الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


أوراق مهربة ( ضحايا حسن النية ) الجزء الثاني

الاء حامد

2010 / 10 / 24
الادب والفن


كان محمد شيال(1) حدثا ناشئا لم يكن قد أتم الثامنة عشر من عمره وقد نشأ متدينا محافظا لا يحبب أداة الصلاة ألا في المسجد ولا يأنس إلا بأترابه من المؤمنين كما انه كان معجبا أيما إعجاب بأولئك النفر من علماء الدين لاسيما السيد الصدر الأول .. فكان عسيرا عليه سماع خبر استشهاده على يد النظام المقبور فقد جزع جزعا مرا وحزن حزنا عميقا لفقده ولم يجهد نفسه في إخفاء ما يجد وكتمان ما يحس فظهرت عليه آيات التذمر وثارت في نفسه عواطف الغضب وكان من حوله فتية قد تفطرت قلوبهم حسرة وتصدعت أسا على شيخهم الذي يرتبطون معه بمشاعر ود وتعاطف!!

وحيث كان الوشاة والمخبرون البعثيون ينشطون في إعداد تقاريرهم عمن يشكون في ولائهم للسلطة وينقلون إلى منظماتهم الحزبية – التي أضحت بيئة للاثم والخطيئة – وعلى خلفية ذلك فأن حملات الاعتقال المسعورة مستمرة ولم تتوقف رحاها بواسطة أجهزة النظام المقبور التي كانت تقبل على ذلك بشغف منقطع النظير . فأخذت الأيام تصوغ القدر الغاشم لتلك الاغراس اليافعة والأرواح البريئة.

ففي فترة قصيرة اختفى معظم اقرأنه وتناقل إخبارهم المشفقون فأراد إن يأخذ حذره فيتوارى عن الأنظار ألا إن أبوه مانعه اعتقادا منه بأن المرء لا يؤاخذ إلا على فعله لا لمجرد ما يضمره قلبه ويكنه ضميره ولئلا يضع نفسه في وادي الاتهام!! وهذا صحيح في بلد يسوده القانون ويتمتع الحاكم فيه بقيم إنسانية وأخلاقية!!!

فكان ينظر إلى صغر سنه ونحافة بدنه فيبدوا له إن السلطة لا تخافه ولا تخشاه فحتى لو تعرض للاعتقال فبالنتيجة سوف يطلق سراحه ولم يخطر بباله قط إن المقابر الجماعية المجهولة تنتظر فلذة كبده ليرقد فيها رقدته الأخيرة ويصبح من جملة سكانها ويترك في نفسه جرحا عميقا لا سبيل إلى شفائه.

والمفارقة بان الأغلبية الساحقة ممن اعتقلوا واعدموا على شاكلة محمد شيال لم يثبت بأنهم قاموا بإعمال مسلحة مثلا أو أنهم ينتمون إلى أحزاب إسلاميه وإنما مجرد أنهم يلتقون معها في دائرة الفكر الواحد.

ومنذ ذلك الحين لم يسمع عنه خبرا ولم يجد ذويه أثرا يدل عنه والى ألان هم يجهلون قبره ولا تزال حمى الحزن تضطرم في قلوبهم ولا سبيل إلى إطفاء نارها ألا بقصاص منيم!!! ولكن ممن يكون القصاص وهم لغاية ألان يجهلون أسماء وعناوين أولئك النفر الذين اختطفوه منهم واقتادوه إلى جهة مجهولة.

ولنا وقفه مع قلب أمه وأبيه وأنينهم بعد إن تعاقبت الأيام والشهور على اعتقاله فثقل على والده الهم وراح يشعر بألم ومرارة تحز في نفسه حزا كونه فرط وتهاون في أمره ولم يندم قط كندامته تلك ولكن فات الأوان وسبق السيف العذل ولئن حمدت فيه شيا فأحمد فيه صلابته وجلادته فقد أذعن لحكم القضاء واستقبل ذلك بأحسن الصبر وراح يدفع الحزن ويجاهد الألم وهو على يقين بأن للظلم اجل !!!

هذا عن أبيه ولكن ماذا بشان أمه في الحقيقة ليس لأحد إن يزايد على حنان الأمهات ورقة قلوبهن فان إلام كثيرة الشفقة شديدة الحزن فقد افترشت الأرض مواساة لوليدها ولم يتمكن الوسن من قهر جفونها تلك الليلة فأذا هي تغرق في بكاء طويل وحزن عميق ولم تمر ألا أيام قلائل حتى راحت تتعلق بخيوط الأمل الواهية وتخدع نفسها بالأماني حسن كانت تقصد هي وصويحباتها المفجوعات دوائر ( الأمن ) لعلها تجد له أثرا ولكنها تعود في كل مرة واليأس يعتصر قلبها وكم شكت أولئك الجفاة القساة الذين تجردوا عن إنسانيتهم وفسدت ضمائرهم!!
أمهات قلوبهن حرى يبحثن عن عناوين أبنائهن المغيبين فيقابلوهن بأقسى العبارات وأحط الألفاظ فيضيف ذلك إلى ما هن عليه كثيرا من المرارة والألم ومهما نصور من غلظة وقسوة أولئك المجرمين العتاة المحترفين المغموسين إلى أذقانهم في أوحال الرذيلة فلن نبلغ منها شيا فكأنما انتزعت الرحمة من قلوبهم انتزاعا لا أظن إن الأيام مهما تطاولت بوسعها إن تمحو عن الذاكرة الآلام تلك السنين الخوالي المثخنة بالجراح فتلك الفواجع التي ألمت بأحرار العراق وأخياره كان ركنها الأعظم من نصيب أمهاتنا الثكلى.

ساعد الله ذوي المخدرات العفيفات يأسرون حرائرهم وهم لا يملكون عنهن دفعا , أنها لآهات وزفرات تمزق الأفئدة وتذيب النفوس,إن ما حل بتلك العوائل المنكوبة بحرائرها(2) يؤرق الضمير ويهز الوجدان ...
للحديث بقية سنكمل في الجزء الثالث انتظرونا قريبا

الإحالات
1. محمد شيال من عائلة عراقية لا تنتمي إلى أي جهة سياسية او حزبيه وتقطن في مدينة الصدر الثورة سابقا
2. راجع مذكرات سجينة








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. فنان إيطالي يقف دقيقة صمت خلال حفله دعما لفلسطين


.. فيديو يُظهر اعتداء مغني الراب شون كومز -ديدي- جسدياً على صدي




.. فيلم السرب للسقا يقترب من حصد 28 مليون جنيه بعد أسبوعين عرض


.. الفنانة مشيرة إسماعيل: شكرا للشركة المتحدة على الحفاوة بعادل




.. كل يوم - رمز للثقافة المصرية ومؤثر في كل بيت عربي.. خالد أبو