الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


انتصار إنساني

علي شايع

2010 / 10 / 17
مواضيع وابحاث سياسية


بمبلغ 22 مليون دولار فقط استطاعت دولة أن تحقّق انتصاراً إنسانياً كبيراً؛ بإنقاذ أرواح 33 محتجزاً ظلّوا 69 يوماً في غياهب منجم منهار بعمق 700 متر تحت الأرض. حدث تابعت الملايين تفاصيله وسرّتهم رؤية كبسولة حديدية تهبط إلى الأعماق لتعيد بين وقت وآخر إنساناً إلى الحياة.
مشاهد مبهجة جعلت دولة تشيلي النائية، بمركز الأخبار، ومحط اهتمام العالم، ممن تابعوا تفاصيل الإنقاذ المبثوث حياً، حتى خروج قائد المجموعة المحتجزة، كآخر شخص فيهم. وهذا المشهد لوحده كان جديراً بالتأمل؛ رجل تولى قيادة المجموعة، ونظم حياتهم في الغيهب، أصرّ، كقائد يعرف شروط قيادته، أن يكون آخر الناجين. لذا طال عناق رئيس الجمهورية له تثميناً لروحه القيادية، وإسهامه بتجاوز محنة وحّدت قلوباً ومشاعر ترقبّتِ الساعات، بانتظار اللحظة الأخيرة. مكان وقف فيه الرئيس التشيلي قائلا لفريق الإنقاذ :»أشكركم ..انتهت المهمّة، لقد أنقذتم تشيلي كلها».
دروس عديدة تستحق الاعتبار؛ لنتأمل فقط شهامة قائد المجموعة وبطولته. لنتأمل رئيس الجمهورية ببذلة الإنقاذ في منطقة الحدث. لنتأمل هذا المال القادر على إنقاذ مجموعة من الناس دون أن يستولي عليه مفسد ليترك العالم في مشهد الحيرة والدهشة. فلم يكن من هاجس شاغل سوى الزمن والمعدات، إتماماً لأول عملية من نوعها في التاريخ. التشيليون خرجوا للاحتفال في الشوارع والساحات العامة. لنتأمل أيضاً دلالة الفرح الوطني، في مشهد صدق، لأناس رفعوا الأعلام كعلامة ابتهاج ونصر وطني كبير، نتأمل ثقة الناس بحكوماتها، ووفاء الحكومات بتعهداتها ووعودها.نتأمل اللحظة التاريخية الجديدة المسجّلة للبلد. نتأمل التعاطف الإنساني العالمي، تعاطف المحنة والأمل. جهات حكومية دولية عرضت المساعدة، لنتأمل هذا المشهد، ونتأمل بعمق أكثر إعلان البابا لتعاطفه الإنساني العميق مع المحتجزين. لنتأمله، مفترضين أيضا إن البقية، و في لحظة واحدة سينسون الخلافات الدينية والعقائدية، ويعلنون التعاطف؛ مادين الأيدي المؤمنة بالدعاء، كلّ إلى ربه الشخصي. كلّ يضع على الحدث فحوى حكايته الدينية.
لنتأمل الإعجاز العلمي لإنقاذ البشر، تعاضد التكنولوجيا مع الطموح، فها هو العلم في خدمة الإنسان حقاً، وها هي أخطاء الطبيعة يعالجها الإنسان العاقل. ها هم أهل العلم والخبرة يضعون معلوماتهم وخبراتهم تحت تصرف لجنة قيادة الإنقاذ، وأجمل شيء أن يحضر خبراء من وكالة ناسا الفضائية، ليتحدثوا مع المحتجزين هناك ويعطونهم حلولاً لمواجهة العزلة، كما لو أنهم رواد فضاء أضلت سفينتهم دربها.
مشهد الاحتجاز حدث من قبل، وسيتكرّر ربما في دولة، يعدّ التنقيب مصدرا حياتياً لأغلب سكانها، ومصدراً معدنياً للعالم، فثلث مخزون الأرض من النحاس تشيلي المنشأ مثلاً، وهلم جرا مع بقية المعادن.. والمشهد ممكن التكرار لكن تمريره وتفعيله في الإعلام هو الأهم. فالعالم صغير إذن، كبيت واحد؛ بحضور الإعلام بهذه الطريقة. وهو مشهد أخير يستحق التأمل أكثر من أي شيء.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. 9 شهداء بينهم 4 أطفال في قصف إسرائيلي على منزل في حي التنور


.. الدفاع المدني اللبناني: استشهاد 4 وإصابة 2 في غارة إسرائيلية




.. عائلات المحتجزين في الشوارع تمنع الوزراء من الوصول إلى اجتما


.. مدير المخابرات الأمريكية يتوجه إلى الدوحة وهنية يؤكد حرص الم




.. ليفربول يستعيد انتصاراته بفوز عريض على توتنهام