الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


ألأرهاب الكردي ام عمى البصيره؟

علي بداي

2004 / 9 / 12
القومية , المسالة القومية , حقوق الاقليات و حق تقرير المصير


تصلني من اناس لااعرفهم، يتشابهون في اساليب العض والخرمشة، والالفاظ التي تخدش حياء من لاحياء له
رسائل اليكترونية تتحدث عن الارهابيين الاكراد الذين يبنون اسرائيل في دهوك ويخططون لتمزيق الامة العربية
ويذبحون العراق سرا وتتحدث الرسائل عن تعاطفي مع قضية الكورد وكانة لايتم الا على حساب اخلاصي وتعلقي بقوميتي العربية، منطق لايريد ان يناقش و يتعلم، منطق اعماه التعصب، فيعلن عن نفسه بالسباب ورخيص الكلام ، في حين لاتزيدني هذة الشتائم الا اصرارا، فما انا الا ناظر لما يمر امام عيني من مشاهد طيلة اعوام ، وكنت ومازلت وسابقى اكرر ان مااقول ليست ايديولوجيا، بل مقاربة للواقع حد الملامسة، تلك الملامسة تزعج من تعود اطلاق الاحكام مسبقا، والذي يحكم مسبقا لايريد ان يرى، هو اعمى بصيرة
انظر انا الى الاطفال الروس،رهائن "الثوار الشيشان" مُكدسين مع اباءهم كالخراف، في قاعة المدرسة يسكنهم الرعب من المجهول، وتكاد تقتلهم هيئة الانتحاريين المرشحين لدخول جهنم، فترجع بي الذاكرة الى الاف الاطفال الكورد، عاشوا اعواما وطاعون البعث يجتاح قراهم النائمة في حضن الجبال ويلوث مدنهم بكل ماهو دموي وسمج ، واتسائل كم وكم من اطفال الامس عاش تماس الطفولة الغضة مع فضاضة الموت وانسحاق التيتم، وكم من الابناء اختلس النظر لابية يُقاد فجرا الى حيث لايعلم احد...اتذكر ايتام الذين سيقوا في ليلة مظلمة الى المجهول الى الابد ،ايٌ من هؤلاء، اطفال الامس البعيد...ثم فدائيي الأمس القريب واليوم الحاضر..لم يفكر باختطاف طفل واحد ثارا لابية الذي غُيب، واتسائل : مذا يقول الكتاب، المحللون، المؤرخون واصحاب الالسن الطويلة عن هذه الحقيقة؟؟
حين زرت السليمانية، قاصدا حلبجة للمرة الاولى في حياتي، بعد هزيمة صدام الحاسمة، في ام الحواسم، شاركني المقعد في سيارة الاجرة تاجر من عرب الموصل ، بعثي، سليل عائلة من الضباط الكبار، كان اليوم يوم القبض على جرذ العوجة المختبئ..
قص علي التاجرقائلا :" ليلة اعتزمت السفر لاول مره الى السليمانية لم انم! كانت الحكومة تطلق الاشاعات عن الاكراد الذين سيقتلون العرب اينما وجدوهم. الان اسافر كل اسبوع دون ان اشعر بغرية.
"احد اصدقائي من كركوك رجل دُفن سبعة من افراد عائلتةامامه وهم احياء.. سبعة في ليلة واحدة!.. وفي حفرة واحدة! و امام عينيه ، اما هو فقد حسبوه ميتا وتركوه!!... كنا نجلس كل ليلة سوية ..انا ابكي لفاجعتة وهو يهدأني بقولة كاك ابو اسعد كلنا اخوان!!!"
سكت التاجرالعربي، سليل عائلة الضباط، غاصا بعباراتة...وواصلت انا رحلتي
وصلت حلبجة ذات مساء ممطر حزين ، رأيت البيوت التي لم يلحق الاطفال مغادرتها فسقطوا امام عتباتها مختنقين، بيوت حلبجة الكردية التي خُنقت في اجبن يوم في التاريخ، يوم صارعت تكنولوجيا صدام عمر خاوه ر بأطفاله السبع ورضيعه.... يوم تقدم البعث بجحافله وطائراته المحملة بالسموم في صولة من صولاتة الجهادية، لاستعادة مجد الامة المخبأ في كهوف كوردستان! رأيت فيما بعد نصب الكردي عمر خاوه ر يحتضن طفله الرضيع ويغرقان معا في صلاة موت ابدية في حلبجة .عرفني اهل حلبجة عربيا، لم ار لمرة واحدة، للحظة واحدة، ومضة حقد في عين احد، لم يبرق في العيون سوى امل بان يتغير وجه الحياة الكالح.

في كركوك وانا اهبط من كوردستان تذكرت شكر حسن ( مام فتاح) الكوردي ذو السبعين وزوجته اللذين اعطيا كل حياتهما من اجل العراق، رايتهما يبحثان عن أبناءهما الاربعة الذين لم تتجاوز اعمارهم العشرين حين اختطفتهم مخابرات صدام عام 1979 و لا يعثران في ارجاء الوطن الفسيح، الا على ورقة تفيد انهم اعدموا جميعا بلا سبب، ولاتجريم، ولامحاكمه، اين دفنوا؟ لااحد يعلم! اين دفن العالم ضميره حين دفنوا؟ لااحد يعلم!
مام فتاح يتوق لزيارة البصرة معي لان في اعماق روحة الجريحة نبل صاحب القضية الذي بعرف ان من قتل ابناءة هو قاتل اخي ايضا!
ثم ان من حقي كعراقي باختصار ان اعجب، بابناء بلدي، عربا كانوا ام كوردا ام تركمانا ام اشوريين، وانا في ذلك لااتكلم من فراغ وغالبا ما كنت اسال الفنانين المسرحيين والسينمائيين: لم لاتُصنع عندنا دراما ناجحة؟ يرد الجميع باستسلام : اين هو النص الجيد ؟
فاجيب عن قناعة، ابحث ايها الفنان بين النساء الكورديات، في القرى والمدن، ستجد حتما مليون امراة، بالف الف قصة بطولة، وملايين الحكايات فتش عن النص في طيات الحياة العادية!
احدثك عن احداهن: اسمها خديجة سعيد عزيز ، زوجها مقاتل " بيشمركه" ابنها الكبير" بيشمركه" هي مسوؤلة عن حياة وصيانة شرف وسمعة ثلاث فتيات شابات، بلا بيت ثابت، في مكان لا تعرف فية قريبا، تتفادى ان ينكشف سر زوجها وابنها امام كلاب المخابرات، فتؤخذ بناتها رهائن، تعيش بحواس مرهفة، وبقصص ملفقة عن زوجها التاجر المسافر الى مكان بعيد..، تنقل تحت طيات ملابسها بريدا يجلب الموت، شعارات عن حقوق الكورد والديموقراطية للعراق
كل املها الذي يبدد ظلمة ايامها ويخفف عسر حياتها، ان تلتقي ابنها البكر الذي طال انتظارة.
وفي بوم ما، تصلها رسالة سرية ان هناك موعدا معها ، فيتصاعد الامل باعماقها وتسافر ساعات دو ن معرفة احد ليكون بانتظارها ليس الابن....بل ماتبقى منه... لقد استشهد.... ولم يتبق منة للقاءها غير الرماد .. فقد احرقوا جثتة، لم تهتز قامة الام، كان هناك شئ يتحطم كالزجاج في اعماق الروح، حرائق تندلع في اقاصي الخلايا العصبية ، عواصف تنتفض في القلب، قلب الام، وتيار من الذكريات يمر في الذاكرة كالسيل، لكن القامة يجب ان تبقى منتصبة، تعود المراة التي اسمها خديجة سعيد الى حيث بيتها المؤقت وبناتها، تبكي النساءُ سرا و حين تطرق الجارةُ الباب طلبا لثرثرة روتينية، ، تفتح المراة التي اسمها خديجة سعيد الباب، يجب ان يظل الامر سرا ترحب مبتسمة للجارة ، تلبي رغبتها في تناول البليد من الاخبار عن وجبة اليوم، وغلاء السوق، وطلاق فلانة، ولا كان ما حدث ..حدث، لتعود بعد ساعة للنحيب سرا.....مع بناتها .. في مكان لا تعرف فية قريبا ، تتفادى ان ينكشف سر زوجها وابنها امام كلاب المخابرات....

ليست للمسالة علاقة بالسياسة اذن، ان تقف مع شعب من ملايين في قضية وجود، هو قبل كل شئ، تاكيد لانسانيتك، كنت في السادسة من عمري حين التقيت اول كوردي في حياتي، اذكره للان، عزيز رمضان الخانقيني كان زميلا لاخي في الخدمة العسكرية، لفقت للا ثنين تهمة قتل كانا بريئين منها، واصطحب اخي زميله لقضاء اخر ليلة حرية في بيتنا قبل المحاكمة، كان عزيز يبكي بصمت فيما كان والدي يحاول التخفيف عنة بقولة ان اللة سيرد الحق لاصحابة فيجيبه عزيزبعربية ركيكة: لكن ياعمي نحن غير مذنبين، لم نرتكب اثما.استغربت وقتها لان عزيز رمضان لايتكلم مثلنا، قال لي والدي مشيحا بوجهه الباكي عني: انه كوردي...مظلوم! منذ ذلك الوقت وصورة الكردي المدان دون ذنب، الشجاع تخذله قوانين دولته، المشرد من ارضة، الملاحق لانة يقول انا هو انا، ولغتي هي لغتي ، صورة عزيز رمضان، ، تختصر عصرا كاملا من التوحش في ذاكرتي.
يااصدقائي
ياعزيز رمضان الخانقيني،ويا شكر حسن ويا ام ابناءه ،يا ام بايز خديجة سعيد، سلاما
ايتها الكورديات الجميلات الغارقات في عرس الالوان وكرنفال الطبيعة، يابنات مختار قرية سه ركاني في العمادية ، سلاما
يازوجة عبد اللة، في قرية نسيت اسمها، يامن استقبلتني بعد ضياع يومين في الجبال
وحين ترددت انا العربي، في دخول الدار لغياب عبد اللة قالت: وهل ينتظر الاخ مجيئ زوج اخته ليدخل الدار؟؟؟
سلاما..سلاما..سلاما








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. صلاة العيد بين الأنقاض في قطاع غزة • فرانس 24 / FRANCE 24


.. البيان الختامي لقمة سويسرا: تحقيق السلام يستدعي إشراك جميع ا




.. هدنة تكتيكية تثير الانقسامات في الحكومة الإسرائيلية | #رادار


.. محادثات التهدئة بين شروط هنية وضبابية نتنياهو | #رادار




.. جدل واسع بإسرائيل إثر إعلان الجيش توقفا تكتيكيًّا للعمليات ج