الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


اطفال العرق - هل من يتذكركم؟!

سامي المالح

2010 / 10 / 18
حقوق الانسان


أكتب عن اطفال العراق وأنا اتابع حملة " اطفال العالم " التي تقودها هيئة الاذاعة والتلفزيون السويدية بالتعاون مع اثنى عشر منظمة ومؤسسة طوعية كبيرة ومعروفة. والحملة هذه قد تحولت ومنذ اطلاقها في عام 1997 الى حركة جماهيرية واسعة في كل السويد، تهدف بشكل اساسي جمع الاف الملايين من الكرونات السويدية لمساعدة الاطفال في العالم. ففي هذا العام يشارك في هذه الحملة 45000 متطوعا، مواطنون عاديون، اطفال وكبار، نساء ورجال، وقادة وساسة معروفون وكتاب وفنانون ورياضيون ورجال دين وشركات واعلاميون. فينتشرالالاف من المتطوعين في الساحات والشوارع يحملون بيدهم صندوق لجمع ما يدفعه المواطنون مباشرة وعلى صدورهم شعار الحملة. كما يجري دفع المساعدات من خلال البنوك وعبر مكالمات هاتفية وارسال مسج بالتلفون وشراء هدايا مخصصة للاطفال وشراء بطاقات الحفلات الخاصة او شراء كتب خاصة تصدر بهذه المناسبة. وتهتم كل الصحف والمجلات والاذاعات وقنوات التلفزيون ولمدة اسبوع بمتابعة الحملة، اهدافها ونتائجها وطريقة العمل وطريقة جمع الاموال وطريقة صرفها اضافة الى تسليط الضوء، بشتى الطرق على اوضاع الاطفال في مختلف مناطق العالم وعلى حاجاتهم ومعاناتهم واحلامهم. كما يجري تقديم برامج يومية خاصة في الاذاعة والتلفزيون، لنقل وقائع الحفلات الموسيقية الخاصة التي يشارك في تنظيمها كبار الفنانين السويديين والاجانب، وعرض المقابلات والحوارات وافلام وثائقية وحقائق وتجارب ومعايشات وبحوث ودراسات.
واليوم، وبالاموال التي يقدمها الشعب السويدي طواعية في هذه الحملات ( ما عدا 1ما يقارب 1% من ميزانية الدولة المخصصة لمساعدة الدول الفقيرة والنامية والتي هي من الضرائب التي يدفعها الشعب)، يجري تنفيذ العشرات من المشاريع الكبيرة في العديد من البلدان في مجال الصحة والتعليم ومساعدة الفتيات ضد التمييز وتهيئة الشباب للعمل وللحصول على حياة كريمة وغيرها، ففي جنوب السودان يجري بناء المدارس للاطفال ضحيا الازمات والحروب، وفي مصر ثمة مشروع لحماية البنات من الختان الاجباري، وفي زمبابوي مشروع لتأهيل اليافعين ومساعدتهم للحصول على عمل والقائمة تطول....
أما اطفال العراق، الذين يتذكرهم الملايين من السويديين، حالهم حال اطفال العالم هدف الحملة الجماهيرية الجارية هذه الايام، فقد نساهم الكبار في وطنهم، وخاصة قادة البلاد، لإنهم مشغولون ومنذ سبعة اشهر في الحوارات والمناقشات والمفاوضات والسفر الى دول الجوار وزيارة المراجع لتشكيل حكومتهم.
اطفال العراق، الملايين منهم أيتام لامعيل لهم، الملايين منهم محرومون من الطفولة يضطرون الى الاستجداء في الشوارع او العمل كالعبيد من الصباح حتى المساء. الملايين منهم لاامكانية لهم للالتحاق بالمدرسة محرومون من التعلم، الملايين منهم يتعرضون للاضطهاد والاستغلال والصدمات والقسوة والعنف والامراض النفسية والجسدية. ألالاف من الاطفال في العراق يتعرضون للاغتصاب والاستغلال الجنسي، وفي العراق هناك ظاهرة بيع الاطفال نتيجة للفقر الشديد والظروف المعاشية الصعبة. وتؤكد منظمة اليونسيف ان حياة ملايين الاطفال في العراق مازالت مهددة بسبب العنف وسوء التغذبة وقلة المياه الصالحة للشرب، كما ان منظمة الصحة العالمية تقدر عدد الاطفال المعوقين في العراق بحوالي 900 الف طفل.
اطفال العراق، ليس هناك من يهتم بهم ويقف الى جانبهم. و ليس ثمة وعي او تقدير لدى الدولة ومؤسساتها بان واقعهم المزري والمؤلم انما يشكل كارثة وطنية حقيقية يعرض مستقبل المجتمع والوطن الى مخاطر جمة. فبأستثناء عدد محدود جدا من منظمات المجتمع المدني التي تضم في صفوفها عدد محدود من الاعضاء العاملين كجنود مجهولين لتنفيذ عدد محدود جدا من المشاريع المتواضعة هنا وهناك، لم نلاحظ ان ثمة مشاريع وطنية كبيرة ومؤثرة، حكومية او اهلية، تنفذ من اجل الاطفال في العراق.
عدد منظمات المجتمع المدني في العراق في ازدياد، ومع كل التقدير والاعتزاز لعدد من هذه المنظمات، فان اغلبها للاسف هي واجهات ترتبط باجندة وعلاقات مع السلطة او القوى السياسية السائدة وذات النفوذ. عدد اصحاب الشركات التجارية يزداد بشكل غير طبيعي وكلهم يجنون وبسرعة ارباح جنونية بالتنسيق مع السلطة واجهزتها ومع مؤسساتها بطرق شرعية وغير شرعية. عدد الكوادر الحزبية ورجالات الاحزاب والعشائر الذين يملكون الملايين من دون تقديم اية خدمات او انتاج اي شيْ يخدم المجتمع والبلد يزداد في كل يوم. والصراع من اجل النفوذ والسلطة والاستحواذ على ثروات البلد ومقدرات الناس يستمر. وبذلك تستمرعملية تدهور القيم والاخلاق، ويضعف الشعور بالمسؤولية والتضامن وينعدم شعور الاعتزاز بالابداع والعمل والانتاج. وفي ظل كل هذه المظاهر تستمر مأساة ومعاناة الملايين من الاطفال في العراق.
فالاطفال هم الخاسرون في مجتمع لاتبالي فيه النخب ببناء الانسان، وبناء مؤسسات الدولة التي تخدم الانسان وترفع من شأنه وتضعه هدفا لها. فالاطفال هم الخاسرون في مجتمع لايبالي بحقوق الانسان الاساسية، في دولة لاتضع توفير مقعد في المدرسة لكل طفل على رأس اولوياتها، في دولة لاتوفر مسكنا لائقا ومستلزمات حياة انسانية كريمة لكل عائلة ولكل فرد، في دولة لاتوفر الماء النقي للشرب والكهرباء والخدمات الصحية الضرورية للمواطنين.
الاطفال هم المستقبل. فالبلد الذي يرعى ويهتم بتربية وتعليم الاطفال واعدادهم لتحمل المسؤوليات ومواجهة التحديات ومهمات البناء والتنمية والتطور، انما يضمن المستقبل ويرتفع الى مكانة مرموقة في المحتمع الدولي. وبعكسه فالبلدان التي لاتوفر لاطفالها مستلزمات الطفولة والتعليم والنمو الامن والطبيعي والصحي تبقى بلدان فقيرة ومتخلفة ومعرضة للازمات والصراعات والمواجهات والحروب.
أطفال العراق بحاجة ماسة الى حملة وطنية عراقية: لانقاذ طفولتهم، لحمايتهم التشرد والضياع واليأس ومن المظالم وكل انواع الاستغلال البشع، لتوفير لقمة العيش الكريمة، ولضمان حق كل طفل في الحصول على مقعد في مدرسة ملائمة توفر له امكانات التعلم والنمو والتطور بكرامة وحرية واستقلالية.
والسؤال هو من الذي يبادر ليخطط لمثل هكذا حملة؟ ومن الذي سيتعاون و سينخرط لتنفيذها؟ من سيتحرك ليكون له شرف انقاذ الطفولة في العراق والتأسيس لبناء جيل متعلم وصحي وصالح وكفوء وبالتالي لضمان بناء وطن امن مستقر مسالم مزدهر؟








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - اطفال العراق
حسين الغزالي ( 2010 / 10 / 18 - 10:21 )
عذرا انا لم اسمع بهكذا نوع من الممارسه بالسويد وطالما ان هناك مثل هكذا نوع اعلن تطوعي لاي عمل ممكن ان اقدمه او اي جهد اعلامي انساني او اي ممارسه ترتايها الجهه المنظمه اذا كانت قد وضعت لاطفال العراق مكانا لهذه الحمله اما المسؤولين فلا حاجة لنا بهم اذ انهم اعرف وادرى باطفال العراق ولم يحركو ساكنا مع جزيا الشكر والمزيد من الخدمه سواء بالعراق او باي مكان اخر
للانسانيه المعذبه


2 - الإهتمام بالطفولة سر تقدم وتطور المجتمعات
هرمز كوهاري ( 2010 / 10 / 18 - 10:59 )
تحياتي إلى الأخ سامي المالح المحتر م
، إنه مقال هادف ، يتناول أهم شريحة من شرائح المجتمع العراقي ،الطفولة هي مستقبل العراق ومستقبل كل مجتمع ، تطور المجتمعات يبدأ من الإهتمام بالطفولة ، وستبقى هذه المجتمعات متخلفة عقودا بل قرونا إذا لم تهتم هذه المجتمعات بالأطفال إنهم رجال ومسؤولي المستقبل .
وإن سر تطور العالم الغربي هو الإهتمام بالطفولة الى حد التقديس

بعض الدكتاتوريين يلجؤون الى سد الأفواه ، ولكن المسؤولين العراقيين يغلفون دكتاتوريتهم بالديمقراطية الممسوخة وذلك بأن يسدوا آذانهم وعقولهم وبصرهم وبصيرتهم ويتركون للشعب حرية القول والصياح والعياط في الشوارع والكتابة ما يشاء ، وكأن الأمر لا يعنيهم ثم يخد رون الشعب بأننا نعيش بنظام ديمقراطي ، وكأنهم يقولون للشعب : اردتم الديمقراطية فهذه هي الديمقراطية فتمتعوا بها !!!!!!


3 - اطفال العرق - هل من يتذكركم؟!
هيفاء احمد يحيى ( 2010 / 10 / 18 - 14:24 )
تحية طيبه
ان اي عمل حتى ولو كان طوعيا يجب ان يكون له مركز اتصال --لكي ياتي العمل ثماره--وبالنسبه لي ممكن الاتصال بجهات المانيه --واستشارتهم ماذا يمكننا ان نقدم لاطفال العراق--على ان نضمن بان عملنا لايذهب ادراج الرياح--وشكرا

اخر الافلام

.. وسائل إعلام إسرائيلية تتناول مخاوف نتنياهو من الاعتقال والحر


.. تونس.. مظاهرة في مدينة العامرة تدعو لاجلاء المهاجرين غير الن




.. إخلاء مركز للمهاجرين في تونس ومظاهرة لترحيلهم ورفض توطينهم


.. الأمم المتحدة: دارفور معرضة لخطر المجاعة والموت




.. آلاف الإسرائيليين يتظاهرون للمطالبة بإبرام صفقة تبادل فورية