الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


يدان من خجل

خالد جمعة
شاعر ـ كاتب للأطفال

(Khaled Juma)

2010 / 10 / 24
الادب والفن


يَدَانِ مِنْ خَجَلْ
إلى باسل اليازوري منذ عشرين سنة

ندىً يصنعُهُ الصباحُ على مهلٍ* خجولٌ* يحوِّشُ النارَ في مقلتينِ من عسل* بلبلٌ طليقٌ* هدوؤهُ* أما غمزَتُهُ فأوركيدا ناضجة* حلَّ كجُمَّيْزَةٍ على ذاكرةٍ أسَّسَتْها الجبالُ وجمالُهُ الذي لا يُقاسُ* يكتبُ عمره على السحابات القليلة في صيفِهِ الذي لم ينتهِ.

ينقُرُ رأسي كحسّونٍ أحصى الحدائقَ وانتبهَ فجأةً إلى ألاّ عشَّ له* يخبُّ في المدى مغسولاً من أخطائه كنغمةِ ناي.

ما زال يفحصُ الطريقَ إلى البيت بحرفيةٍ مثل كلّ أمسيةٍ مرّت ولم تقف* يلبسُ الشارعَ مرةً كلَّ عصفورين ماسحاً دمعةً كثيفةً تعرّفُهُ الأشجارُ من سخونتها.

يروِّضُ وحوشَهُ كمن يخبزُ رغيفاً على الشمسْ* أقمارُهُ تحدُّ العائدين كأكاليلَ من أجنحة* فيما يفطُّ النَّسرُ في روحِهِ ليلتقطَ حبَّةَ إيقاعٍ من هامش المدرسةِ القديمةِ ليعبئَ كيسَ غفرانِهِ* يسيلُ مثلَ أمسيةٍ على الرخامِ البليدِ فيشعلُ النومَ محدّقاً في رثاءٍ عميقٍ دونَ أن يحملَ عَلَماً أو يعترفَ بأنّهُ نبيّْ.

في مسيرِهِ الغامضِ المتحوّلِ تلاحقُهُ الورداتُ* يضحكُ كعادتهِ الأولى ويفتحُ جرابَ مائه لينقّطَ فوقَ إحدى الأمنياتِ الذابلةْ* يهتزُّ مزاجُ الريحِ وهو يحترفُ دورَها* يقيمُ جنازةً للوقتِ الميّتِ ثمّ يراقصُ غلّةَ العشقِ على بابٍ لا يفتحُهُ إلا اسمه المدون بالعشب على النافذة.

كأنّهُ من زجاجٍ فَتَلَ قامتَهُ المتوهّجة* يرى مناماتٍ يغيرُها كلما اشتاقَ لجدرانِ غرفتِهِ وقراءاته الملوَّنةِ كعلبةِ موسيقى.

عيناه تطلان على المشهد من جهاته الستّْ* يرتدي نقشاً من الحضاراتِ ويتركُ كل دُنيا على حدةْ* يفرغُ القصص من أبطالها المنهمكين في ابتداع خلودٍ أخير* يروي جملتَه كعاشقٍ يشبه نغمتين هامّتين في مقطوعةٍ منتقاةْ مربّعةٍ ومسحورةٍ.

أعرفه من بياض روحِهِ* ويعرفُني من تجاعيدي المبكرة* أعرفُهُ من ندَمَ الثوّارِ في جبهةٍ بلون المندلينا ويعرفني من خيطٍ يربطني بالحياة* أعرفه من شجرةِ سروِهِ ويعرفني من كلماتي عن الشهداء* أعرفه من ذهولِ الشمس في حضوره ويعرفني من علاماتي المدرسية* أعرفُهُ* لكني لا أعرفُهُ.

لم أعد أذكرُ مفردة التعبِ التي ألقاها كتعويذةٍ على كتفي* ولم يبقَ في أية ذاكرةٍ أكثر من غصنٍ من الزمن قبل أن يهربَ كجنيٍّ إلى أفقٍ لا يشبهُ الأفُقْ.

موزّعاً رسالاته على أصدقاءَ خبيثين لم يرافقوه إلى هَوَسِ البياضِ* طارَ خفيفا كشعاعٍ بيدين من سلامٍ وخجلْ*

ما عاد يسألْ* ما عدتُ أجيبْ!








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - فلسطين / بيت لحم
رمزي ابو صوي ( 2010 / 12 / 27 - 11:37 )
والله يا استاذ انت رائع جدا
يعجبني اسلوبك المميز في الكتابة
كانك ترسم في حروف
ننتظر المزيد من الابداع

اخر الافلام

.. فيديو يوثق اعتداء مغني الراب الأميركي ديدي على صديقته في فند


.. فيديو يُظهر اعتداء مغني الراب شون كومز جسديًا على صديقته في




.. حفيد طه حسين في حوار خاص يكشف أسرار جديدة في حياة عميد الأد


.. فنان إيطالي يقف دقيقة صمت خلال حفله دعما لفلسطين




.. فيديو يُظهر اعتداء مغني الراب شون كومز -ديدي- جسدياً على صدي