الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


جسور الغالبي

محمد علي محيي الدين
كاتب وباحث

2010 / 10 / 16
الادب والفن


محمد علي محيي الدين
عن مجلة الشرارة التي تصدر عن محلية النجف للحزب الشيوعي العراقي صدر ضمن مطبوعاتها ديوان الشاعر الأديب الأستاذ رحيم ألغالبي الذي أختار له عنوانا مميزا يوحي بما حوت دفتيه فهو (جسر من طين) ربما أعده ألغالبي من طين العراق الحري الذي تميز بأريجه الخاص وصلابته المعروفة،جسر لعبور الجميع إلى شواطئ المحبة والسلام بعيدا عن الأقانيم الإرهابية المؤدلجة بلعلعة الرصاص وأزيز المفخخات ،وبحار الدم التي أغرقت البلد وأحالته إلى ركام.
وألغالبي ليس بعيدا عن الهم الوطني ،فقد خاض معترك السياسة وناء كاهله بأعبائها ،وناله الكثير من رذاذها ،فكان إلى جانب آخرين نأوا بأنفسهم عن الانغمار فيما غرق به الكثير من الشعراء الشعبيين،فلم تنغمس أقلامهم في حبر العهر ألصدامي ،وكانوا يعيشون على هامش الأحداث،بعيدا عن الوسط الثقافي الملوث بقيح الفكر ألبعثي الهجين،وكان صمته تعبير صارخ عن الاستهجان والرفض للانحطاط الذي وصل إليه الأدب الشعبي عندما أصبح عواء للقادسية وخوار لأم المهالك،ومزامير للقتل والدمار والفناء ،فانصرف لمناجاة من يحب سالكا الطرق الضيقة والدروب المتعرجة ليحوم حول الهدف دون الوصول إليه في رمزية كانت معلما من معالم الشعر الشعبي يوم كان سيف الجلاد مشهرا على الرؤوس.
وما أن آن لدولة البعث أن تدول حتى انطلق ألغالبي من جديد ليسهم فيما أسهم فيه غيره من الشعراء لتأخذ القصيدة مكانها في مسيرة الوطن وإعادة البناء فكان له حضوره في المهرجانات الوطنية ،ومكانه في الصحافة العراقية ،وما كان لشعره أن يكون مباخر للحاكمين،أو جسورا للمتسلطين فكان الرفض معلما لشعره بعد أن سارت الأمور في طريق آخر بعيدا عن الطموح لبناء الوطن الحر والشعب السعيد فقد كان للتغيير أجندته الغريبة ،وتوجهاته البعيدة عن المصالح الوطنية،فكان للفسحة الجديدة من الحرية أن تأخذ ألغالبي ليكون صوتا من أصوات الرفض لما حدث أو يحدث من مفارقات.
والديوان على صغره فيه ملامح من تجربته الشعرية فهو يمثل فترات متباعدات من حياته ويرسم صورة لرؤيته الفنية ونزعته في التجديد والعبور بالقصيدة عن السطحية والتقريرية ، فهو نتاج المدرسة الحديثة للشعر الشعبي التي نأت بالشعر عن عفويته ومباشرته وانتقلت به إلى الصور الجديدة التي استلهمت التراث العالمي صورا للتعبير عما تريد ،وهذا الشعر ربما لا يجد رواجا للذائقة الجديدة لشعراء ما بعد الحصار ،فقد أستلهم هؤلاء صور لا تتعدى الأطر الفكرية لشعب ناء بآلام الجوع والحصار والموت المؤجل فلجأ لسماء رأى فيها خلاصا مما هو فيه فكان أن غرق في متاهات عادت بفكره لعصور الظلام والتخبط ،واستمد التصورات التي تجاوزها الزمن لتكون صورا باهته في أخيلة الشعر الشعبي لينكفئ بعيدا عن الحداثة وما وصل إليه العالم في تجاوز لها وعبور لمضامينها فكانت الصور الشعرية لا تتجاوز التفكير الشعبي الساذج لأحداث ما عادت تشكل شيئا في المنظور الفكري لطلائع القرن الجديد.
ولو تجولنا في جسور الطين لوجدنا أن الشاعر لم ينسلخ عن مدرسته القديمة التي تمثل النضج الفكري للشعراء الشعبيين فهو لا زال يسعى لتأصيل المدرسة وبيان ملامحها من خلال صوره التي تمثل رؤية فنية كاملة يستطيع القارئ تلمسها في الصور المجترة من واقع الحياة:
كال أعمى:
أرسم لي صورة... أتعجبت
من رسمت الصورة كلي فتشت!!
كتله ليش؟ أشلون؟ كلي:
الخير أجاك ...بس غشيم وفلشت
وهو شاعر الومضة بلا منازع،فقد أستطاع بمخيلته المكتنزة بالكثير من الصور اجترار صور من واقع الحياة فيمنحها لمساته الفنية ويخرجها بإطار جديد،والومضة قصيدة قصيرة تعبر عن واقع كبير لا يستطيع التجويد بها إلا القلة من الشعراء ،والغالبي منهم دون منازع،وومضاته حافلة بالمدهش من الصور الواقعية التي أستطاع توظيفها ليخرجها بإطار فني جذاب:
حبّيب حلو ومر
مثل الحقيقة
ضحكته اعله الكاع طاحت.....
خضّرت كلها حديقة
أو قوله في أخرى:
هلكد حباب انته بروحي
حباب أتظل
حتى أغلاطك
تانيت و ممليه محاطك...!!
حسبالي أتورث بالدنية
مدريت :
مبلل شخاطك
أو قوله:
مسحت وبعيني الحلم
من مرت اسنينك مغيره
تكول طيرة ..!!
يبني بيت
ويسلب بحيطان غيره!!
وفي ورد النرجس يطوف بنا في عوالم من الروعة والجمالية ،فهو يستلهم رؤاه وهواجسه من محيطه المليء بالكثير مما يثير كامن نفسه ويجعله طائفا بين سواقي الروح وجسور الطين التي ما عادت كما كانت قادرة على المطاولة في مواجهة أعباء الحياة وما تفرزه الأيام في دورتها :
مثل ما يثلم الخبزة ..ثلم كلبي
صلاة الصبح حسبالك..
وأكابل بيها بس ربي
مسح بعيونه من يخزر
نبض كلبي
عذاب العمر كضيته
وعتاب الكاه بنص كتبي
رسم عالحايط من أبعيد
هواجس روحي نور وضي
مشه الحايط وظل ألفي!!!
عبرت شكد شواطي وياك
عافتي الجروح وثبت بس ألمي
مشت ليش الشوارع
ظلت الخطوات تتعثر بغربه وهم
صرت اطشر وألتم








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - لنسمع منكم دائما
سمير فاضل ( 2010 / 10 / 17 - 04:10 )
سلم قلمك ابو زاهد لهذا التقديم اللطيف لانشودات المناضل والشاعر الغالبي رحيم

لنسمع منكم دائما

تحياتي


2 - وفاء واخلاص
رحيم الغالبي ( 2010 / 10 / 17 - 15:04 )
الحبيب سمير..تتابع نا ينشر عني
دلالة على وفائك اولا وثانيا على ذوقك السليم وعمقك الثقافي لان من يتابع هكذا مواضيع الا من يمتلك الحس الادبي والفني والفكري
سوف اهدي لك مقطوعه ليس شعريه لكي لا اكون متملقا انما لانك سمير فقط
تحياتي
[email protected]


3 - تحية من بلاد الغربه
سمير فاضل ( 2010 / 10 / 18 - 01:53 )


لقد لاحظت كتاباتكم انت والاخ محمد علي ووجدت فيهاالنزاهه اضافة لرونق الكلام وصدق الكلام ،، فلكم


مني الف تحيه والمحبة والسلام ولاهلنا في العراق حب ووفاء يعجز ما ينطق به اللسان




4 - رد
محمد علي محيي الدين ( 2010 / 10 / 18 - 07:46 )
الأخ سمير فاضل
شكرا لمشاعرك الطيبة أتجاهي والأخ رحيم العالبي وعسى أن نكون عند حسن الظن في خدمة العراق وأهله للسير به نجو الأمن والسلام والرفاه


5 - لابد من القول
حامد كعيد الجبوري ( 2010 / 10 / 19 - 21:38 )
تمتاز تجربة الصديق الغالبي بموسوعيتها ودقة ملاحظاتها وأختزال القول للوصول لمبتغاه لقد حرمني من سرق مني ديوانه عمدا أن أكتب عن هذه التجربة الغنية للشاعر الصديق رحيم الغالبي ، ومع ذلك سأحاول الوصول لديوانه رغم أنف السراق


6 - الاخ حامد
رحيم الغالبي ( 2010 / 10 / 20 - 01:11 )
الاخ والصديق الحبيب المبدع حامد الجبوري اذا سرقوا نشخه منك انا ا ارسل
او اجيب لك للحله بنفسي مسافرا لك اجيب عشر نسخ لاتهتم


7 - الاخ حامد
رحيم الغالبي ( 2010 / 10 / 20 - 01:19 )
يوزع مجانا في كل مقرات الحزب مجانا في المححافظات والاقضيه والنواحي والارياف...وهذه لاول مره صاحب ديوان توزع اعماله مجانا لكي لايفكر بالمبالغ
كل المحليات للحزب الشيوعي
كل المدن
اما المكتبات شيء اخر
تحياتي وشكرا


8 - ردود
محمد علي محيي الدين ( 2010 / 10 / 20 - 13:49 )
الاخ حامد كعيد الجبوري
للأسف الشديد لم تصلك نسخة الديوان لأسسباب لا أعرفها ،علما أن الأخ الغالبي وزع ديوانه مجانا للقراء والباحثين وتكلف أجور الطبع خدمة منه للثقافة الرصينة والأدب الوطني الخلاق وهو بعمله هذا قدم خدمة مجانية لقراء الشعر الشعبي الوطني أتمنى أن تقوم المحليات بتوزيع الديوان على الجهات الأدبية والثقافية وهواة الشعر وعشاقه لتتم المنفعة منه ويقق الأهداف التي يبتغيها المؤلف في أشاعة الفكر التنويري أزاء الهجمة الظلامية الشرسه لوأد الثقافة الحقيقية وأبراز الثقافات الهامشية الهشة.
تحياتي للأخ الغالبي على روحه الوثابه وخطوته الجريئة رغم ظروفه المعروفة وهذه سمات الوطني النزيه ومرحى للأخ حامد كعيد عل قولة الحق في الزمن الضائع.

اخر الافلام

.. كواليس العمل مع -يحيى الفخراني- لأول مرة.. الفنانة جمانة مرا


.. -لقطة من فيلمه-.. مهرجان كان السينمائي يكرم المخرج أكيرا كور




.. كواليس عملها مع يحيى الفخراني.. -صباح العربية- يلتقي بالفنان


.. -بين المسرح والسياسة- عنوان الحلقة الجديدة من #عشرين_30... ل




.. الرباط تستضيف مهرجان موسيقى الجاز بمشاركة فنانين عالميين