الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


مبدع تحت الضغط العالي

بولس ادم

2010 / 10 / 18
الادب والفن


بعد فشل التنويم المغناطيسي ، لجأ سيغموند فرويد ، الى أسلوب التداعي الحر ، الأدب والفن بكل ألأجناس والأنواع اللآحقة والمحدث للأساليب السابقة ايضا ، يتجلى ، اجتراح العالم الداخلي في النص او القطعة الفنيةويؤسس تقنياته بشكل أو آخر على معالجات شخصية للتداعي الحر ، فعلى يد هذا ، تنتهي الى ثرثرة فارغة او ثرثرة اخرى منظمة تدعو الى متعة التأمل والمعرفة ، وعلى يد ذاك تكون وسيلة فنية للغور في الحقيقة ، الحقيقة الظاهرة والحقيقة المكبوتة . منطق اطلاق الحقيقة فنا ضمن تداع ٍ حر ، هدفه معالجة فنية تقنية لعلو شأن الحقيقة وسموها الأنساني ، الأحاطة بكل شئ حولها وطرحه منقوصا او كاملا وللأسباب المتعلقة بالمبدع وزمنه فنتاجه ، وبأشتراط الداخلي ووصاية الخارجي هي الخريطة التي تتضمن اشارات وطرق ورموز شتى يستدل معها المبدع ويقرر مايختار او يستثني ، هنا رحلة يتوزع على جانبي طرقها ، النجاح والفشل ، المجدي واللآمجدي ، الواعي وغير الواعي ، التقريري وغيرالتسجيلي والى آخره من الثنائيات المهمة ، وذلك يؤدي حتما الى رغبة كبيرة في عرض فلسفي لوجهة النظر ، تارة في وعي الشخصية وتحريكها تبعا لذلك ، او جو منعش من التجديد ، وتارة أخرى في بداية العمل او احيانا كلمحة تطفو على أمواج العمل الفني ، صوتا او حسا او هيئة دالة ..

المكابدات الروحية للمبدع العراقي وفي غالب نتاج الأبداع العراقي هي نقطة انطلاق خزين هائل من غلة التجربة ، لاشك في ان ذلك وبمستوى مكابداته الممتحن روحيا ، في اقسى الظروف التي يمكن ان يمر بها اي انسان في العالم ومر بها فعلا المبدع العراقي حصرا ، تؤهله لتناول الحقيقة والتفلسف حولها وحول الأنهيار في كل اتجاه تحت فنارها .. ماأنجز وقدم من اعمال أدبية وفنية رغم الشلل الجزئي في الدراما والسينما ، ماأنجزه المبدع العراقي في تداعيه الحر المنظم فنيا واللماح فلسفيا ، لم يكن بالأمر الهين أو المتواضع قيمة فنية ، هو تفرد في نوعية ذلك المنجز الأبداعي وبسمات خاصة به ، ربما ثقتنا التامة بظهور اعمال مهمة او اتجاهات مؤثرة في الفن ، مستقبلا ، زيادة نوعية على ماأجتهد المبدع فيه ، سيكون له صوت يصل اقاصي الأرض !.. غلة التجربة تحت الضغط العالي ، يحلو لي ليس ترفا في اناقة الأختيار بوصف الضغوط المتعاقبة ، بل هي كذلك ، ضغط من كهرباء الخوف والأستلاب ، ضغط عالٍ في حياة المبدع الواقف في طابور شعبه أمام شبابيك الظلمة في ادق تعبير !

بثقة تامة يجمع المبدع ملاحظاته ويحدد موعد بثها في حياة منجزه ، ملاحظات فيها الهاذي الراسب والعقلاني ، يضيف الى خزينه مالم يلذ ولم يكن طيبا .. ماكان بريئا او مدنسا ، هو المبدع الذي تم تهيئة طبق الشر ليكون قريبا منه ، وعدم تمني الشر وتفاديه في أحسن الأحوال ، او قل ابتعاده عنا ، هو حلم كل انسان شريف ، يتمتع بنظافة الضمير ، ونحسب ان المبدع هو من يسمى كذلك ، ومن نفس النوع الأنساني ، والا ، فالمبدع بغير صدقه كتاريخ وانجاز ، ماهو الا وحش لايختلف عن الوحوش السائرة على قدمين ! .. لانتهرب من ذكر حقيقة نراها كذلك ، بأن المخاطر التي صنعها الشرير ، هي من اغزر المواد التي توفرت أمامنا ، وهي جوهر الهلام الذهني الذي في متناول مشاريع ابداعنا ، هو اللعنة التي نعالجها جماليا في عملنا كمبدعين ! .. بثقافة مبدعنا وغربلة واقعه وعصره ، اصبح الشر ضروريا وبوفرته الشاذة ، لكي نبدع في الأبتهاج بعرس الحقيقة ، والا .. نتجت اعمال باهتة خالية من اي نوع من انواع الصراع .. اليست ، ضغطا عاليا ، مرارة يصول ويجول حولها شبح الموت ؟ ( مفارقة مرة ) فكيف والأمر موغل في تكديس صراعاته وتفجيرها بلا أدنى شعور بالمسؤولية والشر يؤدي رقصته الشيطانية في حاضرنا وذاكرتنا ؟
نص المبدع المعالج لمريض تعصف به وتفتك الشرور ، مريض تحت العلاج السريري في تداعيه الحر .. المبدع في تأمله لعدم الترابط يعلم حصة الضياع هناك ، يفكر محتارا ، يعقلن يأسه ، ثم يلهث مستجيبا لنداء الضمير ، تنتفض انسانيته ببراءة من يتقدم في طوابير الشبابيك المظلمة ، الينتظره هناك هو لحظة مستفزة تدفعه لعمل المستحيل من أجل ولادة سعيدة لعمل فني مصحصح ، يعلم مبدعنا ، من هو ذلك المريض ، وبشفافية انسانية يراقب مريضه وهو يتلفظ ماشاء من الفاظه التي قد تعكس طريقته في فهم المعضلات وحل المشاكل التي تواجهه ..
والمبدع .. تحت الضغط العالي في عالمنا يصارع فنيا للشفاء من ذلك المرض وكل انواع الأمراض ، هو سليل فترة شاسعة من تأملات اكتشاف
الحبوب ، ثم جمعها ، ثم اكتشافها في كل مرة الأف السنين مرت حتى عرف تماما كيف يوفرها بوفرة وغزارة .. غلة التجربة في حياة المبدع
، يريد تعويض جوعه من كل نوع ، بوجبة ابداع يتمتع بأنجازها ويقدمها للمتلقي المعلوم والمجهول ، قريبه على الأرض وقريبه في الأنسانية .
ثقتنا عالية بعلو يوازي علو شأن الحقيقة وبالمستوى العقلاني المكتفي بأدلته ، مستوى محدد ، ثابت في جماليته ، يمدنا طاقة لاحدود لها ،
ذلك المستوى ، هو خارطة الحياة ومستوى الأمل !








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. الفلسطينيين بيستعملوا المياه خمس مرات ! فيلم حقيقي -إعادة تد


.. تفتح الشباك ترجع 100 سنة لورا?? فيلم قرابين من مشروع رشيد مش




.. 22 فيلم من داخل غزة?? بالفن رشيد مشهراوي وصل الصوت??


.. فيلم كارتون لأطفال غزة معجزة صنعت تحت القصف??




.. فنانة تشكيلية فلسطينية قصفولها المرسم??