الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


فساد الصقور

علي محمد البهادلي

2010 / 10 / 23
مواضيع وابحاث سياسية


المسؤولون الذين يتولون وظيفة عامة سواء كانوا في منصب رفيع أم متوسط أم أدنى كلهم بشر لهم نوازع البشر وغرائزهم لا يستثنى منهم أحد ، لذا فهم ـ أي المسؤولين ـ تبعاً لتلك النوازع تتجاذبهم عدة طموحات منها الوصول أو البقاء في منصب عالٍ في الدولة أو حب جمع الأموال واكتناز المواد الثمينة كالذهب والمجوهرات أو العيش في قصور وفلل فارهة تشبه ما هو موجود في دبي ولندن ! وبعض من هؤلاء تستطيب له الشهرة والوجاهة الاجتماعية ، إذاً فالأغلب من الناس بما فيهم المسؤولون هم على هذه الشاكلة ولم نسمع أن مجتمعاً خلا أو سيخلو من هكذا أفراد إلا إذا سلبنا منهم صفة البشرية وأسبغنا عليهم صفة الملائكية . مما تقدم نريد أن نفتح ملفاً حساساً يرتبط بمناصب الدولة العراقية بعد 2003 لا سيما رئاستي الوزراء والجمهورية ، فهذه الرئاسات بما لها من سلطات وصلاحيات ، خصوصاً رئاسة الوزراء والجمهورية ، ولما تتمتع به من شرفية ومكانة بسبب تمثيلها وجه العراق وواجهته ، فإن ميزانية هذه الرئاسات للسنوات المنصرمة بلغت حداً مبالغاً فيه ، وصلاحياتها كانت كبيرة ، بل وصل الأمر بميزانية إحدى هاتين الرئاستين أن تعادل ما هو مخصص لعشرات الآلاف من عوائل الشهداء الذين فدوا طريق الحرية بإرواحهم ، فكل هذه الامتيازات تؤدي لرواج الفساد الإداري والمالي في أي مؤسسة لها ما لهاتين الرئاستين من ميزانية وصلاحيات .
وبحثنا يدور حول ملفات الفساد في هذه المؤسستين ، إذ على الرغم من وجود النوازع البشرية والدوافع المادية لم نسمع من الجهات الرقابية ، أن هاتين المؤسستين يوجد فيهما فساد إداري ومالي ، فهل الموجودون هناك هم من صنف الملائكة ، بحيث يتفشى الفساد الإداري والمالي في كل مفاصل الدولة العراقية ويتهم بذلك وزراء ووكلاء وزارة ومدراء عامون وموظفون صغار ، أما رئاسة الوزراء والأمانة العامة لها ، ورئاسة الجمهورية وديوانه ، فهي منزهة عن كل ذلك ، أو مسكوت عنها ، لقد حان الوقت لكشف جميع ملفات الفساد ، فليس هناك ما يخاف منه ، وما الخوف في هذه المرحلة إلا إحدى الحلقات التي تسهم في تهديم البناء الذي يريد العراقيون تشييده ، فعلى الجهات الرقابية أن تنشر غسيل هاتين المؤسستين ! ليس من أجل التشهير أو التسقيط السياسي ، بل من أجل أن يوقف فساد القمة عن الاستمرار في شق طريقه إلى خزينة الدولة وثرواتها ، فالمال العام وبكل صراحة كان خلال تلك الفترة نهباً لكل من هب ودب ، لكن القيادات العليا لها اليد الطولى في ( حلبه ) وهو ما أدى إلى تكوين طبقتين في المجتمع : طبقة غنية حد التخمة ، وطبقة فقيرة لا تملك من الأمر شيئاً ، والأمر الآخر هو إذا استطاعت الجهات الرقابية أن تفتح ملف الفساد في رئاستي الوزراء والجمهورية ، فإنها سوف تبني لها ارضية صلبة في السنوات المقبلة ، ولا يستطيع أي مسؤول أو أي جهة من المساومة أو الوقوف بوجه تلك الجهات .
ولا يفوتنا أن نذكر الجهات الرقابية بحديث النبي الأكرم محمد (ص) الذي ينبغي استحضاره في كل وقت ، بل وكتابته بماء من ذهب ، لكن ليس في الوزارات ومديرياتها ، بل على أبواب قادة العراق الجديد ، والحديث هو : (( إنما أهلك الذين كانوا من قبلكم أنه إذا سرق فيهم الضعيف أقاموا عليه الحد ، وإذا سرق فيهم الشريف تركوه ، والذي نفس محمد بيده ، لو أن فاطمة بنت محمد سرقت لقطعت يدها )) .
هذا منطق محمد بن عبد الله وهذا منطق علي بن أبي طالب الذي يدني حديدة قد أحماها من جسد أخيه عقيل الذي أراد شيئاً يعيل به عياله من بيت المال فأبى علي ذلك ، وقال ثكلتك الثواكل ، له أتخاف من حديدة أحماها إنسانها للعبه ، ولا أخاف ناراً سجرها جبارها لغضبه ، وهو نفسه الذي يبوخ واليه على البصرة إذ دُعِي إلى وليمة ، وقال له سمعت أنك دعيت إلى وليمة قوم عائلهم مجفو وغنيهم مدعو ، تستطيب لك .....
هذا هو المنهج الصحيح الذي يجب أن يسود ، وأما خلافه فهو الباطل بعينه وهو الفساد بعينه ، وهو المنهج الذي إذا ساد مجتمعاً ودولة ما فسيحل فيها أشكال الانحراف كافة ، وستعشعش فيع آفة الفساد الإداري والمالي ، وهو ما لا يرضاه أي إنسان شريف حريص على بلده وشعبه .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. بايدن أمام خيارات صعبة في التعامل مع احتجاجات الجامعات


.. مظاهرة واعتصام بجامعة مانشستر للمطالبة بوقف الحرب على غزة وو




.. ما أهمية الصور التي حصلت عليها الجزيرة لمسيرة إسرائيلية أسقط


.. فيضانات وانهيارات أرضية في البرازيل تودي بحياة 36 شخصا




.. الاحتجاجات الطلابية على حرب غزة تمتد إلى جامعة لوزان بسويسرا