الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الخيال والمتخيل في الأداء الحكومي

جواد الحسون

2010 / 10 / 20
الصحافة والاعلام


وصف المستشرق الغربي ارنست رينان العقلية العربية بقوله "بأنها عاجزة عن التركيب كونها غارقة في المتخيل" وهناك فرق بين الخيال والمتخيل ، فالخيال يخلق الأشياء التي يمكن إن تحدث أو يمكن إن توجد بينما التخيل يسعى إلى خلق الأشياء التي لاوجود لها والتي لم يسبق لها إن وجدت ، واعتقد إن هذا ما يبرر سقوط بعض القيادات العراقية السياسية أو الحكومية في فرسة الخطأ نتيجة لاعتقاداتها الخاطئة في تحقيق نجاحات آنية اومستقبلية وفق خطط تنقصها الدراية العلمية والاحترافية والادائة في القيادة والتنفيذ فهي نابعة من مخيلة تعاني فقرا علميا وثقافيا وكثيرا ما توقعهم هذه البصيرة القاصرة في نهاية المطاف في حتمية النهايات المغلقة ناسين أو متناسين إن هناك قواعد وموازين ثابتة للصواب اوالخطأ ، قواعد لا تتحكم فيها الأمزجة والأهواء فهناك قيد يلازم كل عاقل وواع إلا وهو قيد المبادئ ومتى ما تحرر الإنسان من هذا القيد لم يعد لديه من انسانيته شئ ، فلا ينبغي تغيير هذه المبادئ بتغيير الوضع السياسي أو الاقتصادي أو تبعا لحالتي السلم أو الحرب ولا طبقا للتحولات النفسية التي قد تصيبه ، حيث إن كل هذه الأشياء لا تجيز له التخلي عن مبادئه التي نشأ عليها وآمن بها .
إن جوهر العمل كما هو جوهر الفن لا يتمثل في صورته الخارجية فحسب بل في مضمونه الروحي والجوهري لذا علينا العمل على ضرورة إن يصبح الرقيب جزء من كياننا وطبيعة مصاحبة وثابتة معنا فأن العمل يحتاج إلى الإيمان والإحساس بالصدق ،حيث يقال حيثما وجد الصدق والإيمان وجد الشعور والخبرة. علينا العمل بإعادة التكوين للروح والضمير كوننا فقدنا الثقة والإيمان بالأشياء التي نتعامل معها وإذا ما فقدت الثقة بالأشياء يبدأ التمني داخل الذات الإنسانية لأزالتها ، فحركة الرفض المكبوت والمتراكم داخل النفس الإنسانية تشبه في تطورها الحرائق الجوفية التي لا نبصرها أو نستشعر بها إلا حينما تثور بشكل عارم نفتقد معه السيطرة والتحكم ، لذا علينا إن نحسب حسابا دقيقا بكل تفاصيل ما نقدم عليه ونفهم بعمق ماذا نفعل ومتى نفعل وأين نفعل لنتدارك كوارث أمنية واقتصادية واجتماعية يصعب الخروج منها بعد إذا ما تمادينا في تجاهلنا لأخطائنا ولاعتقادنا بان ما نقوم به هو الصواب وانه نهاية الطموح . أن الاعتراف بالخطأ والاعتذار وعدم المواربة و الخداع يعد الطريق للنجاح والنجاة وتطوير الذات نحو أفاق مشرقة ومشرفة .
إن الاستمرار في رفع شعار عدم التراجع والاعتراف بالخطأ يقود إلى الضغط وإجهاد النفس وإلهائها في إيجاد التبريرات لكل خطاً يرتكب مما يقود إلى أنتاج الكثير من الأخطاء الجسيمة وبشكل يستحيل معه التصحيح أو القبول بالنتائج المنجزة سيما إن هناك أخطاء قد لا تمر بسلام دون إن تقضي على الصالح والطالح وتأتي على الأخضر واليابس معا .
على الدولة ان تمعن النظر الى مؤشر الضغط المتزايد والمسلط على الشعب جراء تراكم الاخطاء الادائية والتخطيطية والقيادية والذي قد يؤدي الى لحظة انفجار جمعي تتوحد في ظلها الاهداف والغايات بكل اتجاهاتها وبشكل يصعب ايقافه او التغلب عليه وعندها سوف لم تحصد الحكومات الماضية في غيّها سوى لعنة شعوبها التي لم تجني اذا ما استمر الحال في الاداء على ما هو عليه الآن الا ركاما من الفقر والتخلف والفساد.
علينا ان نحتسب جيدا ونخاف من ان تؤول الامور الى كسر الحاجز الشفاف الذي يحول دون ان تأخذ الامور منحى اخر قد يؤدي الى الانهيار الدراماتيكي للدولة بنظامها وبمؤسساتها وبشكل تستحيل معه العودة الى الاستقرار السياسي والاجتماعي ويصبح معها الاستقرار الامني حلما يرتجى .










التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. داعمو غزة يغيرون ا?سماء شوارع في فرنسا برموز فلسطينية


.. رويترز: قطر قد تغلق مكتب حماس كجزء من مراجعة وساطتها بالحرب




.. مراسل الجزيرة هشام زقوت يرصد آخر التطورات الميدانية في قطاع


.. القسام تستهدف ثكنة للاحتلال في محور نتساريم




.. واشنطن تطالب قطر بطرد قيادة حماس حال رفضها وقف إطلاق النار