الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


عمالنا وعمال تشيلي

خالص عزمي

2010 / 10 / 22
الحركة العمالية والنقابية


في صحراء أنا كاما في شمال تشيلي ؛ وليس بعيدا عن عاصمة هذا الاقليم المعروفة باسم كوبيابو اطبقت فوهة منجم للذهب والنحاس في سان خوزيه على من فيه من العمال البالغ عددهم 33 عاملا ؛ فأضحوا في جوف دامس يشبه الكهف ؛ وما كاد هذا الخبر الحزين يطرقالاسماع حتى هب الشعب برمته لانقاذ هؤلاء المحاصرين بمختلف الوسائل ووقفت الحكومة موقفا شجاعا ووطنيا وتعهدت بانقاذهم مهما كلفها ذلك من ثمن .وتناقلت وسائل الاعلام اخبار هذه المحنة القاسية على مستوىالعالم بتفاصيلها الواسعة التي حملت خرائط ورسوم توضيحية عن مجريات الانقاذ لحظة بلحظة مبينة ان عددا كبيرا من المهندسين والعمال الفنيين من بعض البلدان التي اكتسبت خبرة في عمليات الانقاذ قد اسهموا بكل جدية في تطويع حلم الانقاذ و تحويله الى حقيقة وواقع ملموس .
لقد ابرزت الفضاءيات العالمية كيف احتفى زعماء العالم ومنهم الرئيس التشيلي سبستيان بينير الذي لازم الموقع ساعات عدة والرئيس البوليفي ايفو موراليس ( بأعتبار ان هناك عاملا بوليفيا واحدا ضمن المحاصرين ) وغيرهما من قادة العالم بالعمال ال33 الذين تحملوا الصبر والعناء بعد ما يقارب ال 70 يوما من الحصار ؛ لقد قاشم الشعب والحكومة بذلك عن قناعة تامة والتزام وطني واخلاقي ؛ لا لان الانسان اثمن رأس مال في الحياة ؛ بل لان هؤلاء العمال الذين يحملون راية الطبقة الكادحة يمثلون قيمة قومية لبلادهم والعالم قولا وفعلا .
لقد انهالت العروض المادية على تلك المجموعة المكافحة من كل حدب وصوب ؛ من الجماهير والحكومة ودور النشر ومنتجي التلفزيون والسينما وغيرها ؛ تقديرا وابرازا للدور الذي أكد علىالصمود والصبر والجلد . وعلى سبيل المثال ؛ فقد تقدم الفنيون النمساويون باطنان من الحبال فولاذية شديدة التماسك لانزال الكبسولة الضخمة وسحبها الى اعلى لكي تنقذ عاملا واحدا كل ساعة ؛ ان خبرتهم العملية هي التي دفعتهم لتأمين هذا العمل الاساس ؛ فقد سبق لمثل هذه المأساة ان حلت بعمال احد المناجم في لاسنج من مقاطعة شتايدمارك عام 1988 ؛ وقد جرت ( في حينه ) عملية الانقاذ بكل نظام وحزم وكادت ان تتم لو لا ان السيول الهائلة والعواصف والامطار الغزيرة قد جرفت كل شيء ( حتى الالات والادوات الضخمة ) واحدثت بحيرة واسعة غطت على كامل الموقع ؛ عندها لم يتم انقاذ غير واحد فقط من أؤلئك العمال الضحايا .

في خضم تلك المحنة القاسية قرأت بيانا عماليا عراقيا نشر في ( صوت العمال) بتاريخ 15 / 10 / 2010
أشار فيه الى هذا الحادث المروع و كذلك سلط فيه الضوء ايضا على مأساة العمال العراقيين كجزء مما يعانيه الشعب العراقي جاء فيه : ـ
عملية الانقاذ البطولية ل33 عاملا من عمال المناجم في شمال تشيلي نبهت العالم الى ضرورة اعادة النظر في الممارسات الخاطئة التي ابتليت بها كثير من البلدان ومنها بلادنا . لقد بقي العالم المتمدن مشدودا الى عملية انقاذ العمال الابطال الذين حصروا 69 يوما على عمق 700 متر تحت سطح الارض . وسخرت الحكومة التشيلية كل امكانياتها في سبيل انقاذ المحتجزين أثر انهيار المنجم ويعمل اليوم جميع احرار تشيلي على مقاضاة مالكي المنجم والكارتلات الاحتكارية التي تقف وراءهم . ويختتم البيان قوله : العراقيون يتعرضون يوميا الى عشرات الحوادث المماثلة ان لم تكن أسوء . الامر الذي يؤكد ان شعبنا العراقي يستمد من التجربة التشيلية الصمود والاصرار على كبح جماح الليل القاتم والرايات السوداء التي تعم البلاد والمأزق الذي دفعت الكتل السياسية المتنفذة بلادنا اليه . .
الذي لفت نظري في هذا البيان الاشارة الى ان الشعب العراقي سيستمد من التجربة التشيلية الصمود والاصرار ... الخ ؛ وقد يكون في هذا التعميم بعض الصحة ولكن الاهم هو الاشارة بوضوح الى الشعب العراقي الذي استمد هوايضا من تجاربه التي مرت وتمر به حاليا و بخاصة من نضال الطبقة العاملة العراقية كل الصمود والكفاح البطولي . ان نظرة واحدة على فترة زمنية و كان العراق في بداية تأسيسه ؛ تعطينا مثالا حيا على ما تحلى به عمالنا من استبسال صبور ضرب فيها امثلة حية كدروس ثمينة لا تنسى ومنها على سبيل المثال لا الحصر .في عام 1931 صدر في العراق على ايام هيمنة المحتل البريطاني قانون بلدي حددت فيه رسوم مجحفة خاصة بالحرف اليدوية مما هدد ارزاق الكادحين من البسطاء ؛ فاوعزت القيادات العمالية على بساطة اتصالاتها وتشكيلاتها باتخاذ الاجرآءات الحازمة ضد ذلك التصرف المجحف فكان ان اعلن الاضراب وقيام المظاهرات في بغداد والناصرية والبصرة وغيرها وافشل المشروع بعد فترة وجيزة ؛ وفي عام 1934 وجهت القيادة العليا لاتحاد العمال جميع العمال المنضوين تحت لواءها الى الاضراب والمظاهرات ضد الاحتكار البريطاني للكهرباء ورفع الرسوم ؛ وفي عام 1946 تنادت القيادات العمالية الى الاضراب الواسع والمظاهرات العارمة تضامنا مع عمال السكك الحديد؛ ولعل قمة التنسيق النقابي برز في المظاهرات واالاضرآبات التي قام بها العمال على اثر مجزرة كاور باغي ( بستان النصارى) التي حدثت ضد عمال النفط في كركوك في 3 تموز عام 1946 والتي ذهب ضحيتها 16 شهيدا .
ولك ان تحسب ( بعد ذلك) خلال العهود المظلمة من تاريخ العراق المعاصر ؛ كم من العمال من مات وهو جائع عاطل عن العمل ؛ او اعتقل ؛ او عذب ؛ او صفي ؛ وكم منهم من هجر ؛ او اغتيل على الهوية ؛ او اجتيح بيته وعرضه فنام من يلوذ به في العراء ... الخ
لهذا فان الصمود العمالي العراقي امام كل تلك المحن والتجارب اولى هوالاخر أن يتخذ درسا وعضة : على الرغم من ان مثل هذه التجارب المريرة ليس لها اية قيمة عند سدنة الحكم باعتبارها من الحكايات العابرة التي لا تأثيرلها على مجريات الاحداث ؛ ورحم الله الشاعر البردوني الذي قال :ـ
فلم يعد يضــــــــــــحكنا مضـــحك ولم تعــــد آلامــــــنا تؤلم
أضاعت الأفراح ألوانـــــــــــها وفي عروق الحـــزن جف الدم
ومع كل ذلك : فستبقى الطبقة االعاملة في كل مكان سندا قويا للشعوب ؛ وستبقى الشعوب الاصيلة ملاذا لتلك الطبقة الكادحة التي لاينسى لها نضال او فضل .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. كلمة أخيرة - بعض الناس عايزين يقاطعوا اللحوم والبيض زي الأسم


.. كلمة أخيرة - اختيار مستشفيات التأمين الصحي بعناية شديدة.. شو




.. كلمة أخيرة - متحدث وزارة الصحة: المواطن من حقه اختيار مكان ا


.. كلمة أخيرة-إدارة لقياس رضا المريض عن التأمين الصحي..عضو لجنة




.. هل المواطن راضي عن التأمين الصحي الشامل؟.. جدل على الهواء بي