الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


ألحقيقه .. ليست ملكا لحد .

سهيل حيدر

2010 / 10 / 21
التحزب والتنظيم , الحوار , التفاعل و اقرار السياسات في الاحزاب والمنظمات اليسارية والديمقراطية


في خضم التنافس على بسط الحقيقة المعول عليها ، بأن تكون بمثابة الحل لما نحن فيه من مأزق ، كأمة وكأفراد .. يحدث وفي كثير من الاحيان ، انزلاق حاد في مسلك بعض العلمانيين وهم يجادلون بالكلمة ، اولئك المحسوبين على التيارات الدينية المحافظه .. بحيث تولد من خلال ذلك ، حساسية تبدو في بعض حالاتها مفرطة الى الحد الذي يجعل البعض من حملة النهج العلماني ، يبدون وكأنهم بالضد من أي حوار يبدر من مماثليهم في القناعة ، حال احساسهم بأنه يختلف عنهم في الاسلوب .
وانطلاقا من ذلك ، فقد بدأت تظهر وبشكل واضح ومؤسف في آن ، أساليب في الحوار ضمن جبهة نشر الفكر العلماني ، تنحى باتجاه اكراه اي طرف من اطراف هذه الجبهه ، على التقولب في ذات الحيز والاتجاه ، والا فان نصيب من يرى اسلوبا آخر وقناعة اخرى في الحوار ، ان تنطلق عليه شرارات غير رحيمه ، تنسف تاريخه بل وحتى شخصيته ، وكأن قامات مثل نوال السعداوي او سيد القمني مثلا ، سيكون من اليسر الغاء اسمائهم من سجل لا زال يحفل بالنضال المؤطر بكل مخاطر المواجهة المباشرة مع عدو لاحقهم بالنار ولم يزل ، وكانوا صامدين مجاهدين بوجه همجيته وتطاوله ، وساهموا في نشر الوعي التقدمي طيلة تاريخ ليس بالقصير .
سيد القمني رجل يصر على البقاء على ارض وطنه متحملا وزر ما يحصل له ، واضحا في انه لا يريد ان يرحل عن خطوط المواجهة القريبة من خصومه ، ونوال السعداوي هاجرت بعد ان تهددها الخطر لتكمل مشوارها من خارج حدود بلدها ، وكجزء من حياديتها في طرح افكارها ، وعدم منافقتها حتى للدولة التي تستضيفها باعتبارها دولة متمدنه ، تتقبل طرح الافكار الحره ، فانها تقوم بالكتابة ضمن ذات القناعات التي كانت تتبناها منذ البدايه ، ولم تتحول عن مقارعة السلفية والتخلف ، ولم تحد عن مناصرتها لحقوق الانسان عموما والمرأة على وجه الخصوص .. فلماذا ياترى ، نوجه معاولنا وبشكل استفزازي لا مبرر له ، للاطاحة بصروح بناها القمني والسعداوي ، لا لشيء الا لانهما يتحدثان بلغتهما الخاصه ، ولم يتحولا عن النهج العلماني العام ، وينطلقان من حيز خاص هما اقدر على تقييمه والتحرك بموجب مقتضياته ؟ ..
والغريب ، هو ان جل من لا ترضيهم جدلية الطروح الفكرية التي تقول بها الدكتوره نوال السعداوي ( سماها البعض من المتنورين بالعجوز الشمطاء .. والمرأة الخرفانه !! ) .. هم من المحسوبين على جبهة العلمانية في بلادنا ، والحجة دائما ، هو اما الانتصار الى الغرب بكل حسناته وسيئاته ، او الاصرار على فكرة بعينها ، واسلوب بعينه ، من سبل الكفاح ضد التخلف والرجعيه ، غير آبهين بحقيقة انهم بذلك سينزلقون دون ان يعلموا الى صفوف المتطرفين أيا كانت صفتهم وانتماءاتهم الفكريه .
لا ضير في ان تتعدد الرؤى ضمن الجبهة الفكرية الواحده ، وهذا ما موجود حتى في صفوف الاسلاميين ، ولا ضير في ان نعترف ، بأن البعض منهم يبدون اكثر انصافا في معالجة الخلاف الحاصل بينهم وبين غير المقتنعين بالفكر الديني كاسلوب لبناء مفاصل الحياة بشكل عام ، لا بل سنحت لي الفرصة ، في قراءة مقالات تطرح افكارا قريبة من الرؤى العلمانية في موضوع عزل الدين عن الدوله ، كان قد سطرها كتاب يؤمنون بالدين وبدء الخليقة بآدم .. وقد لا أكون مغاليا ومستفزا لمشاعر البعض من ضعيفي الحجه ، لو قلت بان تلك المقالات ، كانت اكثر قبولا وامضى تأثيرا باتجاه تقويم الوعي العام ، من خربشات استفزازية كانت تظهر هنا وهناك ، تقتصر على الشتم وتقريع المناضلين من كبار الكتاب ، لكونهم يعلمون وبالضبط ، من اين يكون الامساك الصحيح بنواصي الفكرة المؤثره ، أو هكذا على الأقل هي وجهات نظرهم الخاصه ، ونحن جميعا ، كما ندعي ، نؤمن بحرية اتباع الاسلوب الخاص بكل مفكر، ضمن الانتماء التقدمي ، ما دام يؤمن بالانفتاح والحداثة كأسلوبين يتطلبهما السير بمجتمعاتنا صوب الحياة الكريمه .
فلمصلحة من ، هذا التقوقع في واد واحد ، لا تتفرع عنه شعاب اخرى ، قد تكون اكثر فائدة لبلوغ الهدف الاكثر سموا ، وهم تخليص شعوبنا من براثن التخلف الديني والاقتصادي والمعرفي وعلى كل المستويات ؟
لمصلحة من ، وبأي اتجاه تسير ، تلك الجهود المكثفة ، والتي يقوم بها بعض المقارعين لجبهة الاسلام السياسي ، حينما يقومون بالتعرض ، ومن مواقع ادنى من حيث الامكانيات الثقافية على الدوام ، لشخصيات ثقافية علمانية عامه ، بقصد نسف تلك الشخصيات ، واطلاق شتى الصفات الشائنه بحقهم ، بدل اتخاذ اسلوب الحوار الهاديء والرفيع المستوى لمحاورة افكارهم المطروحه ؟ .
من المؤكد بان ذلك سيفرح الجانب الآخر .. والاكثر تأكيدا هو ان الخسارة ستشمل صرح جبهة النهج العلماني في النهاية .. ومن الجيد جدا ، هو أن من تعرضوا للشتيمة واطلاق الصفات المراهقة عليهم ، لا يردون ، ويترفعون عن الرد ، وهذا خير ما يفعلون .
ستبقى دعوتي مخلصة هنا ، للجميع ، ممن بدأت تضيق بهم لغة الحوار المتزن ، ان يلتفتوا الى خطر الانحراف صوب التطرف الضار .. وان ينتفعوا من افكار يطرحها اولئك المتميزون من كتابنا المعروفين بكونهم في مقدمة الركب ، ويتقبلوا تعدد السبل لبلوغ النهاية المرجوه .. ولتبقى الحقيقة ضمن حدودها التي تقول ، بانها ليست ملكا لأحد ..








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. أنصار ترمب يشبهونه بنيسلون مانديلا أشهر سجين سياسي بالعالم


.. التوافق بين الإسلام السياسي واليسار.. لماذا وكيف؟ | #غرفة_ال




.. عصر النهضة الانجليزية:العلم والدين والعلمانية ويوتوبيا الوعي


.. ما الذي يجمع بين المرشد الإيراني وتنظيم القاعدة واليسار العا




.. شاهد: اشتباكات بين الشرطة ومتظاهرين يطالبون باستقالة رئيس وز