عَن مَلْجَأٍ يَحْمِيْنِي مِن الْبَرْدِ الْقَارِصِ ... تَرَدَّدْتُ فِي الْرُّجُوْعِ إِلَى الْمَنْزِلِ ... الرِّيَحُ .. الْمَطَرُ أَهْوَنُ مِن الصَمْتِ و القَلَقِ والتبرّم ... لَمَحتُ عُصْفُوْرَا سَاقِطا عَلَى الْأَرْض ، رُبَّمَا طَار مِثْلِي مِن عُشِّهِ هَارِبَا مِن الْصَّمْتِ ... حَمَلْتَهُ وَضَعْتَهُ تَحْتَ مِعْطَفِي ) .

بعد ان تحدث القاص عن ضجر الطفل وملله ومحاولاته في اللعب وثم تقديمه لنا الشخصية الثانية المكملة للنص وهي شخصية ألام ، هنا نشاهد الطفل وهو ينطلق الى محاولة الاندكاك بالطبيعة و محاكاة الأشياء الجميلة التي خلقها الله ، فيبدأ الطفل جولته خارج المنزل مع الريح العاصفة والمطر الشديد والعصفور الملتصق بوحل الأرض ، يلتقطه الطفل ويضعه تحت معطفه ، وقلبه البريء يشدو اليه ، يسرد علينا القاص حادثته قائلا :
( قَلْبِي يصغي لنبضات قَلْبِهِ ... حَرَارَةُ قَلْبِي مَنَحَتْهُ الْقُوّةَ كما يبدو فبَدَأَ يَتَحَرّكُ ... شُكْرَا يَا صَدِيْقِي ... نَطَقَ الْعُصْفُوْرُ الْصَّغِيْرُ: أطلب مني ما تشاء كي أرد لك هذا الجميل ...
أُرِيْدُ أَن أَطِيرَ مِثْلُكَ ... هَل تَمْنَحُنِي هَذِه الْأُمَنَيَّةَ ؟
نَعَم ... أَغْمِضْ عَيْنَيْكَ وافْتَحْ ذِرَاعَيْكَ وطِرْ إِلَى الْسَّمَاءِ ) .

وبتوظيف هذا الحوار الجميل والرائع بين الإنسان وما خلقه الله يبدأ التناغم والانسجام الروحي والطمأنينة وهنا يحلق القاص شينوار عاليا بقلب ذلك الطفل البريء ، والذي يبهجنا ويمتعنا لبراءة الطفل وطلبه المستحيل بالتحليق عاليا ، فهل هناك طلبا مستحيل في عالم الأطفال ؟ لنتابع السرد الجميل :

( طَارَ العُصْفُوْرُ وَأَنَا مُحَلِّقٌ معه ... مغمض العينين وفاتحا ذراعيّ إلى الفضاء ... احْلّقُ مثلهُ فِي الْسَّمَاءِ .. فَوْق الْرِّيحِ ... وأحس كَيْفَ تَتَكَاثَفُ الَغُيُوَمُ ثم تنزاح أو تهطل ... حَلَّقَتُ كُلَّ الْيَوْمِ ... نَسِيْتُ الْبَرْدَ ... الْمَطَرَ .. قَلْقَ أمي ... الْصَمْتَ الَّقَاتِلَ و الْمَلَلَ ... عَانَقَتُ الْشَّمْسَ أَيْضا... وَتَحَدَّثَتُ مَع الْنُجُومِ و رَافَقْتُ الْكَوْاكِبَ ... لَكِنَّ الْظَّلامَ بَدَأ يُخَيِّمُ؛ فَبَدَأَتُ اهْبِطُ إِلَى الْأَرْضِ ... شيئا فشيئا .. وَدّعْتُ الْعُصْفُوْرَ الْصَّغِيْرَ و شَكَرْتُهُ ، دَخَلْتُ الْمَنْزِلَ ...
:- ايْنَ كُنْتَ كُلَّ هَذِه الْمُدَّةِ؟ سَأَلَتْنِي أُمِّي ...
:- أَنَا كُنْتُ أُحلّق مَع صَدِيْقِي الْعُصْفُوْرِ الْصَّغِيْرِ .. فَوْقَ الْشُّهُبِ .... الَى الْقَمر ، الى الغيوم ، الى ...
:- أَذْهَبْ إِلى الْفِرَاشِ بِدُوْنِ عِشَاءِ... فهَذَا جَزَاء مَن يَكْذِبُ ... ) .

وبهذه الخاتمة الجميلة يمنحنا القاص نهاية رائعة تمتزج فيه براءة الأطفال وضعف العصافير وحلم المساكين بجدية الآباء وقسوة الطبيعة وصعوبة تحقيق بعض الأمنيات ، لقد طالعنا سرد جميل وأسلوب ممتع وفكرة رائعة ، وكان البطل في هذه المقالة هو القاص المبدع شينوار ابراهيم ، رأينا انه من الضروري التعريج على إبداعاته وتسليط الضوء على إحدى قصصه الجميلة ، وهناك ملاحظة لابد من ذكرها ، وهي الإشادة بتمكن واهتمام شينوار باللغة العربية حيث لاحظنا كيف انه حرص على تحريك كامل القصة ولم ينس أن يضع كل الحركات على كل الحروف . فتحية له ولك روائعه التي خطتها أنامله الرقيقة وفكره الإنساني المتجدد وقلبه الصافي النقي ...








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. لما تعزم الكراش على سينما الصبح ??


.. موسيقى وأجواء بهجة في أول أيام العام الدراسى بجامعة القاهرة




.. بتكلفة 22 مليون جنيه.. قصر ثقافة الزعيم جمال عبد الناصر يخلد


.. الكلب رامبو بقى نجم سينمائي بس عايز ينام ?? في استوديو #معكم




.. الحب بين أبطال فيلم السيد رامبو -الصحاب- ?