الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


أحزاب المقاولين ونعمة النسيان

منال نصر الله

2010 / 10 / 19
مواضيع وابحاث سياسية


في برنامج الاتجاه المعاكس باسم ( أزمة تشكيل الحكومة العراقية )، والذي بث بتاريخ 2010-10-12، من على قناة الجزيرة.، اكتشفت أن هناك خطوط حمراء تتحاشاها حتى هذه الفضائية التي تمتاز عن أغلب القنوات العربية الأخرى بسقف حريتها العالية، إذ يمكن الحكم على الأقل أن سقف حريتها أعلى مما للقنوات العربية ، والذي لا يتجاوز ارتفاع البناء التحتاني ( سقف السرداب).
كل من رأى البرنامج لاحظ أن راعي البرنامج فيصل القاسم وضيفيه عبد الله الموسوي وصباح الخزاعي، لم يأتيا على ذكر أسماء كل دول الجوار العراقي ، أثناء جدالهما حول الأزمة، باستثناء إيران على وجه الخصوص وتركيا كذلك، فالقيا باللائمة عليهما في تأخير ولادة الحكومة.
لا أحد ينكر أن إيران بنهجها العصبي الهستيري الانتقامي قد مدت يد الغدر إلى الشعب العراقي، محملة إياه وزر العدوان البعثي عليها ، كما إن تركيا مدت يدها الناعمة ( الخبيثة ) لتمسح بها على رؤوس العراقيين المنكوبين ، وكيف إنها لعبت بخبث عندما قللت مناسيب المياه في نهري دجلة والفرات لتساوم الحكومة العراقية كلما اقتضى الأمر ،تارة بحجة ملئ سد أتاتورك العظيم ، وتارة لسد حاجة إسرائيل للمياه.
لم أكن اعرف أن لسوريا والأردن ( الشام ) و كذلك للكويت والسعودية ( دول الخليج ) إنما هي خطوط حمراء لا يجوز تجاوزها للأستاذ المعد والمقدم، وكذلك لضيفيه الكرام.
أخشى إن لا تفيد نعمة النسيان ، وينسى الشعب العراقي كيف هبت عليه عاصفة العنف والغدر والتفجيرات القادمة من الشام والخليج ، أم الجزيرة تتغاضى عن التدخلات السافرة لهذه الدول في العراق لاعتبارات مذهبية وقومية.
لكن كان هناك سؤال مهم طرح في هذا البرنامج، لطالما كان يخطر ببالي، وهو لماذا لا تتحمل رؤساء أحزاب "المقاولين" مسؤولياتهم تجاه الذين انتخبوهم؟ لماذا يطيرون بين عواصم الدول الجارة وغير الجارة كذلك، (يستجدون) على حد قول فيصل القاسم الدعم والمساعدة؟ لماذا لا يتركون الشعب للاستعمار المباشر؟
لم يعط ضيفا البرنامج أجوبة مقنعة لتلكم التساؤلات المؤلمة ، وذلك لأنهما كانا حريصين جدا على أن يسوقوا أكاذيبهم، خوفا على وظائفهم الرخيصة، وكذلك لأسباب مذهبية وقومية، وحفاظا على ماء وجه أولياء نعمهم، الذين أصبحوا كالدمى تتلاعب بها الريح من كل اتجاه، ( والخافي أعظم ).

والأسوأ في الأمر، أن الجواب الجاهز لدى الغربيين على هذا السؤال هو أن بعض الشعوب لا تستطيع ممارسة الديمقراطية وغير مؤهلة لها ، فيطلقون على النموذج المسخ في العراق "الديمقراطية" ويحسب على الشعب المظلوم كذلك. وحتى إن بعضهم صدق هذه التفاهة ليندب حظه على أيام صدام، فباتوا يرددون كالببغاوات أن الحرية لا تنفع معنا، وإننا شعوب لا نستحق العيش في ظل الحرية.

وينسون أو يتناسون المسوقين للإرهاب الذين يحيطون بالعراق لأسباب بعضها واضحة ومعروفة وبعضها لا يعرف بها إلا مبتكريها، وهو القول المـأثور ( لو العب لو أخرب الملعب )، الكل يريد أن يكون له حصة الأسد من المصير العراقي من السياسة والثروات، وأطماع ليس لها حدود.
دول الجوار ( السوء )لا تفكر أبدا بالشعب العراقي، وكذلك أحزاب المقاولين التي تتبنى أجنداتهم. فإذا ترأست الحكومة قائمة علاوي لن نأتمن شر إيران وإذا ترأستها قائمة المالكي لن نامن شر الخليج والشام أيضا، ولا ننسى مصر. الرئيس الكردي مرفوض من العرب والعكس صحيح، ونفس الشيء للسني والشيعي . والهم الأكبر لهذه الدول هو شراء الأحزاب لينصاعوا لأوامرها، حتى إن عدد الأحزاب في العراق ازداد بشكل هستيري.
وعندما يقترب موعد الانتخابات تصعد درجة الجنون والهلوسة لدى رؤساء الأحزاب ليظن كل واحد منهم نفسه ملاك طاهر أتى بأجنحته ليكون المخلص، عدا تبادل الاتهامات والشتائم للبعض، ويحمل بعضهم الآخر الفساد المالي والإداري والتخلف الذي يعاني منه الشعب العراقي المظلوم.
وهنا نعمة النسيان لا تفيد . فلا يمكن لأحد عاش في العراق منذ سقوط صدام والى الآن أن ينسى المهازل والمواقف غير المسؤولة منهم تجاه الشعب بحجة أنهم حكومة فتية ومازالت في بداية عهدها السياسي. حتى إن بعضهم مازالت صورته تدور بين أعيننا وهو يحلل المحرمات لولي نعمته في زمن كل شيء كان محرما على الشعب، وذاك الذي كان يرتاد على ( عدو شعبه ) ليعود إلى وكره محملا بالهدايا لقاء المساومة على مصير إخوانه.
من منا ينسى التفجيرات التي كانت تنفذها أحزاب المقاولين لترويع بعضهم البعض ، و الضحايا ليسوا سوى أولاد "المهضومات" العراقيات اللاتي دفعن بأبنائهن ليبحثوا عن لقمة عيش، من ينسى سرقة وتهريب أموال العراق إلى العواصم العربية كلبنان والقاهرة و ليبيا وغيرها ، وكانوا يبثون على فضائياتهم فضائح بعضهم، ويزيدون من جرح العراقي الذي لا حول له ولا قوة .
من ينسى سرقة أطفال وصبايا العراق لينزل كل حاقد على صدام حقده بهم. من ينسى تفشي المخدرات وبأسعار زهيدة بين الشباب والشابات في المدارس والجامعات، ومن ينسى سرقة أموال صفقات وزارتي الكهرباء والدفاع و التي لم تنفذ لحد الآن ، ومن ينسى سرقة البنك المركزي في وضح النهار.و.و.
هل ننسى إن الشعب العراقي لا يملك لحد الآن مصدر قوت عيشه ، لان المقاولين ( مع احترامي لأصحاب هذه المهنة الحقيقيين) لم يشبعوا جشعهم بعد ويستوردون حتى الكرفس لحسابهم الخاص؟ هل ننسى أن بعضهم ملأ العراق من المولدات بماركة (....) لأنه يملك أسهم في تلك الشركة، ونصبوا عددا منها لبعض الدوائر وهربوا العدد الأكبر ليباع في دولة مجاورة ليبيعوه لحساب أحزابهم؟ وظل العراقي ينتظر الكهرباء والى الان .............
إن هذه الأحزاب التي حملت العراق والعراقيين ما لا يطاق من عذابات ليست لها نهاية، تعول على ما يسمى ( بنعمة النسيان). صحيح هذه الحالة موجودة في علم نفس الجماعات البشرية، ويستغلها جميع السياسيين في أنحاء العالم أثناء حملاتهم الانتخابية، لكن ما أقترفه هؤلاء بحق الشعب العراقي المظلوم لا يمكن نسيانه إلا إن يبدلوا وجوهم التي حفظناها بغير وجوه، ولا يمكن أن نستثني منهم أحدا، لان حتى الساكتين على الحق هم مجرمون، ولا يمكن أن نتغاضى عنهم لكي لا تحكمنا الطغاة.
ولمن يريد أن يرى تلك الحلقة يمكن فتح الرابط أدناه.

18-10-2010



http://www.youtube.com/watch?v=jKebXkH7BiI








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - الشعب العراقي لا يملك ارادته
محمود الأعظمي ( 2010 / 10 / 19 - 20:45 )
الأفكار الواردة في المقال واسعة و لا يمكن مقاربتها في مقالات بضعة. الفكرة التي اوقفتني هي نظرة الغرب الرأسمالي إلى الكوارث التي تدمر الشعب العراقي بالديمقراطية .. حقا ان الغرب كان دائما ينظر الى بلداننا في الشرق نظرة دونية و يؤكدون دوما بأن الطغاة الذين يتحكمون بمصائرنا هم يمثلون ارادتنا في وقت تفند السجون و الاعدامات والمقابر الجماعية كل هذه الادعاءات الظالمة
نعم هم جاؤوا بصدام ووجهوه لشن قادسياته و عند انتهاء صلاحيته اتوا باخرين اكثر تفاهة منه
ارادة الدول الاخرى زائدا مصالح الاقزام الجدد هي التي تقرر مصيرنا لا ارادتنا
وتحية الى السيدة الكاتبة منال


2 - قضايا معقدة
سناء الشيخلي ( 2010 / 10 / 20 - 09:19 )
اختي منال العزيزة
اولا سلمت يداك على مقالك وثانيا ان المرأ ليستنتج من مقالك ان من الصعب جداً ان لم يكن مستحيلا وجود منابر حرة عند العرب يكون لها تأثير على المتلقي مثل قناة الجزيرة
على مثل وسائل الاعلام هذه ان تحسب الف حساب قبل اطلاق فكرة وعليهم مداراة اصحاب السلطة والمال
ولك الشكر الجزيل


3 - ردود
منال نصر الله ( 2010 / 10 / 20 - 11:50 )
الى الاخ محمود والاخت سناء اشكركما جزيل الشكر على الاهتمام
ان هدفي الاول من كتابة هذه السطور هو القاء الضوء على الدول المحظورة ذكرها
مثل السعودية والاردن والسوريا والكويت
لانهم اخوة وعرب، مع انه لايمكن لاحد ان يذكر اسمائهم بسؤ
مع انهم كانت لهم اليد الطولى وشانهم شان ايران في اثارة المشاكل في العراق وشراء ذمم اصحاب الاحزاب الموجودة في الساحة السياسية الان
فالكويت تحاول وبشراسة لابقاء العراق تحت البند السابع دون ان تؤتى على ذكره في الحلقة المذكورة من البرنامج وهذا مثل واحد وهناك الكثير

اخر الافلام

.. ريبورتاج: تحت دوي الاشتباكات...تلاميذ فلسطينيون يستعيدون متع


.. 70 زوبعة قوية تضرب وسط الولايات المتحدة #سوشال_سكاي




.. تضرر ناقلة نفط إثر تعرضها لهجوم صاروخي بالبحر الأحمر| #الظهي


.. مفاوضات القاهرة تنشُد «صيغة نهائية» للتهدئة رغم المصاعب| #ال




.. حزب الله يعلن مقتل اثنين من عناصره في غارة إسرائيلية بجنوب ل