الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


من أين لنا كل هذا اليقين ؟

عصام عبدالله

2010 / 10 / 17
العولمة وتطورات العالم المعاصر


" دانيال سيبوني " أحد أبرز علماء النفس المعاصرين، الذين عالجوا الأحداث والظّواهر (الإنسانية والطبيعية) الّتي تفاجئنا كل يوم (بجدّتها)، أو بعودتها في أشكال جديدة . سيبوني أجمل رؤيته في كتاب ضخم، ثلاثة أجزاء، عنونه بـ"أحداث".. والحدث برأيه هو : الاصطدام الّذي يحدث مع الواقع، أو هو هذا اللّقاء الصّادم مع الواقع.

إنّ الأحداث الّتي لا نتعجّب من وقوعها وإنّما من عدم تنبّؤنا بوقوعها، تخفي في حقيقة الأمر ميلنا إلي أن نتوقّع حدوث "كلّ شيء" حتّي لا يحدث "شيء غير متوقع".

بين عامي 1870 - 1925، بدأت الموجة الثانية من موجات العولمة (بعد الكشوف الجغرافية في عصر النهضة)، وضبط "التوقع" واستشراف " الأحداث " و" التنبؤ بالمستقبل " وهي بداية ما يعرف بالحكمة الجماعية والتأكيد علي المشترك الإنساني للأفكار.

ففي نهاية القرن التاسع عشر تم التوصل رسميا إلي مستجدات بشرية جغرافية، في إطار ضبط النطاق الزمني للعالم، وإنشاء خط للمواعيد الدولية، والتبني العالمي للتقويم الجريجوري، وتأسيس شفرات تلغرافية وإشارية دولية، ومن هنا انتشر الوعي بالكونية بسرعة، الذي تسارع واكتمل مع بداية الألفية الثالثة، أو الموجة الثالثة للعولمة.

لكن.. بركان أيسلندا في إبريل الماضي 2010، الذي تسبب في إلغاء رحلات الطيران لمدة خمسة أيام، من وإلي أوروبا، وخسائر في مجال الصناعة بلغت بليون دولار، نبه البشرية إلي أمر أساسي، يتم تغافله أو تناسيه غالبا، لخصه " راي سواريز " كبير مراسلي برنامج (نيوز أور) الإخباري الأمريكي بقوله: "في اللحظة الراهنة، فإن الطبيعة تذكّر البشر بأن الخطط والنظم والجداول ينبغي عليها في بعض الأحيان أن تفسح المجال لكوكب يسير حسب التوقيت الخاص به".

صحيح أن الفيزياء الكوانتية أثبتت أن العقل الإنساني لا يستطيع أن يلم بجميع الأمور الكونية، لأن الطبيعة ذاتها محكومة بمبدأ اللايقين - Uncertainly Principle ، وهو ما ساهم حسب فيلسوف العلم "فريتيوف كابرا" في النقلة النموذجية - Paradigm Shift في القرن العشرين، فإن الأهم هو التقارب بين النظرية العلمية والنظرة الصوفية.

وفي كتابه المعنون بـ "شبكة الحياة" The web of Life، وأيضًا كتابه "The Tao of Physics، يلح "كابرا" علي "أن الفيزياء اليوم تتاخم الميتافيزيقا.

هكذا وصل المشروع الفلسفي الحداثي للغرب، الذي تأسس كمشروع يملك الإجابة علي كل الأسئلة انطلاقًا من معطيات أساسية محددة، كالرياضيات انطلاقًا من بعض المسلمات، أو من الفيزياء انطلاقًا من بعض القوانين النهائية .. وصل إلي نهايته .

علي أن ما يهمنا في هذا الصدد، هو أن الثورة العلمية أثبتت أن الواقع لا يوجد بحد ذاته، وبأن الكون ليس (آلة) وبدلاً من النظر إلي الشيء في ذاته، لا بد أن نلتفت إلي شبكة العلاقات التي تربط الأشياء بعضها ببعض. فالشيء لا يوجد بحد ذاته، وإنما يوجد في علاقة، والعلم مطالب بأن ينظر إلي هذه العلاقة من الآن فصاعدًا، لذلك سارع العلماء إلي إضفاء النسبية علي نظرياتهم، حيث إن النظريات مجرد تخمينات لمقاربة حقيقة ما.

الأمر الثاني أن أي فعل في الطبيعة أو الكون، هو بمثابة تجربة تستتبع عددًا محددًا من النتائج، ولا يقع الوعي الإنساني إلا علي نتيجة واحدة منها فقط، فالعقل الإنساني نشأ وتطور علي مصادرة )السبب - النتيجة(، تلك المصادرة التي لا تتيح للعقل إلا أن يتعامل مع نتيجة واحدة للتجربة في لحظة معينة، حيث ينتقي العقل عادة الأقل احتمالاً، دون الالتفات إلي النتائج الأخري، وهو ما كشفت عنه العلوم المعرفية الحديثة.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - مقتضب وعميق
بشارة خليل ق ( 2010 / 10 / 18 - 02:37 )
شكرا استاذنا على هذه المعلومات القيمة التى تستلزم ثقافة علمية واسعة لفهمها.اريد ان انوه ان مبدا اللا يقين لهايزنبرج في الفيزياء الكمية يقول:ان مجرد ملاحظة القيم المتناهية في الصغر للمادة يغيرها.او بطريقة اخرى: لا يمكننا معرفة مكان وكمية سرعة الجزيء الذري بل يمكن معرفة احد القيم على حساب الاخر.مثلا اذا اردنا تفكيك صوت معين الى الترددات المكونة له فذلك يستلزم تحديد زمن نستطيع التفكيك وقت وقوعه لكن اذا حددنا الزمن لا يمكننا تحديد الترددات لانها مرتبطة بالفترة الزمنية لا بزمن محدد

اخر الافلام

.. بسبب نقص الغاز، مصر تمدد فترات قطع التيار الكهربائي


.. الدكتور غسان أبو ستة: -منعي من الدخول إلى شنغن هو لمنع شهادت




.. الشرطة الأمريكية تفض اعتصام جامعة فرجينيا بالقوة وتعتقل عددا


.. توثيق جانب من الدمار الذي خلفه قصف الاحتلال في غزة




.. نازح يقيم منطقة ترفيهية للتخفيف من آثار الحرب على أطفال غزة