الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


متي تنفجر مرارة الشعب المصري‬؟

عمرو اسماعيل

2010 / 10 / 16
اليسار , الديمقراطية والعلمانية في مصر والسودان


‪لقد كتبت مقالا منذ حوالي ستة سنوات عنوانه مرارتنا اتفأعت تعبيرا عن الحال في مصر توقعت فيه انفجار مرارة الشعب المصري وقلت في جزء منه‬

"لا أعرف الجذور اللغوية لكلمة اتفأعت أو لماذا ننطق القاف ألف ولكن هذه الجملة تعبر في وجدان الشعب المصري عن عدم القدرة علي احتمال المزيد مما ينذر بالأنفجار ففعلا الشعب المصري علي وشك أن تتفأع مرارته فالغلاء يعصف بالغلابة والغني يزداد غنا و الفقير يزداد فقرا والفساد يضرب بأطنابه اقتصادنا والشباب يفتقد الرؤية و الأمل في المستقبل.. و رغم ذلك نفس الوجوه كاتمة علي أنفسنا منذ سنين طويلة في الوزارة و مجلس الشعب.. فهناك وزراء انتهي عمرهم الأفتراضي وثبت فشل سياسة وزاراتهم مرارا و تكرارا ورغم ذلك يحتفظون بمناصبهم كأنما مصر قد أصبحت عاقرا أن تنجب غيرهم وكذلك أعضاء مجلس الشعب فمعظمهم لم يتغيروا منذ سنين والسبب أن الحزب الوطني لا يعرف أن التجديد و التغيير هي سنة الحياة.. وهناك أجيال بالكامل لم تأخذ فرصتها في القيادة ألا القليل منها التي تجيد النفاق أو بالعامية مسح الجوخ.
و فقدنا الأمل في الحصول علي الديمقراطية الحقة لأن الحكومة سمحت لنا بهامش من الحرية تعايرنا به وتذكرنا دائما أنها ممكن أن تحرمنا منه وكأنما الشعب هو مجموعة من البلهاء قد فرض عليهم الحزب الوطني الوصاية.. 
مرارتنا اتفقعت فالوجوه هي الوجوه ومن يحتلوا المقاعد الأمامية لم يتغيروا منذ عقود تجدهم في مؤتمرات الحزب الوطني و مؤتمرات الأصلاح الديمقراطي وهي نفس الوجوه التي تقلبت من حتمية الأصلاح الأشتراكي الي حتمية الأصلاح الرأسمالي وهي تشارك الآن في حتمية الأصلاح الديمقراطي ولكن مع الوضع في الأعتبار خصوصيتنا و بعد حل القضية الفلسطينية و القبض علي أسامة بن لادن و القضاء علي المتطرفين و يا حبذا بعد القضاء علي البلهارسيا والناموس و الهاموش أو استيراد شعب جديد من المريخ لا ينتخب الأسلاميين أن طبقنا الديمقراطية.. حجج تفقع المرارة بصحيح ..
أننا نحتاج فريق من الجراحين المهرة لأستئصال المرارة للشعب المصري قبل أن تتقيح و تنفجر فالمسكنات و المضادات الحيوية أصبحت غير ذات جدوي.. فمرارة الشعب علي وشك أن تتفقع وساعتها لا يمكن توقع النتائج فسنكون جميعا خاسرين حكاما و محكومين".


ولكن وبعد ست سنوات هل تغير شيئ .. هل تغيرت الوجوه .. الوضع يزداد سوءا .. ومرارة الشعب المصري لم تنفجر ولم يأتي فريق الجراحين المهرة لاستئصالها ورغم ذلك لم تنفجر المرارة .. حتي الجراح الوحيد الذي أتي ولا أعرف ان كان ماهرا أم لا ( البرادعي) .. تجاهله الشعب الا قلة ولم تنفجر المرارة ..
ماهي مشكلة هذا الشعب بالضبط ؟ .. يقول ليل نهار أنه أصل الحضارة .. ولكنه يتنكر للأصل الذي يتغني به .. ويتمسك بمن قهره ..
عندما اقرأ كتب التاريخ الاسلامية .. أجد فيها جملة تتكرر كثيرا .. الوضع في مصر هادئ كالعادة .. ستجد في هذا التاريخ اضطرابات وحراك سياسي في كل المنطقة المحيطة به .. بينما مصر خانعة لمن يحكمها .. أيا كان هذا الحاكم .. والدين فيها علي دين حاكمها .. فمصر تتحول من عبادة أمون ألي آتون الي أمون بسهولة بالغة .. ومن المسيحية الي الاسلام .. وتحولت من الاسلام الشيعي ايام الفاطميين الي الاسلام السني بعد صلاح الدين الأيوبي بسهولة ويسر .. والي المذهب الحنفي بعد الغزو العثماني ومنه الي الوهابي بعد الاحتلال الاقتصادي للبيترودولار .. الأزهر نقول عنه انه منارة الاسلام وننسي انه بدأ كمنارة للمذهب الشيعي .. وانتهي كمنارة للمذهب السني .. هو منارة للقابع في قصر السلطة ..

لم أري شعبا يؤله من يغزوه او يحكمه مثلما فعل الشعب المصري .. هكذا فعل مع الاسكندر الاكبر في معبد أمون في سيوة .. وهو نفس مافعله مع عمرو بن العاص الذي قال عن مصر: "أرضها ذهب ونساؤها لعب ورجالها مع من غلب يجمعهم الطبل وتفرقهم العصا" ورغم ذلك نجد معظم الشعب المصري يدافع عنه ويثور عندما ينقد احدنا عمرو بن العاص ويعتبره غازيا مستعمرا .. نجح في احتلال مصر بسهولة بالغة لأنه لم يجد مقاومة من شعب تعود الا يقاوم اي قوة تغزوه .. حتي ان الدولة الايوبية اضطرت الي استيراد العبيد الي مصر لتحمي نفسها و انتهي الامر الي ان يحكم العبيد ( المماليك) مصر .. ونجد من يتغني بحكمهم في مصر .. تماما مثلما حدث مع محمد علي .. هذا الألباني الذي سمح له الشعب المصري أن يملك ارضه ومن عليها من البشر .. ونجد من يتغني به وبأسرته حتي الآن ..
فليسامحني من يختلف معي في هذا الامر .. ولكنني لم أجد رجلا في مصر آثار فيها الحراك وتمرد علي تراثها الخنوع وانحاز الي الشعب الغلبان رغم كل اخطائه الا جمال عبد الناصر .. اراد ان ينتف شعر دقون الوهابيين اعداء مصر الحقيقيين .. فنتفوه بتمويل حرب 67 و احتلوا مصر ثقافيا و اقتصاديا بعد ذلك فوصلنا الي كل مانعانيه الآن ..

للأسف وبعد ست سنوات من مقالتي .. اكتشفت أن مرارة الشعب المصري لا تنفجر .. وأنه لا يمكن أن يحدث اي تغيير في مصر من القاعدة .. بل لابد أن يحدث هذا التغيير من القمة أو من الخارج .. وانه لو احتلت ايران مصر الآن سيتحول أغلبية الشعب المصري الي المذهب الشيعي في خلال مدة قصيرة علي اعتبار أن الشيعة هم في النهاية مسلمين .. ولو حكمت انجلترا مصر حكما مباشرا كما فعلت فرنسا في الجزائر لكان الشعب المصري كله يتحدث الآن الانجليزية و الكنيسة الانجيلية هي المسيطرة دينيا في مصر ..
لا يمكن ان تتحول مصر الي الديمقراطية الا ان حكمها رئيس يؤمن فعلا بالديمقراطية .. ولن تكون فيها عدالة اجتماعية .. الا ان حكمها رئيس يؤمن فعلا بالعدالة الاجتماعية ..
فمن أين يأتي هذا الحاكم .. لا توجد طريقة جسب معايير الشعب المصري الا بالصدفه او أن يفرض من الخارج .. أما الشعب المصري .. فهو شعب لا يفرض تغييرا .. بل يفرض عليه التغيير من القمة أو من الخارج .. سواء كان هذا التغيير الي الاحسن او الاسوأ .. وهو شعب يستطيع أن يتحول بسهولة يحسد عليها من السيئ الي الجيد أو العكس ..

بعد ست سنوات اكتشفت ان مرارة الشعب المصري لا تنفقع و عصية علي الانفجار ومرارتي انا هي اللي اتفأعت ..
وبعكس المقولة الشهيرة أقول وبعد فترة طوبلة من الحب من غير أمل " لو لم أكن مصريا .. لتمنيت الا أكون مصريا " فأنا أكره الخنوع حتي لو كان يؤدي الي عدم الانهيار التام كما هو الحال مع مصر طوال تاريخها .. والخنوع في مصر و أتمني الا يغضب مني اخوتي من أقباط مصر .. هو تراث قبطي أصيل
سامحوني .. مرارتي اتفأعت








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - مقال ممتاز
محمود يوسف بكير- مستشار إقتصادي ( 2010 / 10 / 16 - 19:18 )
أوافقك الرأي ياأستاذ عمرو، سبق لي أن توصلت لنفس النتيجة عندما كتبت - هل يمكن أن يأتي الاصلاح من الداخل؟- وفي مقال اخر نصحت البرادعي الا يضيع وقته ويعود الي اوربا
مع أطيب تحياتي


2 - مراره الشعب من حديد
على سالم ( 2010 / 10 / 16 - 23:12 )
السيد عمرو اسماعيل اشك كثيرا ان مراره الشعب المصرى سوف تنفقع فى يوم من الايام ,يجب ان نكون صرحاء ,الشعب المصرى توارث العبوديه والاذلال من ايام الفراعنه وهذا للاسف الشديد,مشكله الشعب الاساسيه هى الخوف ,الخوف من كل شئ من فرعون مصر من الحكومه الفاسده من وزير الداخليه القواد من لواءات الجيش المتعجرفين من ضباط الشرطه الذين يفرضوا الاتوات على افراد الشعب الجائع الذليل المسحوق الخوف من امراء البترول والذين بريالتهم حولوا مصر الى بيت دعاره ويلعنوا المصرى فى بلده والنتيجه اثنيين مليون لقيط فى شوارع مصر المنحوسه ,بالامس فقط رايت فيديو على اليوتوب عن وحشيه ضباط البوليس المصريين وتصرفهم الهمجى الخسيس فى احد الاقسام عندما بداوا فى ضرب جمع من النسوه بالعصى واللكمات والركلات وناهيك عن اقذع الشتائم ,انهم الرعاع ,.الرعاع الذين يحكموا مصر وياله من حظ اسود لاام الدنيا


3 - إنهم يقدسون الخنوع
فؤاد يسري ( 2010 / 10 / 17 - 12:05 )
يا عزيزي أستاذ عمرو اسماعيل
إن الخنوع عند الأقباط ليس فقط تراث .. بل هو فضيلة مقدسة!! .. والكرامة (ياللعجب) رجس ورزيلة .. بل إن الخنوع له عند الأقباط أسماء دلع أيضاً .. نعم .. يسمونه تواضع وتسامح .. قصر ديل يعني .. مع أن المتواضع والمتسامح حقاً .. هو الذي يملك ألا يكون كذلك .. ولكنه يرفض أن يستعمل إمكانياته بمحض اختياره .. وليس عن جبن وخوف .. وعدم استطاعة .. فأنا أكون متسامحاً حقاً .. إذا عفوت عن الثأر ممن إعتدى على حقي رغم كوني قادراً فعلاً على سحقه .. أما التسامح مع من اعتدى على حقي تفادياً لمزيد من الإعتداء .. فهذا والله هو الجبن بعينه وهذا ما يفعله الأقباط الجبناء الخانعين ...


4 - ثقافة الخنوع
عدلي جندي ( 2010 / 10 / 17 - 14:00 )
لا تجادلوا في أمور أن تبد تسوئكم وهي الإضافة السلبية إلي ثقافة الخنوع التي يتحلي بها المصريون ويا قلب لا تحزن شكرا ..يا دوك علي صدقك ووطنيتك ومصريتك وحبك الجارف


5 - فاسد ومشروع فاسد.. مرتشي ومشروع مرتشي
عمرو اسماعيل ( 2010 / 10 / 17 - 15:20 )
إخوتي اقباط مصر .. مسلميهم ومسيحييهم ..متي تثورون .. ولا اقصد بالثورة هنا .. العنف.. بل الثورة السلمية الحضارية
لقد كان البرادعي أملا في قيادة هذه الثورة
ولكن الجميع تخلي عنه وعن هذه الفرصة
لقد ترك المصريون جميع حقوقهم وذهبوا لتعاطي الأفيون في غرزة سليم العوا والأنبا بيشوي
قادة مصر الحقيقيين الآن هم الشيخ محمد حسان واسحاق الحويني وعمرو خالد..محمد سليم العوا والأنبا بيشوي .. السيد البدوي و محمد بديع وبطرس غالي
وكل هؤلاء دمي في أيدي النظام ..
علي الأقل في الماضي كان الوفد ..سعد زغلول ومصطفي النحاس ومكرم عبيد.. يقفون في مواجهة القصر وعبد الناصر ينحاز للغلابة .. أما الآن فتحول الشعب المصري الي فاسد ومشروع فاسد .. مرتشي ومشروع مرتشي والغالبية تؤمن بالأمثال المصرية الخانعة.. الباب اللي يجيلك منه الريح سده واستريح.. واللي تعرفه احسن من اللي ماتعرفوش
طبقة كهنة المعبد يسيطرون علي كل شيء في مصر .. متي تهدون المعبد علي رؤوسهم


6 - أسف جداً .. وعذراً لجهلى
فؤاد يسري ( 2010 / 10 / 17 - 17:03 )
أسف يا دكتور عمرو لم أعلم لقبك إلا من التعليقات .. فأنت لم تذكره أمام اسمك .


7 - آخي فؤاد ..لا داعي للأسف
عمرو اسماعيل ( 2010 / 10 / 17 - 23:43 )
انا هنا عمرو اسماعيل فقط .. مجرد مواطن مصري بسيط.. يحلم بمصر دولة العدل والحب والمواطنة
لقد شرفني تعليقك علي المقال


8 - مصر الحضارة تعاني 1
سامي المصري ( 2010 / 10 / 18 - 10:44 )
دكتور عمرو تحياتي؛ عندما قام سعد زغلول بثورته كان أول من سانده المثقف القبطي وذلك كان سببا رئيسيا في نجاح الثورة. التماسك العضوي للمصريين هو الأساس لأي نجاح. لقد بلغنا ذروته على يد عبد الناصر حين صارت مصر للمصريين لأول مرة منذ أكثر من 2500 سنة. التواطؤ الاستعماري الوهابي الشرس عندما فقد كل نفوذه بمصر أعلن الحرب على مصر/عبد الناصر. معركة 1956 وحرب اليمن ثم النكسة لم تكن سوى صور من الجرم الاستعماري الوهابي المشترك ضد حرية مصر وكانت مصر بروحها ووحدتها قادرة على التصدي لذلك حتى بعد النكسة. النكسة الحقيقية بدأت بالتراجع الثقافي الحضاري المفزع للمجتمع المصري منذ سبعينات القرن العشرين عندما نفذ الفكر الوهابي البترودولاري لقلب مصر، فنقَّب وجه مصر وأرخى بستره الكثيف الكئيب على العقول. في نفس الوقت تسلل إلى مقعد البطريركية بشكل غير قانوني صحفي تسلقي بمساندة السادات ضد الشعب القبطي، حيث منع المثقف القبطي من انتخاب البطريرك. وضُيِّع المثقف القبطي بين الدولة والكنيسة. كما ضيع المثقف المسلم بالفساد الوهابي وانتشر التطرف والتعصب على الجانبين ليفسد العقول ويسحق بينهما مصر الحضارة؛

للحديث بقية؛


9 - مصر الحضارة تعاني 2
سامي المصري ( 2010 / 10 / 18 - 11:07 )
كنيسة عصر الأنبا شنودة رغم خلافها مع السادات إلا إنها عملت على تخريب العقل القبطي لحساب هيمنة كنسية متواطئة مع الدولة. فنشرت التعصب والانغلاق العنصري الذي خدم الانغلاق الوهابي ليحقق تفسيخ المجتمع المصري لخدمة الاستعمار. المثقف القبطي الواعي هُمِش وأبعد وشوه لحساب مجموعة من التسلقيين المنتفعين بخيرات الكنسية، فظهرت طبقة قبطية جديدة من الجهلة تتصارع على الزعامة في الداخل والخارج يساندها علنا وسرا نظام كنسي من مصلحته تخدير المجتمع القبطي لحساب سرقاته وسطوته. المشكلة تتلخص في التراجع الثقافي الحضاري للمجتمع المصري بأقباطه ومسلميه بسبب الفساد الفكري الذي يبثه المتسلطين الذين يبيعون مصر لكل مشتري، فيشتت الجهود. من فضلك أنظر مقالاتي؛
http://www.ahewar.org/debat/show.art.asp?aid=46682
http://www.ahewar.org/debat/show.art.asp?aid=48808
http://www.ahewar.org/debat/show.art.asp?aid=72427
لو ظهر سعد زغلول اليوم لما سانده قبطي واحد. عدم مساندة الأقباط للتغيير والبرادعي يرجع للبلبلبة الكنسية التي أدخلت الفكر القبطي نفق مظلم منذ 39 عاما؛
تعاون المثقف القبطي والمسلم ضروري للخروج من الأزمة؛
تحياتي؛

اخر الافلام

.. الحوثيون يعلنون استهداف سفينتين في البحر الأحمر والمحيط الهن


.. لجنة مكافحة الإرهاب الروسية: انتهاء العملية التي شنت في جمهو




.. مشاهد توثق تبادل إطلاق النار بين الشرطة الروسية ومسلحين بكني


.. مراسل الجزيرة: طائرات الاحتلال تحلق على مسافة قريبة من سواحل




.. الحكومة اللبنانية تنظم جولة لوسائل الإعلام في مطار بيروت